Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صمت روسيا وإيران إزاء الاعتداءات الإسرائيلية يحير الشارع السوري

"في حرب دمشق وتل أبيب تحاول موسكو أن تكون وسيطاً وليس طرفاً في مثل هذه النزاعات"

كثفت تل أبيب ضرباتها على مواقع حساسة كمطاري حلب ودمشق (اندبندنت عربية)

على رغم فتور يلفح خطوط التماس بين الأطراف المتصارعة على الأرض السورية منذ ما يقارب العامين، تبدو السماء أكثر سخونة هذه الأيام، إذ ضاعفت المقاتلات الإسرائيلية هجماتها مستهدفة المواقع العسكرية والمدنية على حد سواء ملحقة خسائر بشرية ومادية باهظة الثمن.

وتثير هجمات مقاتلات (أف 16) الإسرائيلية بصواريخها استياء الشارع السوري الذي يعيش صدمة الصمت المطبق من قبل الحلفاء الروس والإيرانيين، وسط هجمات تل أبيب التي عزتها إلى استهداف مواقع عسكرية إيرانية في جنوب البلاد.

ووصل عدد الضربات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي إلى 25 غارة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، كان آخرها هجوم 17 سبتمبر (أيلول) الحالي بالقرب من محيط مطار دمشق الدولي بقرية "مزارع الغسولة" ومنطقة السيدة زينب والكسوة في ريف العاصمة حيث تتركز فصائل موالية لإيران بحسب ما أعلنه المرصد، بينما حاولت الدفاعات الجوية إسقاط الصواريخ بحسب وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري، وأدت الغارات إلى مقتل خمسة جنود سوريين.

إزاء ذلك يحاول المتابعون في الشأن السوري التفتيش عن مبرر لصمت طال مداه عن هجمات تل أبيب المتزايدة دونما استخدام المنظومة الروسية للدفاع الجوي. ويقول المتابعون إنه "يمكن تفسير هذا الهدوء الروسي لأنها تلتزم الحياد في حرب الأطراف المتصارعة الإيرانية السورية من جهة والإسرائيلية من جهة، ولعل ترك الجانب الإيراني مصيره هو ما ترغب به موسكو للاستفراد بالساحة السورية ميدانياً".

حماية القواعد والقوات 

بالمقابل يفسر المتخصص في الشؤون السياسية الروسي رولاند بيجاموف في حديثه لـ"اندبندنت عربية" هدوء الروس في وجه الضربات إلى وجود آلية تنسيق بطلب وموافقة دمشق يتيح التنسيق بين موسكو وتل أبيب لتفادي الحوادث.

ولا يعتقد بيجاموف أن تتغير هذه الآلية على رغم أن روسيا على المستوى الدبلوماسي تدين الهجمات الإسرائيلية في المجال الجوي السوري، وتعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي. ويردف "لا بد من الأخذ في الاعتبار بأن روسيا عندما وافقت على طلب سوريا للتدخل في الحرب لم تأخذ على عاتقها التزامات محاربة إسرائيل اتجاه سوريا، وكان الهدف الرئيس إنقاذ السوريين من المنظمات الإرهابية، شأنه شأن الهدف الذي كان يتبعه التحالف الدولي، لكن الفرق أن حضور القوات الروسية على الأرض أتى بموافقة الدولة".

ويرى بيجاموف بأن شعور الشارع السوري حول عدم الرد وتفعيل منظومة الصواريخ هو "شعور مبرر"، وأضاف "لكن ثمة التزام باتفاقات، فالمنظومة التي انتشرت بعد عام 2019 في أعقاب الضربة الإسرائيلية لطائرة الاستطلاع الروسية (إليوشن - أل 20) وبعد ذلك نشرت منظومة (أس 300) وألحقتها بالمنظومة نفسها مرة أخرى، والهدف الرئيس حماية القواعد والقوات الروسية في المنطقة". 

وتابع قائلاً "المنظومة ليست لمحاربة إسرائيل أو الدخول في حرب معها، وهي خارج نطاق الاتفاقات بين سوريا وروسيا، وإذا كان لدى سوريا أية اعتراضات على الحكومة اتخاذ الإجراءات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الطيران الإسرائيلي قد أطلق صواريخه في 17 سبتمبر عام 2018 في توقيت الهجوم الأخير نفسه على مطار دمشق في العام الحالي، على طائرة روسية على متنها 15 جندياً روسياً، وألقى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في ذلك باللائمة على وزارة الدفاع الإسرائيلية، إذ لم تتلق موسكو إخطاراً بالهجوم إلا قبل دقيقة واحدة. 

الصديق وقت الضيق!

ويستعر الحديث عن تخلي حلفاء دمشق عن سوريا أمام طيران عدوها الليلي، ويعتبر مراقبون بأن الهجوم في 31 أغسطس (آب) الماضي الأكثر سفوراً، إذ قصفت تل أبيب مطاري حلب ودمشق في الوقت نفسه بعد تحرك أحد الأهداف المهمة من مطار حلب إلى دمشق.

ومن دون أي ردود فعل ميدانية تكتفي المواقع الإيرانية بتلقي الضربات الموجعة، ولعل الإدانة وحدها لا تكفي بالنسبة إلى السوريين، ويرى أحد الناشطين السياسيين بأن تكاليف إصلاح المرافق العامة التي تتكبدها دمشق كبيرة وسط حالة اقتصاد منهك ومثقل بالتضخم.

 

ويواصل الكرملين بيانات الإدانة عقب كل هجوم، وقد وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هذه الممارسات "بالشريرة ولا تسهم بأي حال من الأحوال في الحد من المخاطر الأمنية لإسرائيل، بل على العكس تزعزع الاستقرار".

التفرد بالساحة

ومن جهة يرجح مراقبون أن انكفاء الكرملين عن ردع الضربات الجوية مرده إزاحة الحرس الثوري والفصائل الموالية لإيران عن مناطق النفوذ في سوريا، وقد أثارت هذه الرؤية جدلاً واسعاً بين المؤيدين والمعارضين للنظام السوري في البلاد، لا سيما أن التمدد الروسي آخذ بالاتساع خارج الإطار العسكري والميداني الحربي منذ وصوله إلى البلاد عام 2015، وبعد سلسلة من القواعد العسكرية في الساحل السوري بطرطوس، واللاذقية أهمها قاعدة (حميميم) وصل إلى المستوى الاقتصادي والاستثماري. وتربع الشركات الروسية على عرش قطاعات النقل البحري والجوي والاستثمار بالطاقة يعطي فكرة عن مدى الهيمنة الروسية وسط تراجع محدود للاستثمار الإيراني.

وفي حين يعتقد مراقبون أن ما يحصل نتيجة التمدد الروسي في مجالات الاستثمار والتنقيب يفيد دمشق وثمة استثمارات تضطر سوريا إلى تسليمها للشركات الروسية الصديقة بغية الاختباء من قانون العقوبات الأميركية والأوروبية، ولقدرة هذه الشركات على الإنتاج بعد دمار شبه كامل لمعامل البلاد ومصانعها الثقيلة والمتوسطة.

مقابل ذلك تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن ضابط رفيع بأن الهجمات الجوية أجبرت الفصائل الإيرانية على تغيير مواقعها والانسحاب من المنطقة، في حين يعود وجود القوات الإيرانية إلى عام 2013، وتعلن طهران أن تموضع قواتها هدفه تقديم خبرات استشارية في المعارك الدائرة على امتداد الأرض خلال السنوات السابقة.

تضخيم المشاعر

وإزاء ما يسري بين السوريين من مشاعر الاستغراب لا يستبعد المتخصص الروسي في الشؤون السياسية بيجاموف أن هناك ما وصفه بـ"تضخيم" لهذا الشعور. وتابع "أرى رغبة من بعض أطياف المعارضة السورية بإلقاء اللوم دوماً على روسيا وعلى مدى السنوات السابقة وستستمر بهذا المنحى للأسف، وأتوقع أن لا يتغير سلوكها وموقفها اتجاه روسيا".

ويتابع حديثه بأن الفريق المعارض يفكر أن سحب الروس من المعادلة السورية سيخدم الشعب السوري "أنا لا أظن ذلك، لأنه لن يفضي إلى أي شيء إيجابي للمعارضة، ولعل إيجابيات الوجود الروسي تتجاوز السلبيات بالنسبة إلى المعارضة نفسها".

ويجزم بيجاموف بأن روسيا لديها مصالح والتزامات منصوص عليها بين الجانبين السوري والروسي. وفي معرض رده على سؤال حول تضارب بين المصالح الروسية والإيرانية قال "تحاول موسكو أن تلعب دوراً في الساحة السورية تارة تنجح وتارة لا، ولكن طوال هذه السنوات تمكنت من إثبات أن وجودها هناك ضروري وتشارك في التسوية، وأعتقد أنها لا تريد المواجهة بين الأطراف المتعددة في سوريا وتحاول أن تكون وسيطاً وليس طرفاً في مثل هذه النزاعات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير