Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنكار البريكست يشبه إنكار التغيّر المناخي في العالم

يبدو أن التصرف الأذكى في التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو الانضمام إلى جوقة اللاعقلانية. كذلك فإن من يحاول وضعه في أطرٍ منطقيةٍ سيجد نفسه مشوشاً.

طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يثير خلافات واسعة في المملكة المتحدة. (أي بي) 

ارتكبت تيريزا ماي خطأ آخر في قمة بروكسل الأسبوع الماضي. كان في إمكانها تعزيز مكانتها لو وصلت إلى القاعة وأعلنت: "بما أنه من المستحيل أن يوافق برلماني على اتفاق كهذا، فإن وجودنا هنا هو إضاعة للوقت".
ثم كان في وسعها أن تخرج من مؤتمرها الصحافي متكئة على رئيس وزراء إسبانيا، ويصرخا معاً: "في إمكانكم الحصول على جبل طارق فنحن لم نرده من الأساس"، في حين يجلس ميشيل بارنييه باكياً على كرسيه حيث يواسيه رئيس ليتوانيا قائلاً: "لا تأخذ كلام جان كلود جونكر على محمل الجد، أنت حقاً جميل."
هكذا يبدو أن التصرف الأذكى في التعامل مع البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، هو الانضمام إلى جوقة اللاعقلانية. كذلك فإن من يحاول وضعه في أطرٍ منطقيةٍ سيجد نفسه مشوشاً. من هذا المنطلق، على رغم إرهاق رئيس بنك إنكلترا نفسه أسابيع بإصدار سلسلةٍ من التقارير حول النتائج الاقتصادية المتوقعة للبريكست، فإن هذه التقارير قوبلت بالرفض والاستخفاف مباشرةً من قبل البرلماني المحافظ جاكوب ريس موغ بحجة أن التقارير صادرةٌ عن سياسي دون المستوى واجه فشلاً في كندا سابقاً، وعليه لا يمكن احترام أعماله وآرائه. تقويم هذه التقارير بهذه الطريقة أسهل جداً من دراستها ولا يحتاج إلى صرف الكثير من الوقت والجهد.
إذاً، فالأجدر هو الركون إلى أفكار جاكوب ريس موغ نفسه، إذ صرّح أنه إذا تعرضت بريطانيا لمشكلةٍ اقتصاديةٍ "موقتة" فعلى البريطانيين التصرف كما تصرفوا دوماً خلال الأزمات، اي انتظار حصولهم على ميراثٍ ما أو بيع تحفةٍ هنا أو هناك. يا لها من آراءٍ فذةٍ فعلاً!
للأمانة، فإن أكثر التوقعات دقةً لسيناريوات الخروج من الاتحاد الأوروبي أتى من مؤيدي هذا الخروج. مثلاً، أخبرنا ليام فوكس مسبقاً أن اتفاق البريكست سيكون أسهل صفقة في التاريخ. أما زميله دايفد دايفس فاعتبر أن مديري كبرى الشركات سيتسابقون لدخول السوق البريطانية فور ظهور نتائج استفتاء البريكست. يا لهذه التوقعات الدقيقة!
جدياً، يمكن أن تكون تقديرات رئيس بنك بريطانيا مخطئة، إلا أن ما فعله مؤيدو البريكست هو العكس تماماً: تجنبوا إصدار أي وثائق أو دراسات أو أرقام، واكتفوا بتسخيف رئيس البنك باعتباره "فاشلاً في كندا".
هكذا، ننتظر دخول هذه الإستراتيجية قريباً إلى الأكاديمية، حيث يمكن تسخيف أي أطروحة من دون الرد على محتواها الفعلي، بل عبر مناقشة أمورٍ لا صلة لها بها نهائياً، وعبر النيل من صاحب الأطروحة لشخصه لا لطرحه.
على صعيدٍ آخر، الحجة الوحيدة التي يرتكز عليها أنصار الخروج من الاتحاد هي أن بريطانيا ستستفيد اقتصادياً عبر تحرير المصارف من القيود، وهذا ما سيؤدي إلى تحسن الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المئة. إلا أن ما لا يقال حول هذا الطرح هو أن هذه الـ 0.1 في المئة ستذهب إلى جيوب المصارف الكبرى لا إلى جيوب الناس. من ناحيةٍ أخرى، يتغاضى هؤلاء عن قصد أو عن غير قصد عن التطرق إلى النتائج الكارثية لتحرير المصارف من القيود في الولايات المتحدة بعدما أدت إلى الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 2008.
بعيداً عن كل هذا التناقض بين الأطروحات المضحكة لمؤيدي ومعارضي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، يبقى هناك مشترَك واحد. لتكتمل جوقة الجنون، يُجمع الطرفان على تحميل اللاجئين مسؤولية جزء كبير من الأزمة التي تعيشها بريطانيا وأوروبا.

 

© The Independent

المزيد من آراء