Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب والاتحاد الأوروبي... مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية

تشكل أزمة الهجرة غير الشرعية واحدة من أهم التحديات بينهما

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني (إلى اليمين) ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في ختام الدورة الـ14 لمجلس الشراكة بين الطرفين في بروكسيل (موقع المجلس الأوروبي)

دخل المغرب والاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة في علاقتهما الاستراتيجية، إذ أبرم الطرفان خلال الأسبوع الجاري آلية جديدة سُميت "الشراكة الأوروبية المغربية من أجل الازدهار المشترك". وتهدف الشراكة الجديدة إلى تعزيز التعاون الثنائي الذي انطلق قبل خمسين عاماً.

أكد الاتحاد الأوروبي والمغرب في إعلان سياسي مشترك تم تبنيه في ختام الدورة الـ14 لمجلس الشراكة بين الطرفين في بروكسيل، طموحهما لإعطاء "علاقتهما الاستراتيجية المتعددة الأبعاد والمتميزة، زخماً يرقى إلى انتظاراتهما وتحديات العالم المعاصر، وذلك من خلال تطوير شراكة أوروبية مغربية من أجل الازدهار المشترك، وتهدف إلى تعميق العلاقات الثنائية في ضوء الطموحات المشتركة والتطور الخاص بكل من الطرفين، وتعزيز التعاون الإقليمي والأوروبي الأفريقي ودعم العلاقات الفعالة والمتعددة الأطراف".

وشدد زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسيل على أهمية الشراكة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي مع أفريقيا، مؤكدين التزامهم تنميتها وتطويرها، مع الطموح الثنائي للتصدي للتحديات العالمية المشتركة.

هيكلة الشراكة

قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال ندوة صحافية في ختام الدورة الـ14 لمجلس الشراكة، "سنعمل من أجل أن تحافظ هذه العلاقات على طابعها الرائد والمستقبلي في المنطقة، وفي جميع المجالات. لقد أجرينا محادثات إيجابية وصريحة وبناءة مكنتنا من تجديد تمسّكنا بتعزيز الشراكة، وعزمنا على إعطائها نفساً جديداً".

وفي خصوص فحوى الشراكة الجديدة، أوضح بوريطة "إننا لم نقم بإعادة إطلاق الشراكة بيننا من خلال إحياء مختلف البنيات واستئناف التعاون في مختلف المجالات فحسب، بل قررنا هيكلة هذه الشراكة في المستقبل حول أربعة فضاءات مهمة، هي "فضاء التقاء القيم وتقاربها" و"فضاء التقارب الاقتصادي والتماسك الاجتماعي" و"فضاء تقاسم المعرفة" و"فضاء التشاور السياسي ورفع مستوى التعاون في القضايا الأمنية".

أضاف وزير الخارجية أن الإعلان السياسي المشترك عكس بشكل جلي الرؤية والطموح المشتركين، وكذلك المواقف الواضحة بشأن عدد من المواضيع. واعتبر أن هذا الإعلان وتحديد هذه الفضاءات كانا نتيجة لتفكيرغير رسمي تم بشكل مشترك قبل أسبوعين في مدينة الصخيرات (ضواحي العاصمة الرباط)، حيث اجتمع مسؤولون مغاربة وأوروبيون من أكاديميين وممثلي المجتمع المدني، بغية التفكير في مستقبل هذه الشراكة.

مضمون الشراكة الجديدة

تتضمن اتفاقية الشراكة الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي أربعة مجالات هي "فضاء التقارب في القيم" المستوحى من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي والدستور المغربي والالتزامات الدولية للطرفين، ويهدف إلى تدعيم التقارب حول المبادئ الأساسية والتوجيهية للشراكة.

وتتعلق هذه المبادئ بالديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد والعدالة والمسؤولية والشفافية في المؤسسات، واحترام مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التجمع وحرية التعبير والصحافة، وحقوق المرأة والشباب، والمساواة بين الجنسين، ومكافحة خطاب الكراهية، والتعصب والتمييز، إضافة إلى تبادل البيانات الشخصية وحماية الحق في الخصوصية. فيما يركز "مجال التقارب الاقتصادي والتماسك الاجتماعي" على تنفيذ الشق الاقتصادي لاتفاقية الشراكة، وبالتالي تحسين استخدام الإمكانات التي توفرها العلاقات التجارية الثنائية، وإعادة إطلاق المفاوضات نحو اتفاقية تجارة حرة شاملة ومعمقة على أساس الفوائد المنتظرة للشريكين، والسعي التدريجي للتقارب التنظيمي والتعاون الثنائي الوثيق في مجال الجمارك والتدبيرالضريبي الرشيد وحماية البيانات الشخصية وتعزيز ربط البنى التحتية المادية والرقمية.

ويتعلق "فضاء المعرفة المشتركة" بشكل خاص بالتعليم العالي والتدريب (بما في ذلك التدريب المهني) والعمالة المستدامة والبحث العلمي والابتكار ونقل التكنولوجيا، وتنقل الطلاب والباحثين. وفي هذا الإطار، سيضمن الإجراء تعبئة جميع الأدوات والآليات المتاحة والمستقبلية.

الهجرة والحدود ومحطات الشراكة

تشكل أزمة الهجرة غيرالشرعية إلى أوروبا واحدة من بين أهم تحديات المغرب في علاقته مع الاتحاد الأوروبي، إذ تنطلق آلاف "زوارق الموت"، على متنها مهاجرون أفارقة وعرب باتجاه الشواطئ الجنوبية لأوروبا.

ويؤكد وزير الخارجية المغربي ضرورة الاتفاق بشأن رؤية بعيدة المدى، ووضع الوسائل والاستراتيجية الضرورية من أجل أن تصبح الحدود المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي آمنة ومفتوحة، إنما مغلقة في وجه من تسول له نفسه استغلالها أو توظيفها لأغراض غير مشروعة، أو من أجل الإتجار بالبشر والهجرة السرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأ التعاون بين المغرب والمجموعة الأوروبية عام 1969 مع توقيع الطرفين اتفاقية تجارية تفضيلية، تقدم المغرب بطلب الانضمام إلى المجموعة الأوروبية في عام 1987، غيرأن هذه الأخيرة رفضت طلبه، باعتباره بلداً لا ينتمي إلى القارة الأوروبية، فيما حدد إعلان برشلونة عام 1995 أسس الشراكة الأوروبية المتوسطية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. واعتمد الاتحاد الأوروبي على ذلك في إبرام اتفاقية الشراكة بينه وبين المغرب عام 1996 التي دخلت حيز التنفيذ في مارس (آذار) من عام 2000.

الاتفاقية وسياسة الجوار

تهدف اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد إلى خلق علاقات متوازنة قائمة على مبادئ الشراكة والتنمية المشتركة في احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وشمل المجال السياسي إقامة الحوار بهدف تدعيم العلاقات بين الجانبين عبر التقارب والتشاور والدفاع عن المصالح المشتركة، والمجال الاقتصادي الذي اعتمد على دراسة المواضيع الاقتصادية المشتركة من بينها المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي، أما المجال الاجتماعي فشهد تنمية التعاون الاجتماعي، والمساعدة الصحية والتشغيل، فيما ضم المجال الثقافي التعاون الثقافي والتربوي والعلمي والتقني.

واستكمالاً لاتفاقية الشراكة التي ثمنها الاتحاد الأوروبي، أطلق الاتحاد "سياسة الجوار" مع المغرب عام 2003، وهي آلية أنشأها الاتحاد بغية تحديد الأهداف الاستراتيجية للتعاون مع دول الجنوب، وتستفيد من خلالها هذه البلدان من مساعدات مالية تتمثل في صك التعاون الإنمائي الذي يدعم إجراءات الحد من الفقر، والصك الأوروبي بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي يدعم سيادة القانون ودعم الديمقراطية والحرية والحقوق الأساسية، إضافة إلى الأداة المساهمة في الاستقرار والسلام التي تُستخدم للتصدي للأزمات.

يُذكر أن المغرب طلب من الاتحاد الأوروبي عام 2000 منحه وضعاً متقدماً (أقل من العضوية وأكثر من مستوى الشراكة). وبعد 8 أعوام من المفاوضات، قرر الاتحاد الاستجابة لطلب المغرب، ودخلت العلاقات المغربية مع الاتحاد عهداً جديداً كانت نتيجته إطلاق آلية الشراكة من أجل الازدهار المشترك الذي يُعتبر اعترافاً بالجهود الإصلاحية التي قام بها المغرب خلال العقود الماضية.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات