Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خفايا وتفاصيل عودة العلاقات بين "حماس" والنظام السوري

الحركة في مأزق وتحاول إيجاد مقر لها من خلال تقربها من محور إيران لكن ذلك سبب لها عزلة عربية

بدأت حماس تتودد إلى النظام السوري عام 2017 (سانا)

بعد قطيعة استمرت 10 سنوات بين النظام السوري وحركة "حماس" قررت الأخيرة إعادة علاقاتها الكاملة مع دمشق وجرى ذلك بعد حوارات دامت نحو خمس سنوات وأخذت طابع المد والجزر ولقيت هذه الخطوة انتقادات ومعارضة شديدة بين الفلسطينيين، لكن "حماس" بررت ذلك بأنه لخدمة ولصالح "القضية".

وجاء إعلان "حماس" عودة علاقاتها مع نظام بشار الأسد خلال وجود رئيسها إسماعيل هنية رفقة أعضاء من المكتب السياسي (أعلى سلطة في الحركة) في العاصمة الروسية موسكو التي كانت أحد الوسطاء الذين تدخلوا لاستئناف العلاقات بين الطرفين، كما لعبت دوراً مهماً في إقناع الحركة بالشروط التي وضعتها دمشق.

ما هي شروط النظام؟

في بيان رسمي يعد الأول منذ قطع "حماس" علاقتها مع دمشق اعتذرت الحركة عن الموقف الذي اتخذته من نظام الأسد في عام 2012 ووافقت خلاله على الشروط الثلاثة التي وضعها النظام من أجل استئناف العلاقات إذ اعترفت ببشار الأسد رئيساً، وتطلعت لأن تستعيد سوريا مكانتها بين الدول العربية، وأكدت أن كل الأراضي السورية يجب أن تكون موحدة تحت حكمه ورفضت المساس بذلك، كما دعمت الجهود التي وصفتها بـ"المخلصة" من أجل استقرار وسلامة سوريا وازدهارها وتقدمها.

 


يقول رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة "حماس" خليل الحية إنهم "في مرحلة بناء الثقة بشكل أكبر وأوسع مع دمشق" ويعملون على "بناء وتطوير علاقات راسخة وقوية مع سوريا التي احتضنت القضية الفلسطينية لسنوات طويلة، وهذا كان أحد الأسباب التي دفعت الحركة للوقوف معها وإعادة العلاقة معها".


كيف توقفت العلاقات؟

فعلياً بدأت العلاقة بين "حماس" والنظام السوري في عام 1999 واستمرت حتى عام 2012 وخلال تلك الفترة قدم نظام الأسد دعماً في مختلف المجالات للحركة إذ أمن استقرارها سياسياً وتطورها عسكرياً لكن بعد اندلاع "الثورة السورية" رفض خالد مشعل الرئيس السابق لمكتب "حماس" إدانة الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام ورفع علم الثورة في عام 2012 وغادر مقر إقامته الذي كان يعد مكتب الحركة الرئيس متوجهاً إلى غزة لكنه لم يمكث فيها طويلاً.

ومن سوريا أدارت "حماس" الانقلاب العسكري على السلطة الفلسطينية الذي نفذته في عام 2007، كما حضرت نفسها للانتخابات التشريعية وفازت بها وسلحت عناصرها ودربتهم عسكرياً.
وبعد مغادرة مشعل منصبه وابتعاده عن الساحة السياسية في عام 2017 بدأت "حماس" تتودد إلى النظام السوري، وذلك عقب فوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب السياسي ووصول يحيى السنوار إلى زعامة الحركة في غزة.

وفور تولي السنوار منصبه قال إن "حماس" مستعدة للتعامل مع النظام السوري بخاصة مع تسارع وتيرة حل الأزمة في دمشق"، وفي عام 2018 قال هنية "حماس" "لم تعاد يوماً النظام السوري الذي وقف إلى جانبنا في محطات مهمة وقدم لنا الكثير".

وفي عام 2019 أثنى عضو المكتب السياسي محمود الزهار على بشار الأسد. وقال "فتح لنا كل الدنيا، لقد كنا نتحرك في سوريا كما لو كنا نتحرك في فلسطين، وفجأة انهارت العلاقة على خلفية الأزمة السورية، وأعتقد أنه كان الأولى ألا نتركه وألا ندخل معه أو ضده في مجريات الأزمة".

كيف عادت العلاقات؟

بحسب "حماس" فإنها قررت استئناف علاقاتها مع النظام السوري بعد إجماع داخلي لجميع أطر الحركة. ويقول الحية إن "نقاشاً داخلياً وخارجياً جرى على مستوى قيادات وكوادر ومؤثرين والمعتقلين داخل السجون خلص إلى إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق".
ومن أجل تحقيق ذلك التقى رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية مع الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله في يونيو (حزيران) الماضي، وسبق وأن زار العاصمة الإيرانية طهران في 2021 للغرض ذاته.

كما تعتبر روسيا أهم وسيط في عودة العلاقات إذ يقول هنية إنهم توصلوا مع موسكو إلى قرارات مهمة في شأن تطوير العلاقات الثنائية مع سوريا.

ما خفايا عودة "حماس" إلى سوريا؟

أخيراً بدت "حماس" وكأنها في عزلة ولا تجد مكاناً لها إذ تفرض عليها جميع الدول التي تحاول الوجود على أراضيها شروطاً على عملها السياسي والعسكري في ظل التغيرات التي تمر بها المنطقة العربية والإقليمية، مما جعلها مضطرة إلى إعادة العلاقات مع سوريا.
يقول أستاذ العلوم السياسية بلال الشوبكي، إن "حماس" تعرضت لتضييق شديد في السنوات الأخيرة من بعض الدول العربية والإقليمية والبيئة السياسية اليوم مختلفة عن السابق، وهذا فرض على الحركة العودة إلى حضن سوريا باعتبارها أفضل البدائل التي يمكن لقيادة الحركة نقل ثقلها إليها بعد يقينها من عدم وجود بديل يقدم لها الاحتضان والدعم الكامل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع كانت معظم قيادات "حماس" توجد في تركيا لكن مع استعادة أنقرة كل علاقاتها مع إسرائيل بدأت تتعرض لضغوط بترك المنطقة. وقالت سفيرة تل أبيب في أنقرة إيريت ليليان علناً إن "إسرائيل بذلت جهوداً لإغلاق مكتب حماس في إسطنبول ونجحت في ذلك، وتعمل حالياً على ترحيل الناشطين من تركيا".
لم تنف "حماس" ذلك وقال عضو المكتب السياسي فيها موسى أبو مرزوق إن "تشويشاً كبيراً طرأ على علاقات حماس بتركيا، وذلك بعد تحسين أنقرة علاقاتها بإسرائيل ودول عربية أخرى وفي ضوء ذلك نحن ملتزمون بالتفاهمات التي يجريها الأتراك ونقدرها"، لكن أبو مرزوق رفض أن يؤكد المعلومات حول تضييق السلطات التركية على ناشطي الحركة وطلبها منهم مغادرة البلاد، إلا أنه أشار إلى أن إسرائيل تشن على أعضاء حركته الموجودين في إسطنبول هجوماً إعلامياً كل يوم.

وحول ذلك أوضح الشوبكي أن "حماس" ارتهنت لقرارات دولية وإقليمية تدفع ثمنها في كل مرحلة وهو ما حدث بعد أن بدأت تركيا بإغلاق الأبواب تدريجاً في وجهها فوجدت الحركة نفسها مجبرة على الحوار مع النظام السوري".
وأشار الشوبكي إلى أنه "لا يوجد أي مكان في العالم يستوعب وجود حماس على أراضيه في ظل المتغيرات العالمية السياسية وهذا دفع الحركة للعودة من جديد إلى محور كانت قد تظاهرت بأنها قاطعته من سنوات".

فعلياً ليس هذا السبب الوحيد الذي دفع "حماس" للعودة إلى سوريا بل كان لغياب خالد مشعل عن قيادة الحركة ووصول صالح العاروري إلى منصب نائب رئيس المكتب السياسي دور كبير في اتخاذ القرار، إذ معروف عنه أنه قريب من محور إيران وله علاقات قوية مع نظام الأسد.
وأوضح الباحث في الشؤون السياسية حسام الدجني أن "حماس" تعتقد أنها بعودة علاقاتها مع سوريا ذهبت إلى وجودها الطبيعي ومحورها الإيراني الذي يستوعب وجودها من دون إملاءات وشروط ويعطيها نوعاً من الاستقرار وهي مضطرة إلى ذلك لا سيما في ظل حظرها في بعض الدول.

ويشير الدجني إلى أن حسم "حماس" خياراتها باتجاه التموضع مع هذا المحور جاء في ظل عدم وجود بدائل كافية لمد الحركة بالمال والسلاح، لافتاً إلى أنه "من دون هذا المحور فمن المحتمل أن يكون وضعها ضعيفاً وبالتحالف مع سوريا سيكون لها موقف أقوى من بقائها وحيدة".


ما نتائج العودة؟

ولم تعلن "حماس" مباشرة عن النتائج التي ترتبت على استعادة علاقتها مع النظام السوري إذ "تتوقع أن تتمتع بمزايا عدة أهمها حرية الاستثمار لجلب الأموال بعد أن جمدت أرصدة واستثمارات كبيرة لها كان من بينها مشاريعها في السودان"، وفقاً لحديث الباحث السياسي كريم ناصر.

ولفت ناصر إلى أن "حماس" تسعى إلى اتخاذ الأراضي السورية مقراً رئيساً لها وتنقل مكتبها إلى دمشق ومن هناك تمارس نشاطها السياسي والعسكري، مضيفاً أن "ذلك يسهل عليها تقاربها من محور إيران ويخدم مصالحها".

ما انعكاسات العودة لسوريا؟

وحول التداعيات التي من الممكن أن تترتب على عودة علاقات "حماس" إلى النظام السوري، رأى أستاذ السياسة وحل النزاعات الإقليمية في الجامعة العربية الأميركية أيمن يوسف أنه "على رغم وجود مكاسب استراتيجية لحماس لكن للقرار آثاراً سلبية وفور إعلانه ظهر استياء من الحاضنة الشعبية التقليدية للحركة".
ووصف يوسف إجراء "حماس" بـ"سقطة وخطيئة سيكون ثمنها كارثياً" و"قد يلقي بآثار سلبية على القضية الفلسطينية حيث ستزيد حدة الانقسام، خصوصاً لأنها اختارت حضن إيران بينما السلطة الفلسطينية في الحضن العربي"، مشيراً إلى أن "ذلك يسبب نوعاً من العزلة للحركة لأنها تعزز نفوذ إيران في المنطقة".
وأوضح يوسف أن "سوريا منعزلة عن بعض الدول العربية وهو قد ينعكس سلباً على حماس التي تتبنى استراتيجية الانفتاح على الجميع، لذلك تتنافى تلك الاتصالات التي تجريها الحركة مع الأطراف العربية على قاعدة دعم فلسطين".

وفور إعلان "حماس" قرارها، تفجرت موجة غضب واسعة تجاهها لكنها دفعت ماكينتها الإعلامية لكتابة تقارير ومقالات تظهر فوائد استعادة العلاقة مع النظام السوري.

المزيد من تقارير