Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا تدخل على خط الأزمة العراقية

هاكان فيدان في بغداد لحث الساسة على تشكيل حكومة تؤمن مصالح أنقرة

مدير المخابرات التركية هاكان فيدان (غيتي)

دخلت الحكومة التركية على خط الأزمة العراقية التي ارتفعت وتيرتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب الانتخابات البرلمانية وما تلاها من سلسة أحداث ظلت أنقرة بعيدة عنها، لكنها كانت تتابع عبر سفارتها تطورات الأوضاع واتساع مستوى الأزمة إلى منحنيات خطيرة، كما حدث في المنطقة الخضراء نهاية أغسطس (آب) الماضي.

وعلى رغم الزيارات المستمرة التي يجريها أصدقاء أنقرة في العراق المتمثلون في تحالف السيادة الذي يضم أغلب النواب السنة والنواب التركمان ولقاءاتهم مع المسؤولين الأتراك، فإنها كانت كما يبدو غير كافية للتشجيع على تشكيل حكومة عراقية تكون مستمرة في تحقيق مصالح تركيا الاقتصادية كما هي الحال منذ 2003.

المخابرات التركية

ولهذا فإن زيارة مدير المخابرات التركية هاكان فيدان إلى العاصمة بغداد التي حاولت الجهات السياسية العراقية التغطية عليها وجعل الإعلام بعيداً عنها واختصارها في الجانب الرسمي الذي تحدث عن تنسيق عراقي- تركي في مكافحة الإرهاب ورفض العراق لوجود أي جهة أو جماعة مسلحة تهدد الأمن التركي في إشارة واضحة إلى حزب العمال كردستاني الذي يوجد في مناطق سنجار ومخمور وفي الجبال القريبة من الحدود العراقية- التركية.

تقريب وجهات النظر

لكن التسريبات عن الزيارة بينت أنها جاءت لتشجيع أصدقاء وحلفاء تركيا على التنسيق والتعاون مع حلفاء إيران في الإطار التنسيقي في قضية تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن عبر تقريب وجهات النظر بين الإطار التنسيقي وتحالف السيادة الممثل للسنة العرب.

 إذ بدا هذا الأمر واضحاً من خلال لقاءات "فيدان" مع زعماء تحالف السيادة كل من رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، التي استمرت لساعات طويلة، فضلاً عن سلسلة من اللقاءات مع قيادات في الإطار التنسيقي مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وقيادات الحشد التركماني. 

إقناع السنة والكرد

ويرجح النائب التركماني السابق ووزير الشباب والرياضة السابق جاسم محمد جعفر أن يكون هدف الزيارة حث كل من تحالفي السيادة والكرد على التقارب مع الإطار في عملية تشكيل الحكومة، فيما أشار إلى أن الأتراك يريدون تشكيل حكومة سريعة من أجل مصالحهم الاقتصادية والأمنية.

وقال جعفر، إن لتركيا تأثيراً على الواقع السياسي العراقي والعمل على حسم ملف الحكومة والحث على تشكيل الحكومة، مضيفاً أن التقارب بين الكرد والسنة والإطار جاء بطلب تركي لحسم الملف من أجل عدم ترك الحكومة خالية من الصلاحيات الدستورية والقانونية.

التقريب بين الإطار وحلفاء الصدر

ولفت جعفر وهو عضو في ائتلاف دولة القانون إلى أن العلاقات الوطيدة بين الأتراك وكل من السيادة والديمقراطي الكردستاني كان له الأثر في تحسين العلاقات ما بين الإطار من جهة والحزب الديمقراطي الكردستاني والسيادة من جهة أخرى، مشيراً إلى أن الأتراك يرغبون بعلاقات سريعة بين الإطار وبقية الأطراف، وكذلك تحاول أنقرة أن تنقذ اقتصادها الذي انخفض حجمه في الفترة الأخيرة.

أولوية تركية

وتابع جعفر أن تركيا تشعر بضرورة وجود حكومة عراقية قادرة على إدارة الدولة العراقية بشكل دستوري وقانوني لما له من تأثير إيجابي على المصالح الاقتصادية والأمنية، فمثلاً هناك صواريخ توجه للقوات التركية الموجودة داخل الأراضي العراقية بحجة ضرب الطائرات التركية لمنطقة دهوك، مؤكداً أن تركيا تشعر بأن بقاء الحكومة بهذا الشكل يعطي الفرصة لأطراف معينة أن تقوم مكان المؤسسات الأمنية.

وشدد على أن الأتراك يرغبون بضرورة وجود حكومة وقائد عام للقوات المسلحة تمتلك صلاحيات كاملة للتقليل من تأثير الأطراف والحركات التي تقوم بأجندات معينة.

وتستهدف الفصائل الشيعية الموجودة في مدينة الموصل بالتنسيق مع حزب العمال الكردستاني بين الحين والآخر قاعدة الجيش التركي في جبل بعيشقة بمحافظة نينوى بهجمات صاروخية مستمرة منذ مطلع العام الحالي، لم تستطع الحكومة العراقية ولا الجيش التركي إيقافها، على رغم تهديدات الأخير بالقضاء على مصادر الهجمات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى النائبة الكردية السابقة ريزان شيخ دلير أن الأتراك يبحثون عن تشكيل حكومة بالعراق قريبة من مصالحهم.

وقالت دلير، إن بعض دول جوار العراق ومنها تركيا تتدخل في الشأن العراق عن طريق بعض الأحزاب السياسية الموالية لها وهم يبحثون عن مصالحهم، مبينة أن الأتراك يرغبون بتشكيل الحكومة بأسرع وقت وفق رغباتهم من أجل تنفيذ مصالح تركيا. 

تدخل كبير 

وأشارت إلى أن تركيا لديها وجود في الإقليم وكركوك والموصل، وهناك قصف تركي على الإقليم ووجود عسكري في العراق، مشيرة إلى أن تركيا تحرق البساتين داخل الإقليم وسيادة البلد من دون استجابة حقيقية من حكومة العراق لاتخاذ خطوات في هذا الشأن، على الرغم من إدانة أغلب دول مجلس الأمن للقصف التركي.

حضور عسكري

وتستغل تركيا موافقة عراقية في ثمانينيات القرن الماضي على الدخول في الأراضي العراقية بعمق 30كم، لدخول المدن العراقية بأعماق كبيرة حتى وصلت في عام 2015 إلى دخولها إلى قاعدة بعشيقة في محافظة نينوى التي تبعد نحو 140كم عن الحدود المشتركة بين البلدين.

وعلى رغم دعوات الحكومات العراقية المتكررة للانسحاب من القاعدة التي يوجد فيها مئات الجنود الأتراك، فإن الحكومة التركية تقوم بتعزيز قواتها داخلها وبالتنسيق مع إقليم كردستان العراق الذي يسمح بدخولها إلى القاعدة عبر طرق الإقليم.

الأمن القومي

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية عصام الفيلي أن تركيا تعتبر العراق جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، فيما لا يستبعد أن تتفاهم تركيا مع إيران لترتيب الداخل العراقي.

وقال الفيلي، إن "الملفات السياسية تلعب جزءاً من اهتمام أجهزة المخابرات العالمية لكون جهاز المخابرات في كل دول العالم له رؤية في السياسة الخارجية التي تعتبر جزءاً من الأمن القومي لدولة مثل تركيا امتازت بوجود نظام سياسي يحكم قبضته العسكرية لفترة طويلة"، مبيناً أن هناك ملفات مشتركة مع العراق تمتد بعضها إلى فترة إنشاء الجمهورية التركية عام 1923 مثل ملفات المياه والقضية الكردية وملفات تجارية واقتصادية.

وأضاف الفيلي، أن تركيا تعد ملف العراق جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، وهي تحاول أن تتواصل مع جميع الجهات ما يخدم مصالحها، مشيراً إلى أن الوضع بالعراق يوصف بالضبابي والرمادي، وهناك تنافس بين إيران وتركيا، وكلاهما يرى العراق بالنسبة له جزءاً من "ضيعته المفقودة"، وهو محور صراع دائم بين الطرفين.

وتساءل الفيلي هل جاء هاكاني إلى بغداد بناء على رغبة عراقية أو رغبة تركية أو كجزء من التنافس التركي- الإيراني بالعراق، لافتاً إلى أن العراق مقبل على أحداث وتطورات جديدة.

رسالة خارجية

وتابع الفيلي، أن هذا الحضور التركي رسالة للخارجي الإقليمي والدولي بأن أنقرة حاضرة بالعراق ولم تكن بعيدة عنه، فضلاً عن أن الحضور يتعدى وجودها في إقليم كردستان بل يمتد إلى المناطق السنية وغيرها مثل امتداد إيران بالمناطق الشيعية.

واعتبر أن تركيا ترى أنها حاضرة متأخرة بالقياس إلى إيران، وقد تذهب تركيا للتفاهم مع إيران لترتيب الوضع السياسي العراقي، مؤكداً أن "تركيا تريد أن تتعامل مع حكومة كاملة الصلاحيات لا تملك أجنحة مسلحة". 

تأمين الطاقة

وترغب تركيا بترتيب وضعها مع العراق في مجال الطاقة، بخاصة أنها تؤمن أنها دولة عابرة للغاز والنفط، والعراق يمتلك كل مقومات الطاقة، بحسب الفيلي الذي رجح أن تدخل بالتنافس حتى في المناطق السنية، وأن تكون لها مشاريع في ولاية الموصل في شقها العربي التي هي الموصل وديالى وحمرين، وتريد أن تتوسع إلى محافظة الأنبار وصلاح الدين واستثمار الطاقة في تلك المناطق.

ويرى مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية والأمنية معتز محيي عبد الحميد أن رئيس المخابرات التركي بحث مع المسؤولين العراقيين قضايا أمنية استخبارية متعلقة بحزب العمال الكردستاني.

حزب العمال

وقال عبد الحميد، "إن حزب العمال الكردي يثير للأتراك أزمات أمنية باستمرار من خلال العمليات العسكرية التي يقوم بها داخل تركيا أو على الحدود العراقية التركية"، مبيناً أن "هذه العناصر تمددت في سنجار ومناطق أخرى من العراق، لذلك بين الحين والآخر نجد قيام الأتراك بعمليات مسلحة وطائرات مسيرة تلاحقها قوة استخبارية ضد قيادات حزب العمال".

وأشار إلى أن العمليات الاستخبارية التركية بحق تلك القيادات أدى إلى هروبها من سنجار إلى مناطق أكثر أمناً خصوصاً إلى ديالى وكركوك، مبيناً أن الأتراك يرغبون بكثير من التعاون مع العراق في المجال الاستخباري لضرب تلك القيادات.

وكانت حكومتا بغداد وأربيل اتفقتا في 9 أكتوبر 2020 على حل المشاكل في قضاء سنجار وإبعاد العناصر المسلحة التابعة لحزب العمال عن القضاء الواقع على الحدود العراقية السورية إلا أن عناصر الحزب أفشلوا الاتفاق بالاتفاق مع الفصائل الشيعية.

وينص الاتفاق على تسليم الجيش والشرطة الاتحادية والأمن الوطني ملف الأمن بالتنسيق مع إقليم كردستان وقواته، وانسحاب باقي التشكيلات العسكرية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي تم تنفيذه جزئياً من خلال انتشار فرقة من الشرطة الاتحادية ووحدات من الجيش العراقي والأمن الوطني داخل قضاء سنجار وعلى حدوده الاستراتيجية مع سوريا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير