Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الثقافة العسكرية السوفياتية وراء فشل الجيش الروسي في أوكرانيا

تبدو إدارة المعارك وكأنها مشتركة بين الأوكرانيين والأميركيين

المساعدات العسكرية الغربية أسهمت بنتائج فعالة في الميدان (أ ف ب)

نجحت القوات الأوكرانية في مباغتة روسيا بهجومها الخاطف في شرق البلاد، سواء نتج ذلك من خلل في عمل أجهزة الاستخبارات الروسية أو افتقار القيادة العسكرية إلى وضوح الرؤية أو عجز الآلة العسكرية على استباق أحداث كان من الممكن توقعها.

وتمكنت قوات كييف خلال بضعة أيام من استعادة المبادرة في حرب كانت تبدو متعثرة في ظل الجمود شبه التام المسيطر على خط الجبهة منذ مطلع الصيف، فانتزعت من العسكريين الروس مدناً عدة وآلاف الكيلومترات المربعة.

ورأى مايكل كوفمان من معهد "سي أن إيه" الأميركي أن عدم استباق موسكو هذا التطور "هو فشل هائل للاستخبارات العسكرية" مشيراً إلى أنهم "أخفقوا تماماً في ذلك".

وقال بيار غراسيه المؤرخ المتخصص في العلاقات الدولية والباحث في معهد سيريس في باريس إن "روسيا لم تحسن استباق" الأحداث.

وعلى غرار عدد من المحللين الآخرين، ذكر تمويه الأوكرانيين الذين أعلنوا عن هجوم مضاد في الجنوب فيما أطلقوا هجوماً أضخم في شمال شرقي البلاد.

وأوضح غراسيه أنه "على الرغم من ذلك كانت هناك إشارات طفيفة يمكن أن تنبه" موسكو، خصوصاً أن أوكرانيا "اختبرت على ما يبدو خط الجبهة هذا طوال شهر أغسطس (آب)" من خلال القيام بعمليات محدودة عليه.

تباطؤ في الاستجابة

وما يسهم في جعل عنصر المفاجأة مدهشاً أن هذا النزاع هو موضع تغطية غير مسبوقة بصور الأقمار الصناعية والمعلومات المتاحة للجميع عبر ما يعرف بـ"المصادر المفتوحة"، ما يجعل من المستحيل مبدئياً إغفال أي تحرك كبير لقوات الطرف الآخر أو مدفعيته.

وأشار روب لي من معهد البحوث حول العلاقات الدولية في فيلادلفيا إلى أن بعض القنوات الروسية على تطبيق "تلغرام" تحدثت حتى قبل شهر عن حشود أوكرانية قرب خاركيف.

وقال الخبير "من نقاط الضعف الكبرى لدى الجيش الروسي التباطؤ في الاستجابة للتطورات في ساحة المعركة". وأوضح أن الجيش الروسي لا يزال أسير الثقافة السوفياتية وهو يعتمد "المركزية الشديدة، لكنه أيضاً يتخذ قرارات سيئة أو حتى لا يتخذ أي قرارات".

وسبق أن أظهر فشل الهجوم الروسي في السيطرة على كييف في مارس (آذار) نقاط ضعف مدهشة لدى جيش اعتبر في الماضي من الأقوى في العالم.

ووجهت انتقادات إلى الاستخبارات الروسية بما في ذلك من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، كما أشير إلى عجز الوحدات القتالية عن التكيف وانقطاع الاتصال بينها وبين رئاسة أركانها.

غير أن الجيش الروسي أعاد ترتيب صفوفه بعد ذلك وأحرز تقدماً خلال الربيع في منطقة دونباس ملحقاً خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية.

غير أن نقاط القصور الملازمة له عادت بعد ذلك إلى الظهور، فالانتصار في الحرب لا يتحقق في معارك اليوم بقدر ما يحسمه ترقب معارك الغد، ويبدو وريث الجيش الأحمر عاجزاً على هذا الصعيد.

جعل مهمة موسكو معقدة

ولفت مايكل كوفمان إلى أن الروس لم يعمدوا في يونيو (حزيران) إلى تبديل الوحدات المنهكة بعد أشهر من المعارك لعدم إعلان التعبئة العامة في البلاد.

وأضاف أنهم لم يستخلصوا العبر من ذلك، بل "واصلوا صد القوات الأوكرانية في دونباس في حين كانت فرصهم في النجاح ضئيلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع  "لم يستعدوا بشكل كاف للدفاع عن أنفسهم" فتركوا أجزاء كاملة من خط الجبهة "مكشوفة إلى حد فظيع" على الهجمات المضادة.

ولفت الخبير العسكري الروسي المستقل ألكسندر خرامتشيخين إلى أن الهجمات الأوكرانية المتزامنة جعلت مهمة موسكو معقدة، موضحاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الاستخبارات الروسية لم تدرك أين سيتركز الهجوم المضاد الحقيقي تحديداً".

غير أنه اعتبر أن الأسباب خلف التقهقر الروسي مختلفة، وقال "في أوكرانيا الشعب بكامله يلزم التعبئة، بالتالي يمكن للأوكرانيين إضافة ما يشاؤون من قوات"، ذاكراً أيضاً "التجهيزات الفنية، وخصوصاً عدد الأسلحة على الأرض"، وهو ما يرجح الكفة لقوات كييف برأيه.

لكن الواقع أنه كان يجدر بموسكو أن تعلم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيحصل في نهاية المطاف على الأسلحة الحديثة التي يطالب حلفاءه بها.

العجز عن اتخاذ القرارات

وكتب كريستوفر دوغرتي من مركز الأمن الأميركي الجديد (سي أن إيه أس) في واشنطن على "تويتر" أن القادة العسكريين الروس "فشلوا في التحضير لاستخدام أسلحة من الحلف الأطلسي"، مشيراً إلى أن صواريخ "هيمارس" و"هارم" ومدافع "سيزار" بدلت مجرى الحرب، لا سيما وأن موسكو لم تقدر مدى تأثيرها في المعارك.

وشدد الباحث على أن "روسيا تعجز في كل مرحلة عن اتخاذ القرارات الصائبة بصورة سريعة".

وفي المقابل، تعمد أوكرانيا التي باشرت عملية إصلاح لجيشها بعد خسارة القرم عام 2014، إلى الضغط تحديداً على نقاط الضعف، مستندة إلى مساعدة الأجهزة الغربية.

وقال كريستوفر دوغرتي إن "قدرة أوكرانيا على جمع المعلومات ومعالجتها والتحرك بصورة سريعة وفعالة أعطتها تفوقاً كبيراً على بنية القيادة الروسية المركزية والمتصلبة".

ويشدد ألكسندر خرامتشيخين من جهته على وطأة الاستخبارات الأجنبية قائلاً، إن "أوكرانيا تتلقى بشكل آني معلومات من الأقمار الصناعية الأميركية وطائرات الرصد بالرادار البعيد المدى".

وأضاف "من غير المؤكد حتى أن القيادة لم تصبح أوكرانية - أميركية بالحد الأدنى".

المزيد من تقارير