Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف صمد آل كارداشيان حتى الآن رغم الانتقادات الهائلة؟

نحن نغضب من آل كارداشيان لأتفه الأسباب، إذ نشكو مواقفهم من الرأسمالية والعمل وصورة الجسد وأخيراً البيئة، لكن لماذا يبدو أن ردود الفعل العنيفة لا تؤثر فيهم أبداً؟

إثارة الجدل عنصر أساس لنجاح آل كارداشيان (ديزني بلس)

كم الجهد والوقت المطلوبان لهزيمة آل كارداشيان؟ لا أحد يستغل الرأي العام لصالحه تماماً كما يفعل نجوم تلفزيون الواقع هؤلاء. يتجاوز مجموع متابعي الشقيقات الخمس ووالدتهن القوية التي تدير شؤونهن كريس جينر على موقع "انستغرام" 1.8 مليار شخص، وتمتلك العائلة مشاريع تجارية تشمل مجالات الصحة والأزياء والجمال والكحول والغذاء والتكنولوجيا. معروف أن الشهرة الواسعة تأتي مصحوبة بالمتابعة [الجماهيرية] الحثيثة، وكان لآل كارداشيان نصيبهم من هذا، لكن سمعة آل كارداشيان لا تزال سليمة إلى حد كبير، حتى عندما نشعر بشدة بفظاعة تصرفاتهم، في حين أن سمعة نظرائهم من المشاهير تتلطخ إلى الأبد بسبب تصرفاتهم المثيرة للجدل، مثلاً هل سينسى العالم في يوم ما صفعة ويل سميث لـ كريس روك؟ أو هل ستتخلص أوليفيا وايلد من الجدل الذي أثارته أثناء تصوير فيلم "لا تقلقي يا عزيزتي" Don’t Worry Darling؟

في وقت سابق هذا الأسبوع، واجهت كل من كيم وكورتني هجوماً عنيفاً بسبب تعاملهما باستخفاف مع أزمة المناخ، وتجاهل أثرهما الشخصي في البيئة. تم تعيين الأخت الكبرى كورتني سفيرة الاستدامة لعلامة الأزياء السريعة بوهو  Boohoo. إنها تركيبة يمكن أن تحدث فقط في أسوأ كابوس قد تعيشه الناشطة البيئية المعروفة غريتا تونبرغ. صنفت لجنة التدقيق البيئي علامة بوهو على أنها واحدة من أقل العلامات التجارية للأزياء استدامة في المملكة المتحدة، في حين أن كورتني تتنقل بانتظام على متن طائرة خاصة وتعرضت لانتقادات أخيراً بسبب الإفراط في استخدام المياه أثناء موجة جفاف، أما كيم التي يزعم أنها استخدمت طائرتها الخاصة لرحلة مدتها 10 دقائق فقط، فأكدت خطاب آل كارداشيان المناخي عندما قالت في الوقت نفسه لمجلة "إنترفيو" إنها "تنتقي وتختار" كيفية دعم البيئة، مضيفة "أنه لا يوجد شخص مثالي بنسبة 100 في المئة".

بدا الأمر وكأنه صفعة موجهة إلى الدول الفقيرة في جميع أنحاء العالم التي تكافح مع العواقب الملموسة لكارثة المناخ. نزح حوالى 30 مليون شخص بسبب فيضانات واسعة النطاق في باكستان، وتشير التقديرات إلى أن ثلث البلاد مغمور بالمياه حالياً، ولقي أكثر من 1300 شخص حتفهم، وتنتشر الأمراض المنقولة بالمياه الآن بين ضحايا الفيضانات، وفقاً للنشرة العلمية الإلكترونية "عالمنا في بيانات" فإن باكستان منذ عام 2020 مسؤولة عن 0.3 في المئة فقط من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية مقارنة بـ 4.61 في المئة من المملكة المتحدة و24.56 في المئة من الولايات المتحدة.

في حين أن كورتني ليست ملزمة بأية حال من الأحوال باستخدام منصتها الخاصة لزيادة الوعي بأية قضية، اتهمها نشطاء الموضة المستدامة باستخدام أزمة المناخ الحقيقية لتعزيز صورتها ومكانتها. تقول الناشطة فينيتا لا مانا إن الشراكة بين كورتني وبوهو "تبدو وكأنها نوع من السخرية... واحدة من أكثر حملات تبييض السمعة البيئية المخزية" التي شاهدت علامة تجارية للأزياء تقوم بها على الإطلاق. شخص آخر مدافع عن البيئة يدعى بريت ستانيلاند، احتج سابقاً أمام مكان يستضيف عرضاً لأزياء علامة "بريتي ليتل ثينغ" التابعة لشركة بوهو، انتقد الأمر ووصفه بأنه "خدعة إلكترونية لجذب مزيد من المبيعات"، مضيفاً "[عائلة كارداشيان] هم ملوك الاستهلاك المفرط ويطرحون المنتجات السريعة عاماً بعد عام بدافع الجشع. حتى لو ادعوا أنهم يريدون إنقاذ العالم، فإنهم يتشاركون مع علامات تجارية من الواضح أنها لا تقوم بذلك. الشيء الوحيد الذي تهتم به هذه الشراكات هو المال". في هذه الأثناء تقول سيلين سمعان مؤسسة شركة "سلو فاكتوري" التي تستثمر في صناعة أقمشة جديدة أكثر مراعاة للبيئة إن عائلة كارداشيان تظهر "قصوراً في النظر والتعاطف... الأمر الذي لا يزودهم بالخبرة والمعرفة ليكونوا رعاة صالحين لأرضنا وسفراء جيدين لما تمثله حقوق الإنسان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أثار الموقف الغضب، لكن أثره لم يدم طويلاً على ما يبدو. انتشرت العناوين المنتقدة لمدة يوم أو يومين. كان هناك بضع عشرات من التغريدات واسعة الانتشار. ثم تجاوزنا الأمر للاهتمام بمواضيع أخرى. ربما لم تقم كورتني بالترويج لدورها الجديد كسفيرة لعلامة بوهو على أي من حساباتها الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها كانت تتوقع رد الفعل العنيف. أو ربما لا تحتل الاستدامة مكانة بارزة على قائمة أولوياتها؟ ربما لا يستحق مثل هذا الدور التباهي به أمام 169 مليون متابع. مع حلول نهاية الأسبوع تلقى معجبو كيم تنزيلات جديدة على أسعار مشدات الجسم التي تنتجها "سكيمز" SKIMS، بينما تحولت كورتني إلى خلق بعض الإثارة تمهيداً لطرح علامتها التجارية الجديدة من الفيتامينات والمكملات الغذائية التي تحمل اسم "ليمه" lemme.

يعد هذا الصمت المدروس قبل القفز إلى إطلاق المنتج التالي، وتسريب الأخبار بشكل تدريجي عنصراً رئيساً في دفاع آل كارداشيان بمواجهة النقد. عندما انتشر مقطع فيديو يبين نصيحة كيم للنساء في مجال الأعمال (تقول فيه "توقفي عن التراخي وانهضي للعمل... يبدو أن لا أحد يرغب في العمل هذه الأيام") على وسائل التواصل الاجتماعي في شهر مارس (آذار)، التزمت الشخصية الشهيرة الصمت لأسابيع. وفي عام 2014 ظلت كايلي جينر صامتة بينما كان الناس يتساءلون عن حجم شفتيها الذي يكبر باستمرار، حتى عندما بدأت بعض الشابات في استخدام أجهزة شفط خطيرة في محاولة لمحاكاة مظهر شفتيها اللتين تبدوان وكأنهما تعرضتا للسعات النحل. عندما يدلي آل كارداشيان بتصريحات غالباً ما يكون نهجهم مدروساً ويحول دون تحملهم المسؤولية. بعد فترة طويلة من المقابلة مع مجلة "فارايتي" Variety قالت كيم لبرنامج "غود مورنينغ أميركا" Good Morning America إن تعليقاتها حول موضع العمل قد "أخرجت من سياقها". دحضت إليزابيث واغميستر المراسلة الكبيرة في "فارايتي" ادعاءات كيم، وقالت إن السؤال الذي وجه لها كان "سؤالاً مباشراً للغاية".

في حالات أخرى تعتمد العائلة على قوة التجاهل. في مايو (أيار) كشفت كيم أنها فقدت 16 رطلاً (ما يزيد على سبعة كيلوغرامات) في ثلاثة أسابيع فقط كي تتمكن من حضور حفل ميت غالا لهذا العام في فستان من تصميم جان لوي لبسته مارلين مونرو في السابق. لطالما اتهمت عائلة كارداشيان بالحفاظ على معايير الجمال الضارة، وقالت جمعية "بيت" Beat الخيرية المعنية باضطرابات الأكل إن فقدان كيم السريع للوزن يمكن أن يكون "جذاباً للغاية لأولئك الذين يعانون من اضطرابات الأكل الذين قد يعتبرون تصرفها مصدر إلهام للقيام بسلوكيات مضطربة خطيرة". رداً على ذلك قالت كيم إن الانتقادات كانت غير منصفة، وإن نظامها الغذائي لا يختلف عن خسارة الممثلين لأوزانهم من أجل أداء دور في فيلم سينمائي. كانت على ما يبدو تتغافل عن معايير الجمال غير الواقعية التي يفرضها المجتمع على النساء.

يؤمن الخبراء بأن فكرة "انفصال آل كارداشيان عن الواقع"، إلى جانب الكم الذي نراه من حياتهم من خلال برامج تلفزيون الواقع التي يشاركون فيها هي عامل رئيس في جاذبيتهم واستعداد الجمهور لغض الطرف عن هفواتهم. في المقطع الترويجي للموسم الجديد من مسلسلهم "آل كارداشيان"The Kardashians ، نرى كيم وهي تقول إنها "شعرت بالرعب" من رد الفعل العنيف على مقابلتها مع مجلة فارايتي، لكن إلى أن يحين وقت بث المسلسل سيكون قد مر على المقابلة أكثر من ستة أشهر، وستكون مجرد قصة أخرى لتسلية المشاهدين. تقول عالمة النفس الدكتورة ساندرا ويتلي "لا يقتصر الأمر على أنهم يبدون وكأنهم ينتمون إلى عالم آخر مقارنة بنا، بالتالي يخضعون لقواعد مختلفة... لكن عائلة كارداشيان بالنسبة لعديد من معجبيها توفر شكلاً من أشكال الهروب من الواقع. هذا جزء من الطبيعة البشرية. نود أن نؤخذ بعيداً من حياتنا المملة كي نستمتع بمشاهدة تصرفاتهم الغريبة".

أشاد المعجبون بـ "آلة العلاقات العامة" التي لا تشوبها شائبة للعائلة المتمثلة في تكتيكات تشتيت الانتباه المثيرة للإعجاب التي تتبعها كريس. في الشهر الماضي انتشر خبر انفصال كيم عن الممثل الكوميدي ونجم برنامج "ساترداي نايت لايف" Saturday Night Live بيت ديفيدسون في غضون ساعات من إعلان خبر ولادة الطفل الثاني لـ كلوي كارداشيان وتريستان تومبسون. لاحظ أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التوقيت "المتوافق"، مضيفاً "يعمل الشيطان بجد لكن كريس جينر تبذل جهداً أكبر".

بالطبع كل واحد من هذه التكتيكات مدعوم بحقيقة أن الجدل عنصر أساسي لنجاح آل كارداشيان. إنهم ليسوا على خلاف مع منتقديهم، فالرأي العام هو العامل الذي يمكنهم من الازدهار. إنه شعور ردده خبراء العلاقات العامة مثل صوفي أتوود التي قالت لي، "تؤدي الدراما المستمرة حول الحمل والعلاقات العاطفية والشجارات إلى زيادة الاهتمام فقط... بغض النظر عما يقوله أو يفعله آل كارداشيان سيستمر الجمهور في الاستماع والمشاهدة والشراء. في النهاية تحافظ العائلة على تقدم ركبها إلى الأمام بخطى سريعة، وسيشارك الجميع في الرحلة وإن كان بعضهم يتذمر قليلاً".

نشر في اندبندنت بتاريخ 14 سبتمبر 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات