سيثُير مشهد روبرت ليفاندوفسكي بقميص برشلونة غضب البعض من أعضاء الفريق التنفيذي لبايرن ميونيخ، ولكن ليس لأنه أراد مغادرة استاد أليانز أرينا، حيث قَبِل بطل ألمانيا بسعادة رغبة المهاجم في خوض تحدٍ جديد، لكن بسبب الطريقة التي أدار بها برشلونة أعمال تعاقداته هذا الصيف. وكان هذا أحد أسباب طول أمد صفقة الانتقال، حيث أراد بايرن ميونيخ الحصول على 50 مليون يورو مقدماً وهو ما تم بالفعل، إذ رأى نادي البوندسليغا أن طريقته في إتمام الصفقات أفضل للأجواء العامة للعبة، بينما يرى أن برشلونة كان مسؤولاً عن نهج يولد الفوضى ويضخم السوق بأكملها.
ولا يزال للصفقة تأثير قصير المدى حيث دخل برشلونة مباريات المجموعة في دوري أبطال أوروبا بشكل غير عادي بعد فوزه بخمسة انتصارات متتالية، ويبدو أن الفريق قد تألق تحت قيادة المدير الفني تشابي هيرنانديز، وفي هذه الأثناء يُحقق بايرن ميونيخ أسوأ بداية لموسم محلي منذ 11 عاماً، بعد ثلاثة تعادلات متتالية.
وهذا تحول كبير عن التاريخ قصير المدى لهذه المباراة، وعدد المرات التي أذل فيها بايرن ميونيخ نظيره الكتالوني، حيث عمل على إظهار مدى ابتعاد برشلونة عن القمة، لكن النادي الإسباني الآن يعتبر نفسه هناك مرة أخرى، بعد صيف واحد من الصفقات الفاخرة، بينما بايرن ميونيخ يبحث عن استعادة نفسه.
جزء من ذلك يرجع إلى محاولة بايرن ميونيخ إعادة ضبط شكله بعد رحيل شخص مهم مثل ليفاندوفسكي، وإثبات أن النتائج السلبية الأخيرة كانت مجرد فوضى فردية كتلك الطريقة التي منح بها ماتيس دي ليخت ركلة جزاء للمنافس في مباراة التعادل 2-2 مع شتوتغارت، يوم السبت.
ولكن بالنسبة لبعض الشخصيات المعنية، فإن الأمر يتعلق أكثر بمردود الأزمات التي أصابت الجزء العلوي من النادي، وباتت تحتاج إلى التصفية.
وبينما من السابق لأوانه القول إن بايرن لن يفوز باللقب الأوروبي هذا العام، أو أنهم يعانون من النوع ذاته من الرضا عن النفس الذي تعرض له يوفنتوس بعد فترة طويلة في القمة، فإن الأبطال الألمان المهيمنين يمرون بالنوع ذاته من التغيير الذي يمكن أن يزعزع استقرار حتى أقوى الهياكل، ويمكن أن يكون هذا مثالاً هائلاً على كيف تسقط الإمبراطوريات.
كان كارل هاينز رومينيغه وأولي هونيس يعانيان من الكثير من العيوب، لكن على عكس السير أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد، فقد عرفا بالضبط كيفية إدارة بايرن ميونيخ، لكنهما لم يعرفا ما يجب عليهما فعله بعد ذلك، وهناك الآن أسئلة متزايدة داخل اللعبة حول اختيارهم للبدائل.
ويلعب كل من الرئيس التنفيذي الحالي أوليفر كان والمدير الرياضي حسن صالح حميديتش مثل هذه الأدوار للمرة الأولى في حياتهم المهنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبينما يقول الكثيرون إنه كان قد أثبت في نهاية المطاف أنه قائد بارع، فإن الشخصيات في الأندية الأخرى ليست ودودة تماماً تجاه صالح حميديتش ولا بعض هؤلاء العاملين داخل بايرن ميونيخ، ممن يُنظر إليهم على أنهم أحد الأسباب الرئيسية لرحيل المدير الفني هانز فليك.
مصادر أخرى تذهب أبعد من ذلك، حيث تقول إحدى الشخصيات، "إنه يحاول أن يكون ذا سلطة من دون أن تكون له السلطة، لقد تسبب للمرة الأولى في تاريخ بايرن الحديث في كسر الفواصل بين إدارة النادي العليا والفريق التنفيذي، وبات النادي عبارة عن صندوق صغير".
ولم يكن بايرن مستعداً تماماً للانفجار في سوق الانتقالات، وبدا اندهاش برشلونة من حجم غطرسة بايرن حين انتظر لأسابيع للحصول على رد منه على صفقة ليفاندوفسكي.
وكان هناك المزيد من الأسئلة حول تعاملاتهم العامة في السوق، وفي غضون ذلك ظهر الكثير من الفشل المتتابع في اتخاذ قرار بشأن ليفاندوفسكي منذ 2020.
وعلى الرغم من أن البولندي أراد الخروج بعد الفوز بدوري الأبطال، إلا أن بايرن تأخر وفقد الزخم الذي كان ينمو حول إيرلينغ هالاند بينما كان اللاعب يدخل في مفاوضات إيجابية حتى منتصف 2021.
وبينما حصلوا على بديل عالمي هو ساديو ماني، فهو لاعب من نوع مختلف في فريق من نوع مختلف.
وحاول بايرن لفترة وجيزة الذهاب إلى عمليات شراء أكثر تكلفة مثل لوكاس هيرنانديز وبنجامين بافارد وماتيس دي ليخت ودايوت أوباميكانو، لكنهم لم يكونوا قريبين من تحقيق نجاحات كالتي ظهرت مع الصفقات الأكثر ذكاءً مثل ألفونسو ديفيس وجمال موسيالا.
وأثار انضمام أوباميكانو ودي ليخت أسئلة أكثر من الإجابات في مركز الدفاع، حيث عانى الفرنسي من الضغوط ويعاني الهولندي دي ليخت الآن من اختلاف أسلوب اللعب.
وعلى الرغم من أن مدرب الفريق جوليان ناغلسمان يُنظر إليه عموماً على أنه عبقري تكتيكي، إلا أن هناك اعتقاداً متزايداً بأنه خليفة بيب غوارديولا لا يُساعد الفريق، وبينما تم انتقاد المدرب الكتالوني باستمرار لاتخاذه قرارات تكتيكية غير متوقعة من أجل التباهي بدلاً من ما كان بالضرورة الأفضل للفريق، فهذا لم يكن صحيحاً بشكل عام، وقد قام غوارديولا في الغالب بهذه التحركات وسط حالة من البراغماتية والحذر، لكن هذه الانتقادات قد تكون أكثر دقة ومناسبة لناغلسمان، الذي ينبهر اللاعبون بما يُمكن أن يبتكره، وفي الوقت نفسه يلاحظون نقصاً في سلطاته.
ولطالما كان بايرن مؤسسة كبيرة في ألمانيا، لكن الآن مدفوعاً إلى حد كبير بسلسلة من الشخصيات التي تفتقر إلى تلك الخبرة طويلة المدى، وهو ما لا يساعد في وضعهم التقليدي في سوق الانتقالات.
ولم يعودوا يشترون فقط أفضل اللاعبين في ألمانيا من أجل تقوية أنفسهم وإضعاف منافسيهم، حيث باتت الأندية الأخرى تبيع إلى إنجلترا بأسعار أفضل، وهو ما أجبر البايرن على إجراء تغييرات مؤسسية أخرى وتعيين أفضل المتخصصين في اكتشاف المواهب والتعاقدات من الأندية الأخرى.
ولا ينبغي إغفال أن قطاعات تكوين الشباب في بايرن كانت استثنائية، وحتى أولئك الذين لا يصلون إلى الفريق الأول يتم بيعهم عموماً مقابل بين 15 و25 مليون يورو، مما يخلق دورة مالية بطريقة أخرى.
الآن يمكن لبايرن أن يخرج ويعبر عن نفسه من دون ضغط أكبر على المدى المتوسط، وهذه ليست هي الحال تماماً بالنسبة لبرشلونة المُطالب بالظهور بمظهر جيد في دوري أبطال أوروبا خلال هذا الموسم. وهذا هو بالضبط خطر استراتيجية الرئيس خوان لابورتا عالية المخاطر، التي تضع رهاناً على نجاح فريق برشلونة بشكل ساحر والذهاب بعيداً في دوري أبطال أوروبا.
وهذا هو نوع الخطط التي يُمكن أن تُدمر عن طريق قُرعة واحدة سيئة الحظ، وهو إلى حد كبير ما حصل عليه برشلونة بوقوعه في المجموعة الوحيدة التي تضم ثلاثة عمالقة بما في ذلك إنتر ميلان الإيطالي.
الآن يعاني كلا الطرفين من مشكلات مختلفة على المدى القصير والمتوسط والطويل، وبينما يرى برشلونة ليفاندوفسكي في قمة النظام الذي نجح في تكوينه حتى الآن، قد يتسبب ذلك في إثارة غضب بايرن بطريقة أخرى.
وقال تشابي عن لقاء برشلونة الأخير مع بايرن ميونيخ، "لقد تغيرت أشياء كثيرة، أهمها خاص بالعقلية، لقد تحسن فريقنا بالتعاقدات، والانتصارات هذا الموسم تمنحنا الثقة، نحن متحمسون ويمكننا الفوز بهذه المباراة وتغيير التاريخ"، أو على الأقل في المدى القصير.
© The Independent