Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تظاهرات الخرطوم تتجدد في ذكرى "هبة سبتمبر"

لجان المقاومة تحشد أنصارها وتعزيزات وسط العاصمة السودانية

تشهد العاصمة الخرطوم، الثلاثاء الـ13 من سبتمبر (أيلول) الحالي، انطلاق تظاهرات حاشدة دعت إليها تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم تحت شعار "هبة سبتمبر" ستكون وجهتها القصر الجمهوري وذلك تكريماً لذكرى انتفاضة سبتمبر 2013 التي اندلعت ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير احتجاجاً على إيقاف دعم الوقود، لكنها قوبلت بعنف مفرط أدى إلى مقتل 200 متظاهر في مختلف أنحاء البلاد. وتطالب هذه التظاهرات المتواصلة منذ أكثر من 10 أشهر بحكم مدني كامل وإبعاد المؤسسة العسكرية السودانية من المشهد السياسي بعد أن قام قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بتعطيل الشراكة مع المدنيين مما اعتبرته غالبية القوى السياسية المحلية والدولية انقلاباً عسكرياً، بينما وصفه الجيش بالحركة التصحيحية، بيد أن الأجهزة الأمنية واجهت هذه الاحتجاجات باستخدام القوة بما في ذلك القوة المميتة مما أدى إلى سقوط 117 قتيلاً ومئات الجرحى منذ اندلاعها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول). وينتظر أن تشهد منطقة وسط مدينة الخرطوم التي يقع فيها القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش وعدد من المنشآت الاستراتيجية تعزيزات عسكرية كبيرة بانتشار كثيف للقوات الأمنية فضلاً عن إغلاق بعض الجسور التي تربط الخرطوم بمدينتي أم درمان والخرطوم بحري لمنع تدفق المتظاهرين صوب العاصمة.

دعوات إلى المشاركة

وكانت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم قد دعت جموع المواطنين في العاصمة إلى الخروج والمشاركة في مليونية "هبة سبتمبر" المتجهة صوب القصر الرئاسي ضمن سلسلة الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري. وقال المكتب الميداني لهذه التنسيقيات في بيان إن "هبة سبتمبر تأتي تخليداً لذكراها المجيدة وتجديداً لعهودنا مع الشهداء الأكارم، وقد استبسل فيها الثوار جميعهم وأظهروا أقوى ملامح النضال في ملحمة دامية سلط فيها مرتزقة الديكتاتور الحاكم فوهة بنادقهم نحو الثوار وسقط على أثرها قرابة مئة شهيد في الخرطوم وأكثر من مئة شهيد في بقية ولايات السودان". وتابع البيان أن "هبة سبتمبر كانت النواة التي استمرت بالنمو والنضج إلى أن ظهرت فروعها في 2016 بانتفاضة ثانية وظهرت ثمارها في بداية 2018 إلى أن قطفت الثمار في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه كأقوى انتفاضة ثورية شعبية ضد الديكتاتور الانقلابي عمر البشير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف البيان "لا نعرف لنا عدواً سوى السلطات الانقلابية ومؤسساتها، ومثلما كانت هذه المؤسسات سبباً في سقوط شهداء هبة سبتمبر ظلت تسلك النهج نفسه وتمارس أبشع الجرائم ضد الثوار عبر تاريخ كل الثورات اللاحقة لهبة سبتمبر المجيدة فنحن سابقاً قلناها لن نتوانى أو نتراجع عن شعارنا الذي ينص على أنه (لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية) مع السلطات الانقلابية ومن ناصرهم من انتهازيين".

تباين حول التظاهرات

وقال الكاتب السوداني الجميل الفاضل إن "المواكب السلمية حققت نجاحاً بنسبة مئة في المئة من ناحية تحجيم انقلاب 25 أكتوبر ومحاصرته في المربع الأول فلم يتمكن قائد الجيش من الاستمرار في ما سماه إجراءات تصحيحيه، إذ عجز عن تشكيل حكومة تنفيذية وبرلمان وغيرهما من أجهزة الدولة وكل ما وعد به قرابة 11 أشهراً، فلولا المقاومة السلمية لكان الانقلاب مدد أقدامه في السلطة، فلا أعتقد أن هناك نجاحاً أكثر من ذلك، وإن كانت هناك حاجة إلى تطوير وسائل هذه المقاومة السلمية بشكل أفضل مما هي عليه الآن".

ورأى المتخصص في التخطيط الاستراتيجي السوداني محمد حسب الرسول أنه "على الرغم من تعدد لجان المقاومة وتنوع مشاربها السياسية، فإن أي عمل سلمي لا تفرض فيه جهة على الشعب رأيها فهو عمل يكتسب طابعاً ديمقراطياً، وإن تظاهر البعض من دون الأضرار بمصالح الآخرين هو تظاهر يتسم بالمشروعية لكنه يفقد هذه المشروعية وأيضاً الصفة الديمقراطية حين يعبر عن ديكتاتورية الأقليات التي تعد واحدة من أبشع صور الديكتاتورية، بالتالي لا أتوقع لمثل هذه التظاهرات أثراً كونها استنفدت أغراضها وخلقت فجوة بينها وبين الشارع الذي لم يعد متحمساً لها بل أصبح رافضاً لها لأنها تعبر عن تقديرات حزبية، والشعب عزف عن الأحزاب يسارها ويمينها، فضلاً عن تعطيل هذه التظاهرات حياة الناس وتأثيرها السلبي على كسب معاشهم اليومي والإضرار بمصالحهم".

مآلات الوضع

ويمر المشهد السوداني بحالة من التعقيد بسبب تباعد المواقف وانعدام الثقة بين الأطراف المختلفة مدنية أم عسكرية، مما جعل الأزمة السياسية في البلاد تراوح مكانها من دون إيجاد حل منذ انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر الذي بموجبه ألغى الشراكة القائمة مع المدنيين في الحكم وفق الوثيقة الدستورية الموقعة بين الجانبين في 17 أغسطس (آب) 2019 لتندلع التظاهرات حتى اللحظة، والتي قابلتها السلطات الأمنية بعنف مفرط راح ضحيتها عشرات القتلى وآلاف الجرحى.

وحذر رئيس بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرتس في تقرير قدمه أخيراً للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مآلات هذا الوضع الخطر في السودان قائلاً "فرص الانتقال في السودان تواجه خطر التلاشي في ظل غياب الحل السياسي قرابة 11 شهراً، إذ فشلت كل المحاولات في التوصل إلى توافق بين القوى السياسية والجيش".

وكان البرهان قد أعلن في الرابع من يوليو (تموز) عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني في مسعى لحل الأزمة السياسية في البلاد وإفساح المجال لتشكيل حكومة مدنية. من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال متطلبات الفترة الانتقالية، بيد أن لجان المقاومة أعلنت رفضها قرارات قائد الجيش واعتبرتها محاولة لإعادة التموضع والسيطرة على السلطة من خلال مقترحه بتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة يضم كل الأجهزة الأمنية فيما عدها تحالف المعارضة، قوى "الحرية والتغيير"، مراوغة وتكتيكات يسعى من خلالها الجيش إلى إحكام قبضته على السلطة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي