Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"منصة إلكترونية" لتقفي أثر المتهربين من النفقة الزوجية في المغرب

قال مراقبون إن مدونة الأسرة تعد كينونة قانونية تنظم شؤون العائلة لكن ينقصها التطبيق الفعلي

وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي (موقع أخبار الفجر المغربية)

سيكون على الرجال المتهربين من أداء النفقة الزوجية في المغرب الحذر كثيراً، أو الانصياع للقانون وسداد ما في ذمتهم من نفقة مالية، خصوصاً بعد اعتزام وزارة العدل إحداث منصة خاصة بضبط هؤلاء المتملصين من النفقة.

أعلن وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي أخيراً أنه خلال شهر سيتم إطلاق منصة إلكترونية ضخمة بهدف تحديد هوية الرجال المتهربين من النفقة، من خلال تحديد أسمائهم ومتى تزوجوا ومتى حصل الطلاق، وأيضاً تحديد ما إذا كانوا يسددون النفقة أم لا.

وعزا المسؤول الحكومي ذاته إحداث هذه المنصة الإلكترونية إلى دعم حقوق المرأة في هذا الصدد، والتي تتعرض أحياناً كثيرة للتلاعب من طرف الرجل بشأن التملص من أداء النفقة بمبررات ودواع كثيرة، مبرزاً أنه في السياق نفسه سيتم إحداث محاكم للأسرة بجميع مناطق البلاد.

فصول قانونية زجرية

يتناول القانون الجنائي المغربي موضوع التهرب من النفقة في سياق "إهمال الأسرة" في فصول عدة مترادفة، فالفصل 479 مثلاً ينص على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة مالية "الأب أو الأم إذا ما ترك أحدهما بيت الأسرة من دون موجب قاهر لمدة تزيد على شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة، ولا ينقطع أجل الشهرين إلا بالرجوع إلى بيت الأسرة رجوعاً ينم عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية".

وأما الفصل 480 من القانون الجنائي المغربي فينص على عقوبة إهمال الأسرة لمن صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفع نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمداً عن دفعها في موعدها المحدد، وفي حالة العود يكون الحكم بعقوبة الحبس حتمياً، والنفقة التي يحددها القاضي تكون واجبة الأداء في محل المستحق لها ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك".

وفي الفصل 481 من ذات الترسانة القانونية، "لا يجوز رفع الدعاوى إلا بناءً على شكوى من الشخص المهمل أو المستحق للنفقة أو نائبه الشرعي مع الإدلاء بالسند الذي يعتمد عليه، كما يجب أن يسبق المتابعة إعذار المخل بالواجب أو المدين بالنفقة، ويتم هذا الإعذار في شكل استجواب يقوم به أحد ضباط الشرطة القضائية، وذلك بناءً على طلب من النيابة العمومية".

شكاوى النساء

على الرغم من هذه الترسانة القانونية، التي تحاول إحاطة موضوع النفقة الزوجية بعقوبات زجرية بهدف محاربة ظاهرة المتهربين من أدائها لمستحقيها، فإن العديد من حالات التهرب ما زالت تموج داخل الأسر المغربية.

غزلان، سيدة في عقدها الثالث وأم لطفلة صغيرة، قالت لـ"اندبندنت عربية"، إن طليقها لم يسدد بعد النفقة الواجبة في حقه لها ولطفلته، مضيفة أنه كل مرة يتحجج بظروف أو أسباب يسميها قاهرة من دون مراعاة ظروف أسرته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت غزلان أن طليقها يتذرع مرة بتداعيات كورونا وما سببته من فقدان مناصب الشغل، ومرة يتحجج بظروف شخصية وقصص من خياله، فقط للتملص من أداء النفقة"، وأشارت إلى أنه لم يهتم حتى بما يكلفه العام الدراسي الجديد من مصاريف مالية، ما دفعها إلى البحث عن العمل منظفة لإعالة نفسها وطفلتها.

سيدة أخرى قالت في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إن طليقها يتملص من أداء النفقة، على الرغم من كل هذه القوانين وإقرار "مدونة الأسرة"، وبأنه يتحداها دائماً بطلبه منها بأن تجره إلى المحاكم، لافتة إلى أنه يردد دائماً بأن "طريق المحاكم طويل ولن تنال منه فلساً واحداً".

وأشارت إلى أنها تعرف العديد من النساء اللائي يتربصن بأزواجهن السابقين ويقتفين أثرهم في مدن أخرى، من أجل ضبطهم وإجبارهم على سداد النفقة، إما باستدرار العطف، أو بالقوة والشنآن، أو بالاحتكام إلى وسطاء من الأسرة.

ووفق المتحدثة، فإن المنصة الإلكترونية التي تعتزم وزارة العدل إحداثها من أجل محاربة ظاهرة تهرب الرجال من النفقة شيء إيجابي في عمومه، لكن ما ينقص في أحكام وقوانين الأسرة هو التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع"، وفق تعبيرها.

إيجابيات وسلبيات

الدكتور أحمد الحمامي، المحامي في هيئة الدار البيضاء وعضو المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، يرى أن مدونة الأسرة تعد كينونة قانونية تنظم شؤون الأسرة من زواج وطلاق وإرث وغير ذلك، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2004، لكن المشرع نفسه والممارسين أدركوا أنه على المستوى العملي والتطبيقي توجد نواقص.

وبخصوص تقييم مدى جدوى إحداث منصة إلكترونية للحد من تهرب الرجال من أداء النفقة، قال الحمامي في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" إن إيجابياتها تتلخص في تسريع المساطر والإجراءات المتعلقة بأداء واجبات النفقة الزوجية، والتغلب على تعقيد التدابير والعمل على تبسيطها.

ولفت الحمامي إلى أن الدولة إذا أرادت نجاح هذه المنصة الإلكترونية تحتاج إلى أمرين، الأول إلكتروني وظيفي، بمعنى الحاجة إلى ميزانية مالية ضخمة، كما تحتاج إلى تنسيق بين القطاعات المعنية، من مؤسسة أمنية ووزارة العدل ومديرية الأرشيف وغيرها.

وأما الأمر الثاني فهو قانوني محض، حيث يشرح المتحدث بأن المنصة تستوجب خلق ضمانات قانونية، باعتبار أن الحديث عن المتهربين من النفقة هو حديث عن جريمة "إهمال الأسرة" التي وردت تحديداً في الفصلين 479 و480 من القانون الجنائي.

واسترسل الخبير القانوني بأن تنزيل هذا المشروع يستوجب شروطاً وأركاناً وقواعد آمرة يجب أن تحترم، من بينها أن المشرع ألزم بإعذار الشخص المتهرب من النفقة والتنفيذ عليه من خلال مأمور التنفيذ أو المفوض القضائي، ومنحه أجلاً لمدة شهر.

ويشرح المتحدث ذاته بأن "الشخص المتابع بجريمة الإهمال الأسري يتعين إعذاره من طرف الضابطة القضائية، حيث تخول له مدة زمنية قدرها شهر من أجل أداء النفقة تحت طائلة الاعتقال".

وتابع بأن أحد سلبيات أو إشكاليات إحداث المنصة أنه كيف يمكن إحداثها ولم يتم إعذار هذا الرجل المتهرب من النفقة، إلا في حالة واحدة عندما يكون في حالة فرار أو مذكرة بحث، إذ في مثل هذه الحالة تنفع المنصة الإلكترونية.

المزيد من متابعات