يبدأ العام الدراسي في الجزائر في 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، إذ تنشغل الأسر حالياً بالبحث عن حلول لتغطية تكاليف الدراسة التي تشمل دفع أقساط المدارس، وشراء ملابس جديدة للأبناء، إضافة إلى الكتب والمستلزمات الدراسية التي لم تسلم كلها بسبب حمى ارتفاع الأسعار.
تقول السيدة حكيمة علي وهي أم لطفلين لـ"اندبندنت عربية"، إنها اشترت المستلزمات الدراسية الخاصة بابنها الأكبر الذي يدرس في السنة الثالثة الإعدادية قبل نحو شهرين، بعد أن راجت أخبار عن احتمالية ارتفاع الأسعار بشكل جنوني مع اقتراب دخول المدارس وهو ما حصل بالفعل".
وتضيف "أما ابني الذي يستعد للدخول للمرة الأولى إلى طور التحضيري فلم أشتر له بعد، لأن الأسعار جد مرتفعة، إذ وصل سعر المئزر إلى خمسة دولارات، ويبرر التجار ذلك بنوعيته الجيدة، أما المحفظة (الشنطة) فقد بلغ سعرها 13 دولاراً، والله يكون مع العائلات التي لديها أربع وخمس أبناء، فعلاً الوضع ليس سهلاً".
التعليم بالاستدانة
ويقول أولياء إنهم اضطروا إلى الاستدانة لتغطية كلفة التعليم، إذ تحول دخول المدارس إلى "معضلة" بحسب وصفهم.
ويتراوح متوسط دخل الأسر الجزائرية بين 30 و40 ألف دينار (300 دولار) شهرياً، بحسب تحقيق أجراه "الديوان الجزائري للإحصاء" (حكومي).
وترجع "الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين" غلاء الأدوات المدرسية إلى ضعف الإنتاج المحلي، إضافة إلى تراجع عمليات الاستيراد بسب جائحة كورونا التي أوقفت النشاطات التجارية العالمية لأكثر من ثلاث سنوات، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار المواد الأولية وعلى رأسها الورق.
وفي الغالب تستورد الجزائر الأدوات المدرسية من الصين، وهو ما جعل أسعار المستلزمات المدرسية تلتهب كما يشير رئيس الجمعية طاهر بولنوار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على سبيل المثال، وصلت أسعار المحافظ (الشنط) إلى 65 دولاراً وأكثر بحسب الجودة والبلد المستوردة منه، وقدرت أسعار المآزر بين 700 و1300 دينار (أربعة وثماني دولارات).
وتزاحم طاولات بيع الأدوات المدرسية بالأسواق الشعبية المكتبات مع بحث الأولياء عن أرخص الأسعار، خصوصاً أولئك الذين لديهم أكثر من تلميذ، وبحسب إحصاءات جمعيات حماية المستهلك تكلف مستلزمات تلميذ واحد أكثر من 10 آلاف دينار جزائري (قرابة 100 دولار).
ودعت المنظمة إلى تدارك الوضع وحماية القدرة الشرائية للمواطنين وضرورة رفع منحة التمدرس بما يتماشى مع ارتفاع المستلزمات المدرسية، وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك.
مبادرة غير مسبوقة
وكانت الحكومة الجزائرية اتخذت مبادرة بفتح ما يُعرَف بـ"أسواق الرحمة" لبيع المستلزمات المدرسية والملابس بأسعار مخفضة عبر 58 ولاية لمساعدة العائلات والأسر محدودة الدخل على اقتناء الأدوات المدرسية بأسعار معقولة في ظل ارتفاع أسعارها بالمحال التجارية، وتستمر هذه الأسواق في نشاطها طيلة شهر سبتمبر لتمكين أولياء التلاميذ من اقتنائها قبيل بدء العام الدراسي.
كما قررت بلديات في الجزائر التكفل بتمويل عملية شراء الأدوات المدرسية والمحافظ لكامل تلاميذ المرحلة الابتدائية، فعلى سبيل المثال قالت بلدية المنيعة (جنوب الجزائر) إن مبادرة التكفل بالحقيبة المدرسية بكامل مستلزماتها لمجموع التلاميذ في الصف الابتدائي في البلدية تشمل أكثر من سبعة آلاف تلميذ موجودين في 21 مدرسة للتخفيف من أعباء تكاليف دخول المدارس عن الأولياء.
إلى ذلك، أعلنت وزارة التربية الجزائرية استفادة أكثر من أربعة ملايين تلميذ من الكتاب المدرسي مجاناً من أبناء العائلات الفقيرة والمعوزة، في حين بدأت عملية طبع وتوزيع كتاب اللغة الإنجليزية للصف الثالث في الطور الابتدائي، وهو قرار اعتمدته الجزائر للمرة الأولى في تاريخها بإدخال الإنجليزية إلى التعليم الابتدائي.
في المقابل، لا يزال نقابيون وتربويون يدعون إلى رفع قيمة منحة التمدرس إلى 10 آلاف دينار، تُصرف للعمال والعائلات محدودة الدخل، لأن منحة الخمسة آلاف دينار ليست كافية في اعتقادهم في ظل ارتفاع الأسعار، مع العلم أن مجانية التعليم في الجزائر تعد حقاً دستورياً إلى غاية سن الـ16 سنة، وهو من مكتسبات الدولة الجزائرية منذ الاستقلال سواء للأغنياء أو الفقراء.