بشكل متقطّع، تهدأ رشقات الأسلحة الثقيلة بين الحملة العسكرية لدمشق نحو إدلب، ونقاط المراقبة التركية، من السقوط على جبهتين متناظرتين تزيد على احتمالات استعار مواجهة مباشرة، وتصعيد عسكري هو الأخطر بين البلدين منذ بداية الأحداث السورية.
وشكّلت الاشتباكات الأخيرة بين القوتين العسكريتين في الشمال السوري مصدر قلق حول تداعيات تطوراته، وبلغ ذروته يوم الجمعة 28 يونيو (حزيران) بعد استهداف الحملة لنقطة المراقبة العاشرة، ما أسفر عن مصرع جندي تركي وإصابة ثلاثة آخرين.
الهجوم والرد
وفي تطورٍ خطيرٍ عدّته مصادر سياسية مطلعة بالشأن التركي، بدا واضحاً أن الحملة العسكرية لإعادة بسط سيطرة دمشق على إدلب، اقتربت من نقاط مراقبة تركية، وأصبحت هذه النقاط على مرمى سلاح مشاة السلطة السورية ومدفعيتها الثقيلة، وباتت تصل نيرانها بدقة باتجاه أهداف تركية أو حليفة لها كانت على الدوام أهدافاً معادية بعيدة المنال قبل سنوات.
وتشي المصادر المراقبة للتطورات الأخيرة عن احتمالات عدة من الوارد أنها حدثت بعدما شهد الشهر الحالي تكراراً لحوادث مماثلة في 15 يونيو، أطلقت خلالها الحملة العسكرية قذائف من "تل بازان"، استهدفت النقطة التركية التاسعة الموجودة في مورك، بريف حماة من بين 12 نقطة مراقبة للجيش التركي على امتداد منطقة خفض التصعيد، وردت المدفعية التركية من دون وقوع إصابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هدف تركي
وتابع المصدر أنه من المتوقع أن يكون ما جرى استهدافاً مباشراً لهدف تركي مثّل على الدوام نقطة داعمة للمجموعات المسلحة، خصوصاً لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً.
وبرز الاحتمال الثاني والمتمثل بعملية استهداف مباشرة لهدف غير واضح مع اختلاط وتداخل الميدان العسكري على الجبهة المقابلة للسلطة السورية، وتشابك الإحداثيات معه، وهو أمر مستبعد لا سيما في ظل اشتراك خبراء روس يملكون المعلومات، وإمكانية تصحيحها مع تجنبهم الدخول في اشتباك ناري مع أنقرة، علماً أن العاصمة التركية لم تُفصح بعد عن الجنود المستهدفين ضمن واقع نقطة المراقبة إن كانوا ثابتين في مواقعهم أم كانوا أهدافاً متحركة.
روسيا والتوتر
في غضون ذلك، دعت موسكو إلى ضبط النفس وسط توتر عسكري نشب بين البلدين الجارين المتحاربين تتصاعد حدته، خصوصاً أن موسكو تراهن على مفاوضات جديدة وتسعى جاهدة إلى تحريك المسار السياسي والدبلوماسي كإحدى الدول الضامنة لاتفاق أستانا وصانعة سوتشي، كما تسير في الحل العسكري إلى جانب دمشق، في وقت تسارع إلى تنفيذ مخطط أمني يتمثل بالتخلص من المجموعات المسلحة في إدلب والإطباق عليها.
ورأى مراقبون أن القادة الروس، خصوصاً ضباط القاعدة الروسية في "حميميم" الواقعة في ريف اللاذقية، غرب سوريا، يسعون إلى تأمين محيط القاعدة بعد الهجمات التي تتلقاها القاعدة، إضافة إلى تسللٍ ينفذه مقاتلون متشددون وقصفهم للموقع الروسي بالصواريخ أو حتى بوسائط نارية عبر طائرات "درون" المسيرة عن بعد.
وسيط دولي
وبدت موسكو وسيطاً دولياً يملك بيده إزالة فتيل مواجهة مباشرة بين دمشق والجيش التركي، ما دفع رئاسة أركان الجيش التركي إلى استدعاء الملحق العسكري الروسي في أنقرة وأبلغته برد قاس على مصادر إطلاق النيران.
وكانت مصادر إعلامية تركية أعلنت إرسال الجيش التركي مصفحات وناقلات جند وأسلحة ثقيلة إلى نقطة المراقبة المستهدفة، وتزامن ذلك مع تبادل أنباء عن حشود تركية اتجهت إلى مدينة منبج، الأمر الذي نفته مصادر كردية وأكدت أن لا صحة لهذه الأنباء وإن ما يجري هو تبديل الجنود في القواعد التركية المحيطة بمنطقة الساجور.
الاتصالات مع الأتراك
وشكل الاستهداف الأخير للنقطة العاشرة، الخامس من نوعه من جانب الحملة العسكرية منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي، مثار جدل وتساؤلات، لا سيما أنها تزامنت مع انعقاد قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية. ولم يترك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحداث الأخيرة تمر من دون أن يعلّق، موضحاً أن الوضع في سوريا تحت السيطرة، ومعلناً معرفته بجميع التطورات. وقال "اتصالاتنا مع الأصدقاء الأتراك يومية ومكثفة أكثر من مثيلاتها مع الولايات المتحدة".
وساندت روسيا الحملة العسكرية لتحرير إدلب قبل شهرين ودارت معارك شرسة تكبدت فيها أطراف النزاع خسائر فادحة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.