Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب بين طموحات الحكومة ورهانات المعارضة

تبرز تحديات أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار والجفاف فضلاً عن المطالب الفئوية

عزيز أخنوش يتوسط وزراء في الحكومة المغربية  (صفحة رئاسة الحكومة على فيسبوك)

تنتظر الحكومة في المغرب عدداً من القضايا والملفات المهمة ذات الأولوية لمناسبة الدخول السياسي الجديد الذي يبدو أنه ينطلق على إيقاعات ساخنة، خصوصاً في قطاعات اجتماعية حيوية مثل التعليم والصحة والنقل وغيرها.

وتراهن الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة على التنفيس من الاحتقان الاجتماعي المتزايد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد بعد إغلاقات جائحة كورونا، ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وما نجم عنها من ارتفاع أسعار المحروقات وغيرها من الأزمات المعقدة.

وفي وقت تعتزم الحكومة المغربية الانكباب على هذه الملفات الاقتصادية والاجتماعية وبلوغ الهدف الرئيس الذي أعلنت عنه مراراً وهو بناء الدولة الاجتماعية، تسعى أحزاب المعارضة إلى إعادة ترتيب أوراقها السياسية وتوحيد صفوفها لتشكيل ضغوط قوية على الحكومة.

طموحات حكومية

يأتي الدخول السياسي الجديد في المغرب الذي عادة ينطلق خلال سبتمبر (أيلول) بعودة الأنشطة واللقاءات والقرارات الحكومية قبل أسابيع قليلة من افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان التي تنعقد خلال الجمعة الثانية من شهر أكتوبر (تشرين الأول) كل عام.

وتعول الحكومة المغربية التي تستعد للاحتفال بأول سنة على تشكيلها يوم السابع من أكتوبر 2021 على الاستمرار في الإجراءات الإصلاحية التي أطلقتها في خضم تحديات لا يستهان بها، لعل أبرزها أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار وتداعيات الجفاف فضلاً عن المطالب الفئوية المتعددة.

وأمام انتظار المواطنين المغاربة تحسين ظروفهم المعيشية والوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، شدد رئيس الحكومة عزيز أخنوش قبل أيام قليلة خلال لقاء لحزبه (التجمع الوطني للأحرار) على أن الحكومة تعمل على التحقيق التدريجي لكل الوعود الانتخابية.

ويفضل أخنوش، وفق ما صرح به أكثر من مرة، الرهان على ما يسميه بالأمازيغية "أغراس أغراس"، أي "الطريق الطريق"، ويقصد به العمل الجاد، منتقداً ما وصفه بالخطابات الشعبوية التي تهتم بالكلام والجدل عوض الفعل والعمل".

وتترقب الأغلبية الحكومية انفراج أسارير السماء لتهطل بالأمطار من أجل تفادي موسم متتابع من الجفاف، باعتبار أن المغرب بلد فلاحي بالدرجة الأولى ويتأثر بشكل سلبي من ضعف التساقطات كما حصل في العام الحالي، وأيضاً من أجل الحد من أزمة شح الماء في البلاد.

وإضافة إلى ملفات الاقتصاد والتعليم والتنمية وغيرها تطمح الحكومة المغربية إلى تحقيق هدفها الأسمى متمثلاً في بناء الدولة الاجتماعية، وهو ما سبق لأخنوش أن وصفه "بالورش الملكي الاستراتيجي الذي يسمو على الزمن الانتخابي والحسابات السياسية اللحظية".

تحديات اقتصادية واجتماعية

في المقابل يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش عبدالرحيم العلام "بما أن الحكومة تقترب من إطفاء شمعتها الأولى فإن أبرز تحدياتها هو البحث عن إجابة جديدة عن لماذا لم يلمس المواطن المغربي أي تأثير إيجابي في حياته الاقتصادية على الأقل؟".

وقال العلام في تصريحات إلى "اندبندنت عربية"، إن قادة الأغلبية الحكومية غالباً ما كانوا يجيبون عن هذا السؤال بكون الحكومة في بداية سنتها الأولى، وإنها وجدت حصيلة سلبية كبيرة"، مضيفاً أن "الحكومة مطالبة بالبحث عن أجوبة أخرى عن تنفيذ وعود أحزابها الانتخابية وتعثر برنامجها الحكومي وغيرهما من الملفات العالقة، مثل مواجهة غلاء الأسعار والاستجابة لمطالب الفئات المهنية، لأن السنة المقبلة قد تكون سنة إضرابات بامتياز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن "الحكومة وعدت بأنها ستحسن ترتيب المغرب في مجال التعليم، وأصبح لزاماً عليها أن تبرز للمواطنين أهم ما تقوم به في هذا المجال، وإلا فإن الواقع يسير نحو اتجاه معاكس لوعود الحكومة، كما أن المغرب تراجع بمستوى نقطة واحدة بخصوص ترتيب التنمية في العالم واحتل المرتبة الـ (123) بينما تغيب جامعاته عن جل التصنيفات العالمية".

ووفق المتحدث يبقى التحدي الأكبر بالنسبة إلى الحكومة هو البحث عن سبل مواجهة ندرة الماء، بخاصة إذا لم تكن السنة مطيرة، إذ إن السدود تشكو تراجعاً كبيراً مما ينذر بأزمة عطش، لا سيما في ظل ضعف الاعتماد على تقنية تحلية مياه البحر وغياب المحطات النووية لتوليد الطاقة.

ويرى العلام أنه "إذا لم تتدارك الحكومة المغربية هذه المشكلة التي تنذر بأخطار جمة فإن البلاد لن تعرف فقط موجة عطش، بل ستتراجع المحاصيل الفلاحية مما يولد مشكلات الهجرة وما يترتب عنها من أزمات اجتماعية وتنموية".

ورجح العلام أن الحكومة "قد تواجه احتجاجات كثيرة ربما تؤدي إلى التأثير على عملها، ومن ثم إرباك الأغلبية التي تستند إليها، لا سيما الضغوط التي قد يواجهها قادة حزب الاستقلال، كما توجد مؤشرات إلى إمكان اندلاع احتجاجات كثيرة فئوية ومهنية مناهضة لسياسات الحكومة".

وتبعاً لأستاذ القانون الدستوري فإنه "في حال ما إذا لم يستطع العمل الحكومي الاستجابة للمطالب أو لم يبحث عن الأجوبة المقنعة، فإن عمر الحكومة قد يكون قصيراً، بخاصة أنه من الصعب الجزم بأن للحكومة حصانة ضد الإقالة عبر دفع رئيسها إلى الاستقالة أو حل البرلمان أو سحب الثقة إذا ما فقد الأغلبية واشتدت الاحتجاجات".

ملفات المعارضة

أما في الشق الذي يتعلق بالمعارضة في الدخول السياسي الجديد، فيرى أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي في جامعة القاضي عياض بمراكش الحبيب استاتي زين الدين أن هناك مؤشرات عدة تفيد بتعثر المعارضة.

وقال زين الدين إن "الواقعية السياسية تعلمنا أن إمكانات التعبئة والتنظيم والترافع والاقتراح واردة وممكنة إذا جعلت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار في ظل السياقات الاستثنائية للبلاد".

وأضاف في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" أنه في السنة الثانية من عمر الحكومة يتعين أن تنتبه المعارضة إلى حساسية التحولات والأوضاع الجارية داخلياً وخارجياً، مع العلم أن دولاً ومنظمات عدة تنظر إلى المغرب من خلال مكونات المعارضة، إذ هي المعيار الأنسب للحكم على جدية الخيار الديمقراطي ونجاعة المؤسسات وفعاليتها".

وشدد المحلل على أن الذي ينتظره المغاربة من الأحزاب المكونة للمعارضة هو العمل الجماعي والمسؤول لتجويد الأداء الحكومي، خصوصاً أربع ملفات بارزة، الأول هو "تحصين الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة أينما كانوا للتصدي لمناورات الأعداء في الداخل والخارج"، والثاني هو "التفكير في أنجع الوسائل المتاحة لدعم القدرة الشرائية في ظل استمرار التضخم وارتفاع الأسعار أمام غياب إجراءات ملموسة وفعالة على المدى المتوسط والبعيد".

وزاد الأستاذ الجامعي، "باستحضار الممكنات الضريبية والجمركية أو ضرورات الانخراط الوطني للقطاع الخاص يمكن للمعارضة الاشتغال على الآليات والوسائل التي اتخذتها دول عدة لتقديم الدعم المباشر للأسر والأفراد، والزيادة في الأجور بدل الحلول الآنية محدودة الأثر".

وتابع زين الدين أن الملف الثالث هو إشراك الجاليات المغربية بالخارج في مسار الديمقراطية والتنمية بمختلف مستوياتها، لأن المغرب يحتاج اليوم لكل أبنائه وكل الكفاءات والخبرات المقيمة في الخارج، سواء بالعمل والاستقرار في المغرب أو عبر مختلف أنواع الشراكة والمساهمات انطلاقاً من بلدان الإقامة".

وخلص إلى أن الملف الرابع الذي ينتظر مكونات المعارضة هو "الحرص على ربط أي إجراء اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي بتوطيد البناء الديمقراطي وتعزيز حقوق الإنسان والحريات"، على حد تعبيره.

المزيد من تقارير