Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بالنسبة إلى الهند وباكستان الملكة "رمز الثبات في مهب التغيير"

يحسب للملكة التي اعتلت العرش بعيد استقلال الهند وباكستان حرصها على إتقان الإشراف على عمليات الانتقال لما بعد الاستعمار في جنوب آسيا

بالنسبة إلى الهند وباكستان الملكة "رمز الثبات في مهب التغيير" (رويترز)

توفيت الملكة إليزابيث الثانية، صاحبة أطول عهدة ملكية في تاريخ بريطانيا عن 96 سنة، وذلك يوم الخميس في بالمورال في اسكتلندا، وقد تربعت على العرش طيلة سبعين عاماً.

وبينما نعاها الملايين وأشاد بها كثير من قادة العالم كانت ردود الفعل متباينة على خبر وفاتها في مناطق المستعمرات البريطانية السابقة مثل الهند وباكستان في جنوب آسيا.

باعتلائها سدة العرش عام 1953 أصبحت إليزابيث الثانية ملكة على أكثر من اثنتي عشرة دولة، وقد شهد عهدها الذي امتد لسبعة عقود فترة من التحولات المهمة ليس فقط في بريطانيا ولكن في جميع أنحاء الكومنولث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فقبل بضع سنوات فقط من تتويج الملكة نالت الهند، المعروفة باسم جوهرة تاج الإمبراطورية البريطانية، استقلالها عام 1947 بعد أكثر من قرنين من الحكم الاستعماري.

وقد تركت نهاية الاستعمار البريطاني وراءها بلداً منقسماً، إذ كانت باكستان البلد الجديد قد ولدت، مما فتح الباب أمام أكبر عملية تهجير قسري في العالم، قتل خلالها أكثر من مليون شخص وشرد نحو 15 مليوناً آخرين.

وفي معرض قراءتهم علاقة بلادهم بالملكية في أعقاب وفاة الملكة، قال المعلقون لصحيفة "اندبندنت" البريطانية إنه في حين أن التاريخ الحديث للهند وباكستان المستقلتين يرتبط ارتباطاً جوهرياً بماضيهما الاستعماري فإن الملكة تمثل من نواح كثيرة تحولاً في العلاقات الجيوسياسية لهذه البلدان، وذلك مع تراجع بريطانيا عن الهيمنة العالمية.

وقالت المؤرخة البارزة والرئيسة السابقة لمركز الدراسات التاريخية في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي مريدولا موخيرجي إن الملكة استقبلت بحرارة في الهند منذ العقد الأول من الاستقلال. وقد ساعد على ذلك أن أصعب جوانب انتقال السلطة كان قد أنجز بالفعل بحلول عام 1953.

وأوضحت موخيرجي أن "الهند كانت قد انضمت بالفعل إلى الكومنولث وأنه كان قد جرى البت بطريقة الانضمام مسبقاً".

وحظيت الملكة بترحيب كبير من رئيس الوزراء الهندي الأول جواهر لال نهرو الذي سار على نهج المهاتما غاندي الأساسي المتمثل في عدم التشبث بالكراهية.

وأضافت قائلة "كنا مهتمين بإطاحة النظام الإمبراطوري البريطاني فقط ولم يكن لدينا أي كراهية تجاه الشعب البريطاني. وهكذا كان ينظر إلى الملكة في الهند".

وقالت موخيرجي إن الهند لم ترغب في مواصلة ذلك الإرث من الخلاف، على رغم معاناة شبه القارة خلال قرون من الحكم الاستعماري.

"صحيح أن قرنين من الحكم اﻻستعماري تركا الاقتصاد في حالة سيئة -سواء أكان ذلك على مستوى المتوسط العمري المتوقع أو الصحة أو أي معيار آخر– وكان كل شيء في غاية السوء في عام 1947، ﻻ سيما التقسيم والطريقة التي تم بها، من دون إيلاء العناية الواجبة لضمان حدوث التقسيم بلا إراقة دماء. لا تزال هذه الأسئلة ماثلة لكنها لم تنعكس على طريقة النظر إلى الملكة نفسها في الهند".

وتقول المحللة الأكاديمية والسياسية مانيشا بريام إن الهند تحررت بثبات من نفوذ سلطتها الاستعمارية السابقة على مدى عهد الملكة، كما أن قبول الملكة هذا الواقع "بصدر رحب" واستمرارها في زيارة الهند والثناء على تنوعها كانا موضع تقدير.

"لقد تمكنت الملكة من أن تتعامل بصدر رحب مع حقيقة اعتراض الهند على عديد من أشكال السلطة الاستعمارية. وعلى مر السنين لم تعد الهند تعتمد على المملكة المتحدة من حيث التحالفات الجيوستراتيجية. فبالنسبة إلى الهند الآن تعد مجموعة الأربعة [الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند] أكثر أهمية، ومن نواح كثيرة تمثل علاقات الهند مع الولايات المتحدة أهمية أكبر. وقد تعاطت الملكة مع هذه التحولات السياسية المختلفة برحابة صدر، لذا فإننا اليوم نشاطر المملكة المتحدة حدادها بعد وفاة الملكة".

وقال الوزير والدبلوماسي الهندي السابق ماني شانكار أيار لصحيفة "اندبندنت" إن الملكة كانت من نواح كثيرة "رمز الثبات في مهب التغيير".

فعندما توجت ملكة فقدت الإمبراطورية البريطانية "جوهرة تاجها" الهند، لكنها كانت تحيط بالعالم في أجزاء كثيرة من أفريقيا ودول الدومينيون (الدول المستقلة ذاتياً مع بقاء ارتباطها بالتاج) في عديد من العهود الملكية. وكان على الملكة أن تجلس على العرش في ظل تراجع بريطانيا عن الهيمنة العالمية وقد فعلت ذلك بمرونة وضبط للنفس".

ومع احتفال الهند بمرور 75 عاماً على استقلالها في أغسطس (آب)، أعلنت الحكومة الفيدرالية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا عن سلسلة من الفعاليات التي تركز على إنهاء رموز "العبودية" الاستعمارية.

وفي مساء يوم الخميس، حينما بدأت صحة الملكة تتدهور، كان السيد مودي يعيد فتح الفيستا المركزية المجددة حديثاً (ضاحية إدارية) في دلهي، وهي معلم من معالم الحقبة الاستعمارية، وتغيير اسم جادتها المركزية راجباث Rajpath (كان اسمها كنغزواي Kingsway قبل الاستقلال) ليصبح اسمها طريق كارتافيا (أي طريق الواجب).

ويقول السيد أيار إن توقيت تتويج الملكة يعني أنه يمكن اعتبارها واحدة من رموز الماضي الاستعماري للهند.

"لقد توجت ملكة بعد ست سنوات من استقلال الهند، وقد أهداها غاندي نفسه قطعة من قماش الخادي كهدية لولي العهد. لذا فإن الخلط بينها وبين الإمبراطورية يعني ارتكاب الخطأ التاريخي الذي تتهم به هذه الحكومة".

وفي حين تتشاطر الهند وباكستان تاريخاً استعمارياً مشتركاً يتجلى بانقسامهما بفعل شنيع، إلا أن تطور البلدين كان مختلفاً.

يقول محلل متخصص في شؤون جنوب آسيا يقطن في إسلام آباد وهو قمر شيماء، "إن البلدين وإزاء مجموعة من التحديات التي واجهت كلاً منهما شهدا في العقود التي تلت الاستقلال صعود نوع جديد من القيادة السياسية في كليهما.

بصعود القادة الجدد، اعتبرت النخبة المرتبطة بالقوى الاستعمارية مذنبة، وفي حين أن مسألة الاستعمار كسردية سياسية تثار أحياناً في السباقات الانتخابية، إلا أنها لا تشير إلى الملكة، بل إلى ما يدل على تراجع قيمة الروابط الخاملة التي كانت لبعض السياسيين مع الإمبراطورية البريطانية".

ويضيف قمر شيماء قائلاً "مع انتهاء عصر الملكة إليزابيث الثانية، حان الوقت لهؤلاء القادة الجدد في جنوب آسيا للتخلي عن خلافاتهم المتجذرة في تركة التقسيم من العصر الاستعماري. قد تكون هناك مسائل لم تنته بعد، بما في ذلك الحروب [بين الهند وباكستان] ومسألة كشمير – ولكن ينبغي أن ينصب التركيز على المضي قدماً كدول".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات