Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ألقاب عائلات "جارحة" تلاحق جزائريين والرئيس يتدخل لتغييرها

كانوا يملكون ألقاباً شريفة قبل دخول العثمانيين والاستعمار الفرنسي استهدف محو الهوية العربية

المحاكم الجزائرية تستقبل الكثير من طلبات تغيير الألقاب وتثبيت الأسماء (التلفزيون الجزائري)

لا تزال عائلات عدة في الجزائر تعاني عقدة ألقاب محرجة لارتباطها بأسماء حيوانات أو بعاهات وأعضاء جسدية، وعلى الرغم من الضرر النفسي تظل تلك الألقاب تلاحق منتسبيها أجيالاً وراء أخرى، بينما تبدو الإجراءات الرسمية لتغييرها في المحاكم رحلة لا نهاية لها.

بوراس وبوكراع وبوسنة وبوصبع وبوبغلة وبومعزة وبوبقرة، وغيرها من الألقاب الجارحة التي تواصل تعقيد يوميات الشباب والأطفال، حتى بلغ الأمر في بعض المناطق حد مغادرة المدارس بسبب التنمر من قبل الزملاء، كما أدت في أحيان إلى شجارات عنيفة بجانب العزلة التي تلاحق كثيرين.

وتتفق آراء المؤرخين والأكاديميين على أن الأمر لا يمت بصلة إلى أصول الجزائريين، وأنه ليس وليد الصدفة، بل كان مقصوداً من طرف الاستعمار، إذ عمدت فرنسا خلال احتلالها البلاد إلى المساس بالحالة المدنية للجزائريين بسن قانون الألقاب العائلية الصادر في 23 مارس (آذار) 1882، وينص على استبدال الألقاب الثلاثية وتعويضها بأخرى لا ترتبط بالنسب، كما ألزم بتقييد المواليد والوفيات وعقود الزواج والطلاق.

تفكيك نظام القبيلة

يقول المؤرخ جمال فكار في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن الغاية من القانون تفكيك نظام القبيلة لتسهيل الاستيلاء على الأراضي وإبراز الفرد كعنصر معزول وتغيير أساس الملكية إلى الأساس الفردي وطمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تغيير الأسماء ذات الدلالة الدينية وتعويضها بهوية هجينة وإحلال الفرد في المعاملات الإدارية والوثائق مكان الجماعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت الباحثة في علم اللغة وردية يرمش أن الاحتلال الفرنسي أحدث تغييراً عميقاً في ألقاب الجزائريين، بل قطع انتسابهم لشجرات عائلية عريقة بإعطائها أسماء مجهولة، مشيرة إلى أن الجميع كانوا يملكون ألقاباً شريفة قبل دخول العثمانيين، لكن بعد أن تعرضت إلى التشويه بات 80 في المئة لا يعرفون قبيلتهم الأولى. وقالت إنه من القرارات الخطرة التي اتخذها الاستعمار الفرنسي إلزام اختيار ألقاب تبدأ بالحرف اللاتيني.

الرئيس يتدخل

ولا يبدو تغيير الألقاب عملية سهلة على اعتبار أنها تمس الأنساب وما قد تحدثه من تشابك واختلاط على جميع المستويات من النسل إلى الميراث، وما تدخل رئيس الجمهورية بالموافقة والتوقيع إلا دليل على صعوبة المهمة، إذ وافق عبد المجيد تبون على طلب تغيير ألقاب عائلات جزائرية في تسع محافظات، بعضها يحمل ألقاباً سيئة مثل "بوحمارة" التي حولت لقبها إلى "علاوي" و"بعرة" باتت "مومن" وعائلة "جرو" اختارت "بلهاني" ولقب عائلة "بلوذنين" أصبح "بجاوي"، إضافة إلى عائلة "خرقاق" الذي تحول إلى "بن عثمان" وعائلة "دجال" تم تحويلها إلى "حكيمي". كما وقع تبون مرسوماً رئاسياً يتضمن الترخيص بتغيير ألقاب 29 عائلة جزائرية بناءً على طلب من أصحابها وفقاً لما ينص عليه قانون تغيير اللقب العائلي الصادر في 1971.

طلبات على مستوى المحاكم

وتستقبل وزارة العدل في الجزائر طلبات لتغيير الألقاب، إذ تقدم العائلة الراغبة في ذلك طلباً لدى وكيل الجمهورية مرفقاً بملف يشمل شهادة الحالة العائلية وعقد الزواج ومستخرج من جدول الضرائب على أن ينشر اللقب الأصلي، وكذا اللقب الجديد في جريدة محلية، وتبقى العائلة تنتظر القبول لمدة ستة أشهر، وهي المدة التي تمنحها السلطات من أجل التحقيقات، وفي حال لم يتلق وكيل الجمهورية أي اعتراض يرفع طلب إلى وزير العدل الذي يتولى عرضه على لجنة خاصة تتكون من ممثلين من وزارة العدل ووزارة الداخلية من أجل التصديق على اللقب المطلوب.

وبعيداً من الألقاب تعرف مصالح الحالة المدنية في الجزائر ظاهرة تثبيت الأسماء الجديدة بقرارات من المحاكم بعد رفضها من طرف المصالح المتخصصة لعدم موافقتها مع المعجم الوطني للأسماء، مثل "ميليسيان" و"مرينات" و"كردال" و"أوزيل" و"ماتيلادا"، وغيرها من الأسماء التي باتت تفرض نفسها بسبب غزو الأفلام الأجنبية وسيطرتها على برامج القنوات.

وفي السياق تم تشكيل لجنة خاصة لتحديث الأسماء واقتراح أخرى، منها أمازيغية كانت ممنوعة، وذلك في سياق تحديث المعجم الوطني الصادر عام 1981 الذي كان هدفه ضمان نجاح تعريب الحالة المدنية والحفاظ على الألقاب العربية والجزائرية الموروثة ذات الدلالات الاسمية التقليدية والتاريخية مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والعرفية وطبيعة المجتمع الجزائري وخصوصية كل منطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي