Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصلح تعزية بوتين في وفاة ملكة بريطانيا العلاقات بين البلدين؟

الرئيس الروسي يرسل برقية إلى الملك تشارلز الثالث وموسكو لا تستبعد أن تزداد سوءاً في عهد تراس

أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية تعزية إلى الملك تشارلز الثالث (أ ف ب)

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي، عن "أعمق التعازي" في وفاة الملكة إليزابيث. وفي برقية أرسلها إلى الملك تشارلز الثالث، ملك بريطانيا الجديد، قال بوتين إن الملكة - التي توفيت عن عمر يناهز 96 سنة - كانت شخصية تاريخية رئيسة خلال فترة حكمها الذي استمر 70 عاماً. وكتب بوتين، "لعقود عدة تمتعت إليزابيث الثانية حقاً بحب رعاياها واحترامهم، فضلاً عن السلطة على المسرح العالمي".

تأتي الرسالة على الرغم من أن العائلة المالكة في بريطانيا عبرت عن دعمها لأوكرانيا التي هاجمتها روسيا في فبراير (شباط)، كما أن بوتين لا يحظى بشعبية ساحقة في المملكة المتحدة، فقد وجد استطلاع أجرته شركة "يو غوف" في مارس (آذار) الماضي، أن 88 في المئة من البريطانيين لديهم رأي غير إيجابي عن الرئيس الروسي.

وفي أحد لقاءاتها الأخيرة ظهرت الملكة إليزابيث لالتقاط صور مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أمام باقة من الزهور ذات اللونين الأزرق والأصفر، اللونين الوطنيين لأوكرانيا.

وفي مارس، سافر الملك تشارلز أيضاً إلى رومانيا للوقوف مع اللاجئين الأوكرانيين، واصفاً محنتهم بأنها "كابوس".

ولم يشر بوتين في رسالته، الخميس، إلى الحرب أو السياسة.

وقال للملك تشارلز، "أتمنى لكم الشجاعة والمثابرة في مواجهة هذه الخسارة الفادحة التي لا يمكن تعويضها. أطلب منكم أن تنقلوا عبارات التعاطف الصادق والدعم لأفراد العائلة المالكة وكل شعب بريطانيا العظمى".

وكان بوتين قد التقى الملكة إليزابيث عام 2003 عندما كان الرئيس الروسي في زيارة لبريطانيا، وتجول مع الملكة في العربة الملكية. ووفقاً لوزير الداخلية البريطاني السابق ديفيد بلانكيت لم تكن مسرورة عندما ظهر بوتين متأخراً 14 دقيقة عن اجتماعهما.

في حديث إلى "بي بي سي" روى بلانكيت كيف اعتذر للملك بسبب نباح كلبه بوجود بوتين، الأمر الذي دفع إليزابيث - وهي من عشاق الكلاب إلى القول بسخرية، "للكلاب غرائز مثيرة للاهتمام، أليس كذلك؟".

تعزية بوتين تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين اضطراباً كبيراً بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، في وقت يستبعد فيه المراقبون أن تسفر تلك التعزية عن تحسين في تلك العلاقات، لا سيما أن بريطانيا كانت من أوائل الدول التي فرضت عقوبات كبيرة على روسيا بسبب حربها على جارتها أوكرانيا.

مجموعة واسعة من العقوبات

وكانت بريطانيا قد أعلنت خلال حقبة بوريس جونسون عن مجموعة واسعة من الإجراءات للحد من قدرة موسكو على دفع كلفة حربها في أوكرانيا. فقامت باستبعاد البنوك الروسية الرئيسة من النظام المالي البريطاني، وجمدت أصول جميع البنوك الروسية، ومنعت الشركات الروسية من اقتراض الأموال، ووضعت قيوداً على الودائع التي يمكن للروس إيداعها في البنوك البريطانية.

وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة قالت إنها ستقوم بإلغاء واردات النفط الروسي تدريجاً بحلول نهاية عام 2022، فإنها فعلياً حظرت واردات النفط الروسية، ومنذ يونيو (حزيران) وصلت تلك الواردات إلى الصفر. ويعتقد أن روسيا ربحت ما يقرب من 100 مليار دولار من صادرات النفط والغاز خلال الأيام المئة الأولى من الحرب.

وحظرت المملكة المتحدة 100 فرد وشركة روسية، ومن بين هؤلاء قادة الأعمال الأثرياء - من يطلق عليهم الأوليغارشية - الذين يعتبرون مقربين من الكرملين، بما في ذلك مالك نادي "تشيلسي" السابق رومان أبراموفيتش. واستهدفت اليخوت الفاخرة المرتبطة بالروس الخاضعين للعقوبات.

وتمت معاقبة مسؤولي الحكومة الروسية وأفراد عائلاتهم، وتم تجميد الأصول العائدة للرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا. كما أوقفت المملكة المتحدة بيع "التأشيرات الذهبية"، التي سمحت للأثرياء الروس بالحصول على حقوق الإقامة البريطانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتم حظر تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج - العناصر ذات الأغراض المدنية والعسكرية، مثل قطع غيار المركبات - من قبل المملكة المتحدة.

وحظرت جميع الرحلات الجوية الروسية من المجال الجوي للمملكة المتحدة.

وحظرت بريطانيا أيضاً استيراد الذهب الروسي وتصدير السلع الكمالية إلى روسيا، وفرضت المملكة المتحدة ضريبة بنسبة 35 في المئة على بعض الواردات من المشروبات الكحولية.

وقام عديد من الشركات البريطانية مثل "ماركس وسبنسر" بتعليق أعمالها في روسيا أو الانسحاب كلياً.

عقوبات روسية

وبطبيعة الحال ردت روسيا على تلك المجموعة الواسعة من العقوبات البريطانية التي تهدف إلى تقزيم اقتصادها والضغط عليها لوقف هجماتها على أوكرانيا، إذ كثفت موسكو العقوبات من خلال حظر 39 سياسياً وصحافياً بريطانياً، وتضمنت تلك الأسماء رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون والسير كير ستارمر السياسي والمحامي البريطاني ومتحدث "حزب العمال" في عام 2022، ومقدم "بي بي سي" هوو إدواردز، حيث تم منعهم من دخول روسيا.

وأصدرت وزارة الخارجية الروسية في أغسطس (آب) قائمة تضم 39 فرداً خضعوا لعقوبات جديدة قالت فيها إنه لم يعد مسموحاً لهم دخول الاتحاد الروسي.

وفي الـ25 من فبراير حظرت روسيا شركات الطيران البريطانية من أراضيها في خطوة تهدف إلى معاقبة لندن لفرضها عقوبات على شركة "إيروفلوت" بسبب الحرب على أوكرانيا.

وشمل المرسوم الذي أصدرته هيئة الطيران الروسية رحلات جوية، مما يعني أنه سيتعين على طائرات الخطوط الجوية البريطانية تجنب المجال الجوي للبلاد في طريقها إلى آسيا، مما يضيف الوقت ونفقات الوقود في وقت تواجه في بريطانيا أزمة وقود حادة.

تشاؤم روسي من حقبة تراس

وقالت روسيا، الإثنين، إنها لا تستبعد احتمال أن تزداد العلاقات المتوترة بين البلاد وبريطانيا سوءاً في عهد رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عندما سئل عما إذا كانت موسكو تتوقع أي تحول في العلاقات مع بريطانيا، "لا أود أن أقول إن الأمور يمكن أن تتغير للأسوأ لأنه من الصعب تخيل أي شيء أسوأ".

ويستبعد مراقبون انفراجه في العلاقات بين البلدين، خصوصاً أن تراس كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية في حكومة جونسون في الوقت الذي شنت فيه روسيا هجوماً على أوكرانيا وفي الوقت الذي فرض فيه جونسون عقوبات موجعة على روسيا. ومن المرجح أن تستمر تراس في نهج العقاب الذي بدأه رئيس الوزراء السابق.

وكانت تراس قد قامت بزيارة موسكو عندما كانت وزيرة للخارجية في فبراير وعقدت اجتماعاً مع وزير الخارجية الروسي سيرغي الذي وصف محادثتهما في ذلك الوقت بأنها "حوار بين الصم والبكم". وقال إن الحقائق "ارتدت" عليها. كما سخرت منها وزارة الخارجية الروسية علانية بسبب "الزلات الجغرافية" تتعلق بالبحرين الأسود والبلطيق.

وتحدثت تراس علناً خلال اجتماعهما عن تعزيز القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا، قائلة، "لا أرى أي سبب لوجود 100 ألف جندي متمركزين على الحدود، باستثناء تهديد أوكرانيا". وأرسلت موسكو التي نفت خطط الغزو قواتها بعد أسبوعين إلى أوكرانيا. ومنذ ذلك الحين كانت بريطانيا واحدة من أكثر المؤيدين لأوكرانيا في الحرب، إذ زودتها بالأسلحة والتدريب والمال.

وكانت العلاقات بين روسيا وبريطانيا متوترة منذ عام 2014 عندما احتلت أجزاء من شرق أوكرانيا، وضمت شبه جزيرة القرم، على الرغم من أن روسيا ضمنت صراحة السيادة الأوكرانية في عام 1994، واستمرت العلاقات في التدهور مع التسمم المميت عام 2006 لضابط الأمن الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو في لندن، ومحاولة قتل العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته بغاز أعصاب في مدينة سالزبوري عام 2018.

لقد أصبح مستقبل العلاقات البريطانية - الروسية في حقبة تراس محكوماً بجملة من الملفات على رأسها أزمة أسعار الطاقة المتزايدة والحرب في أوكرانيا.

المزيد من تقارير