Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة أفلام الرعب العربية من "سفير جهنم" إلى "الفيل الأزرق"

"الإنس والجن" أشهرها وجائحة كورونا جعلت منها موضة منتشرة عبر المنصات

أُنتج أول فيلم رعب مصري في عام 1954، من بطولة يوسف وهبي وهو فيلم "سفير جهنم" (موقع السينما دوت كوم)

تقترب السينما العربية والمصرية بكثير من الاستحياء ناحية أعمال الرعب التي تشتهر بها السينما في "هوليود"، نظراً إلى حساسية تلك المنطقة التي تشكل منعطفاً خطراً جداً، فإما أن يتم تقديم العمل بشكل جيد ومبهر، وإما أن يظهر بشكل يثير السخرية إذا فشل في تقديم الرعب كما يجب وبحبكة وتقنية عالية.

جدران

وطرح أخيراً فيلم الرعب المصري "جدران" من إخراج محمد بركة وبطولة درة ونيكولا معوض وهند عبد الحليم وفراس سعيد وأحمد بدير وحنان سليمان، وتدور قصته في إطار من الغموض والرعب حول الشابة ليلى التي تضطر إلى الانتقال إلى منزل قديم بحثاً عن مستندات تثبت ملكيته لأمها، لكنها تتعرض لكثير من الأحداث المرعبة والغامضة التي تضعها في مخاطر غير متوقعة حتى تكشف حقائق صادمة تخص هذا البيت.
وأثار هذا الفيلم بعض الجدل حول تطرق السينما لأفلام الرعب وهل يتم ذلك بالشكل المناسب أم يتسبب ضعف الإمكانات في كثير من الأحيان في ظهور العمل بشكل مفكك وساذج.
 


سفير جهنم

ومع تتبع سينما الرعب في مصر نجد أنها ليست ظاهرة جديدة بل تمتد إلى ما قبل أكثر من 65 عاماً، إذ أنتج أول فيلم رعب مصري في عام 1954، من بطولة يوسف وهبي وهو فيلم "سفير جهنم".
ودارت أحداث الفيلم حول الصراع بين الإنسان والشيطان، وجسد وهبي خلال العمل دور الشيطان الذي ينتهز الفرص ليثبت تفوقه على البشر، وبعد محاولات عدة من الإغواء يحترق الشيطان.
وفي عام 1955 قدم محمود المليجي وزكي رستم فيلم "موعد مع إبليس" ودارت أحداثه أيضاً حول العداء بين الإنسان الشيطان، وتحديداً بين طبيب وشيطان ومحاولات الإغواء المستمرة، وتنتهي الأحداث بانتصار الإنسان على الشيطان.
وفي عام 1973 قدم عادل أدهم وشمس البارودي ونعمت مختار فيلم بعنوان "المرأة التي غلبت الشيطان"، وجسد أدهم دور حفيد الشيطان الذي يساعد فتاة لتكون جميلة وثرية مقابل في امتلاك روحها.
وفي عام 1985 قدمت السينما المصرية أشهر أفلامها على الإطلاق في عالم الرعب وهو فيلم "الإنس والجن"، بطولة عادل إمام ويسرا وأمينة رزق وسميرة محسن وعدد كبير من النجوم، ودرات الأحداث حول شاب من الجن يقع في حب فتاة من بني الإنس ويطاردها بكل قوته حتى تستسلم لحبه ويعاقبها لرفضها له.
أما فيلم الرعب "التعويذة" فتم إنتاجه في عام 1987، وهو من إخراج وتأليف محمد شبل، وبطولة محمود ياسين ويسرا وعبلة كامل وتحية كاريوكا، وتدور الأحداث حول أسرة تضطر إلى أن تقيم في منزل العائلة القديم، إذ يتعرضون لظواهر غريبة مثل احتراق الأثاث وتساقط دم من الحوائط وظهور جسم غريب بأقدام كالماعز يتجول داخل البيت ليلاً، ويطلب شخص مجهول شراء المنزل بشكل عاجل مما يثير التساؤلات والشكوك.


الرقص مع الشيطان

وقدم نور الشريف في عام 1993 فيلم رعب أقرب إلى الخيال العلمي والفانتازيا بعنوان "الرقص مع الشيطان"، وتدور أحداثه حول عالم يسافر عبر الزمن، ويتجه إلى الماضي لمحاولة تصحيح أخطائه.
وقدم نور الشريف أيضاً مع حسين فهمي في عام 2002 فيلم "اختفاء جعفر المصري"، والقصة مستوحاة من المسرحية العالمية "مركب بلا صياد" للكاتب الإسباني "أليخاندرو كاسونا"، وجسد حسين فهمي دور الشيطان الذي يساعد نور الشريف في مقابل ارتكابه جريمة قتل، باعتبارها أكبر جريمة يمكن أن يرتكبها الإنسان، ولكن بعد الجريمة يتحول الاتفاق بينهما إلى صراع.
كذلك تم تقديم فيلم الرعب "أحلام حقيقية" في عام 2006، من بطولة حنان ترك وخالد صالح وداليا البحيري وفتحي عبد الوهاب، وجسد الفيلم معاناة فتاة اسمها مريم تنقلب حياتها رأساً على عقب عندما تبدأ بالحلم بجرائم تكتشف أنها حقيقية في صباح اليوم التالي، وتعتقد أنها هي التي ترتكبها أثناء النوم، لذلك تقرر البقاء مستيقظة.
وبفكرة مستوحاة من فيلم الرعب العالمي "الصرخة" (scream) تم تقديم فيلم رعب مصري بعنوان "كامب" في عام 2008، وتناول الفيلم قصة مجموعة من الشبان يقضون وقتاً مرحاً في أحد المنتجعات، وتحدث جريمة هناك، ويتم الانتقام من المجموعة عن طريق شخص يرتدي قناعاً.
وعرض في عام 2011 فيلم الرعب المصري "عزازيل"، ويحكي عن صراع الشيطان مع الإنسان، وفي عام 2014 تم تقديم عمل جديد يحمل اسم "عزازيل ابن الشيطان"، وتدور أحداثه عن تعويذة سحرية شريرة يتم تحضير الشيطان (عزازيل ابن إبليس) من خلالها، كي يقوم بإيذاء فتاة ويجعلها تقوم بتصرفات مرعبة.

رعب غير مباشر

وربما قل إنتاج أفلام الرعب لفترة طويلة بسبب سيطرة أعمال الكوميديا والأكشن، ولم تتح الفرصة بالشكل الكافي لظهور موجات أخرى من السينما، ولكن الرعب عاد إلى السينما من جديد في عام 2014 بشكل غير مباشر في بعض الأعمال، مثل "الفيل الأزرق" بطولة كريم عبد العزيز وخالد الصاوي وإخراج مروان حامد. وقام الصاوي بدور طبيب نفسي يعاني انفصاماً بالشخصية أصيب به بسبب جن اقتحم حياته، بعد أن رسم وشماً على جسده، وترتب على حالته أن يفقد وعيه الطبيعي ويقتل زوجته، ويصاب بحال غموض مرعبة. وفي عام 2018 تم تقديم الرعب من خلال الحبكة والأحداث في فيلم "تراب الماس" الذي قام ببطولته آسر ياسين وماجد الكدواني ومنة شلبي وإخراج مروان حامد.
وفي فيلم الرعب "122" الذي لعب بطولته طارق لطفي في عام 2019 تم التصوير بطريقة "4 دي" (رباعية الأبعاد) ليكون أول فيلم رعب مصري يصور بتلك التقنية، ودارت الأحداث حول عمليات مخيفة تحدث داخل مستشفى ويقوم بها طبيب غريب الأطوار، وتقود الظروف شاباً وفتاة ليواجها الطبيب والأحداث الدامية.
وفي العام نفسه، طرح فيلم "الحارث" وتدور أحداثه حول زوجين تنقلب حياتهما بعد سماع خرافة عن ليلة يغيب قمرها ويبحث الشيطان فيها عن عروس، ويواجه الزوجان أحمد الفيشاوي وياسمين رئيس أحداثاً مخيفة بسبب محاولة الشيطان تحقيق تلك الأمنية وخطف الزوجة.
وقدم فيلم "خان تيولا" الرعب بشكل مختلف هذه المرة إذ دارت الأحداث في حقبة الأربعينيات خلال الحرب العالمية الثانية داخل أحد الفنادق بمدينة العلمين، ويصل في أحد الليالي نزيل جديد ليكتشف كثيراً من الأشياء الغامضة داخل هذا الفندق، والفيلم من بطولة وفاء عامر وأحمد كمال ونضال الشافعي ومحمود البزاوي، ومن تأليف وإخراج وسام المدني.
وطرح بالسينما أخيراً أيضاً فيلم رعب مصري يحمل اسم "ريما" بطولة مايا نصري وفراس سعيد ومحمد ثروت، وتدور أحداث الفيلم في إطار من الإثارة والتشويق حول طفلة تدعى "ريما" ترى ما لا يراه الآخرون، وتتنبأ ببعض الجرائم التي تحدث بالفعل.
وفي فيلم الرعب "عمار" الذي قام ببطولته شريف سلامة وإيمان العاصي، دارت الأحداث حول أسرة تعود من الخارج لتسكن في بيت مليئ بالأشباح، ويستدرج هذا العالم المريب رب الأسرة لارتكاب جرائم غامضة.
وناقش فيلم الرعب "فيروس" فكرة اللعنة وهل يمكن أن يصاب شخص بلعنة تجعله مصدر كوارث على غيره.
وقدم الفنان ظافر عابدين ونيللي كريم أول فيلم رعب في حياتهما الفنية بعنوان "خط دم"، وأثار هذا العمل موجات من الجدل والسخرية والنقد، ودارت الأحداث حول أسرة أصيبت بلعنة غامضة وأصبحت من مصاصي الدماء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"تكنيك" صعب

وعن رأيه في أفلام الرعب المصرية قال الناقد طارق الشناوي إن "هناك تقسيمين لأفلام الرعب، الأول هو الأفلام القديمة التي اقتحمت تلك المنطقة الشائكة منذ الخمسينيات ولاقت قبولا جيداً جداً، إذ لم تكن السينما العالمية في عز تألقها وتكنيكها (تقنيتها) الحالي والمعاصر في تقديم أعمال الخيال والرعب، وكانت أفلام الماضي جيدة لحد كبير مقارنة بظروف صناعتها وتوقيتها. والتقسيم الثاني هو أفلام الرعب الحديثة التي وقع كثير منها في فخ الاستسهال ومحاولة التجريب من دون وجود خطة محكمة وتكنيك عال ودقيق، فظهر بعضها شديد الرداءة، وفي فترة كورونا فوجئنا بانتشار أفلام الرعب كأنها موضة أو طريقة لجذب الجمهور، وتسابقت المنصات الرقمية لإنتاج تلك الأعمال بشكل مكثف لجذب الجمهور المتابع لأعمال أجنبية تشويقية بها جانب رعب، وللأسف لجأ قطاع كبير من صناع السينما لتقديم تلك النوعية من الأفلام لأنها غير مكلفة على المستوي المادي، على الرغم من أنهم يعلمون جيداً أن أفلام الرعب الجيدة مكلفة وتحتاج إلى تكنيك معين لتظهر بصورة لائقة، لكن هناك من لجأ لتقديم أفلام رعب رخيصة التكلفة وتدور في موقع تصوير واحد، وتستخدم مؤثرات بصرية رديئة وأصوات يفترض أن تضفي الرعب، وكان بديهياً أن تفشل كل هذه النوعيات وتصبح أقرب لأفلام الكوميديا، لأن الرعب إن لم يقدم بطريقة مبهرة وحساسة يتحول إلى مسخ يجلب السخرية".
وتابع الشناوي "من الأفلام السيئة التي قدمت الرعب بطريقة غير لائقة فيلم خط دم، وهو فيلم رديء بكل معنى الكلمة في كل شيء، وربما لم ينجح في العصر الحديث في تقديم الرعب بشكل مبهر واحترافي إلا المخرج المميز مروان حامد الذي كسب الرهان في أكثر من عمل مثل الفيل الأزرق بجزئيه وأيضاً تراب الماس". واختتم الشناوي بالقول إن "مروان مخرج يفهم جيداً أن عملاً يدور حول أي نوع من الرعب لا بد له من قصة وحبكة وتكنيك وتنفيذ أكبر وأعمق بكثير من أي فيلم عادي".
من ناحية ثانية قال السيناريست محمد سليمان عبد المالك الذي كتب عملاً دار في إطار من الرعب ولكن على مستوى الدراما وهو مسلسل "الجسر"، إن "أعمال الرعب والمستقبل والخيال العلمي صعبة جداً وكلنا ندرك ذلك، وأنا قدمت مثلاً على مستوى الدراما في مسلسل الجسر، وأعلم أنها تجربة مختلفة ومرهقة منذ اليوم الأول، وحاولت الاجتهاد على الرغم من صعوبات هذا النوع". وأضاف "لا بد أن ندرك أننا سنستغرق وقتاً طويلاً حتى نستطيع تقديم صيغة مناسبة أصلية تشبهنا في مجال الرعب أو الخيال العلمي، وعلينا أن نملك الجرأة للتجريب حتى نتعلم من أخطائنا، ومع الوقت سنستطيع التقدم في هذا المجال الذي بيننا وبينه فجوة كبيرة جداً مقارنة بالسينما العالمية بما تملكه من أفكار وتقتنيات وإمكانات لتقديم الرعب والخيال".

المزيد من سينما