Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قيود الاستيراد تنعش أسواق المنتجات اليدوية والتراثية في مصر

أسعار المنتجات المستوردة قفزت 50 في المئة بعد فرض قيود على استيراد المنتجات الترفيهية

يتوقَع أن تشتد أزمة البضائع المستوردة في مصر مع نفاد تلك البضائع من المخازن (اندبندنت عربية)

انتعش عدد من الصناعات اليدوية والتقليدية في مصر، جراء حالة الارتباك التي تشهدها الأسواق المحلية بسبب القيود التي فرضتها الحكومة على الاستيراد من الخارج. كما شهدت المنتجات المعروضة في الأسواق ارتفاعاً متزايداً يتراوح بين 20 في المئة و50 في المئة، وذلك بعدما كسر الدولار الأميركي حاجز الـ 19 جنيهاً مصرياً للمرة الأولى منذ 5 سنوات، الأمر الذي عزز انتعاش عدد كبير من المنتجات التراثية والتقليدية المحلية كمنتجات بديلة داخل الأسواق.

ارتباك سوق الاستيراد

وقال متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بالشعبة العامة للمستوردين، إن "البضائع المستوردة المعروضة في الأسواق ما هي إلا بضائع مخزنة منذ شهور قبيل فرض القيود الحكومية على الاستيراد من الخارج، مع ذلك فإن هذه المنتجات المعروضة قفزت أسعارها جراء تراجع كمياتها في الأسواق كما تأثرت بتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي"، مشيراً إلى أن "أزمة البضائع المستوردة ستشتد مع نفاد تلك البضائع من المخازن".
إلى ذلك، أوضح أحمد الملواني، رئيس لجنة التجارة الخارجية بالشعبة العامة للمستوردين، أن "بعض السلع المستوردة قفزت أسعارها إلى 50 في المئة بالأسواق منذ شهرين وربما تتضاعف أسعارها مع تراجع حجم المعروض في الأسواق مع استمرار القيود المفروضة على الاستيراد"، لافتاً إلى أن "وزارة المالية المصرية رفعت سعر الدولار الجمركي من 18.63 جنيه للدولار إلى 19.9 جنيه للدولار بزيادة قدرها 56 قرشاً، مما جعل الدولار الجمركي للمرة الأولى أعلى ولو بنسبة طفيفة من سعره في السوق، الأمر الذي سينعكس على أسعار كافة السلع المستوردة".


تعظيم المنتج المحلي

وقررت الحكومة المصرية خلال العام الماضي تشكيل مجلس تنفيذي لإحلال الواردات و"تعظيم المنتج المحلي" ليختص بالمتابعة والتحليل المستمر لبيانات هيكلة الواردات، بالتعاون مع الجهات المعنية بوزارة التجارة والصناعة، وتسهيل عملية تسويق المنتجات التراثية واليدوية بالتعاون مع وزارتَي التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية وتوفير كافة سبل التدريب للأيدي العاملة بها بالتنسيق مع الجامعات المصرية.
وبحسب بيانات رسمية فإن صادرات مصر غير البترولية بلغت 23.3 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) 2021، مقابل 18.6 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام السابق بنمو بلغ 25 في المئة، بينما بلغت الواردات المصرية غير البترولية بـ 45.4 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
وتعتزم وزارة التضامن الاجتماعي المصرية زيادة عدد معارض "ديارنا" لتسويق المنتجات اليدوية والتراثية المحلية إلى 25 معرضاً سنوياً بدلاً من 12 بهدف توفير مساحة تسويقية كافية للمنتجات اليدوية المحلية والتراثية حتى يستهلكها المواطن المصري كبديل للبضائع المستوردة لتخفيف الخناق عن أزمة نقص النقد الأجنبي.
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، إن "الوزارة تحرص على تدريب أفراد الأسر الأولى بالرعاية على الصناعات اليدوية مع توفير كل سبل الدعم المادي والتسويقي لهم ليكونوا أصحاب مشروعات منتجة"، مؤكدة أن "معارض ديارنا جاءت بعد تضاعف حجم إنتاج الصناعات والمنتجات اليدوية لمَن جرى تدريبهم. وباتت تلك المعارض بمثابة نافذة للتمكين الاقتصادي لأصحاب الصناعات اليدوية، التي تنال إعجاب كل من يقتنيها لجودتها وكفاءتها العالية، وذلك ضمن خطة الوزارة لتشجيع المنتج المحلي".

جولة في سوق المنتجات اليدوية

وجالت عدسة "اندبندنت عربية" في أسواق المنتجات اليدوية التي شهدت رواجاً خلال الأشهر الماضية تحت وطأة الحرب الأوكرانية، وكأن لسان حال هؤلاء الصناع الذين كانوا يصارعون الاندثار "مصائب قوم عند قوم فوائد".
وذكر المهندس عربي حسين، الباحث في شؤون دعم وتنمية الصناعات اليدوية والتراثية المصرية، أن "ما ينقص الصناعات اليدوية والتراثية في مصر هو الرؤية والخطة العلمية، فدوماً يُنظر إليها على أنها منتجات هامشية للاستهلاك المحلي فقط، في حين أن تلك الصناعات التراثية يمكن تعظيم الاستفادة منها وتصديرها عبر خطة تسويق دولية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


منتجات التنجيد

من جهة أخرى، ذكر أحمد إبراهيم، وهو منجد بلدي بمحافظ قنا (جنوب)، أن حجم الطلب على المراتب القطنية تضاعف بعد الارتفاع الكبير في أسعار المراتب الفايبر (fiber) المستوردة التي وصل سعر الواحدة منها إلى 5000 جنيه مصري (259 دولاراً) بسبب القيود التي وضعتها الدولة على استيراد المنتجات الترفيهية التي من بينها المراتب المستوردة. وأضاف إبراهيم أن ورشته كانت تعاني من الركود طيلة العشر سنوات الماضية لكن العام الحالي هو عام الانتعاش بعد كثرة الطلب على منتجاته اليدوية، ولذلك استعان بـ 7 عمال جدد لمساعدته.
وأوضح إبراهيم أن "المراتب المنتجة يدوياً من القطن طبقاً للعديد من الأبحاث الطبية أفضل من المراتب الجاهزة المحشوة بالسوست، لذلك فإن عدداً ليس بقليل من المستشفيات، لا يستخدم سوى مراتب القطن المنتجة يدوياً، حرصاً على سلامة المرضى وبخاصة أصحاب أمراض الغضروف".
وعن أبرز المشكلات التي تواجه حرفته البسيطة التي عاد الانتعاش إليها على هامش أزمة الاستيراد، قال إبراهيم "حال حرفتي كسائر الحرف والصناعات اليدوية تعاني من قلة الأيدي العاملة المدربة لذلك تحتاج لدعم الحكومة المصرية في تدريب شباب الخريجين على الصناعات اليدوية التي من شأنها تعزيز موقف المنتج المحلي".


منتجات الفخار

ربما منتجات الفخار كانت الأكثر رواجاً في الأسواق المصرية عقب أزمة قيود الاستيراد على المنتجات الترفيهية، ولجأ المواطن المصري لها كبديل شرعي عن المنتجات البلاستيكية والزجاجية مثل الـ "بايركس" (pyrex).
وذكر حسين عبد الرحيم، وهو فخراني من محافظة الأقصر، أن "منتجات الفخار من نبع البيئة المصرية الأصيلة، كما أنها تجذب أنظار السائحين والمصريين على حد سواء، ولا يقتصر اقتناؤها على طبقة معينة"، لافتاً إلى أن "بعض الفنادق السياحية الفاخرة من درجة 5 نجوم لجأت خلال العام الماضي إلى استبدال منتجاتها بمنتجات الفخار غير الملوثة للبيئة".
وأشار إلى أن "أزمة الحرب الروسية - الأوكرانية وما تبعها من قيود على الاستيراد أعادت الاعتبار للصناعات اليدوية داخل الأسواق المصرية، وسط حالة من الانتعاش غير المسبوقة بأسعار تناسب محدودي الدخل"، لكنه طالب وزارة التنمية المحلية بضرورة ترخيص ورش صناعة الفخار ودعمها بدل إزالتها.

منتجات النخيل

في سياق متصل، أفاد جورج لمعي، وهو صانع أقفاص، بأن "منتجات النخيل منتجات بيئية عانت من الاندثار وعدم الاستغلال طيلة الـ 100 سنة الماضية وحان الوقت لإنشاء مناطق لوجستية لصناعة منتجات النخيل، بخاصة أن مصر هي من أبرز الدول على مستوى العالم في إنتاج التمور والبلح، لكن غابت رؤية تعظيم الاستفادة من منتجات النخيل التي تُعتبر بديلاً رائعاً لمنتجات أثاث عدة كلفت الدولة المصرية مليارات الدولارت في استيرادها من الصين وتايوان"، مشيراً إلى أنه ينتج 80 شكلاً من منتجات النخيل تُستخدم في أثاث المنازل لكنه يعاني من غياب الأيدي العاملة المدربة، علاوةً عن عزوف الشباب عن الإقبال على هذه الحرفة التي باتت مهجورة، على حد وصفه.