Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما "غضبت" الملكة إليزابيث من الحسن الثاني

روايات تكشف عدة تفاصيل عن زيارتها الفريدة والوحيدة إلى المغرب عام 1980

الملك الراحل الحسن الثاني وملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

بوفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، الخميس الثامن سبتمبر (أيلول)، تعود ذاكرة المغاربة إلى الزيارة الفريدة والوحيدة التي قامت بها هذه الملكة إلى المغرب عام 1980، وزيارة الملك الراحل الحسن الثاني إلى لندن بعد مرور سبع سنوات.

وتورد قصص إخبارية أن زيارة إليزابيث الثانية إلى المغرب لم تكن عادية بكل المقاييس، فبحسب صحف بريطانية عاشت الملكة حينها "لحظات غضب" على أرض المغرب، كما كسرت "البروتوكولات" الملكية الصارمة في عادات وطريقة الأكل أيضاً.

وتربط بين المؤسستين الملكيتين في المغرب وبريطانيا علاقات تاريخية تعود إلى أكثر من ثمانية قرون، وتحديداً عندما بعثت الملكة إليزابيث الأولى سفراء إلى الدولة السعدية في المغرب في عهد السلطان أحمد المنصور.

الملكة "غاضبة"

وبقيت رواية روبرت هاردمان Robert Hardman، وهو صحافي وصانع أفلام وثائقية اشتهر بكتابته سيرة العائلة الملكية البريطانية، الرواية الأكثر انتشاراً حول كواليس زيارة الملك إليزابيث الثانية إلى المغرب في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1980.

ووفق هاردمان، صاحب كتاب "ملكة العالم" QUEEN OF THE WORLD، فإن ترتيبات زيارة إليزابيث الثانية إلى الرباط طيلة أربعة أيام لم تشبه أي زيارة أخرى لها طيلة سنوات حكمها المديد.

وتبعاً لرواية هاردمان، كان الهاجس الأمني عاملاً مؤثراً على الملك المغربي الراحل الحسن الثاني بالنظر إلى أنه حينها كان قد نجا بعد ثماني سنوات من محاولة انقلاب خطيرة، فكان يعمد إلى ترتيبات تتغير في آخر لحظة حتى في زيارات كبار ضيوف المملكة.

وعندما حطت طائرة الملكة إليزابيث رفقة زوجها الأمير فيليب، في مطار الرباط سلا في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1980، وكانت وقتها في أوساط عقدها الخامس، استقبلها العاهل المغربي الراحل بكثير من الحفاوة، قبل أن يستأذن منها لقضاء مآرب طارئة مهمة، لم يفصل فيها الصحافي هاردمان.

وفي كتابه "ملكتنا" (OUR QUEEN) الصادر عام 2013، ذكر هذا الصحافي والمؤلف البريطاني تفصيلاً مثيراً، هو تأخر الملك الحسن الثاني عن الملكة إليزابيث الثانية بعد أن استأذنها في المغادرة بعض الوقت، ليطول هذا الوقت إلى بضع ساعات، جعل الملكة الراحلة تبدي بعض التبرم والانزعاج عند عودة العاهل المغربي.

وسرد هاردمان تفاصيل أخرى من كواليس وخبايا الزيارة نفسها، نشرها في كتابه كما في صحيفة "دايلي ستار" الإنجليزية، وهي معطيات لم تنفها أي مصادر أخرى في ذلك الوقت، منها نقاش دار بين الملكين حول أحد أعضاء وفد إليزابيث الثانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بلا شوكة أو سكين

ووفق المصدر نفسه، فإن أحد المشاهد اللافتة في زيارة الملكة إليزابيث الثانية، الأكثر شهرة في العالم، تناولها لمأدبة غذاء في اليوم الثاني من الزيارة بيديها من دون شوكة أو سكين، وهو ما اعتبره كثيرون تنازلاً عن "البروتوكول الملكي" في الأكل.

وشوهد الملكان، المغربي والبريطانية، على مائدة طعام يتوسطها طبق من اللحم المشوي على ما يبدو، وبدأ الاثنان يتناولان هذا الأكل الشهي بيديهما، بعيداً عن "البروتوكولات الصارمة" التي تقتضي الأكل بطريقة "ملكية".

ويبدو أن هذه الزيارة قد أثارت العديد من السجال الإعلامي، حتى إن مصادر تقول، إن صحيفة "The Sun" علقت حينها على زيارة الملكة إليزابيث الثانية إلى المغرب بعنوان عريض مفاده "أعيدوا لنا ملكتنا، ماذا تفعل هناك في المغرب".

وعلى الرغم من هذه الوقائع الطريفة، فإن مجمل الزيارة راقت للملكة إليزابيث الثانية، حيث لم تتردد في إرسال برقية شكر إلى الملك الراحل الحسن الثاني بعد عودتها إلى قصرها، جاء فيها: "تأثرنا فعلاً باهتمام جلالتكم الشخصي ببرنامج زيارتنا"، وفق رواية هاردمان.

الحسن الثاني في لندن

وبعد مرور سبع سنوات، زار الملك الراحل الحسن الثاني لندن في يوليو (تموز) من عام 1987، حيث استقبلته الملكة إليزابيث الثانية بحفاوة بالغة ولافتة في محطة مترو أنفاق لندن فيكتوريا.

وشوهد الحسن الثاني إلى جانب إليزابيث الثانية جنباً إلى جنب في عربة ملكية مكشوفة تسير وسط شوارع العاصمة لندن، وسط هتافات وتحيات عدد من أفراد الجالية المغربية في بريطانيا.

وتبادل الزعيمان حينها كلمات الترحيب في مأدبة غذاء، قال فيها الحسن الثاني، إن "المغرب لا يرى في بريطانيا ذلك البلد العظيم ذي التاريخ المجيد، ولكن يرى في هذا البلد أيضاً منارة مهمة على طريق الإنسانية".

واستمرت العلاقات متطورة وخصوصاً بين الملكيتين في كل من المغرب وبريطانيا، حيث تبادل العاهل الحالي الملك محمد السادس والملكة الراحلة إليزابيث الثانية كثيراً من الرسائل، منها تهنئته لها بمناسبة الذكرى السبعين لاعتلائها عرش بريطانيا، وأيضاً تعاطفه معها لدى إصابتها بفيروس كورونا في فبراير (شباط) الماضي، وأيضاً إرسال الملكة إليزابيث رسالة إلى الملك محمد السادس عبر الأمير هاري في 2019.

تقارب الأنظمة الملكية

ويقول الخبير في الشأن الدولي، محمد عصام لعروسي، لـ"اندبندنت عربية"، إن وفاة ملكة بريطانيا حدث مؤسف وتاريخي، يمكن أن يشكل نقطة فاصلة في تاريخ بريطانيا، وفي تاريخ هذا البلد مع باقي دول وشعوب المعمورة.

وتوقف لعروسي عند العلاقات التي وصفها بالمتميزة والخاصة التي تربط بريطانيا والمغرب، لا سيما في عهد الملكة إليزابيث الثانية والملك الراحل الحسن الثاني، لافتاً إلى الزيارة الشهيرة للملكة إلى المغرب سنة 1980، وزيارة الحسن الثاني إلى لندن في 1987.

وشدد الأستاذ الجامعي، على أهمية تلك الوشائج التواصلية وتبادل "البروتوكولات" الملكية بين الطرفين في التقارب بين الأنظمة الملكية بين بعضها.

واعتبر لعروسي أنه تاريخياً كانت العلاقات الثنائية بين المملكتين جيدة، خصوصاً في عهد الملكين الحسن الثاني وإليزابيث الثانية، مبرزاً أنها علاقات كانت تتجاوز "النفعية" لتكون روابط تاريخية وطيدة بشواهد التاريخ والتقارب في عدد من المواقف السياسية حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير