Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من المسؤول عن توسع جرائم القتل في الجزائر؟

ضعف الأمن وتخفيف العقوبات والعفو عن المجرمين أبرز الأسباب ومطالب بعودة "الإعدام" لردع الظاهرة

ارتفاع عدد الجرائم وضع القضاء بين مطرقة الداعين لعودة الإعدام وسندان الرفض الحقوقي (أ ف ب)

عادت جرائم القتل المروعة لتتصدر المشهد العام في الجزائر، كما عادت معها المطالب بضرورة تفعيل عقوبة الإعدام، الأمر الذي خلق وضعاً مشحوناً وغاضباً على المستوى الشعبي.

جرائم مروعة

جاءت جريمة قتل أستاذ لغة فرنسية بمنطقة الصومعة القريبة من العاصمة من جانب العصابات الإجرامية التي تنشط في الأحياء وتروع السكان لتهز الشارع الجزائري، إذ أقدم أشخاص مدججون بالأسلحة البيضاء والعصي والهراوات على طعن الأستاذ يوسف لدى دفاعه عن محل تجاري يمتلكه في المدينة ليلفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجروحه بعد أن أجريت له جراحة بمستشفى المحافظة.

لم تمض ساعات على مقتل أستاذ الفرنسية حتى تناقلت مختلف الوسائط والمواقع خبر إقدام رجل من مدينة عنابة بشرق البلاد على قتل زوجته وأولاده الثلاثة بطريقة بشعة عبر الخنق، قبل أن يرمي نفسه من مسكنه بالطابق الثالث للعمارة محاولاً الانتحار، لكنه نجا من الموت وسقط في قبضة العدالة.

قبل هذه الجرائم اهتزت مدينة بوروبة في العاصمة بجريمة قتل راح ضحيتها فتى قاصر يبلغ من العمر 17 سنة، بعد مناوشات بينه والجاني الذي يبلغ من العمر 40 سنة، تطورت من تشابك بالأيدي إلى طعن بالخنجر، كما تعرضت ممرضة تعمل بمستشفى مدينة بني مسوس بالعاصمة إلى القتل من طرف مجرم حاول سرقة هاتفها النقال بينما نجت صديقتها من الموت بأعجوبة.

منذ أسابيع اهتز حي الـ"1600 مسكن" بمدينة عين البنيان في العاصمة على وقع جريمة قتل راح ضحيتها شخصان، فيما تعرض ثلاثة آخرون لإصابات بالغة على يد شاب مطلوب قضائياً اعتدى على الضحايا بواسطة سيف وساطور من الحجم الكبير على إثر مناوشات بينهم.

عقوبة الإعدام

وفي حين كان المجرمون الذين تورطوا في قتل الأستاذ يوسف من مدمني المخدرات وذوي السوابق العدلية، إذ ذكر القضاء أنهم يواجهون "جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وجناية المشاركة في مشاجرة بين عصابات الأحياء وقعت أثناءها أعمال عنف أدت إلى وفاة شخص من غير أفراد العصابة"، يبقى مجرم عنابة من ميسوري الحال وبلا سوابق إذ يشتغل في التجارة، الأمر الذي أثار عدداً من التساؤلات في ظل توجيه أصابع الاتهام إلى الفقر والبطالة في كل مرة يتم فتح موضوع الجريمة بالجزائر.

خلق هذا الوضع حالاً من عدم الاستقرار والأمن جعلت الشارع يطالب بضرورة تطبيق عقوبة الإعدام، ما فتح جدلاً بين مرحب ورافض، إذ يرى الداعون إليها أن عدم تفعيل هذه العقوبة أدى إلى استفحال جريمة القتل في المجتمع، بينما تعتبر الأطراف الرافضة أن في العقوبة تعدياً على حقوق الإنسان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق، يعتبر الحقوقي عابد نعمان في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "تفشي جرائم القتل نتيجة طبيعية لعقل مفرغ من أي التزام اجتماعي تربوي أو ديني، ويعود ذلك إلى عوامل متداخلة منها غياب القواعد الخلقية طول مدة التمدرس، فهناك أكثر من جيل زمني خضع لعملية فصل القاعدة الخلقية عن القاعدة التعليمية من المدرسة الأولية إلى الثانوية وحتى مرحلة التعليم الجامعي التي تعمل بمنهجية متناهية من أجل إبعاد عقل الطالب خلقياً باسم الحرية الشخصية والتجييش الأيديولوجي والتنصل من الالتزام الاجتماعي المبني على المرجعية الدينية".

يقول نعمان إن "مسألة القصاص تجد نفسها في حال الردع بعد تحقق جريمة القتل، وهذه قاعدة إلهية حتى في أقدم الرسالات المنسوخة". وشدد على أن الحل في إعادة الخط التربوي في مرحلة التمدرس إلى أصله، وكذا إيجاد تشريع ملائم أكثر ردعاً بالنسبة إلى قضايا المخدرات مع الحرمان من العفو أو خفض العقوبة، إضافة إلى تعزيز وتقوية المؤسسات الاجتماعية والدينية وتحرير العمل الإرشادي والوعظي.

ثغرات عدة

من جانبه يرى أستاذ القانون حاج حنافي أن الجريمة حتمية اجتماعية بالنظر إلى تناقض الواقع الاجتماعي ذاته، وهي أيضاً اضطراب يصيب المجتمع في قواعده وأركان وجوده.

يشير حنافي إلى أن طغيان الجريمة يبين ثغرات عدة يمكن تلخيصها في انعدام الثقة في بعض الأحيان بجهاز العدالة وضعف الجانب الأمني وخلل في المنظومة العقابية والاجتماعية التي ترى في المجرم بطلاً، إضافة إلى مشكلة في تبني فكرة الردع التي هي هيبة القانون وجهاز القضاء، وأخيراً أزمة في خطاب الإمام أو المسؤول أمام العامة، وهو خطاب يؤدي في كثير من الأحيان إلى وضع اجتماعي متدهور.

ويتابع أن عقوبة الإعدام كفيلة بمواجهة ظاهرة القتل، لأن تنفيذ الإعدام مرة واحدة سيكون رادعاً كافياً لآلاف المجرمين في المستقبل.

محاكمة عادلة

معروف أن تطبيق حكم الإعدام مجمد في الجزائر منذ عام 1993 بعد المصادقة على لائحة أممية متعلقة بإلغائها، غير أنها لم تلغ من قانون العقوبات ولم تتوقف المحاكم عن إصدارها طيلة هذه الفترة، إذ تطالب منظمات حقوقية الحكومة بإلغاء العقوبة أو تتمنى التخلي عنها مستقبلاً خوفاً من أن يتحول الإعدام إلى أداة مستغلة سياسياً.

وأشار "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" (حكومي) إلى أن الدستور الجديد خصص مادة جديدة تتعلق بالحق في الحياة، ووفق ذلك فإن "من يرتكب جريمة قتل يجب أن نوفر له محاكمة عادلة"، كما تقترح منظمات حقوقية أن تكون عقوبة الإعدام جزءاً من الحل وليس كل الحل لمعالجة الظاهرة، خصوصاً في ما يخص الاختطاف المتبوع بالقتل والاعتداء الجنسي والتنكيل، لا أن يطبق الإعدام على كل القضايا.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي