Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد أزمة الواردات... هل تزرع مصر قهوتها؟

فرصة لتقليل فاتورة الاستيراد ومتخصصون يؤكدون نجاح التجربة

تحتل مصر المرتبة الرابعة في قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكاً للقهوة (رويترز)

تحولت القهوة في الأيام الماضية من مصدر لضبط "مزاج" المصريين إلى مثار قلقهم، بعد أن شهدت الأسواق نقصاً في المعروض من البن، لأسباب بعضها يتعلق بالوضع الاقتصادي وصعوبات الاستيراد، وبعضها الآخر متعلق بتلف المحصول في بعض الدول التي تستورد منها مصر حاجاتها من المنتج الذي يتزايد إقبال المصريين عليه عاماً بعد آخر.

رئيس شعبة البن في الغرفة التجارية بالقاهرة حسن فوزي، قال في تصريحات صحافية، إن مخزون البن في مصر يكفي لمدة لا تتجاوز ستة أسابيع، محذراً من فقدان المصريين فنجان القهوة ما لم تُحل الأزمة. وأرجع ذلك النقص في المخزون إلى ارتفاع أسعار البن عالمياً بسبب تضرر المحصول في البرازيل نتيجة الصقيع في أواخر العام الماضي، ما يعد من ظواهر تغير المناخ عالمياً، إضافة إلى انتهاء المحصول في فيتنام، إلى جانب احتجاز البضائع في الموانئ بسبب تغييرات في الإجراءات الجمركية وهي القرارات التي أثرت على معظم البضائع المستوردة في مصر.

وتستورد مصر حاجاتها الاستهلاكية من البن كاملة، وبحسب تقارير تصل كمية البن المستوردة إلى 70 ألف طن سنوياً، من دول عدة أبرزها "إندونيسيا والبرازيل والهند وفيتنام".

ودفع النقص في واردات البن إلى التساؤل في شأن مدى إمكانية زراعته في مصر، وهو المحصول الذي يزرع في أجواء استوائية، فعلى الرغم من استقدام محاصيل استوائية مثل المانغو الذي أدخل في عهد محمد علي (1805- 1848)، لا يُزرع البن الذي قد يوفر مليارات الجنيهات سنوياً.

وبحسب رئيس شعبة البن في الغرفة التجارية، فإن هناك صعوبة في زراعة البن محلياً لحاجة ذلك إلى درجة حرارة مرتفعة ورطوبة عالية، بالتالي المناخ المصري غير مناسب، لكن متخصصين في الزراعة أكدوا أن تجارب سابقة أثبتت إمكانية زراعة حبوب القهوة.

تجربة ناجحة

المتخصصة في معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة نهاد مصطفى، قالت إن هناك أشجار البن العربي مزروعة على مساحة أكثر من فدان في أحد المراكز البحثية قرب القاهرة، بعد أن جاءت لمصر من اليمن عام 1979، وتمت زراعتها والتعامل معها كأشجار زينة من دون النظر لقيمتها الاقتصادية، إلى أن بدأ الاهتمام بتلك الأشجار عبر برامج معينة لتغذية الأشجار وحمايتها من الأمراض. وكانت النتيجة هي نجاح التجربة بإثمار الأشجار للبن، على أن يكون في مناطق زراعة المانغو والنخيل كمحصول ثانوي، موضحة أن أشجار البن لا تحتاج سوى إلى برامج التسميد التي تحصل عليها أشجار المانغو والنخيل في مصر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت المتخصصة في مجال الزراعة أنه يتم حالياً تقييم تجارب زراعة أشجار البن في عدد من المناطق في محافظات الإسماعيلية والبحيرة وبني سويف والشرقية وأسوان، لمعرفة أفضل الطرق في الزراعة وكيفية الحصول على أعلى إنتاجية من المحصول، موضحة أن لدى معهد بحوث البساتين توصيات فنية عن كيفية الوصول إلى أعلى درجة من الكفاءة ومن كمية المحصول. وأضافت أن إنتاجية الشجرة الواحدة من البن تزيد على خمسة كيلوغرامات.

وكيل معهد البساتين في مركز البحوث الزراعية عادل أبو السعود، لفت إلى أن البن لن يكون المحصول الاستوائي الأول الذي تتم أقلمته للزراعة في مصر، حيث سبقه الأناناس و"الدراغون فروت" وغيرهما، مضيفاً في تصريحات صحافية، أن هناك شروطاً لزراعة البن في مصر وهي زراعته بعيداً من أشعة الشمس المباشرة، من خلال وجوده في حقول أشجار لمحاصيل أخرى، وتوفير الظروف الجوية المناسبة من حيث درجة الرطوبة والظل. وأشار إلى أن جودة البن الذي قد يزرع في مصر قد تقل عن نظيرتها التي تزرع في المناطق الاستوائية، خصوصاً أن نكهة القهوة تتداخل فيها عوامل خاصة بالتصنيع والإضافات الأخرى للحصول على النكهات المختلفة.

زيادة الطلب

ومن اللافت ارتفاع الطلب على القهوة في مصر خلال السنوات الماضية، حيث كشفت نشرات التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وصول واردات البن خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي إلى نحو 94 مليون دولار أميركي، ارتفاعاً من 64 مليون دولار أميركي في الفترة نفسها من العام الماضي. وعلى أساس سنوي ارتفعت فاتورة استيراد القهوة من 90.3 مليون دولار عام 2017 إلى أكثر من 145 مليون دولار عام 2021، بزيادة نحو 55 في المئة.

وتحتل مصر المرتبة الرابعة في قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكاً للقهوة بعد كل من: الجزائر والسعودية ولبنان على الترتيب، إذ يبلغ استهلاك الفرد في مصر (365 غراماً) سنوياً، وفق إحصاءات منظمة البن الدولية.

وارتفعت أسعار البن بنسبة نحو 15 في المئة، وينتظر المستوردون الإفراج عن شحنات من البن في الموانئ المصرية، التي تكفي حاجة السوق لمدة ثلاثة أشهر، وهي فترة كافية لدورة شحن كميات جديدة من البن المستورد، بحسب الغرفة التجارية في القاهرة.

أزمة عالمية

ولا تعد مصر الدولة الوحيدة التي تعاني نقص مخزون القهوة، فبحسب بيانات الشركة المالية العالمية (ICE) فإن مخزون القهوة العالمي تراجع إلى أدنى مستوى منذ بداية القرن الحالي، حيث تراجع من 1.54 مليون كيس في بداية العام إلى 0.61 مليون كيس في 9 أغسطس (آب) الماضي، بانخفاض يفوق الـ60 في المئة.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن العوامل التي أدت إلى "أزمة البن" العالمية هي التقلبات المناخية في دول عدة خصوصاً البرازيل المنتج الأول للبن، إذ تسببت موجات من الجفاف والصقيع والأمطار في خفض الإنتاج السنوي بنسبة 16.9 في المئة، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على سلاسل التوريد بدءاً من الزراعة حتى التوزيع، وكذلك أدت إلى اضطرابات العمالة في فيتنام وكولومبيا، نجم عنه نقص الإنتاج في البلدين بمتوسط خمسة في المئة، والعامل الأخير هو ارتفاع كلفة الطاقة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى زيادة مصروفات الإنتاج والشحن وأسعار الأسمدة.

ورجح تقرير أصدرته وزارة الزراعة الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي أن يرتفع إنتاج العالم من القهوة خلال الموسم الزراعي 2022- 2023 إلى 175 مليون كيلوغرام بدلاً من 134 مليون كيلوغرام في الموسم الزراعي 2021- 2022.

اقرأ المزيد