Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسيرة الفنانة التشكيلية فهيمة أمين في معرض فني بالقاهرة

جسدت لوحاتها الكثير من مظاهر الحياة اليومية في القرية والمدينة ووثقت السير الذاتية لفناني عصرها

تنوعت الخامات التي استخدمتها فهيمة أمين ما بين الرصاص والباستيل والألوان المائية والزيت (اندبندنت عربية)

شهدت بدايات القرن الـ 20 في مصر نهضة ثقافية ومن بينها تطور الفنون البصرية بجميع أشكالها، مع وجود جيل جديد من الفنانين أتيحت له الدراسة في كلية الفنون الجميلة التي أنشئت مطلع القرن الماضي، والتوسع في إرسال المبعوثين للخارج لدرس الفن في أوروبا.

وكان للنساء من الفنانات حضور ومشاركة في الحركة الفنية، فدرست المرأة الفنون بشكل ممنهج، وبدأ إنتاجها في الظهور والمشاركة في الساحة الفنية، ومن بينهن الفنانة فهيمة أمين التي تنتمي إلى الرعيل الأول الذي أتيح له درس الفن بأسلوب منهجي رسمي خلال الحقبة التي جاءت بين الحربين العالميتين، وأسهمت في انطلاق نهضة مصرية شاملة من بينها نهضة نسائية تحققت للمرأة المصرية خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن الـ 20 في صورة قفزات مهنية وثقافية واجتماعية.

وحالياً يشهد "غاليري أكسيس" بالقاهرة معرضاً استعادياً للفنانة فهيمة أمين يعرض تاريخها الفني ومشوارها كواحدة من الفنانات الرائدات في مصر، كما يقدم ملمحاً عن طبيعة الحياة الاجتماعية والثقافية خلال هذه الفترة.

أعمال متنوعة

وتنوعت أعمال الفنانة بشكل عام ما بين البورتريه الذي تميزت فيه وقدمته بخامات مختلفة، إضافة إلى الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية، واعتمدت خامات مختلفة أبرزها الألوان المائية والباستيل والزيت.

وعن حياة الفنانة وتاريخها يقول ابنها الوحيد الفنان التشكيلي ناجي موسى لـ "اندبندنت عربية" إن " فهيمة أمين ولدت عام 1918 في أوج تصاعد الحس الوطني قبل قيام ثورة 1919 لأبوين من محافظة أسيوط جنوب مصر، إلا أنهما يقيمان بالقاهرة في حي عابدين العريق الذي شهد طفولتها وشبابها، حيث كان والدها يعمل بالتجارة ووالدتها نالت أعلى مستوى تعليمي متاح للنساء في ذلك الوقت، إذ حصّلت شهادة تتيح لها ممارسة التمريض والتوليد".

 

ويضيف موسى، "حرص الأب على توفير أقصى درجة من جودة التعليم لأبنائه، فالتحقت فهيمة بالمدرسة الابتدائية ثم بمدرسة الأميرة فوزية التي كان يتولى إدارتها السيدة إنصاف سري التي كان لها أكبر الأثر في طالبات المدرسة وغرس القيم الدافعة للتميز".

ويتابع، "في عام 1938 حصلت فهيمة على الشهادة التوجيهية بعد ستة أشهر من جلوس الملك فاروق على العرش، وخلال تلك الفترة كانت بدأت تنجلي آثار الحرب العالمية الأولى وبدأ تدارك آثار الانهيار الاقتصادي الكبير الذي خلفته، وفي هذه الأثناء وفي العام نفسه جرى افتتاح معهد المعلمات العالي للفتيات، وكان من ضمن أقسامه قسم الفنون الجميلة للرسم والتصوير، فالتحقت به الفنانة فهيمة أمين وكانت من ضمن ست فتيات فقط التحقن بهذا القسم، وكانت مدة الدراسة فيه خمس سنوات، ثلاث لمواد فنية وعلمية مثل الزخرفة والطبيعة الصامتة والنحت والتصوير والتشريح والرسم الهندسي، ثم سنتان لدرس طرق التدريس".

تأثير الحرب في الفنون

وكان لاندلاع الحرب العالمية الثانية تأثير كبير في جميع مناحي الحياة عبر العالم كله ومن بينها الفنون، وقد كانت دراسة الفنانة فهيمة أمين في المعهد في أوج اشتعال أحداث الحرب بكل تأثيراتها.

 

ويقول موسى "أتمت فهيمة دراستها في المعهد وتخرجت عام 1944 لتلتحق بالعمل بوزارة المعارف كمعلمة بمدارس الفنون والزخرفية للبنات، وكان لاشتعال الحرب العالمية الثانية أثر كبير في التجارة العالمية تسبب في وجود أزمة حقيقية في المواد والخامات المستوردة ومن بينها مستلزمات الأعمال الفنية، فتظهر كثير من اللوحات التي رسمتها الفنانة خلال تلك الفترة استعمالها لوجهي المسطح أو تقسيمها له لدراسات منفصلة، وبعد سنوات وفي إطار سعيها لمزيد من التعلم التحقت بالقسم المسائي للمعهد الإيطالي للفنون ليوناردو دافينشي لتضيف تجربة جديدة إلى رصيدها الفني".

ويواصل موسى أنه "إلى جانب أعمالها الفنية اتخذت اهتماماتها منحى آخر، وهو قيامها بتوثيق سيرة عدد من زملائها خلال هذه الحقبة، وبالفعل أعدت قاموساً يضم السير الذاتية لفناني عصرها باعتبار أن كثيراً من فناني تلك الحقبة لم يتم تدوين تاريخهم وتوثيق أعمالهم بالقدر الكافي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نهضة في مجال فن التصوير

وخلال هذه الفترة كان هناك اهتمام كبير بالفنون في مصر، وكان هناك تأثر بالفن العالمي من خلال إرسال بعثات للخارج لفنانين درسوا في أوروبا وتأثروا بالمدارس الفنية، إضافة إلى مرور سنوات على إنشاء كلية الفنون الجميلة في مصر وبدء ظهور أثرها في المجتمع من خلال تخريج جيل من الفنانين درسوا الفن بشكل ممنهج، وتأثر كل فناني هذا العصر بهذا التوجه السائد ومن بينهم الفنانة فهيمة أمين.

 

يقول موسى، "في هذه الفترة كان هناك اهتمام كبير ونهضة لفن التصوير في مصر بعد أن جرى تجاهله فترة طويلة على الرغم من أنه يمت بصلة وثيقة للفن المصري القديم، إلا أنه خلال تلك الفترة كان هناك توجه عالمي سائد بفكرة القومية بعد سقوط الإمبراطوريات واحدة تلو الأخرى، ومع استقلال مصر عن الخلافة سنة 1923 سعت إلى العودة لهويتها بصورة كبيرة، مما دفع كثيراً من الفنانين للتطلع إلى منجزات الماضي الحضارية، ومنها الفنون وبينها فن التصوير الذي شهد نهضة كبيرة خلال هذه الفترة".

ويضيف، "قدمت فهيمة أمين أعمالاً بخامات مختلفة كأقلام الرصاص والألوان الباستيل والألوان المائية وفي مرحلة لاحقة لوحات زيتية، وتنوعت موضوعاتها بين البورتريهات والطبيعة الصامتة ومشاهد فلكلورية من المدينة مثل ألعاب البيانولا والأراجوز، إضافة إلى مشاهد تمثل لقطات لمناطق ريفية بجميع مفرداتها التقليدية تمثل تجربة فنية رائدة للفنانات التشكيليات في مصر".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة