انتقلت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى شمال شرقي ولاية بنسلفانيا للانضمام إلى التجمع الانتخابي الحاشد في مدينة ويلكس بار الذي تحدث فيه ترمب للمرة الأولى بعد دهم مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) منزله في منتجع مارالاغو في فلوريدا.
وكنت قبل ذلك بوقت قصير توجهت إلى مكتب للحزب "الديمقراطي" في ولاية بنسلفانيا جرى افتتاحه في مدينة سكرانتون، ويقع في شارع بايدن، مما يذكر بارتباط جذور الرئيس الحالي بهذه المدينة، وشهد الإعلان عن ترشيح المدعي العام جوش شابيرو لمنصب حاكم الولاية.
وبالطبع، تعد بنسلفانيا أحد أكبر ميادين التباري بين الحزبين [في معركة السيطرة على مجلسي الكونغرس]. ويجدر التذكير بأن السيد ترمب رفع أكثر من 40 دعوى قضائية في هذه الولاية خلال انتخابات عام 2020 للاعتراض على نتائجها، ونجح شابيرو في إسقاطها كلها، مما جعله هدفاً كبيراً لتجمع أنصار الحزب الجمهوري. ويترشح في وجه شابيرو أحد أكبر مؤيدي ترمب في الحزب الجمهوري في ولاية بنسلفانيا هو السيناتور دوغ ماستريانو الذي دفع كلفة حافلات نقل المتظاهرين إلى واشنطن في السادس من كانون الثاني (يناير).
في ما يأتي قائمة بأبرز "خمس وجبات خفيفة" من الملاحظات التي سجلتها خلال رحلتي الخاطفة التي استغرقت أربع ساعات، في شمال شرقي ولاية بنسلفانيا (وهي لا تشمل سندويشات شرائح اللحم والجبن والطعام الإيطالي).
ترمب يستخدم دهم المحققين منزله في مارالاغو لإطلاق المعركة والحشد السياسي
لم يكن مفاجئاً أن اقتحام منزل ترمب في منتجع "مارالاغو" لم يسهم في تخفيف حدة الغضب لدى الرئيس السابق، إذ إنه لجأ إلى إلقاء أحد أكثر خطاباته عدوانية التي سمعتها منذ وقت طويل. فقد أخبر المحتشدين أن "هذا الانتهاك الفاضح للقانون سيؤدي إلى رد فعل عنيف لم يشهده أحد من قبل".
وبشكل واضح، تجاوب الجمهور في مدينة ويلكس بار مع ترمب وصفق بصخب حينما تحدث الرئيس السابق عن تفتيش منزله في مارالاغو. وللمناسبة، أحضر ترمب معه محاميته كريستينا بوب لحضور ذلك التجمع ذاته أيضاً، مما يشير بوضوح إلى أنه ينظر إلى الحدث على أنه عرض تلفزيوني متطور يشارك فيه عدد من اللاعبين، فكأنه حلقة من برنامجه "ذا أبرنتيس" The Apprentice الذي يؤدي الشخصية الرئيسة فيه. وتدل حقيقة أنه أحضر محاميته إلى التجمع على احتمال موافقته على الطريقة التي برأت بها نفسها على شاشة التلفزيون، على الرغم من أنها كانت موضع سخرية كبيرة.
ترمب يفصح عن كرهه لفيترمان لكن موقفه لا يصب في مصلحة الدكتور أوز
تمثل أحد أبرز المشاهد السياسية في ظل تصاعد حدة الاستقطاب بين الحزبين في حديث دونالد ترمب عن نائب حاكم الولاية جون فيترمان، وهو مرشح الحزب الديمقراطي لمقعد بنسلفانيا في مجلس الشيوخ، أنه "كان يرتدي ملابس رياضية متسخة للغاية وثياباً يبدو فيها أحياناً كأنه مراهق يقضي أوقاته في تعاطي المخدرات داخل قبو منزل والديه". ثم ذهب إلى أبعد من ذلك متهماً السيد فيترمان بأنه "يدعم أوكار المخدرات الممولة من دافعي الضرائب، ويؤيد إلغاء تجريم تعاطي المخدرات غير المشروعة بشكل كامل، بما فيها الهيروين والكوكايين والـ"كريستال ميث" [من مشتقات مادة ميثامفيتامين التي تملك تأثيراً إدمانياً مرتفعاً] ومخدر "فنتانايل" الشديد الفتك بالإنسان الذي للمناسبة يتعاطاه بنفسه"، وفق تعبير ترمب.
وبالطريقة ذاتها التي يحتقر بها دونالد ترمب السيد جوش شابيرو لتوجيه ضربة إليه في المحكمة [أثناء انتخابات الرئاسة في 2020]، فإن لدى السيد فيترمان نفسه سبباً لإغضاب الرئيس السابق، نظراً إلى أنه كثيراً ما رفض تأييد مزاعم ترمب في شأن تزوير اقتراع الناخبين عام 2020. واستفاد الديمقراطيون من موقفه واستعملوه نموذجاً في شن حملات مكثفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الدكتور أوز لتحدره من نيو جيرسي المجاورة. ولم يساعد موقف ترمب أبداً مرشحه المفضل لعضوية مجلس الشيوخ وهو الطبيب ومقدم البرامج التلفزيونية محمد أوز، بعدما منحه دعماً كبيراً للترشح في الانتخابات التمهيدية.
وبوضوح، لم يحظ الدكتور أوز بكثير من التصفيق كذاك الذي لقيه الرئيس السابق أو حتى السيد ماستريانو خلال الحشد، سواء لدى إلقاء خطابه أو حينما انضم إلى ترمب.
وفي مرحلة ما خلال إلقاء دونالد ترمب خطابه، صاح أحد الحضور "إنه رينو" RINO [اختصار لعبارة "جمهوري بالاسم فقط" Republican In Name Only التي تستخدم للتهكم على سياسيي الحزب ممن لا يلتزمون بصرامة مواقف الجمهوريين]. وكررت العبارة مارلين لاسكا التي كانت بين الجمهور مرتدية قميص دعم السيناتور دوغ ماستريانو، حينما تحدثت معها بعد التجمع إذ أخبرتني "لا أثق بأنه سيفعل ما هو صحيح لأميركا ولـ’أميركا أولاً‘ [الشعار المفضل لترمب]"، على الرغم من أنها لمحت إلى نيتها التصويت للدكتور أوز. وأضافت "يجب أن أصوت له لأنه، كما تعلم، نحتاج إلى الحصول في الأقل على ’جمهوري بالاسم فقط‘ بدلاً من فيترمان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الجمهوريون يريدون التصويب على الديمقراطيين في موضوع الجرائم، والديمقراطيون يردون بالمثل
شكلت كلمة الرئيس الأميركي السابق التي زعم فيها أن فيترمان يتعاطى المخدرات الجزء الأكبر من خطاباته المنددة بوضع الجريمة في الولاية. فقد تحدث ترمب عن الحاجة إلى "ترك شرطتنا وشأنها" وفق كلماته، أثناء توجيهه الانتقاد إلى وزارة العدل. وتحدث أيضاً عن سلسلة من الجرائم المختلفة التي ارتكبت في منطقة فيلادلفيا، واعتبرت فال بيانكانييلو وهي مندوبة سابقة لترمب أنها ربما تكون قضية تنظيمية للجمهوريين.
وأضافت "هذا الموضوع يدور في أذهان كثيرين من سكان ولاية بنسلفانيا، لا سيما منهم أولئك الذين يعيشون في فيلادلفيا والمناطق المحيطة بها".
على نحو مماثل، أصابت حملة الدكتور أوز السيد فيترمان بسهامها لتوظيفه الأخوين لي ودينيس هورتون في حملته، علماً أنهما دينا بتهمة قتل من الدرجة الثانية. ففي عام 2020، أوصى مجلس العفو في الولاية بقيادة السيد فيترمان نفسه بتخفيف العقوبة (30 عاماً في السجن) عنهما، استناداً إلى واقع أنهما على الأرجح لم يعرفا أن الشخص الذي أقلاه عام 1993 كان قاتلاً. ووصفت حملة فيترمان ذلك بأنه "تشويه مؤسف ويائس".
وبالمناسبة، فحينما توجهت بالحافلة إلى مدينة ويلكس بار عبر منطقة ليهاي كاونتي، استوقفتني إحدى اللافتات المنددة بالرئيس الأميركي بايدن بدعوى مطالبته بـ"سحب تمويل الشرطة"، على الرغم من حقيقة أن بايدن دعا إلى تمويلها.
ووقع أمر مشابه في الحدث الذي نظمه الديمقراطيون في سكرانتون، فقد تحدث السيد شابيرو عن السلامة العامة، كاشفاً عن أنه يخطط لتوظيف أكثر من ألفي عنصر شرطة "كي يشعر الناس بالأمان" حينما يرون سلطات إنفاذ القانون. وقوبل كلامه بتصفيق حار.
تفادي التطرق إلى موضوع إسقاط قانون تشريع الإجهاض
أثبت الحكم الصادر في قضية "دوبس ضد جاكسون" Dobbs v Jackson [قرار اتخذته "المحكمة العليا" ويقضي بالسماح للولايات الأميركية بحظر عمليات الإجهاض] أنه لا يحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهوريين على امتداد البلاد. في الوقت ذاته، استطاع الديمقراطيون التفوق في عدد من الانتخابات الخاصة، وآخرها قلب المقعد الوحيد لولاية ألاسكا في الكونغرس الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ نحو 49 عاماً. وتطرق ترمب إلى مسألة الإجهاض مرات عدة، مشيراً إلى أنه يدعم وضع استثناءات [تتيح إجراء الإجهاض]، لكنه هاجم الديمقراطيين على موقفهم من مسألة الإجهاض.
ووفق كلماته، "إن القرار المناسب ستتخذه الولايات في أي حال، وفي ولاية بنسلفانيا لدي شعور بأن القرار سيكون مثيراً للاهتمام، لكن الأمر متروك في نهاية المطاف للولايات".
في ذلك الصدد، يعود السبب الحقيقي في غياب موضوع الإجهاض عن الخطابات التي ألقاها ترمب وترك قرار بته للولايات، إلى حقيقة أن الحكم الصادر في قضية "دوبس ضد جاكسون" الذي نقض الحق في الإجهاض بعد أن ضمنه الحكم في قضية "رو ضد وايد" [عام 1973]، جاء نتيجة لترشيح ترمب القضاة الثلاثة في "المحكمة العليا" وهم بريت كافانو وإيمي كوني باريت ونيل غورساتش.
© The Independent