Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات صعبة للتضخم في أفريقيا والضرائب تتصدر الخيارات

البنك الدولي يحذر من صدمات وشيكة

توقعات بزيادة معدلات ارتفاع التضخم في عدد من دول قارة أفريقيا (أ ف ب)

فيما تعيش القارة الأفريقية أوضاعاً اقتصادية صعبة خلال الفترة الماضية، رفع خبراء الاقتصاد توقعاتهم للتضخم في كثير من الاقتصادات الرئيسة بأفريقيا. وفي الوقت نفسه كشف البنك الدولي عن أن فرض ضرائب على السلع المضرة بالنمو والصحة العامة على الأجل الطويل هو أحد الحلول الفعالة في مواجهة أزمة التضخم والعجز المالي الضخم الذي تواجهه الحكومات منذ بداية جائحة كورونا وانتهاء بالحرب الروسية في أوكرانيا.

وأظهر استطلاع حديث أن دولاً تشمل غانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا ستشهد تضخماً أعلى خلال العام الحالي مما تم توقعه سابقاً، وكانت أنغولا الدولة الوحيدة التي جرى خفض توقعاتها، وأبرز تغيير في التوقعات لمتوسط التضخم على مدار العام الحالي في غانا حيث ارتفعت التوقعات إلى 26.6 من 19.1 في المئة خلال الاستطلاع السابق الذي أجري في مايو (أيار) الماضي.

كما تسارع التضخم في غانا خلال يوليو (تموز) الماضي إلى 31.7 في المئة مدفوعاً بأسعار النقل والغذاء وهي أسرع وتيرة خلال 19 عاماً، وستزيد التوقعات بارتفاع التضخم إلى جانب تراجع العملات والحاجة إلى استمرار تشديد السياسة النقدية في القارة.

وارتفع التضخم في نيجيريا أكبر اقتصادات أفريقيا إلى أعلى مستوى تقريباً خلال 17 عاماً خلال يوليو الماضي، نظراً إلى زيادة كلف الخبز والحبوب والغاز والنقل.

السودان يتصدر معدلات التضخم في أفريقيا

ورفع خبراء الاقتصاد توقعاتهم على مدى العامين المقبلين في الاستطلاع، فيما وصل متوسط التضخم إلى 18 في المئة خلال 2022 و14.6 في المئة خلال 2023، بارتفاع من 15.8 و13.6 في المئة عبر الاستطلاع السابق.

ووفقاً لـ "تريدنغ إيكونوميكس" فإن "أعلى 10 معدلات للتضخم في أفريقيا تأتي على رأسها دولة زيمبابوي مسجلة 257 في المئة، تلتها السودان بمعدل بلغ نحو 149 في المئة، ثم إثيوبيا في المركز الثالث بـ 33.5 في المئة، وجميعها خلال يوليو الماضي.

وجاءت غانا في المركز الرابع مسجلة 31.7 في المئة خلال يوليو 2022، تلتها سيراليون بـ 28 في المئة خلال يونيو (حزيران) 2022، وبعدها مالاوي بالمركز السادس بتضخم وصل 24.6 في المئة خلال يوليو 2022.

وفي المركز السابع جاءت أنغولا بتضخم بلغ 21.4 في المئة (يوليو 2022)، ثم نيجيريا في المركز الثامن بتضخم وصل إلى 19.64 في المئة خلال الشهر ذاته. وفي المركز التاسع جاءت رواندا بمعدل تضخم بلغ نحو 19.6 في المئة خلال يوليو 2022، وفي المركز العاشر جاءت بوروندي مسجلة تضخماً عند مستوى 19.06 في المئة خلال الشهر ذاته.

تحسين الموارد بزيادة الضرائب على السلع الضارة

وفي ظل التضخم العنيف كشف المدير العام لقطاع الممارسات العالمية للاقتصاد الكلي والتجارة والاستثمار بالبنك الدولي مارسيلو استيفاو عن أنه يمكن للضرائب الأكثر ذكاء أن تساعد في تعزيز الإيرادات الحكومية والنواتج الصحية،

وأثرت الصدمات الناشئة عن الحرب في أوكرانيا على عدد من البلدان التي كانت لا تزال تعاني جائحة كورونا.

وفيما يتعلق بعدد من البلدان النامية تصاعدت منذ ذلك الحين التحديات التي تواجه المالية العامة التي نجمت عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة والطاقة وارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو.

وفي مواجهة الأزمات المتداخلة زادت جميع البلدان تقريباً إجمال إنفاقها الحكومي والصحي، لكن عدداً قليلاً منها ومعظمها من البلدان مرتفعة الدخل سيكون قادراً على الحفاظ على هذه المستويات خلال السنوات المقبلة، وسيكون من الأهمية بمكان تحسين تعبئة الموارد المحلية على نحو يمكن أن يوسع القاعدة الضريبية على نحو مستدام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إن فرض ضرائب على السلع المضرة بالنمو والصحة العامة على الأجل الطويل هو أحد الحلول الفعالة، فضرائب الصحة العامة هي ضرائب الإنتاج المطبقة على منتجات مثل التبغ والكحول والمشروبات المحلاة بالسكر التي تتسبب في مشكلات صحية وفي إلحاق الضرر بالأفراد والمجتمع ككل، وتشكل هذه الضرائب إحدى أكثر الطرق فاعلية من حيث الكلفة للحد من استهلاك المنتجات غير الصحية وإنقاذ الأرواح مع زيادة الإيرادات الحكومية التي تشتد الحاجة إليها، إذ يؤدي استهلاك التبغ والكحول والمشروبات المحلاة بالسكر إلى أكثر من 11 مليون وفاة باكرة سنوياً (20 في المئة من جميع الوفيات في العالم).

وفي البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تكون للمستويات المرتفعة والمتزايدة لاستهلاك هذه المنتجات آثار وخيمة على نواتج رأس المال البشري والإنتاجية الاقتصادية، ويمكن أن يؤدي رفع الضرائب على التبغ والكحول والمشروبات المحلاة بالسكر إلى تعبئة إيرادات إضافية كبيرة مما يساعد الحكومات في تدبير الموارد التي تحتاج إليها لزيادة الإنفاق المرتبط بالتنمية.

وأشار إلى أن نجاح ضرائب الصحة العامة يتوقف على أمور عدة منها كيفية تصميمها وتطبيقها وكذلك على البيئة التي تتطور فيها، فضرائب الصحة العامة في نهاية الأمر هي جزء من النظام الضريبي الأكبر في أي بلد، ولهذا السبب يمكن أن تلعب البيئة السليمة للاقتصاد الكلي والمالية العامة دوراً كبيراً في مدى تحقيقها للغرض المقصود منها، وينبغي تصميم ضرائب الصحة العامة لتحقيق أقصى قدر من الفاعلية، فعلى سبيل المثال بالنسبة إلى معظم المنتجات غير الصحية تؤدي الضرائب المحددة المستندة إلى الحجم لنواتج صحية أفضل من الضرائب على أساس القيمة، لأنها تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الاستهلاك، كما تؤدي إلى انخفاض التباين في الأسعار مما يحسن الكفاءة الاقتصادية، ومن الأسهل أيضاً تحصيل ضرائب محددة مما يحسن الامتثال الضريبي.

هيكلة ضرائب محددة بشكل مختلف

وفي الوقت نفسه فإنه يمكن أيضاً هيكلة ضرائب محددة بشكل مختلف، فعلى سبيل المثال يمكن أن تستند الضرائب المحددة على المشروبات إلى حجمها أو محتواها من الكحول أو السكر، وتحديد أي مكون من مكونات المنتج يخضع للضريبة هو جزء من تحديد قاعدة الضريبة، ويمكن أن يكون لهذا القرار عواقب بعيدة المدى، وعندما يستخدم محتوى الكحول أو السكر كأساس لفرض الضرائب يمكن أن تتغير أنماط الإنتاج والاستهلاك إلى الأفضل، فالمنتجون لديهم حوافز أكبر لإعادة تكوين منتجاتهم وزيادة تسويق المنتجات الأقل ضرراً، أو يمكنها أن تنقل كلفة زيادة الضرائب إلى المستهلكين مما يخفض الاستهلاك في هذه العملية.

وفي كلتا الحالين ينخفض استهلاك الكحول أو السكر، وإن لم يكن بالضرورة استهلاك المشروبات بشكل عام، ومن ناحية أخرى فإن الضرائب على الحجم ترفع أسعار جميع المنتجات ومن ثم تخفض الاستهلاك الكلي، ومن الشائع فرض ضرائب محددة على محتوى الكحول لكن فرضها على المشروبات المحلاة بالسكر هو أمر حديث العهد.

كما أن هناك ابتكارات مثيرة آخذة في الظهور بما في ذلك استخدام الحدود الدنيا والمستويات في جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وفي كلتا الحالين تظهر الشواهد الناشئة أن استخدام محتوى السكر كأساس للضرائب يمكن أن يكون فعالاً في تحفيز المنتجين على إعادة تكوين وخفض المحتوى من السكر، ولكن في وقت ترتفع فيه معدلات التضخم يجب أن يحرص واضعو السياسات على ضمان ألا يؤدي التضخم إلى تآكل فاعلية هذه الضرائب، ومن المنطقي مراجعة الضرائب المفروضة على المنتجات غير الصحية بصورة دورية لمراعاة تضخم أسعار المستهلكين.

وأشار البنك الدولي إلى أن استخدام ضرائب الإنتاج لتحسين النواتج الصحية ليس بالأمر الجديد، فغالباً ما يتم استخدام هذا النهج للحد من استهلاك التبغ على سبيل المثال، وقد أسهم البنك الدولي والشركاء الآخرون إسهاماً كبيراً في هذا المجال على مدى العقد الماضي، وأسهم فريق من البنك الدولي أخيراً في كتاب جديد مهم صادر عن منظمة الصحة العالمية وكلية "إمبريال كوليدج - لندن" بعنوان "ضرائب الصحة العامة: السياسات والممارسات".

ولفت إلى أن ضرائب الصحة العامة سيكون لها دور متزايد الأهمية في الأنظمة الضريبية، لكن كيفية تصميمها وتنفيذها وإدارتها ومتابعتها ستحدث أثراً كبيراً في كيفية تحقيقها نواتج صحية وإيرادات.

ويستفيد مسار العمل الذي أنشئ حديثاً في شأن ضرائب الصحة العامة في إطار البرنامج العالمي للضرائب التابع لقطاع الممارسات العالمية للاقتصاد الكلي والتجارة والاستثمار، بالتعاون مع قطاعات الممارسات العالمية للصحة والفقر والحوكمة، من هذه الجهود لمساندة إصلاحات ضرائب الصحة العامة في مختلف أنحاء العالم.

اقرأ المزيد