Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تمر بـ"واقع مر"؟ لا تهرب فهذه طرق المواجهة

هناك حلول للتعامل بطريقة أفضل مع الأزمات من بينها الرياضة والتأمل

عندما تهرب من الواقع ويلاحقك طيفه أينما حللت (بيكسا باي)

عندما يقع المرء فريسة لما يمر به من ظروف صعبة، غالباً ما يكون لديه رد فعل لا إرادي سريع، ثم يبدأ باستيعاب الموقف أو الظرف والتصرف بحسب شخصيته، فبعضهم قد يلجأ إلى التفكير بهدوء، وآخرون يهربون من واقعهم بالسفر أو الهجرة، وقد ينجر بعضهم لدوامات الإدمان فيهرب من واقع مؤلم إلى آخر أشد إيلاماً، ولأن الإنسان عادة ما يواجه ظروفاً صعبة، لذا من المهم أن نجيب عن ذلك السؤال، كيف نتصالح مع الواقع أو نواجهه بطرق صحية؟

التأمل واليوغا

تقول رندة إنها عادة ما تمارس التأمل، لكنها لا تلجأ إليه إذا ما واجهت واقعاً مزعجاً، بل تجد نفسها تكثر من قراءة القصص الرومانسية، وتغرق بها بشكل كبير، وتجد العزاء في هذا الحب الحالم الذي ينسيها وجع ما تمر به.

في حين تقول مريم يوسف وهي مدربة يوغا إنها تلجأ بشكل مباشر إلى اليوغا وتقضي فترات طويلة لتتعافى روحها، وإن التنفس والتركيز على الأمور الإيجابية يجعلان تقبل الحاضر أسهل من دون الهرب منه، ومواجهته بطريقة مريحة قدر الإمكان. وتضيف "على أية حال فإن أفضل شيء بالنسبة إلي اليوغا، فهي تجمع بين الحركة والسكون، بالتالي تنشيط الجسم وتذوق سكون العقل، فنعيش لحظة اتصال بجسمنا، وتنتهي من ممارستها وأنت تشعر بقوة الجسم والسلام الداخلي، هذا ملخص صغير لما يحدث. بعد كل شيء تشعر بتحسن وأنت على استعداد لمواجهة مشكلتك بعقلانية".

يقول نجيب محمد إنه لم يحدث أن حاول الهرب من الواقع بأية طريقة، بل كان يحاول قدر الإمكان أن يركز على المشكلة التي تواجهه مهما كانت فوق قدرته على التحمل وأن يعطيها وقته من دون تأجيل حتى لا تتراكم، وكان أقصى ما يمكن أن يفعله هو تناول مشروب ما أو قطعة شوكولاته أو طعام لطيف، ليفكر بذهن صاف لحل أية مشكلة، ولم يفكر يوماً بتناول أي مخدر لأنه برأيه لا يحل المشكلة بل يتعامى عنها ويؤجلها من دون فائدة.

نوال جبيلي ترى أن حل أية مشكلة مريرة يحتاج منها إلى قسط طويل من النوم، يجعلها تفكر بطريقة أوضح وبأقل انفعال، تقول "أجعل مشكلتي أو حزني ينام، أحضنه في سريري لأكون جاهزة في اليوم الثاني للتعاطي معه كصديق لحله أو لتقبله"، كما حصل معها يوم علمت بإصابتها بالسرطان.

خطر الإدمان

في المقابل، وبعيداً من تلك الطرق سالفة الذكر، يجد آخرون الحل للهرب من واقع مزعج، في عيش واقع آخر أو حلم أو وهم، بتعاطي أدوية مهدئة من دون وصفة طبيب، وتنتهي الحال ببعضهم إلى إدمان المخدرات.

الأب مجدي علاوي أنشأ جمعية سعادة السماء الخيرية الاجتماعية التي من بين نشاطاتها مراكز علاج المدمنين على المخدرات، ويقول لـ"اندبندنت عربية" إن ظاهرة تفشي المواد الإدمانية والمواد المؤثرة في النفس التي تطاول فئة الشباب في أعمار مختلفة أصبحت تشكل خطراً كبيراً يهدد العالم. أمام هذا الواقع الخطير الذي يمر به الشباب، لمواجهته لا بد من وضع خطط عملية تناسب حاجاتهم وتساعدهم في تبني حياة خالية من المخدرات.

ويضيف أن الجمعية تستقبل أي مدمن يلجأ إليها وتعتمد أسلوب "العلاج بالإيمان"، موضحاً "في الوقت نفسه نعمل لضمان تطور متوازن على جميع المستويات الفكرية والنفسية والجسدية والاجتماعية للمستفيدين ضمن المجتمع العلاجي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع علاوي، "الحب والإيمان والرحمة والعدل أساس كل المراحل والخدمات التأهيلية المتوفرة، وتهدف مدة التأهيل التي يقضيها المدمن إلى مساعدته في تخطي مشكلة الإدمان وإعادة انخراطه في المجتمع، ليس هناك من مستحيل إذا وجد المدمن إرادة الله في قلبه وثبت وصمم على الحياة".

غالباً ما يكون اللجوء إلى المخدر نوعاً من الهرب إما من وضع عائلي أو اقتصادي أو نفسي، وقد يبدأ بتجربة مع بعض الشبان لينتهي الأمر بإدمان يحتاج إلى وقت كبير للتخلص منه.

ويعتبر علاوي أن الصلاة هي جزء كبير من الشفاء، لذا بنى في قرية الإنسان في المعيصرة في كسروان كنيسة ومسجداً ليصلي أي شخص يعالج من الإدمان على طريقته.

أنواع الهرب

تقول الدكتورة كارول سعادة الاختصاصية في العلاج النفسي لـ"اندبندنت عربية" إن لكل شخص طرق مواجهة للضغوط النفسية التي يمر بها في حياته، كما لديه آليات دفاعية واعية ولاواعية، وتضيف "الكل يهرب من الواقع بشكل أو بآخر، لكن الهرب يختلف من شخص إلى آخر، فيكون لدى بعض طويلاً ومزمناً فيتحول إلى مرض".

وتتابع "عادة نفرق بين ثلاثة أنواع من الهرب، الواعي الذي يختاره الشخص بشكل اختياري لأسباب واضحة، فيختار السفر أو الهجرة ويكون على معرفة تامة بأنه لا يستطيع أن يواجه واقعاً ما فيبقى أحياناً خارج المنزل أو المكان الذي يزعجه، وهناك الهرب اللاواعي ويتجلى في إدمان ما قد يكون على المخدرات أو الطعام أو العمل أو الإنترنت أو الألعاب الإلكترونية أو حتى إدمان على أشخاص معينين يتعلقون بهم بشدة، ولا يكون الشخص مدركاً أنه يهرب من واقعه".

أما النوع الثالث من الهرب بحسب سعادة فيكون بشكل مرضي، وهنا ينقطع الإنسان كلياً عن الواقع الذي يعيش به، وقد يصل فيه بعض الأشخاص إلى درجات الهذيان والهلوسة، مستدركة "إذا وجدنا أن شخصاً ما غير قادر على التعاطي مع واقعه وأنه يحاول الهرب منه ولا يتمتع بالمرونة النفسية للتفاعل معه، وأن الأمر ليس مجرد رد فعل سريع، وإنما أصبح يشبه طريقة عيش، فهذا الهرب من الواقع يكون هرباً مرضياً".

أسباب الهرب وعلاجه

وتضيف سعادة أن أسباب الهرب من الواقع تختلف من شخص إلى آخر بحسب شخصيته، فهناك من يكون لديه القدرة على التأقلم والتعامل مع واقعه، وتكون له آلياته الدفاعية لمواجهة الضغوط النفسية، مشيرة إلى أن الهرب ليس مرتبطاً بسن محددة، فينطبق الأمر على الجميع، فالطفل مثلاً قد يهرب من الواقع عن طريق ابتداع الصديق الخيالي، والمراهق قد يكون هربه إدمانياً كأن يدمن على الرياضة أو أي إدمان آخر كالأكل أو سواه، وكذلك فإن الشخص الراشد قد يهرب أيضاً بطريقته الخاصة من الواقع.

 

وعادة ما يكون الهرب من الواقع أو مواجهة الضغط النفسي سلوكاً سلبياً بحسب سعادة، موضحة أن بعضهم لا يجيد هذا الهرب فيحمل معه ضغوطه أينما ذهب من دون أن ينتبه، وتظهر معاناته على شكل اضطرابات نفسية وجسدية، أو يكون بحال شعور مزمن بالحزن أو الاكتئاب، وقد يعتقد أحياناً أنه تخطاها، لكنها تعود إلى الظهور بأشكال مختلفة. أما الهرب بالفن أو بالتأمل أو العلاج النفسي فيعد آلية دفاعية إيجابية، ويمكن ألا نسميها هرباً من الواقع بل يمكن اعتبارها محاولة لمواجهة الواقع والتصالح معه.

وقد يكون الهرب جسدياً أو فيزيائياً ذا نتيجة سيئة، فيحاول الإنسان الهرب من المكان الذي يوجد به، فلا يأتي كثيراً إلى البيت أو يتغيب عن عمله، وذلك الأمر ليس صحياً على المدى الطويل.

تعتبر سعادة أن استبدال الهرب من الواقع بحلول مناسبة أكثر يجعل الشخص يتعامل بطريقة أفضل مع المعاناة التي يعيشها، وقد يكون ذلك من خلال الرياضة والتأمل، لكن ليس بشكل مفرط، فلا يذهب من إدمان إلى آخر.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات