Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب الطاقة في أوروبا: سياسة وعقوبات وأعطال

زيادة كبيرة في صادرات أميركا لدول الاتحاد والنرويج تضخ بأقصى طاقتها

تصاعد الخلاف الروسي الأوروبي حول إمداد الطاقة في وقت تستعد دول غربية لمواجهة نقص الغاز ( أ ب)

ما زالت تداعيات وقف شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم" ضخ الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1" إلى أوروبا تتوالى، وسط اتهامات متبادلة بين موسكو وبروكسل حول سبب قطع الغاز. ذلك في الوقت الذي زادت فيه صادرات الولايات المتحدة من الغاز إلى أوروبا لتصل إلى مستوى قياسي الشهر الماضي، بينما وصلت إمدادات الغاز من النرويج للدول الأوروبية إلى أعلى مستوى لها في خمس سنوات ووصلت إلى طاقتها القصوى تقريباً. وجددت شركة "غازبروم" في بيان لها على صفحتها في موقع التواصل "تيليغرام" تأكيد أنها أوقفت الضخ بسبب "تسريب زيت في التوربين الوحيد الذي يعمل في محطة الضغط بورتوفايا"، وأن العطل لا يمكن إصلاحه في الموقع فيما تحول العقوبات على روسيا دون إمكانية إصلاحه في "ورشة متخصصة". وبينما تقول الشركة الروسية إن مهندسي شركة "سيمنز إنرجي" شاركوا في عمليات الصيانة ويعرفون العطل، نقلت وكالات الأنباء عن "سيمنز" أنها لا ترى العطل مبرراً لوقف الضخ. واعتبر المسؤولون الأوروبيون أن شركة "غازبروم" ليست سوى "أداة بيد الكرملين" تضغط بها موسكو على أوروبا لوقف دعمها أوكرانيا في الحرب الدائرة فيها. وصرح رئيس المفوضية الأوروبية بأن "غازبروم" لم تعد "مورداً يمكن الاعتماد عليه"، وأن ذلك سيعجل بعمل أوروبا على تحقيق استقلالها في مجال الطاقة وإنهاء الاعتماد على روسيا. ويعمل خط "نورد ستريم 1" بطاقة ضخ لا تزيد على 20 في المئة من طاقته في الأسابيع الأخيرة، وتشير تقارير الإعلام الغربي إلى أن روسيا تحرق ما تصل قيمته إلى ثمانية ملايين دولار يومياً من الغاز عند بورتوفايا لا يتم ضخها إلى أوروبا عبر خط الأنابيب.

أعطال وعقوبات

بالطبع لا يمكن استبعاد أن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا تؤدي إلى أعطال يصعب إصلاحها في نظم إنتاج ونقل النفط والغاز بسبب عدم قدرة الشركات الروسية على استيراد قطع الغيار أو استخدام شركات الخدمات والصيانة الغربية التي تخشى التعرض لغرامات بسبب العقوبات.

وفي شهر يوليو (تموز) الماضي خلال عملية صيانة مجدولة لخط الأنابيب الذي يمر تحت مياه بحر البلطيق بطول 1200 كيلومتر، قالت شركة "غازبروم" إن خمسة توربينات من بين ثمانية توربينات في محطات تمثل ضغطا على الخط بحاجة إلى صيانة وإصلاح، لكن شركة "سيمنز إنرجي" تمكنت من إصلاح توربين واحد في كندا، بعد أن اتخذت الحكومة هناك قراراً بتعليق مؤقت للعقوبات. وفي ظل تضارب البيانات وغلبة التصريحات السياسية على المعلومات التقنية يصعب معرفة حقيقة أسباب وقف الضخ عبر الخط، الذي يعد أحد الطرق الرئيسة لتوصيل الغاز الروسي إلى أوروبا. وطمأن وزير الاقتصاد الألماني مواطنيه بأن حكومته على علم بقرار "غازبروم" وأن ألمانيا مستمرة في تقليل اعتمادها على روسيا.وأضاف، "إننا الآن أفضل استعداداً مما كنا عليه قبل أشهر. وبلغت مخزونات الغاز في منشآت التخزين لدينا الآن نسبة 84.3 في المئة، بالتالي سيمكننا الوصول إلى هدف ملء المخزونات بنسبة 85 في المئة خلال أيام، كما أننا نحرز تقدماً في توفير الإمدادات عبر طرق أخرى غير خط الأنابيب من روسيا وتطوير سعة التحميل للغاز الطبيعي المسال".

حسب بيانات "بلاتس أناليتكس" تراجعت إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا بشدة الشهر الماضي، نتيجة الأعطال ونتيجة قرار بولندا إلغاء "اتفاقية وارسو ما بين الحكومات" التي تحكم عمل خط الأنابيب البري "يامال – يوروبا" الذي يمر عبر بيلاروس وبولندا.

خطوط بديلة

وخلال شهر أغسطس (آب) كان خط أنابيب "نورد ستريم 1" يعمل بطاقة ضخ 33 مليون قدم مكعب يومياً فقط. وزادت روسيا كميات الضخ عبر خط الأنابيب الآخر "تورك ستريم" لتصل إلى 1.21 مليار متر مكعب الشهر الماضي. وتبلغ طاقة الخط الذي يمر عبر تركيا إلى أوروبا 15.75 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً. كما زادت روسيا أيضاً الضخ عبر خط الأنابيب "ترانس غاز" الذي يمر عبر أوكرانيا إلى أوروبا. كانت الحكومة الأوكرانية أوقفت الضخ عبر محطة ضغط رئيسة على أراضيها ضمن خط "ترانس غاز" في شهر مايو (أيار) الماضي. وبررت ذلك بإعلان "القوة القاهرة" بسبب مخاوف القتال قرب المحطة. ووقتها أكدت شركة "غازبروم" أنه لا يوجد ما يبرر التصرف الأوكراني.

وتحدثت تقارير إعلامية هذا الأسبوع عن أن أوكرانيا تعرض على ألمانيا بيعها طاقة كهربائية لتعويض أي نقص في شبكاتها نتيجة تراجع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي. وحسب بيانات "بلاتس"، وصل حجم الضخ للغاز الروسي عبر خط "ترانس غاز" المار بأوكرانيا الشهر الماضي إلى 1.11 مليار متر مكعب.

ونتيجة تعطل إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، سواء نتيجة المشكلات الفنية التي يصعب إصلاحها بسبب العقوبات أو استخدام موسكو سلاح الغاز للضغط على أوروبا أو إجراءات بولندا وأوكرانيا بتعطيل خطوط الأنابيب عبر أراضيها، زادت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية للقارة الأوروبية الشهر الماضي بشكل كبير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسب بيانات "غلوبال كوموديتيز إنسايت" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز"، فإن نحو 60 في المئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية في أغسطس ذهبت إلى أوروبا. وحسب الشركة المتخصصة في تحليل معلومات سوق الطاقة العالمية فإن الشحنات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال بلغت في بعض الأحيان حداً يفوق حاجة وقدرة الدول الأوروبية المستوردة، مما أدى إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في بعض الأحيان. يذكر أن أسعار الغاز الطبيعي المسال أعلى بكثير من أسعار الغاز الطبيعي الذي ينقل عبر خطوط الأنابيب، ذلك لأنه يحتاج إلى معالجة من المنتجين لتحويله إلى سائل وإلى إعادة معالجة في منافذ التفريغ لدى المستوردين لإعادته إلى غاز، وهو ما يرفع تكلفته ويجعل سعره أعلى.

وفي الشهر الماضي، كانت فرنسا أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، حيث استقبلت 15 ناقلة شحن. وفي المرتبة الثانية جاءت إسبانيا التي استوردت عشر ناقلات شحن من الغاز الطبيعي المسال الأميركي، بينما استوردت هولندا ثماني ناقلات شحن. ومن بين نحو 80 ناقلة شحن غاز طبيعي مسال من الولايات المتحدة استقبلت أوروبا 48 ناقلة.

الغاز النرويجي

أما سبب زيادة حجم الاستيراد فهو حاجة الدول الأوروبية إلى مليء المخزونات استعداداً لفصل الشتاء، وليس فقط تلبية الطلب الحالي على الغاز الطبيعي. وكانت الواردات عبر خطوط الأنابيب من روسيا توفر تلك الزيادة، لكن مع التوقف والأعطال والصراع السياسي بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات تزيد أوروبا وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأعلى سعراً، بخاصة أن المصدر الثاني لأوروبا للحصول على الغاز الطبيعي عبر الأنابيب بعد روسيا هو إنتاج النرويج من الغاز الطبيعي. وبحسب بيانات وأرقام "غلوبال كوموديتيز إنسايت" وصلت إمدادات الغاز الطبيعي النرويجي عبر خطوط الأنابيب للدول الأوروبية إلى أعلى مستوياتها في خمس سنوات الشهر الماضي، وذلك للشهر السابع على التوالي.ووصل حجم الغاز الطبيعي الذي ضخته النرويج لدول أوروبا في أغسطس إلى 9.5 مليار متر مكعب، أي بواقع 306 ملايين قدم مكعب يومياً. كانت ألمانيا أكبر مستورد للغاز النرويجي الشهر الماضي، لتصل وارداتها إلى 3.7 مليار متر مكعب في أغسطس، بينما تراجعت صادرات النرويج لبريطانيا الشهر الماضي قليلاً من 2.2 مليار متر مكعب في يوليو إلى ملياري متر مكعب الشهر الماضي، وذلك بسبب تراجع سعر الغاز الطبيعي في بريطانيا عنه في القارة الأوروبية. وجاءت فرنسا في المرتبة الثالثة من استقبال الصادرات النرويجية من الغاز عبر خطوط الأنابيب عند 1.5 مليار متر مكعب، تلتها بلجيكا التي استوردت 1.3 مليار متر مكعب، بينما بلغت الصادرات إلى هولندا مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. وخلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام بلغت صادرات النرويج من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب للدول الأوروبية وبريطانيا 76.1 مليار متر مكعب، أي بزيادة ستة مليارات متر مكعب على الفترة ذاتها من العام الماضي. زاد ذلك من عائدات النرويج بقوة في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، والمرشحة للزيادة أكثر بعد توقف ضخ الغاز الروسي عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1". ومن المتوقع عدم استطاعة النرويج المحافظة على معدلات ضخ الغاز بالطاقة القصوى، مع عمليات صيانة مجدولة هذا الشهر بخاصة في ثلاثة مواقع رئيسة.

المزيد من البترول والغاز