Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفستق السوري نجا من الحرب فوقع رهن الجفاف والتهريب

الخسائر تفوق 500 ألف شجرة خلال المعارك والإنتاج انخفض إلى النصف

يطلق السوريون اسم الذهب الأحمر على ثمار الفستق الحلبي (اندبندنت عربية)

تلفح الشمس الحارقة جباه مزارعين سوريين توافدوا منذ الصباح بكل جد بغية جني ما تبقى من ثمار شجر الفستق الحلبي، فهي شجرة وارفة الخضرة يتلألأ بين أغصانها كنز من كنوز المحاصيل الزراعية الغنية وثمره لا يقدر بثمن إذ خصت الطبيعة تلك الأراضي المنتشرة في وسط سوريا وشمالها بها، ولاقت انتشاراً واسعاً واهتماماً بالغاً من المزارعين والحكومة على حد سواء.

وبعدما هدأت نيران المعارك التي تسببت في إتلاف 500 ألف شجرة، يسعى زارعو الفستق الحلبي بما استطاعوا إلى التغلب على الجفاف الذي أرهقهم وزاد من أعباء الزراعة وكلفها وسط توقعات بتحسن في الإنتاج ربما يصل إلى 50 ألف طن، بينما قبل الحرب كانت بساتين الفستق الحلبي وأشهرها في حماة وحلب وإدلب وعموم الأراضي السورية تنتج بين 90 إلى 100 ألف طن.

يسجل المهندس الزراعي غسان بكور ملاحظته بتحسن الإنتاج في مناطق سيطرة الدولة بعد عودة الأراضي إلى أصحابها وتوقف المعارك بمناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، "إلا أن الخسائر تفوق 500 ألف شجرة فستق وهي كمية كانت حقاً ستشكل فارقاً في الإنتاج لا يستهان به".

في المقابل، يعدد بكور عوامل مناخية وأخرى بشرية تتسبب في إبقاء الإنتاج ضعيفاً "منها الجفاف الذي لحق بالمحصول ونضوب المياه وشح السماد الذي ارتفع ثمنه عالمياً، وكانت سوريا تأثرت بشكل صادم بهذا الغلاء، إضافة إلى عودة بطيئة للمزارعين الذين ظلوا نازحين طوال الفترة الماضية خارج حدود بلادهم أو انتقلوا إلى العيش في المدن السورية".

أغراض متعددة الاستخدام

ويحظى الفستق الحلبي (استقى اسمه من مدينة حلب) شمال البلاد باهتمام من الفعاليات التجارية إذ يدخل هذا المكون النباتي كحجر أساس في صناعة الحلوى والبوظة، بل ويحجز ركناً في جناح المكسرات وبلغ سعر الكيلو الواحد 20 ألف ليرة سورية ما يعادل خمسة دولارات إذا كان بقشره، ومن دونه يبلغ ما يساوي 15 دولاراً.

الذهب الأحمر هو ما يطلقه السوريون على ثمار الفستق الحلبي، وعلى الرغم مما ناله من ضرر بالغ الأثر في فترة الحرب الأخيرة إذ استحالت الأراضي التي دارت فوق ترابها رحى المعارك إلى مقبرة للفستق، إلا أنه يعاد استثماره من جديد وثمة ترتيب عالمي حظيت به سوريا بتربعها على المرتبة الرابعة عالمياً في الإنتاج عام 2013.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، لا يكترث المزارع محمد نبهان بكل التحديات الخطرة القريبة من أرضه مقابل أن يتابع الاعتناء بشجيرات الفستق التي يحبها والتي عاد بعد طول فراق للاهتمام والعناية بها مجدداً، ويقول "على بعد كيلومترات عدة من أراض تدور بها معارك ومناوشات متقطعة، نحاول الاحتماء من القذائف التي تطلقها الفصائل المتشددة على تخوم ريف حماة ونعاود قطف هذه الثمار من دون توقف".

في المقابل ولأهمية هذا المنتج، استحدثت وزارة الزراعة دائرة خاصة تحت مسمى "مكتب الفستق الحلبي" الذي توقع حصاد ما يزيد على 40 ألف طن، وسط موجة جفاف تركت تأثيرها في المزارعين الذين يحتاجون على الدوام إلى المياه والأسمدة والأدوية والمبيدات الحشرية لإنقاذ أشجارهم، لا سيما أنهم يعاودون الانطلاق من جديد، في حين يسعى المكتب المتخصص إلى تأمين تلك المستلزمات وفق الإمكانات المتاحة بسبب الحصار وضعف استجلاب الأسمدة والأدوية الزراعية اللازمة.

التهريب

إزاء ذلك، يحاول أصحاب الشجرة الذهبية أن يعيدوا ألقها من جديد بالاهتمام والحرص على العمل باجتهاد كي تدر الكميات المفرحة كما سابق عهدها، ويرى المهندس الزراعي بكور أن ثمة عمليات تهريب وتجارة سوداء من أراض حدودية محاذية لتركيا، وأردف "في عدد من أرياف مدن حلب وإدلب المحاذية لتركيا يعكف تجار وبصفقات كبيرة على شراء الفستق الحلبي قبل أن ينضج، عندما تصبح الثمرة حمراء، أي قبل موعدها في منتصف شهر يوليو (تموز) وتشحن إلى تركيا".

وبالتواصل مع مزارعين في مدينة جرابلس الحدودية أفادوا بأن قطافاً كاملاً للأشجار حصل فعلاً قبل موعده وتسلم تجار المحصول، باستثناء قلة من الأراضي التي أبقت ثمار أشجارها للوقت المناسب، ورفضوا اعتبار تصرفهم طمعاً كما يصفه بعض المتابعين، وبرروه بأنه الطريق الوحيد لتسويق منتجهم هذا، إذ إن الطرق مقطوعة إلى أسواق المدينة منذ أعوام، الأمر الذي يعطي إشارة إلى البحث عن وسيلة أخرى لتصريف المنتجات، علاوة على أن ذلك سيخفف جزءًا يسيراً من أعباء مالية إضافية ريثما تنضج الشجرة بالشكل الأمثل.

اقرأ المزيد