Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسطين… الدراجات النارية في القائمة السوداء

14 شاباً لقوا مصرعهم عام 2018 في حين تم إتلاف حوالى 500 مركبة غير قانونية

سمح باستيراد الدراجات النارية إلى الضفة الغربية حتى وصل عددها إلى حوالى 3000 دراجة (اندبندنت عربية)

قبل عام تقريباً، احتج المصور الصحافي شادي حاتم برفقة محبي الدراجات النارية في الضفة الغربية أمام هيئة سوق رأس المال الفلسطينية في مدينة البيرة وسط الضفة، بعد قرار اتحاد شركات التأمين رفع أقساط تأمين الدراجات النارية. حاتم، الذي يبلغ من العمر 26 سنةً ويملك دراجة نارية بمحرك من فئة 400 سي سي، يقول إن "شركات التأمين وبعد سلسلة من الاحتجاجات على رفع أسعار تأمين الدراجات النارية، أصدرت قائمة أسعار جديدة تضع الحد الأدنى لأسعار التأمين من دون وضع حد أعلى، ليبقى تحديد قيمة الخطر الذي قد تسببه الدراجة النارية على اعتبار أنها مميتة منفرداً، وشركات التأمين ترفع وتخفض به متى تشاء. فكل شركة تأمين أصبحت تضع قيمة الخطر على مزاجها وبناءً على السيرة الذاتية لسائق المركبة وقوة المحرك".

وأضاف "بلغ ثمن تأمين دراجتي هذا العام حوالى 1400 دولار، وأنا مضطر لتأمين المركبة حتى لا تصبح غير قانونية. فدراجتي هي كل ما أملك وهي المتنفس الوحيد لي للتنقل بين عملي وبيتي. فطريقي التي تستغرق نصف ساعة وأكثر في السيارة اختصرها على دراجتي النارية بـ 15 دقيقة. لكن للأسف ينظر المجتمع الفلسطيني في كثير من الأحيان إلى من يقود الدراجة النارية على أنه أزعر. وهذه النظرة خاطئة. إذ من خلال كاميرا خاصة مثبتة على خوذتي، أقوم بتوثيق جولاتي على الدراجة النارية بين القرى والبلدات والمدن الفلسطينية، مبيناً جمال تلك المناطق، وأنشر ما أصوره على مواقع التواصل الاجتماعي".

أزمة الدراجات المهربة

توقف استيراد الدراجات النارية في الضفة الغربية عام 2004، بقرار من مجلس الوزراء الفلسطيني بحجة وضع شروط وضوابط السلامة العامة. وفي عام 2006 أعادت الحكومة الفلسطينية تفعيل القرار، الذي يسمح باستيراد الدراجات إلى أن وصل عددها اليوم إلى حوالى 3000 دراجة، وفق إحصاءات وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية في الضفة.

انتشار عدد كبير من الدراجات غير القانونية، أصبح يشكل رعباً لدى كثير من المواطنين الفلسطينيين، خصوصاً أن الشبان من عمر 18 إلى 25 هم من يقدمون على مغامرة اقتنائها من دون معرفة العواقب.

ويقول الناطق باسم الشرطة لؤي أرزيقات إن "14 شاباً لقوا مصرعهم بسبب الدراجات النارية عام 2018، في حين تم إتلاف حوالى 500 دراجة غير قانونية. فحوادث الدراجة النارية مميتة وتزداد خطورتها عندما تكون غير قانونية وسائقها لا يحمل رخصة تؤهله لقيادتها. وعدد الأطفال ممن يقودون مثل هذه الدراجات كبير، وهم تسببوا بكثير من الحوادث نتج منها وفيات وإصابات خطيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن هذه الحوادث "تكثر في مناطق الريف الفلسطيني وفي المخيمات والمناطق البعيدة من مراكز المدن وبعيداً من أعين الشرطة وغالبيتها غير قانونية، يتم تهريبها من إسرائيل إلى أراضي السلطة الفلسطينية. نحن نناشد بشكل يومي أولياء الأمور بضرورة منع أبنائهم من قيادة الدراجات النارية والمركبات غير القانونية، حماية لهم وحفاظاً على حياتهم وحياة الآخرين".

وأضاف "تبذل شرطة المرور الفلسطينية جهوداً حثيثة لمواجهة حوادث الدراجات النارية، ودائماً ما تقوم بفحص المركبات والسائقين ضمن عمليات المتابعة اليومية للدراجات النارية. وهي تلاحق من يزعج المواطنين في ساعات متأخرة من الليل، ومن لا يرتدي أدوات السلامة. وقد تم إتلاف 50 دراجة غير قانونية منذ بداية عام 2019، عدا عن تحرير مئات المخالفات وفق قانون السير تبدأ من 50 دولاراً وقد تصل إلى حد مصادرة الدراجة النارية وإيقاف السائق".

ويشدد على أن "قانون المرور رقم 5 لعام 2000 يمنع قيادة دراجة نارية أو الركوب عليها أو السماح لغير سائقها بركوبها إلا إذا كان معتمراً خوذة واقية من النوع الذي صادقت عليه سلطة الترخيص، ومربوطة بحزام يمنع سقوطها أثناء السير. ولا يجوز لسائق الدراجة النارية ما لم يبلغ الـ 18 من عمره السماح بركوب شخص آخر على الدراجة التي يقودها".

الحكومة تشجع

من أجل التوفير في استهلاك الوقود، وتخفيف الأزمة المرورية، ومواكبة للدول المجاورة في استيراد الدراجات النارية، تشجع وزارة النقل والمواصلات في الضفة استخدام الدراجات النارية، رافضةً ما يقال عن إن الطرقات في فلسطين غير مجهزة للدراجات النارية، وإن البنية التحتية سيئة ولا تتحمل استقبال الدراجات.

ويقول الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات محمد حمدان إن "566 رخصة جديدة منحت لقيادة الدراجات النارية عام 2018، ولم يتم تسجيل أي دراجة نارية قانونية إلا بعد تأمينها والتأكد من استكمال سائقها الإجراءات المطلوبة كافة".

ويشير إلى أن "السائق قبل أن يحصل على رخصة القيادة يجب أن يمر بالامتحانات النظرية والعملية، كما هو معمول به في نظام الحصول على رخص السيارات. لكن المشكلة هي بالدراجات غير القانونية. فمنذ بداية عام 2019 تم ضبط 50 دراجة نارية غير قانونية".

لا للترفيه

مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية أشارت، في وقت سابق، إلى وصول تسعيرة تأمين الدراجات النارية إلى 5 آلاف دولار. وهذا ما نفاه رئيس مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني لشركات التأمين، أنور الشنطي.

ويوضح الشنطي أن "الأسعار المعتمدة لتأمين الدراجات النارية تأتي تقديراً للخطر الذي قد تسببه هذه الدراجات. فصاحب الدراجة النارية المؤمن بـ 1400 دولار لمحرك يفوق 250 سي سي على سبيل المثال في حال توفي في حادث، ستدفع شركة التأمين تعويضات تفوق النصف مليون دولار. وأعتقد بأن الضفة الغربية، ومع ارتفاع نسب الفقر والبطالة، لا يجب أن تستورد دراجات نارية بمحرك أكبر من 250 سي سي من أجل الترفيه والرياضة. فعن أي ترفيه نتحدث إذا كانت البنية التحتية ضعيفة؟".

ويضف "القانون لا يشدّد على سائقي الدراجات النارية كما يجب، والتعويضات التي تدفعها شركات التأمين على مصابي أو قتلى الدراجات النارية مطلقة، أي أنها تدفع علاج المصابين بسبب حوادث الدراجة النارية بالكامل مهما كبرت وطالت مدة العلاج، إضافة إلى تعويض مالي كبير في حالة الوفاة أو العجز الدائم أو الكلي. بالتالي، من حق شركات التأمين رفض تأمين أي شخص إذا كانت لديه سوابق أو متهوراً في القيادة أو يستخدم الدراجة النارية للاستعراضات الخطرة".

مؤامرة على الرياضة

جمعية الدراجين الفلسطينيين للسياحة، أو كما تعرف بـ "فلسطين رايدرز"، اجتهدت لتغيير النظرة المجتمعية السيئة عن مقتني الدراجات النارية، عبر الحصول على ترخيص قانوني من وزارة السياحة والآثار الفلسطينية عام 2016، لتنظيم فريق رياضي يُعنى بسياحة الدراجات النارية وتمكين الدراجين الفلسطينيين وصقل مهاراتهم، عبر جولات سياحية منظمة إلى مناطق فلسطينية تاريخية وغيرها من الفعاليات المجتمعية الهادفة.

يقول إياد الزمط، أحد أعضاء فريق "فلسطين كلاسيك رايدرز"، إن "كل الفرق المنظمة كفلسطين كلاسك رايدرز أو جمعية الدراجين تلتزم السلامة المرورية والأنظمة والقوانين واللباس المطلوب للحماية، ولا توجد استعراضات خطيرة، بل على العكس نحن من شجعنا على ضرورة اقتناء الدراجة النارية كنوع من الرياضة والترفيه المنظم، وشاركنا بعدد من الفعاليات العربية والمحلية، منها رالي عمان الدولي".

ويضيف "لكن هناك من لا يريد لهذه الرياضة أن تكبر وتستمر، وعلى رأسهم شركات التأمين في الضفة الغربية، بحجة الحد من المخاطر الناجمة عن الدراجات النارية. فئة الدراجين هي من أكثر الفئات المظلومة مجتمعياً. فمن جهة، نظرة مجحفة ومن جهة أخرى أسعار استغلالية من قبل شركات التأمين. كما أن عدم قدرة القانون على ضبط ظاهرة الدراجات غير القانونية يؤثر فينا بشكل كبير؟ إذ إن غالبية الوفيات هي من الدراجات المشطوبة والمسروقة".

ويبين الزمط أن استيراد الدراجات النارية جاء لحل الأزمات المرورية ومساعدة الأشخاص من ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون شراء سيارة حتى وإن كانت مستعملة، لكنهم يستطيعون اقتناء درجات نارية بـ 4 آلاف دولار، مشيراً إلى أن رفع أسعار التأمين يُساعد على تعميق ظاهرة الدراجات غير القانونية.

ويضيف أن شركات التأمين التي تدعي دفع تعويضات كبيرة هي مرتبطة إجبارياً بتنفيذ اتفاقية باريس الاقتصادية، التي وقعت بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1994، والتي تقضي بدفع التعويضات بشكل مطلق حتى وإن كان المصاب في الطرف الثالث (المصابين من غير صاحب المركبة) إسرائيلياً، "وبالتالي هي لن تستطيع تغيير أو إلغاء القانون ولا حتى الإضافة إليه".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات