Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تجني روسيا ثرواتها النفطية وسط كماشة العقوبات؟

موسكو حققت عائدات بقيمة 97 مليار دولار بمساعدة مشترين وتجار جدد مع ارتفاع الطلب

موسكو جنت 97 مليار دولار من مبيعات النفط والغاز حتى يوليو هذا العام منها 74 مليار دولار من النفط (أ ف ب)

تضخ روسيا من النفط في السوق العالمية ما يقرب من القدر نفسه الذي كانت تضخه قبل هجومها على أوكرانيا، ومع ارتفاع أسعار النفط  تجني موسكو مزيداً من الأموال، ويبدو أن الطلب من بعض أكبر الاقتصادات في العالم قد منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليد العليا في معركة الطاقة التي تلقي بظلالها على الحرب في أوكرانيا، وأدت إلى إرباك محاولة الغرب لشل الاقتصاد الروسي بفرض عقوبات، واليوم تزدهر المبيعات في سوق التصدير الروسية، الأكبر في العالم من حيث النفط الخام والوقود المكرر، كما أعطت الترتيبات التجارية الجديدة غطاء لبوتين لاستخدام صادرات الغاز الطبيعي كسلاح اقتصادي ضد حلفاء أوكرانيا الأوروبيين، وقبل الحرب الروسية الأوكرانية كانت روسيا تزود أوروبا بـ 40 في المئة من غازها، ومنذ ذلك الحين، خُنقت التدفقات عبر خط أنابيب "نورد ستريم" إلى ألمانيا وقنوات أخرى ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وفرض ضغوط على الأسر والشركات الأوروبية.

97 مليار دولار عوائد موسكو من بيع النفط والغاز

وقالت إلينا ريباكوفا نائبة كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي لـ "وول ستريت جورنال"، "روسيا تسبح في الأموال"، وأضافت أن موسكو جنت 97 مليار دولار من مبيعات النفط والغاز حتى يوليو (تموز) هذا العام منها 74 مليار دولار من النفط وحده، وبحسب وكالة الطاقة الدولية، صدرت روسيا 7.4 مليون برميل من الخام ومنتجات مثل الديزل والبنزين كل يوم في يوليو بانخفاض نحو 600 ألف برميل فقط يومياً منذ بداية العام، وعلى الرغم من أن عديداً من الدول الأوروبية والولايات المتحدة قد خفضت وارداتها من النفط الروسي، إلا أن دولاً في آسيا والشرق الأوسط تشتري المزيد، ما ساعد روسيا في الحفاظ على مستويات تصدير النفط لديها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى مع انخفاض صادرات النفط، حققت روسيا متوسط مبيعات شهرية بقيمة 20 مليار دولار هذا العام مقارنة بمتوسط 14.6 مليار دولار شهرياً في عام 2021، عندما كانت الاقتصادات تتعافى من الانهيار الوبائي، وأظهرت بيانات من شركة "فورتيكسا" لتتبع السفن أن الشحنات كانت ترتفع مرة أخرى في أغسطس (آب) الماضي. وكانت مرونة سوق النفط الروسية قد أثارت ردود فعل متباينة في واشنطن التي تتلاعب بهدفين متعارضين وهما كبح التضخم مع زيادة إمدادات النفط العالمية وإبقاء الضغط الاقتصادي على الرئيس فلاديمير بوتين.

ازدهار مبيعات الطاقة الروسية

وكانت أسعار النفط التي تجاوزت 130 دولاراً للبرميل في الأسابيع الأولى من الحرب، استقرت حول 100 دولار في الأسابيع الأخيرة، بينما لا تزال أعلى من العام الماضي، في حين أدى التراجع إلى انخفاض أسعار محطات الوقود في الولايات المتحدة وأوروبا، وازدهرت مبيعات الطاقة الروسية من خلال إيجاد مشترين جدد ووسائل دفع جديدة وتجار جدد وطرق جديدة لتمويل الصادرات، وفقاً لتجار النفط والمديرين التنفيذيين السابقين في الصناعة ومسؤولي الشحن الروس. وقال سيرغي فاكولينكو، المحلل والمسؤول التنفيذي السابق في مجال الطاقة الروسي "لقد أدركنا أن العالم بحاجة إلى النفط، وليس هناك من لديه الشجاعة الكافية لحظر 7.5 مليون برميل يومياً من النفط والمنتجات النفطية الروسية".

آسيا والشرق الأوسط

وبعد أن قام المشترون في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهم في المحيط الهادئ بخفض وارداتهم من النفط الروسي، ذهب جزء كبير منه إلى دول في آسيا رفضت الانحياز لأي طرف في الصراع، كما ذهب جزء آخر إلى دول شرق أوسطية ما يعزز العلاقات الروسية مع المنطقة ،وفي معظم الحالات يكون النفط الروسي قانونياً للشراء والبيع، ووضعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام المالي تسمح بتدفق مدفوعات النفط إلى البلدان التي لا تفرض عقوبات، وكذلك تمنع أسعار الطاقة من الارتفاع أكثر، في حين تجاوز عديد من المؤسسات الغربية، بما في ذلك البنوك وبيوت تجارة السلع، ما هو مطلوب بموجب القانون، وقالت إنها ستخفض أو توقف أي معاملات تمس النفط الروسي، وترك ذلك للتجار الصغار يقومون بتسهيل الصادرات الروسية عندما قامت شركات مثل "غلينكور بي أل سي" و"غومفور" بإيقاف تعاملها مع النفط الذي تنتجه شركة "روسنفت" النفطية الروسية المدعومة من الدولة.

نقل النفط الروسي في البحر

وتقول الصحيفة إن الوسطاء يقومون بنقل النفط الروسي من سفينة إلى أخرى أثناء وجوده في البحر، وهي مناورة مكلفة، فهي تخفي مصدرها وتملأ سفناً أكبر من أن تصل إلى الموانئ الروسية على بحر البلطيق، ويقول التجار إنه من المحتمل أن يتم ذلك للتأكد من أن المؤسسات المالية، مع مراعاة العقوبات والأضرار التي تلحق بسمعتها، لا تسحب التمويل والتأمين على الشحنات، وللمساعدة في إخفاء الحلول البديلة لتجارة النفط، أنهت موسكو التحديثات الشهرية المتعلقة بإنتاج النفط والبيانات الأخرى ما يجعل من الصعب قياس النشاط، وفي كثير من الأحيان، لم تعد وثائق الموانئ الروسية توضح تفاصيل اتجاه نفط البلاد ومن يقوم بشحنه، وفقاً للتجار، وإعادة النشاط لسوق النفط  قادت إلى استقرار صناعة الطاقة الروسية بعد الخوف من العقوبات التي حدثت في وقت مبكر من الحرب، وقام المشترون الغربيون والمقرضون الأوروبيون الذين يمولون أسواق السلع الأساسية بتجميد روسيا، وفي وقت سابق من هذا العام، يتوقع التجار انخفاض الصادرات الروسية اليومية بما يصل إلى ثلاثة ملايين برميل.

الهند أفضل عميل نفطي لروسيا

كما اتجهت دول مثل الصين وتركيا ودول شرق أوسطية إلى تكثيف مشترياتها بسرعة، مستفيدة من الأسعار المخفضة وفتح طرق تجارية جديدة مربحة للخام الروسي، ويقوم البعض بتكرير النفط الروسي وتحقيق أرباح من تصديره إلى الغرب مثل البنزين والديزل، وتعد الهند الآن أفضل عميل لروسيا حيث انتقلت الشركات هناك، بموجب أوامر حكومية، من واردات النفط الروسية شبه الصفرية إلى ما يقرب من مليون برميل يومياً في غضون أسابيع من الهجوم على أوكرانيا، وقال مسؤول تنفيذي في شركة "إنديان أويل كورب" المملوكة للدولة إن الواردات تراجعت بسبب أعمال صيانة المصافي، لكن الشركة وقعت عقداً مع  "روسنفت" لتأمين الإمدادات حتى عام 2028، وقال إيفغيني غريبوف، الذي استقال في مارس (آذار) من منصبه كمسؤول تنفيذي في شركة "لوك أويل"، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا "سيجد النفط الروسي طريقه الجديد إلى الهند والصين والأسواق الأخرى"، وأضاف "وحتى بيعه بسعر مخفض فهو أكثر من كاف لمواصلة تأجيج الحرب".

حرب الظل

وقال محللون ومسؤولون تنفيذيون حاليون وسابقون في مجال الطاقة، إن روسيا ستكافح على المدى الطويل لتبقى موردة نفط من الدرجة الأولى، مع الإشارة إلى أن هناك قيوداً مادية على كمية الخام الروسي التي يمكن أن تأخذها مصافي التكرير في الهند والصين، ولكن مع تقادم الآلات الروسية وفقدان إمكانية الوصول إلى البرامج الغربية، فإن العقوبات التي تحظر التكنولوجيا تستورد آفاق الطاقة المستقبلية، ولا يوجد أدنى شك بأن فصل الشتاء المقبل سيختبر عزم موسكو وخصومها، فمن المقرر في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، أن يفرض الاتحاد الأوروبي تدريجاً حظراً على النفط الروسي وحظراً عقابياً محتملاً على تأمين وتمويل شحنات النفط الروسية، إذا تم فرض هذا الحظر، وهو ما يشك فيه بعض التجار والمحللين، فإن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تصعيد كبير للجهود لإعاقة الاقتصاد الروسي، وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها قد تجنبوا إلى حد كبير مثل هذه القيود لتجنب زيادة أسعار الطاقة.

الدمار المؤكد

وقال أركادي غيفوركيان المحلل في "سيتي غروب" إن روسيا قد تكافح للعثور على مشترين جدد لحوالى 1.25 مليون برميل من صادرات النفط الخام والوقود التي تتجه حالياً إلى أوروبا كل يوم،  وقالت ليفيا غالاراتي من "إنرجي أسبكتس" إن إنتاج روسيا اليومي من الخام والوقود ذي الصلة المعروف باسم المكثفات قد ينخفض بنحو مليوني برميل بحلول مارس من العام المقبل، من جانبها تحاول واشنطن إقناع بروكسل بالقيود التي من شأنها أن تحد من عائدات النفط الروسية من دون رفع الأسعار، وتريد الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي حظر التأمين على الشحنات فقط إذا لم يمتثل لحد أقصى لسعر البرميل، والهدف هو تقليص صندوق حرب بوتين مع الحفاظ على الأسعار من مستويات عالية جديدة.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية "لا نريد بيع "بيغ ماك" (في إشارة إلى مغادرة ماكدونالدز السوق الروسية) في موسكو، نريد نفطاً رخيصاً يتدفق عبر بحر البلطيق"، في حين أن بعض التجار والمحللين متشكك، فلم يكن هناك تقدم يذكر منذ أن اقترحت وزارة الخزانة الأميركية فكرة الحد الأقصى للسعر في يونيو (حزيران)، بالتالي، فإن المضي في القيود التي اقترحها الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يكشف عن استعداد القارة لامتصاص الآلام الاقتصادية نيابة عن أوكرانيا، ويعتقد كثيرون أن موسكو سترد بقطع إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا التي تدفقت أخيراً بنحو 20 في المئة من طاقتها على خط أنابيب "نورد ستريم" إلى الصفر، وقالت هيليما كروفت رئيسة استراتيجية السلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس" "لقد طرح فلاديمير بوتين الدمار المؤكد المتبادل على الطاولة".

المزيد من البترول والغاز