Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الطاقة تجبر العالم على التفكير خارج الصندوق

الوكالة الدولية تطرح خطة عاجلة من 10 نقاط والترشيد في المقدمة

خفض تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا (أ ف ب)

من رحم الأزمات تولد الحلول، وهذا ما فعلته تحديداً أزمة الطاقة العالمية، أحد أبرز التداعيات السلبية التي خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ اندفع عدد لا يستهان به من دول العالم للتفكير خارج الصندوق والبحث عن وسائل وسبل غير تقليدية، إما لترشيد استهلاك الطاقة أو البحث عن مصادر جديدة متجددة أو حتى ابتكار حلول غير مسبوقة.

اختلفت السبل ولكن الهدف واحد، إذ إن الكل أجمع على ضرورة ترشيد الطاقة خصوصاً الدول الأوروبية التي تخشى البرودة قبل أسابيع من حلول فصل الشتاء، وفيما تسعى دول أخرى للاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز والطاقة إلى مستويات جنونية، أثقلت كلفة الطاقة موازنات دول أخرى، في حين يسعى بعضهم للحفاظ على البيئة والوصول إلى الحياد الكربوني قبل عام 2050.

وفي غضون ذلك، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في بريطانيا وأوروبا إلى مستويات قياسية جديدة، الخميس الماضي الـ25 من أغسطس (آب). ووصل سعر الغاز بسوق الجملة في بريطانيا تسليم الشهر المقبل، إلى أكثر من سبعة دولارات للوحدة الحرارية (ثيرم)، وهو أعلى سعر على الإطلاق للغاز الطبيعي في بريطانيا، كما وصلت أسعار الغاز في بورصة تداول العقود في أمستردام بهولندا التي تعد المعيار القياسي للأسعار في أوروبا في اليوم نفسه، إلى ما يقارب 320 يورو (320 دولاراً) للميغاواط \ ساعة، وعليه تكون أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تضاعفت عشر مرات في غضون عام.

وكالة الطاقة الدولية تطرح خطة عاجلة من 10 نقاط

وقبل 40 يوماً، أطلق مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول تحذيرات قوية إلى دول أوروبا من شتاء قاس بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي، مع تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا. وأضاف في تقرير للوكالة الدولية أنه "في ظل أزمة الطاقة العالمية، فإن الوضع محفوف بالمخاطر بصفة خاصة في أوروبا، التي تقع في بؤرة اضطرابات سوق الطاقة، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء".

الأزمة الخانقة دفعت وكالة الطاقة الدولية نفسها إلى وضع خطة عاجلة تتضمن 10 نقاط، عقب الحرب الروسية في فبراير (شباط) الماضي، وارتكزت خطتها العاجلة على تعظيم إمدادات الغاز من مصادر أخرى، وتعزيز دور مصادر الطاقة المتجددة ومنخفضة الانبعاثات، إلى جانب اتخاذ تدابير كفاءة الطاقة في المنازل والشركات وغيرها من الإجراءات.

مخاوف الوكالة المسؤولة عن الطاقة عالمياً تجسدت على أرض الواقع، مع خفض تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط "نورد ستريم 1" بدءاً من يونيو (حزيران) الماضي. وخوفاً من نقص الغاز مع بداية موسم التدفئة في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بدأت الدول الأوروبية في التعامل مع الأمر الواقع بأفكار وسبل غير تقليدية، منها تقليل الاستهلاك وأخرى لتقليل استخدام الغاز في قطاع الكهرباء مع التوسع في توليد الطاقة من الفحم، وسبيلاً أخرى تعتمد على الطاقة النووية.

ألمانيا تبدأ خطة الترشيد من القصر الرئاسي

البداية كانت عند الدولة صاحبة أكبر الاقتصاديات الأوروبية، بعدما قطعت ألمانيا أولى خطوتها نحو ترشيد استهلاك الطاقة واستخدامها على أمل تخطي الأزمة في ظل إمدادات الغاز الروسي، إذ طالب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الألمان بالبدء في ترشيد استهلاك الكهرباء حتى يصبح الألمان أكثر استقلالية عن الوقود الأحفوري الروسي، مع البحث عن طرق لخفض واردات الغاز والنفط من موسكو، بعد أن بدأ في القصر الرئاسي بقرار عدم إضاءة قصر "بيليفو" ليلاً، وهو ما أوضحته متحدثة باسم المكتب الرئاسي الألماني قائلة، إن "الإضاءة الليلية ستقتصر فقط على مناسبات خاصة مثل الزيارات الرسمية"، مضيفة أنه "أوقف بالفعل تشغيل إضاءة واجهة القصر في مايو (أيار) الماضي، والحد من إضاءة المنطقة الخارجية للقصر إلى المستوى الذي يلبي ضرورات أمنية"، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

من برلين إلى باريس لم يختلف الأمر كثيراً، إذ تعتزم فرنسا اتخاذ مجموعة من الإجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء، بعدما كشفت وزيرة الطاقة الفرنسية أغنيس بانيير روناتشر عن حزمة إجراءات جديدة تستهدف الترشيد في البلاد، أبرزها حظر الإعلانات المضيئة ليلاً، باستثناء محطات القطارات والمطارات، ومنع المتاجر من إبقاء الأبواب مفتوحة عند تشغيل مكيفات الهواء أو أجهزة التدفئة، مضيفة أن "هذه الإجراءات ستسمح بخفض فواتير الطاقة بنسبة 20 في المئة". كما حثت الحكومة الفرنسية مواطنيها على عدم نسيان إطفاء الأنوار، ضمن مخططاتها لتوفير استهلاك الطاقة، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، وأعلنت فرنسا في مارس (آذار) الماضي دعم أسعار الوقود بأكثر من ملياري يورو (مليار دولار).

البريطانيون يعانون ارتفاع فواتير الطاقة

في المقابل، يترقب البريطانيون أعباء جديدة على فواتير الطاقة في أكتوبر المقبل، بعدما أعلنت هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة (أوفغيم) الجمعة الماضي، زيادة إضافية بنسبة 80 في المئة في أكتوبر، بعد ارتفاع قياسي بنسبة 54 في المئة في أبريل (نيسان) الماضي، وهو ما يضيف كلفة على المستهلك تصل إلى 3549 جنيهاً إسترلينياً سنوياً (4180 دولاراً)، ارتفاعاً من 1971 جنيهاً إسترلينياً (2321 دولاراً) في الوقت الحالي، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".

واتجهت أستراليا إلى سبيل أخرى تسعى من خلالها إلى الترشيد، إذ أعلن بنك أستراليا دعمه للتحول السريع إلى السيارات الكهربائية، من خلال التوقف عن تمويل قروض السيارات للمركبات الجديدة التي تعمل بالوقود الأحفوري، بدءاً من عام 2025، وفقاً لبيان صحافي أعلنه البنك أخيراً.

أزمة تايوان

من أوروبا إلى شرق آسيا لم يختلف الأمر، إذ إن ارتفاع أسعار الطاقة يشكل ضغطاً على موازنة دولة مثل تايوان التي تعتمد كلياً تقريباً على واردات الغاز والنفط، وأزمة تايبيه لا تتعلق بالأسعار المرتفعة فحسب، بل بنقص الإمدادات أيضاً بعدما عرقلت الجائحة إنتاج النفط عالمياً من جانب، ثم الحرب الروسية على أوكرانيا التي قلصت إمدادات الغاز من جانب آخر، إذ إن وضع تايوان الأمني والسياسي يضاعف من أزمتها للحصول على الطاقة في ظل فرص التعاون الدولي للبلاد المحدودة للغاية، نتيجة التوترات بينها وبين جارتها الصين، والقيود المتعلقة باستقلالها، فإن تايوان ليست عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أو وكالة الطاقة الدولية، التي تدعم أعضاءها في أوقات الاضطرابات من خلال المخزون الاستراتيجي لديها، كما حدث في أعقاب الحرب الروسية، بحسب مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أزمة الطاقة في الدول العربية

دول الشرق الأوسط وتحديداً الدول العربية ليست بعيدة تماماً عن أزمة الطاقة العالمية، على الرغم من اختلاف الأهداف. وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الحالي خطة من سبعة محاور لترشيد استهلاك الكهرباء لتوفير الغاز للتصدير الخارجي لزيادة النقد الأجنبي، في ظل ارتفع أسعار الغاز عالمياً، وطالبت الأجهزة والوزارات الحكومية ترشيد الاستهلاك الكهربائي بجميع المباني والمرافق التابعة لها، طوال ساعات العمل الرسمية، علاوة على الالتزام بالغلق التام للإنارة الداخلية والخارجية لها عقب انتهاء ساعات العمل الرسمية، عدا ما تفرضه مقتضيات العمل في بعض الأماكن أو في جزء منها الذي يتطلب استمرار توصيل التيار الكهربائي، وفقاً لبيان الحكومة المصرية. وبخطوة مماثلة أعلنت الحكومة الجزائرية الاعتماد على الطاقة الشمسية في إنارة مكاتب البريد في جميع أنحاء البلاد، وفق خطة متدرجة لتوفير وترشيد الكهرباء.

وفي الوقت الذي تبحث فيه القاهرة والجزائر الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز عالمياً، بترشيد استهلاك الكهرباء أو الاعتماد على الطاقة الشمسية، تواجه بيروت أزمة طاحنة في الكهرباء، إذ أعلنت الأسبوع الماضي مؤسسة كهرباء لبنان نفاد مخزونها من مادة الغاز أويل (زيت الغاز)، مشيرة إلى توقف إنتاج الكهرباء على الأراضي اللبنانية كافة بحلول بعد ظهر الجمعة الماضي. وأضافت أن "ما تبقى من طاقة كهربائية منتجة يولد فقط من معمل الزهراني، الذي يعد حالياً المعمل الوحيد المتبقي على الشبكة، بعد نفاد مخزون معمل دير عمار من الغاز أويل". ولفتت إلى أن مخزون معمل الزهراني من "الغاز أويل" قد وصل لأقصى حدوده الدنيا، وأصبح المعمل خارج الخدمة بعد ظهر الجمعة الـ26 من أغسطس (آب)، وفقاً لما نقلته الصحف المحلية اللبنانية.

وخوفاً من مصير لبنان، بدأت الأردن خطوة جديدة في سبيل ترشيد الطاقة بعدما وقعت الحكومة الأردنية اتفاقاً يوم الـ21 يوليو (تموز) الماضي، لدعم فنادق مدينة العقبة لتنفيذ مشاريع ترشيد الطاقة وإنارة 12 فندقاً بالطاقة الشمسية، كمرحلة أولى بقيمة 1.5 مليون دينار أردني، وفق بيان صحافي أصدرته وزارة الطاقة الأردنية.

وعلى خطى الأردن، كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب ليلى بنعلي، في الـ18 من مارس، عن خطة بلادها لترشيد استهلاك الطاقة، بنحو 20 في المئة بحلول عام 2030. وأوضحت أن "الخطة تأتي ضمن الاستراتيجية الوطنية للتوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى رفع مزيج الكهرباء النظيفة إلى 52 في المئة بحلول عام 2030".

استخدام مكيفات تعمل بالطاقة الشمسية

وفي هذه الأثناء، دعا أستاذ الطاقة والحراريات في كلية الهندسة في جامعة ذي قار العراقية مشتاق إسماعيل الإبراهيمي، شعوب المنطقة العربية إلى الاستفادة مما تملكه من أشعة شمس، باستخدام المكيفات التي تعتمد على الطاقة الشمسية التي لم تحظ بانتشار كبير في معظم الدول العربية، في الوقت الذي لاقى هذا النوع من المكيفات نجاحاً في بعض الدول مثل السعودية والإمارات والمغرب واليمن، وأرجع أستاذ الطاقة والحراريات بكلية الهندسة في جامعة ذي قار العراقية ذلك إلى نقص الوعي، وغياب ثقافة استخدام الطاقات المتجددة، ونقص ثقافة ترشيد استهلاك الكهرباء لانخفاض أسعارها، ما جعل المواطن غير حريص على ترشيد استهلاك الكهرباء.

وأوضح في تصريحات صحافية أن "أنواع المكيفات الشمسية في المنطقة العربية تشبه إلى حد كبير المكيفات العادية، ولكنها تعتمد بصفة أساسية على الألواح الشمسية في الحصول على الكهرباء"، مشيراً إلى أن هذا النوع من المكيفات يعتمد على استخدام الطاقة الشمسية لتسخين غاز التثليج، ما يقلل من استخدام الطاقة الكهربائية. وأكد أنه على أنه على الرغم من الكلفة الاقتصادية للمكيفات الشمسية، ألا أنها قد تتحقق على المدى الطويل، إذ إن تكلفتها على المدى الآني باهظة، وتحتاج إلى استثمارات على مستوى الدولة أو المؤسسات أو أصحاب رؤوس الأموال.

تخزين الكهرباء في معدن الألومنيوم

لم تتوقف الحلول عند حد ترشيد استخدام واستهلاك الطاقة فحسب، إذ إن هناك محاولات تجرى الآن للوصول إلى حلول أخرى غير تقليدية، ومن بينها محاولات بحثية تعتمد على تخزين الكهرباء في معدن الألومنيوم، كإحدى الوسائل والتقنيات الحديثة التي تدعمها الدول الأوروبية لتوفير مصادر التدفئة خلال فصل الشتاء، إذ يقوم أساس مشروع بحثي جديد أطلق عليه "ريفيل" على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة لتوليد إمدادات كهرباء تخزن في معدن الألومنيوم، ويمكن استخدامها في وقت لاحق، وبدأت سبع دول أوروبية في يوليو الماضي العمل على مشروع "ريفيل" البحثي، بهدف تطوير تقنيات إنتاج المعدن من دون إطلاق انبعاثات كربونية، تمهيداً لاستخدامه وسيطاً لتخزين الكهرباء. وخصصت حجم إنفاق ضخم على المشروع  لتخزين الكهرباء في الألومنيوم، بلغ 3.6 مليون يورو (3.58 مليون دولار أميركي)، ومن المقرر أن يستمر أربع سنوات حتى عام 2026، بحسب ما نشرته مجلة (PV magazine).

سفن سياحية تعمل بالغاز المسال

سبيل أخرى للترشيد والتوافق مع متطلبات المناخ والبيئة، بدأت عدد من الدول في الاعتماد على السفن السياحية العاملة بالغاز المسال، إذ إن السفن السياحية (Cruise Ship) هي سفن كبيرة مخصصة للرحلات البحرية تحمل الركاب بغرض الترفيه لا بغرض السفر إلى وجهة معينة، وتعتمد على الغاز المسال كوقود، فعلاوة على أنه أقل كلفة يعمل على تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 30 في المئة.

كانت أول سفينة سياحية تستخدم وقود الغاز المسال هي "آيدا نوفا" (AIDAnova)، بقيادة شركة الرحلات البحرية الأميركية "كرنفال" في عام 2018، وارتفع عدد السفن التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال إلى 261 سفينة، إضافة إلى 433 سفينة قيد الطلب، وذلك حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) 2022، بحسب جمعية تصنيف السفن (دي إن في).

صناعة الرياح البحرية

صناعة الرياح البحرية أحد مسارات الدول للتحول إلى النظام الأخضر، ترشيداً لنفقات الوقود التقليدي وإزالة الكربون مع تزايد الطموحات المناخية. وتوقعت شركة الأبحاث "وود ماكنزي" في تقرير منتصف الشهر الحالي، ألا تقتصر صناعة الرياح البحرية على التوسع في السعة فحسب، بل ستشهد تغيرات في ما يتعلق بأحجام المكونات المتضخمة، والطلب المتزايد وتعزيز الاستثمارات المطلوبة في سوق أبراج التوربينات، مرجحة استثمار نحو تريليون دولار في صناعة الرياح البحرية خلال السنوات الـ10 المقبلة، متوقعة أن يكون قطر معظم أبراج الرياح البحرية (الهيكل الذي يدعم توربينات الرياح) أكثر من سبعة أمتار بحلول عام 2029، ليسجل ارتفاعاً من خمسة أمتار عام 2021، وهو من شأنه زيادة حجم أبراج الرياح البحرية وعدد أجزائها، إذ من المتوقع أن يرتفع متوسط حمولة البرج ثلاث مرات تقريباً بحلول 2031، مقارنة مع 2021 وفقاً لـ"وود ماكنزي".

أوروبا تدشن 24 مشروعاً للغاز المسال

ومنذ بدء الحرب على أوكرانيا، سارعت أوروبا لزيادة سعة محطات الغاز المسال، في سبيل تقليل الاعتماد على إمدادات روسيا، وتعزيز أمن الطاقة في القارة العجوز. وأعلنت دول الاتحاد الأوروبي 24 مشروعاً للغاز المسال، إضافة إلى مشروع وحيد في المملكة المتحدة، بسعة إجمالية 152.4 مليار متر مكعب سنوياً، بكلفة متوقعة تصل إلى 5.9 مليار يورو (5.9 مليار دولار)، بحسب تقرير حديث صادر عن مؤسسة "غلوبال إنرجي مونيتور".

ووفق تقرير "غلوبال إنيرجي مونيتور"، بدأت ألمانيا تأجير وحدات عائمة لتغويز الغاز (إعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي وتخزينه)، من دون الانتظار لبناء محطات دائمة جديدة قد تستغرق وقتاً. وفي الخامس من مايو (أيار)، وقعت ألمانيا عقوداً لاستئجار أربع وحدات عائمة لإعادة تغويز الغاز وتخزينه، بسعة استيراد تتراوح من 25 إلى 29 مليار متر مكعب سنوياً، بالشراكة مع شركتي "يونيبر" و"آر دابليو إي".

كما أقرت هولندا ضماناً حكومياً بقيمة 160 مليون يورو (171.2 مليون دولار)، لدعم استئجار وحدة عائمة لإعادة تغويز الغاز وتخزينه من قبل شركة "غازوني" التي أعلنت في مايو الماضي تأجير وحدة ثانية، ما يزيد قدرة استيراد الغاز المسال في ميناء إيمشافن الهولندي إلى ثمانية مليارات متر مكعب سنوياً.

وفي يوليو 2022، وافقت الحكومة الإسبانية على تشغيل محطة للغاز المسال في مدينة خيخون أوائل عام 2023، بعد تجميدها لمدة تسع سنوات منذ اكتمالها عام 2013، في الوقت الذي تعتزم البرتغال تسريع وتيرة بناء مجمعات الطاقة الشمسية، لتحل محل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز. وقال وزير الطاقة البرتغالي غواو غالامبا، في تصريحات تلفزيونية يوم الـ27 من يوليو (تموز) الماضي، إن "تسريع بناء محطات الطاقة الشمسية سيسمح لمولدات الكهرباء باستهلاك كميات أقل من الغاز"، مضيفاً أن "هذه الخطوة هي الأكثر فاعلية من التي يمكن أن تتخذها البرتغال من دون تطبيق إجراءات أشد في قطاعي الكهرباء أو الصناعة، وهما المستهلكان الرئيسان للغاز في البلاد"، بحسب وكالة "رويترز".

عودة السباق النووي

مهدت أزمة الطاقة العالمية الطريق لاستعادة الطاقة النووية مكانتها الآخذة في الزوال في عدد من بلدان العالم، إذ إن سياسة الطاقة النووية في اليابان كانت في حالة جمود، منذ أن تسببت كارثة مفاعل "فوكوشيما" 2011 إلى إغلاق أغلب مفاعلاتها النووية، وتجنبت بناء أي مفاعلات جديدة.

(تعود كارثة مفاعل فوكوشيما إلى 11 مارس (آذار) 2011 بعد زلزال كبير ضرب اليابان تسبب في مشكلات للمفاعل ونتج منها زيادة في النشاط الإشعاعي).

وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الأربعاء الماضي الـ24 من أغسطس الحالي، لتؤكد عودة اليابان إلى الطاقة النووية لتحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة. وقال كيشيدا إن "الحكومة ستعيد تشغيل مزيد من محطات الطاقة النووية المتوقفة عن العمل، وتتطلع إلى تطوير مفاعلات من الجيل التالي، ما يشير إلى تحول كبير في السياسة اليابانية التي اتبعتها منذ كارثة فوكوشيما قبل 11 عاماً"، وفقاً لما نقلته "رويترز".

ليست اليابان وحدها التي تسعى لإحياء مشاريع الطاقة النووية، إذ أعادت المشاهد الجيوسياسية إحياء الجدل النووي في الولايات المتحدة وأوروبا، على الرغم من تزايد المخاوف بشأن السلامة والتكلفة. فعلى سبيل المثال، أعرب رئيس الوزراء البريطاني المنتهية ولايته بوريس جونسون، عن أمله في وقت سابق بأن توفر الطاقة النووية 25 في المئة من الكهرباء بحلول عام 2050. وفي أبريل الماضي، وافقت الصين على بناء ستة مفاعلات جديدة، إلى جانب 54 مفاعلاً قيد التشغيل، و19 قيد الإنشاء، كما تتفاوض الشركات الصينية لتطوير 40 مفاعلاً جديداً حول العالم.

اقرأ المزيد