Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كندي يسير 400 كيلومتر للمطالبة بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية

فقد ابنه في حادثة الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها طهران ومراقبون ينقسمون بين عدالة الخطوة وعواقبها

طالب مهرزاد زارع بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية (موقع إذاعة سي بي سي الكندية)

بعد رحلة استغرقت 15 يوماً سيراً على الأقدام، وصل والد أحد ضحايا الطائرة الأوكرانية التي سقطت بصواريخ إيرانية في الثامن من يناير (كانون الثاني) 2020، إلى العاصمة الكندية أوتاوا، مساء الخميس الماضي، على أمل لقاء رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو للمطالبة بالعدالة لضحايا الحادثة التي أسفرت عن مقتل جميع ركاب الطائرة الـ176.

وبدأ مهرزاد زارع، الذي رافقه عدد من أهالي الضحايا، رحلة استمرت أسبوعين و400 كيلومتر في العاشر من أغسطس (آب) الحالي، من عند قبر ابنه "أراد" -الذي رحل في عمر الـ17 سنة- في مقبرة إلجين ميلز في ريتشموند هيل شمال تورنتو والتي تضم ضحايا آخرين.

حمل الأب المكلوم، الذي لم يتمكن من لقاء ترودو بسبب سفر رئيس الوزراء لإقليم نونافوت، عدداً من المطالب التي قال إنها ستحقق العدالة لعشرات الضحايا الذين لقوا حتفهم في حادثة طائرة الركاب الأوكرانية "بوينغ 737"، والتي أقرت إيران بإسقاطها نتيجة "خطأ بشري"، بالقرب من طهران عقب إقلاعها من مطار الإمام الخميني الدولي. فبعد ضغوط دولية شديدة، قالت طهران في بيان لقيادة القوات المسلحة الإيرانية، نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية بعد الحادثة بثلاثة أيام، إن البوينغ الأوكرانية اعتبرت "طائرة معادية"، وأصيبت في وقت كانت تهديدات العدو عند أعلى مستوى. ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني، آنذاك، الأمر بأنه "مأساة كبرى وخطأ لا يغتفر".

وليلة وقوع الحادثة، كانت الدفاعات الجوية في حال تأهب خشية رد من واشنطن، بعد قصف صاروخي إيراني استهدف قاعدتين في العراق يتمركز فيهما جنود أميركيون، رداً على اغتيال واشنطن قبلها بأيام اللواء الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية في بغداد.

تشمل مطالب زارع وأهالي الضحايا الكنديين البالغ عددهم 55، فضلاً عن 30 كانوا يحملون الإقامة الدائمة في كندا، فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين عن انتهاكات حقوق الإنسان ورفع قضيتهم أمام محكمة العدل الدولية وفتح تحقيق جنائي في قتل مواطنين كنديين، جنباً إلى جنب مع تصنيف الحرس الثوري الإيراني كياناً إرهابياً بصفته المسؤول عن إطلاق الصواريخ التي أسقطت الطائرة.

وفي مايو (أيار) 2021، قضت محكمة العدل العليا في أونتاريو بأن إسقاط الطائرة كان "عملاً إرهابياً"، وقضت في وقت لاحق بمنح 107 ملايين دولار لأسر ست ضحايا، بمن فيهم زارع، كما دانت المحكمة الكندية المرشد الإيراني على خامنئي وعدداً من كبار قادة النظام.

 

والتقى زارع بغريغ فيرغوس، السكرتير البرلماني لرئيس الوزراء الكندي، حيث سلمه قائمة المطالب، لكن ليس من الواضح ما دار خلال اللقاء، حيث التزمت حكومة ترودو الصمت. غير أنه في بيان سابق، قال جيسون كونغ، المتحدث باسم الشؤون العالمية بكندا، إن مجموعة التنسيق والاستجابة الدولية -التي شكلتها أفغانستان وكندا والسويد وأوكرانيا والمملكة المتحدة لتحقيق العدالة لضحايا الطائرة- وجدت أن "مزيداً من محاولات التفاوض مع إيران عديمة الجدوى في هذا الوقت"، مضيفاً، "نركز في الوقت الحالي على الإجراءات اللاحقة لحل هذه المسألة وفقاً للقانون الدولي. لن نرتاح حتى تحصل العائلات على العدالة والشفافية والمساءلة المستحقة من إيران".

تصنيف الحرس الثوري

تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية ليس مطلب أهالي ضحايا الطائرة المنكوبة فقط، إذ إن هناك دعوات مماثلة من برلمانيين داخل كندا حتى قبل تلك المأساة، لا سيما أن أوتاوا تصنف فيلق القدس، ذراع العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، كمنظمة إرهابية منذ عام 2012. ومنذ سنوات، هناك جهود من قبل حزب المحافظين في كندا لتصنيف الحرس الثوري ككل، وهي الجهود التي "لاقت تجاهلاً من الليبراليين بقيادة ترودو"، بحسب تسفي خان، الزميل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن.

وفي عام 2017، قدم عضو مجلس الشيوخ عن حزب المحافظين ديفيد تكاتشوك مشروع قانون (S-219) المعروف باسم قانون العقوبات غير النووية ضد إيران، والذي ينطوي على قائمة واسعة من العقوبات، ويتطلب من وزير السلامة العامة والاستعداد للطوارئ تقديم توصية بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كياناً إرهابياً أجنبياً بموجب القانون الجنائي الكندي، وهو المشروع الذي تم رفضه من قبل مجلس الشيوخ بعد نقاش استمر عاماً، وشمل شهادة عديد من الخبراء أمام لجنة الشؤون الخارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد فترة وجيزة من فشل تمرير مشروع قانون العقوبات، اقترح المحافظون إجراء في مجلس العموم يدعو الحكومة إلى إنهاء محادثات إعادة الانخراط مع إيران وإدراج الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي أجنبي. وفي خطوة مفاجئة آنذاك، صوتت الأغلبية الليبرالية بأغلبية ساحقة لصالح الاقتراح، مما منح الشرعية لمثل هذه الإجراءات ليتم مناقشتها في كندا. ومع ذلك لم يكن الاقتراح ملزماً قانونياً في حد ذاته.

وفيما سيعلن المحافظون زعيمهم الجديد في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، فإن بيير مارسيل بويليفر، المرشح الأوفر حظاً لقيادة الحزب في الانتخابات الفيدرالية المقبلة، تعهد إضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة المنظمات الإرهابية، ويعد بإحالة تحقيقات الطائرة إلى المحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين بموجب قانون ماغنيتسكي.

مصالح كندا

يفسر مراقبون موقف حكومة ترودو من الحرس الثوري الإيراني من خلال التعامل بشكل متمايز مع الأذرع التابعة له، إذ تعتبر أوتاوا فيلق القدس -المسؤول عن العمليات الخارجية بما في ذلك تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لوكلاء إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن وأماكن أخرى في المنطقة- جهة فاعلة مستقلة وهو النهج الذي يصفه خان بأنه "وهم"، مشيراً إلى أن الحرس الثوري ككل يعمل تحت سيطرة رجل واحد وهو المرشد الأعلى وبموجب أيديولوجية واحدة يسعى الحرس الثوري إلى فرضها في الداخل والخارج. ويحذر أن أوتاوا وحتى واشنطن تحت إدارة الرئيس جو بايدن غير قادرتين على فهم هذا الواقع الأساسي وتتمسكان بالأمل في أن تتمكنا من التعامل مع النظام أو ترهيبه بخطاب صارم.

ومع ذلك، يتحدث آخرون عن مخاطر مثل هذه الخطوة على الرغم من عدالتها بالنسبة إلى عائلات الضحايا. ويشير يونس زنجي أبادي، نائب رئيس معهد السلام والدبلوماسية، إلى إمكانية جر كندا إلى مواجهة عسكرية كارثية مع طهران. ويشير إلى احتمالات أن يؤدي تصنيف الحرس الثوري الإيراني إلى تعريض الأفراد العسكريين الكنديين في الشرق الأوسط لهجوم محتمل، كما أن من شأن هذه الخطوة أن تعقد الدبلوماسية الكندية في المنطقة -لا سيما في العراق وسوريا ولبنان- حيث تتمتع إيران بعلاقات وثيقة مع الأحزاب السياسية والميليشيات الشيعية.

وقال أبادى في مقال سابق نشره المجلس الأطلنطي، في واشنطن، عقب تصنيف الأخيرة الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية عام 2019، إن كندا رفضت قبلاً الانضمام إلى إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في غزو العراق عام 2003، وعليها أن تمارس الحذر نفسه اليوم، معتبراً أن تبني سياسة متشددة في الشرق الأوسط لا يتماشى مع مصالح كندا في المنطقة وقيمها التي تؤكد تعزيز السلام واحترام القانون الدولي، بحسب قوله.

المزيد من دوليات