Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب... إقبال ضعيف على خدمات البنوك الإسلامية

الحكم على نجاح أو فشل تجربة المصارف التشاركية يحصل بعد أن تتوسع فروعها

بنك إسلامي في مدينة الدار البيضاء (اندبندنت عربية)

أعلن بنك المغرب (المركزي) أن "نسبة معاملات البنوك التشاركية (الإسلامية) في المغرب من السوق البنكية لم يصل حتى الآن إلى واحد في المئة"، ما يوحي أنها لم تتمكن من استقطاب عدد مهم من الزبائن المغاربة، في الوقت الذي لا توفر فيه إلا التمويلات في إطار المرابحة، لشراء السيارة أو العقار، إلى جانب الخدمات البنكية التقليدية.

وكان بنك المغرب قد رخص عمل البنوك التشاركية في المغرب، بعد مصادقة البرلمان على القانون المتعلق بها، والذي دخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2015، بينما شرعت تلك البنوك في نشاطها عام 2017. ويسمح هذا القانون لبعض البنوك العاملة في المغرب، أو خارجه بتقديم خدمات بنكية إسلامية، وأي معاملات تتفق مع تعليمات المجلس العلمي الأعلى الذي يسهر على احترام خدمات تلك البنوك لأحكام الشريعة الإسلامية.

حصيلة ضعيفة

لاحظ الخبير الاقتصادي المغربي عزيز متهدب لـ "اندبندنت عربية"، أنه منذ البداية الفعلية في الربع الأخير من عام 2017، تمكنت البنوك التشاركية من فتح أكثر من 65000 حساب و110 فروع، كما وزعت حوالي 5.7 مليار درهم (595 مليون دولار) من تمويل المرابحة (بما في ذلك 5.1 مليار درهم (532 مليون دولار) من المرابحة العقارية).

أضاف "هذه الحصيلة الإيجابية تبقى محدودة بعض الشيء بالمقارنة مع الأهداف الموضوعة، وترتبط هذه المحدودية في جانب منها بالمشكلات التالية: كانت الضمانات القانونية الموضوعة للحفاظ على أسس التمويل التشاركي وراء تأخر العديد من خدمات هذه البنوك، ودفعت مشكلة السيولة وإعادة تمويل هذه البنوك بعضاً منها إلى فرض قيود على منح الائتمان، إضافة إلى تركيزها على منتجات المرابحة فقط، بينما أدى غياب التأمين التكافلي حتى اليوم إلى تباطؤ تطور نشاط هذه البنوك، إضافة إلى افتقار العملاء إلى ثقافة مالية، خصوصاً في مجال التمويل التشاركي".

ضرورة التأني في الحكم

لكن عبد اللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب (البنك المركزي) اعتبر أنه يجب التأني في الحكم على التجربة قائلاً، "لا يمكن القول بضعف معاملات البنوك التشاركية الآن، يجب أن نحكم عليها بعد أربعة أو خمسة أعوام، إن الحكم على نجاح أو فشل تجربة البنوك التشاركية لن يحصل إلا بعد أن تتوسع فروعها، وأدواتها". وأضاف أن المشوار أمام البنوك التشاركية ما زال طويلاً، وهو أمر طبيعي ويتطلب سنوات، وأشار محافظ البنك المركزي إلى أنه جرى الانتهاء بالكاد من عقود ودائع الاستثمار، وأكد أن البنك المركزي لا يفرض قيوداً تحد من تطور هذه السوق.

احترام الشريعة

وأشار الجواهري إلى أن الآراء التي يقدمها المجلس العلمي الأعلى بخصوص ملاءمة المنتجات التمويلية تعتمد على أدلة وحجج وتعليل، تستند كلها إلى الشريعة والمذهب المالكي الذي يعتمده المغرب. وأضاف أن المجلس يراسل البنك المركزي في حالة اعتراضه على مسألة معينة، وأن المجلس العلمي الأعلى لديه لجنة شرعية للمالية التشاركية تضم علماء وخبراء في المالية الإسلامية تنظر في مشاريع منتجات البنوك الإسلامية.

خدمات غير مفعلة

وفي الوقت الذي يسمح به القانون للمصارف الإسلامية بتقديم خدمات المرابحة التي يقوم خلالها البنك بشراء سلعة معينة من البائع بناء على طلب العميل، ثم يبيع البنك هذه السلعة للزبون بسعر يزيد على ثمن الشراء مع بيان السعر الحقيقي ومقدار الربح. والمضاربة وهي أداة استثمارية طويلة الأجل تقوم في جوهرها على تلاقي أصحاب المال وأصحاب الخبرات، إذ يقدم الطرف الأول ماله بينما الطرف الثاني يقدم خبرته.

والإجارة، وهي عقد يحصل بموجبه تمليك منفعة معلومة لأصل (عين) معلوم من قبل مالكها لطرف آخر مقابل عوض (ثمن) معلوم لمدة معلومة. والمشاركة وهي أسلوب تمويلي يقوم على تقديم البنك الإسلامي جزءاً من المال والعميل جزءاً آخر، فيصبح البنك والعميل عندئذ مالكين لرأسمال الشركة، ويشتركان بالتالي في العائد ربحاً كان أو خسارة بحسب النسبة المتفق عليها.

إلا أن الخدمات التي تقدمها تلك البنوك حتى الآن هي المرابحة فقط، وفي الوقت الذي يُعتبر التأمين التكافلي أهم منتج في المنظومة المالية الإسلامية، لكن القانون الخاص به لم يحصل الفصل في شأنه وما زال في رفوف الغرفة الثانية للبرلمان، وهو ما يجعل قروضاً بحجم 6.5 مليار درهم (678 مليون دولار) ممنوحة من دون تأمين. ودفع غياب العديد من الخدمات بالمغاربة إلى العدول عن التمويلات الإسلامية، إذ لا تكاد هذه البنوك الإسلامية تختلف عن البنوك التقليدية من حيث الخدمات.

احتكار

واحتكرت البنوك التقليدية المغربية التمويل الإسلامي عبر إنشائها لفروع مختصة في ذلك التمويل، ويعتبر الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني أن السبب في ذلك يعود إلى "الخوف من المنافسة، بالتالي كان لزاماً عليها إما القبول باكتساح جزئي للسوق البنكية والمالية من قبل بنوك أجنبية، وترك الفراغ للبنوك الخليجية، وإما أن تنشئ بنفسها بنوكاً إسلامية، بالاستعانة بالخبرة والتمويل التشاركي مع بنوك خليجية للاستفادة من السيولة المالية والنقدية".

تأخر اعتماد المعاملات الإسلامية

واعتبر البشير عدي أستاذ القانون بجامعة بن زهر بمدينة أكادير أن "تجربة البنوك الإسلامية جاءت متأخرة بالمغرب على الرغم من كونها وجدت قبل نصف قرن عبر العالم، وذلك على الرغم من المناداة بأسلمة المعاملات المالية منذ فجر الاستقلال، وعلى الرغم مما أثبتته الدراسات المتخصصة في هذا الشأن على السوق المغربية، من جدوى المنتوجات المصرفية الإسلامية وقدرتها على استقطاب مبالغ مهمة غير مستثمرة في النشاط الاقتصادي الوطني، والتي قدّرتها بعض الدراسات في 30 مليار درهم (3.1 مليون دولار) أي ما يعادل 6 في المئة من الناتج الداخلي، وكذلك على استقطاب فئات عريضة من مقاطعي البنوك التقليدية للموقف الشرعي منها، بما سيمكن من اجتذاب سيولة مهمة، ويرفع نسبة التعامل مع المصارف لتتجاوز عتبة 30 في المئة، ما سيؤثر بالنتيجة على معدلات الادخار والاستثمار".

لكن تلك التوقعات تبقى بعيدة المنال حتى الآن، إذ بلغت الودائع لدى البنوك التشاركية بالمغرب 1.6 مليار درهم (167 مليون دولار)، بينما بلغت حصيلة التمويلات التي قدمتها للزبائن حوالى 6.5 مليار درهم (678 مليون دولار) فقط.

المزيد من اقتصاد