Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من الملام على مشكلة ضخ المجارير في البحر في بريطانيا؟

عندما تطالعنا فضيحة بهذا الوضوح من المنطقي أن يكون البحث عن المذنب هو الخطوة التالية... ومن ذا الذي سمح لهذه الكارثة أن تحدث؟ إلا أن الجواب ليس بالبساطة التي تتوقعونها

 (رويترز) شواطئ غير صالحة للزيارة

سوف أكون صريحةً معكم. أنا لا أعلم الشيء الكثير عن الصرف الصحي. فالحياة قصيرة، ولكل منا أولوياته، ولسببٍ أو لآخر، لم يستهوني يوماً موضوع تصريف المياه العادمة. ومع ذلك، قد تطالعك أحياناً أمور تدرك بديهياً أنها خاطئة، حتى لو لم تكن خبيراً فيها.   

وتبدو مسألة الشواطئ البريطانية إحدى هذه القضايا، في أعقاب تحولها إلى شواطئ غير صالحة للزيارة بسبب إقدام شركات المياه على ضخ مياه الصرف الصحي فيها، من بين أسباب أخرى. لا يحتاج المرء لشهادة في إدارة الصرف الصحي لكي يدرك بأن هذا الوضع ليس مثالياً. 

عندما تطالعنا فضيحة على هذا القدر من الوضوح، من المنطقي عادةً أن يكون البحث عن المذنب هو الخطوة التالية. تُرى، من ذا الذي سمح لهذه الكارثة أن تحدث؟ تقدم لنا إحدى التغريدات المنتشرة بكثافة إجابة بسيطة على هذا السؤال. منذ أن خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) يتعذر عليها استيراد المواد الكيماوية التي تحتاجها لمعالجة المياه. لذلك، سمحت الحكومة لشركات المياه بتصريف المياه العادمة في الأنهار والمحيط. الموضوع واضح وبسيط.   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليس تماماً، فالجواب ليس بهذه البساطة. صحيح أن الحكومة عدلت توجيهاتها في إحدى المرات، بحيث أصبحت تقول لشركات المياه إن "وكالة البيئة لن تتخذ إجمالاً أي إجراءات لتطبيق القانون" في حال عجزت هذه الشركات عن الحصول على المواد الكيماوية الضرورية. لكن بريكست لم تكن سوى واحدة من الأسباب المذكورة، التي أضيفت إليها الجائحة و"قصور آخر لا يمكن تفاديه في سلاسل الإمداد، مثل تقصير أحد مزودي المواد الكيماوية لمعالجة المياه".   

وأهم نقطة هي أن هذه التوجيهات سحبت منذ ثمانية أشهر. ما الذي يفسر إذاً أن تكون "شركات المياه ضخت بين 2016 و2021 مياه صرف صحي في المعابر المائية والبحر لمدة 9,427,355 ساعة (...) تعادل زيادة قدرها 2,553 في المئة على امتداد خمس سنوات"؟

الرقم لا يصدق. فما الذي يحدث؟ هنا أيضاً، الموضوع معقد بعض الشيء. في العام 2016، لم تملك شركات المياه سوى عدة مئات من أجهزة رصد تدفق المياه العادمة مجتمعةً، وهي تُستخدم في قياس كمية مياه الصرف الصحي التي تُضخ في المياه. بينما أصبحت تملك اليوم 1300 جهاز.

تكمن المسألة إذن، بحسب ما فهمت أنا الهاوية الجديدة في مسألة تصريف المياه، في زيادة قياس كمية الصرف الصحي وليس في زيادة هذه الكمية بحد ذاتها. أصبح بإمكان شركات المياه الآن أن تراقب بشكل مناسب كل ما تضخه في الطبيعة، وتسارع إلى تنبيه الناس الذين قد يرغبون بالسباحة في هذه الأماكن. هذا الأمر جيد من بعض النواحي: فالقدرة على فهم أي مشكلة بالتفصيل تعني أن علاج هذه المشكلة يصبح أسهل. 

إنما من جهة أخرى، التفاصيل لا تطمئن كثيراً. باختصار: المسألة ليست مسألة ارتفاع خطر ممارسة السباحة في مياه مليئة بالبراز البشري أخيراً فحسب، لا بل الأسوأ هو أنهم لم يخبروا الناس بذلك قبلاً. ربما ما زلت مبتدئة في التعرف إلى فنون تصريف المياه العادمة ولكن برأيي، لم يستحق مسؤولو المياه العلاوات الكبيرة التي تلقوها العام الماضي. من الجيد أن يعرف طفل مثلاً خطأه، ولكنه لا يجب أن يحصل على مكافأة سوى عندما يكف عن الخطأ تماماً. 

نصل نتيجةً إلى الهجوم الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عطلة نهاية الأسبوع. أكدت تغريدات كثيرة أن نواب المحافظين صوتوا العام الماضي للسماح لشركات المياه بضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر. وهذه مسألة تشبه إلى حد بعيد شكل ومضمون المياه التي نناقشها.

نعم، لقد صوت مجلس العموم على تعديل من مجلس اللوردات يتعلق بموضوع تصريف المياه العادمة في العام الماضي. لكن كلا، لا علاقة للتعديل بالسماح لشركات المياه بضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار، فهذه ممارسة تنتهجها هذه الشركات أصلاً. كما أن التعديل لم يكن ليوقف هذه الممارسة أصلاً، مما يعني بأن الفوضى التي عمت هذا الصيف كانت واقعة لا محالة.    

من هذه الناحية، إن المزاعم المنتشرة على "تويتر" خاطئة، وهو ما يسعى نواب المحافظين جاهدين للإشارة إليه. لكنهم قدموا من ناحية أخرى، دفاعاً عن الفكرة فيه خلل هو الآخر أيضاً. "لقد صوتنا ضد تعديل لا يمكن تطبيقه كان ليتسبب بطفح المجاري في منازل السكان وأعباء مالية على المكلفين بقية مئات المليارات"، بحسب ما قال ماركوس فيش. وقد قدم غيره حججاً مماثلة، ولكنهم مخطئون.    

طلب التعديل من الشركات المعنية أن "تبرهن قيامها بتحسينات على أنظمة الصرف الصحي وبتقليص تدريجي للأذى الذي سببه تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة"، وأيضاً "أن يقوم كل من الوزير والمدير ووكالة البيئة بمهامه (...) حرصاً على تطبيق هذا الطلب".

لا يتضمن التعديل ما يرغم الشركات على وقف التصريف حالاً، ما يعني أنه لم تكن لتترتب عليه أي نفقات ضخمة فورية. مع أن البيان التوضيحي أضاف بأن هدف التعديل هو "إزالة أي ضرر على البيئة والفرد والصحة العامة نتج من تصريف المياه العادمة غير المعالجة في الأنهار كلياً، وليس فقط التخفيف منه" فلا يترتب على البيانات التوضيحية أي أثر قانوني. مهما كانت الأسباب التي دعت النواب للتصويت ضد التعديل، فهي لا تتعلق البتة بحماية أموال دافعي الضرائب ولا نظافة مراحيضهم.

ختاماً: أصاب الجميع قليلاً وأخطأوا قليلاً، وهذه مسألة معقدة لا يبدو أن حلولها بسيطة. تسيء شركات المياه التصرف ولكن هذه المشكلة ليست جديدة. بل يمكن تحميل النمو السكاني والتوسع الحضري ورمي أغراض غير مناسبة في المراحيض والبنى التحتية المترهلة مسؤولية الأزمة الحالية، بحسب ما تفيد قراءاتي المثيرة ليلة الأحد. 

إنها مشكلة طويلة الأمد وقد أصبحت علنية جداً فجأة بسبب تحسين الرقابة، جزئياً، وهذا للمفارقة بداية مسار حل المشكلة. لا شك في أن التدقيق أمر جيد؛ من أجل تحسين سلوك شركات المياه، يجب الضغط عليها بشكل مناسب. لكن ليس أكيداً أن الصراخ الحزبي والبيانات المضللة تساعد أي أحد.  

وعند هذه النقطة- تكتفي مخبرتكم المشمئزة لشؤون المجاري إلى الآن. لا يبقى لي سوى أن أنقي ذهني وأذهب للسباحة في… آه، يا للقرف. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء