Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستطيع "بيت التنين" تغيير إيقاع "صراع العروش" العنيف؟

العمل الملحمي الأصلي دين بسبب تصويره للجنس والعنف، المسلسل الجديد يدعي كونه أكثر تقدمية، فهل يقترن الفعل بالقول؟

هل يكون "بيت التنين" مثيراً للجدل مثل "صراع العروش"؟ (أتش بي أو/سكاي)

إخضاع الأعمال التلفزيونية لمحاكمات أخلاقية هو نهج قديم قدم اختراع التلفزيون نفسه تقريباً، لنعد بالذاكرة إلى الوراء، لو كنتم مشاهدين في السبعينيات من العمر أو أكبر، إلى الجدل الذي أثير حول إظهار حمل الشخصية التي لعبتها الممثلة لوسيل بول في المسلسل الكوميدي "أنا أحب لوسي" I Love Lucy، وهي خطوة أدت إلى إصرار محطة "سي بي إس" التي كانت تبثه في خمسينيات القرن الماضي على أنه لا يمكن الإشارة إلى الحدث إلا بتعبير "لوسي تنتظر مولوداً" [بدلاً من استخدام مصطلح "حامل"]، في الواقع طارد شبح الرقابة الأعمال التلفزيونية بلا هوادة لدرجة أن مسلسل "فتاة النميمة" Gossip Girl من إنتاج شبكة "إتش بي أو"، وهو في الواقع عمل مشذب إلى حد ما عن الحياة الجنسية للمراهقين، استغل غضب المتلقين [الاستياء من تناول موضوع الجنس] كجزء من الحملة الترويجية للعمل، إذ حملت الملصقات الدعائية للمسلسل عبارات من قبيل "الكابوس الذي يخشاه جميع الآباء" و"عرض بغيض"، لكن ربما لم يتمكن أي عمل من خلق زوبعة من الغضب مثل التي ولدها مسلسل "صراع العروش" Game of Thrones.

إن لم يكن لديكم فكرة عن العمل بعد، إنه مسلسل تدور أحداثه في عالم متخيل بمستوى من التقدم التقني والسياسي يشبه إلى حد كبير ما كانت عليه الحال في العصور الوسطى، كما أنه يزخر بالجنس والعنف، بالتالي فإن ظاهرة كتابة تعليقات صحافية تدين العمل على مدار سنوات عرضه الثماني كانت أمراً طبيعياً، أعلنت إحدى المقالات أن "تعامل السلسلة مع النساء قد شوه العمل بطريقة غير قابلة للإصلاح"، وخلصت أخرى إلى أن "المسلسل الذي عرض شخصياته النسائية لعنف جنسي لا نهاية له كان يقف في صف المعتدين"، بينما تساءلت أخرى بأسلوب مدين "ما كمية كراهية النساء والعنصرية التي يتوقع منا تحملها تحت مسمى الترفيه؟".

لطالما كان عرضاً ملتزماً في تصويره لعالم شرير منفصل تماماً عن عالمنا، من أجل إضافة ثقل درامي لصعود بطلات العمل الثلاث داينيرس وسانسا وآريا، في مجتمع لا يسمح لهن بتأدية دور البطولة، وحيث غالباً ما تعرضن لسلسة من الصدمات النفسية (تروما)، وعلى وجه الخصوص أصبح العنف الجنسي المفرط سمة غالبة على القصة تفسد بالنسبة إلى عديد الناس المتعة البسيطة لمشاهدة عمل فانتازيا تاريخية، مع ذلك وبينما كانت الاتهامات بالتمييز على أساس الجنس والعنصرية والوحشية تحتل حيزاً كبيراً في المقالات النقدية، لم ينفر ذلك المشاهدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال سنوات عرض المسلسل التي امتدت بين عامي 2011 و2019، كان "صراع العروش" بشكل منتظم من بين أكثر 10 عبارات متكررة في محرك البحث غوغل خلال العام، وبدا أيضاً أن المشاهدين لم يستطيعوا مقاومة الرغبة في معرفة مزيد عن طاقم الممثلين، إذ خضع كل من إميليا كلارك وكيت هارينغتون لتمحيص شديد، إذ أثبتت الفكرة التسويقية القديمة المستهلكة القائلة إن "الجنس يحقق مبيعات" أنها صحيحة، واعتمد العرض على الاعتقاد البالي بأن الجماهير الحديثة غير حساسة للعنف، القليل من الإثارة الجنسية والقليل من العنف، كانت هذه هي وصفة العمل الناجحة.

لكن هذا الشهر، يعود الجمهور إلى مملكة ويستيروس المتخيلة في مناخ مختلف لمشاهدة بريكويل [عمل تجري الأحداث فيه قبل زمن العمل الأصلي] للملحمة الذي طال انتظاره "بيت التنين"House of the Dragon، أخذت كمية الجنس في مملكة "الممالك السبع" تتراجع (هل يمكننا لوم جيل الألفية على ذلك؟)، ولو صدقنا ما يقوله بعض الرجال الغرباء نوعاً ما على الإنترنت، فقد تضاءل العري في العرض من 33 شخصاً عارياً في الموسم الافتتاحي لـ صراع العروش (كان 88 في المئة منهم من النساء)، إلى ستة أشخاص فقط في الموسم الأخير (نصفهم من الرجال)، بالتأكيد كانت الشخصيات في الغالب منشغلة بدرء التهديد الوجودي الذي تشكله شخصية "ملك الليل"، ولكن من الممكن تفسير هذا التغيير على أنه استجابة مباشرة لبعض الانتقادات التي تعرض لها المسلسل.

لكن المسلسل الجديد بيت التنين، يدعي كونه إنتاجاً أكثر معاصرة (على الرغم من أن أحداثه تدور قبل 200 عام من قصة صراع العروش). في حديثه إلى "اندبندنت" عن دوره الرئيس في شخصية فيسيرس الأول، قال الممثل بادي كونسيدين إنه كان يحاول إضفاء لمسة أكثير حسية وأنثوية على شخصية الملك، وأوضح الممثل المولود في بيرتن، "عندما يلتقي الملك بأحفاده يقوم بحملهم وتقبيلهم ومعانتقتهم... لقد استحضرت ببساطة نموذج والدتي". في مقابلة أخرى، تحدث كونسيدين عن الدور الذي لعبته طفولته في تصويره لقبيلة تارغاريان المضطربة، إذ قال "يجد أخي وأخواتي صعوبة في التحدث مع بعضهم بعضاً بسبب الأسرة التي نشأنا فيها... لقد ترك ذلك ندوباً فينا وهذا شيء مأساوي، نحن غير قادرين على أن نكون قريبين من بعضنا بعضاً لأننا لا نستطيع التواصل".

 

لكن الممثل الذي لخص بدقة التنافر المعرفي [التناقض] للجولة الدعائية لمسلسل "بيت التنين" كان مات سيمث، الذي يلعب دور دايمون تارغاريان المستخف به (الذي يتولى مهمة تنفيذ جزء كبير من الجنس والعنف في المسلسل)، إذ يقول في مقابلة حديثة "تجد نفسك تسأل ’هل نحتاج إلى مشهد جنسي آخر؟‘، فيقول صناع العمل ’نعم، نحن بحاجة إلى ذلك‘"، وعند الإلحاح عليه بالسؤال لمعرفة ما إذا كنا سنشاهد شخصيته في مشاهد جنسية، أجاب سميث "نعم، أكثر من اللازم برأيي".

إنه لا يكذب، في الحلقة الأولى من "بيت التنين" وحدها، لا يغطي جسد دايمون سوى رداء رقيق جداً، وهي رفاهية لا تحصل عليها الشخصيات الثانوية من ذكور وإناث، إذ يبين أحد المشاهد عملية الإيلاج بأوضح صورة رأيتها على الإطلاق على شاشة التلفزيون، وإذا كنتم منزعجين من التباين في العري بين الذكور والإناث، وفي ظل عدم قدرتي على تقديم نسب دقيقة، فسأقول لكم إنكم ستشاهدون كثيراً من الأثداء والمؤخرات العارية وهي منهمكة في دورها إذا جاز التعبير، في حين أن القضيب الوحيد الذي نراه على الشاشة كان قد فصل مؤخراً عن جسد صاحبه.

لكن المسلسل الجديد يتعامل بشكل مختلف بلا شك مع القضية الشائكة، تصوير العنف الجنسي، قالت المنتجة التنفيذية سارة هيس بعد مقابلة أكدت فيها أن "بيت التنين" سيعرض مرة أخرى قصة اغتصاب، "أود أن أوضح أننا لا نصور العنف الجنسي في المسلسل... نحن نتطرق إلى حادثة لا نعرض تفاصيلها على الشاشة، لكننا نظهر بدلاً من ذلك العواقب والتأثير في شخصيتي الضحية وأم الجاني"، لطالما كان التحدي يتمثل في رسم خط واضح بين الجنس والعنف المستخدمين للتسلية أو الترفيه، والعنف الجنسي الذي تم تصويره كجزء من التعقيد السردي في العرض، إنه خط فشل "صراع العروش" في رسمه في حالات عدة.

رأى صناع "بيت التنين" رد الفعل هذا على المسلسل السابق، إنهم يعرفون كيفية تجنب القلق، أي تجنب صدور المقالات المطولة المخصصة لإدانتهم، لكنهم يعرفون أيضاً أن نجاح "صراع العروش" كان مبنياً على العنف والجنس والترهيب والشبق، وعلى رغم كل الكلام الذي يسمح لممثليه بقوله عن كونه عملاً أكثر تشذيباً، لكنه يبقى المسلسل نفسه، سيثار الناس من مشاهدة الوحوش الطائرة والأجساد المتروكة فريسة لسرطان البحر ليأكلها وهي على قيد الحياة، ستكون هناك علاقات غير مشروعة وعربدة وسفاح قربى، قد لا يكون هذا المسلسل هو "صراع العروش" لكنه يدور في العالم نفسه، وعلى رغم كل الحديث الدائر عن ابتكار عمل أكثر تقدمية، يدرك العرض أن الجماهير تحب الهمجية الأخلاقية لمملكة ويستيروس عندما تكون في قمة رجعيتها.

تبث الحلقة الأولى من مسلسل "بيت التنين" في الساعة الثانية صباحاً من يوم الإثنين الـ22 من أغسطس (آب) عبر خدمة سكاي، ويعاد بثها عند الساعة التاسعة من مساء يوم الإثنين، وستتوفر للمشاهدة عند الطلب عبر خدمتي ناو وسكاي للبث التدفقي بعد العرض الأولي.

نشر في اندبندنت بتاريخ 22 أغسطس 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات