Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا ما جناه الاقتصاد العالمي خلال 6 أشهر من الحرب

181 مليون شخص قد يعانون أزمة جوع هذا العام ومخاطر الركود تحاصر أوروبا

تشعر الحكومات والشركات والعائلات في جميع أنحاء العالم بالآثار الاقتصادية للحرب بعد عامين فقط من تفشي جائحة كورونا (أ ف ب)

باتت العواقب تشكل تهديداً مدمراً للاقتصاد العالمي بعد ستة أشهر من الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا، فالغاز ليس أكثر كلفة فحسب، فقد لا يكون متاحاً على الإطلاق إذا قطعت موسكو تماماً الإمدادات عن أوروبا للانتقام من العقوبات الغربية، أو إذا كانت المرافق لا تستطيع تخزين ما يكفي لفصل الشتاء. وقد تضطر ألمانيا إلى فرض تقنين الغاز الذي يمكن أن يشل الصناعات من الصلب إلى المستحضرات الصيدلانية إلى المغاسل التجارية.

رئيس الرابطة الألمانية لشركات جلفنة الزنك، مارتن كوبف، الذي يحتاج إلى الغاز الطبيعي لإدارة شركة عائلته "Zinkpower GmbH"، التي تعمل على مقاومة الصدأ لمكونات الفولاذ في غرب ألمانيا، قال لـصحيفة "واشنطن بوست"، "إذا قالوا سنقطع عنك الغاز سيتم تدمير جميع أجهزتي".

وتشعر الحكومات والشركات والعائلات في جميع أنحاء العالم بالآثار الاقتصادية للحرب بعد عامين فقط من تفشي جائحة كورونا الذي دمر التجارة العالمية. كما أن التضخم آخذ في الارتفاع في حين أدى الارتفاع الصاروخي في كلفة الطاقة إلى زيادة احتمالية مواجهة شتاء بارد ومظلم، فيما تقف أوروبا على شفا الركود. 

ويمكن أن يؤدي أيضاً ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها، الذي تفاقم بسبب قطع شحنات الأسمدة والحبوب من أوكرانيا وروسيا، التي تستأنف ببطء، إلى انتشار الجوع والاضطراب على نطاق واسع في العالم النامي. 

وخارج العاصمة الأوغندية كمبالا، قالت راشيل جاميشا لـ"واشنطن بوست"، إن الحرب الروسية في أوكرانيا البعيدة أضرت بعملها في البقالة، وبأنها تشعر بهذه الحرب عبر ارتفاع أسعار الضرورات مثل البنزين، الذي يباع اليوم بـ6.90 دولارات للغالون. وقد يصل إلى نحو 2000 شلن أوغندي (16.70 دولار) هذا الأسبوع، و3 آلاف شلن أوغندي (25 دولاراً) الأسبوع المقبل.

وأضافت جاميشا، "عليك أن تتحدى نفسك، وعليك شراء بعض الأشياء التي ترتفع بسرعة"، كما لاحظت شيئاً آخر أيضاً، هو ظاهرة تسمى "الانكماش"، فالسعر قد لا يتغير، لكن دونات الخبز التي كانت تزن 45 غراماً قد لا تتجاوز الآن 35 غراماً، الخبز الذي يزن كيلوغراماً واحداً أصبح الآن 850 غراماً. 

وكانت الحرب الروسية قد دفعت صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إلى خفض توقعاته للاقتصاد العالمي للمرة الرابعة في أقل من عام.

وتتوقع وكالة الإقراض نمواً بنسبة 3.2 في المئة هذا العام، انخفاضاً من 4.9 في المئة توقعته في يوليو (تموز) 2021، وأقل بكثير من 6.1 في المئة، القوي العام الماضي.

وقال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه جورنشاس، "ربما يتأرجح العالم قريباً على حافة ركود عالمي بعد عامين فقط من الركود الأخير". 

أزمة جوع

وقال برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة إن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة ألقى بـ71 مليون شخص في أنحاء العالم داخل دائرة الفقر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب. وكانت بلدان البلقان وأفريقيا جنوب الصحراء هي الأشد تضرراً. كما توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن ما يصل إلى 181 مليون شخص في 41 دولة قد يعانون أزمة جوع هذا العام. 

وفي بانكوك، أجبر ارتفاع كلفة لحم الخنزير والخضراوات والزيت بائع أغذية في الشوارع على رفع الأسعار وتقليص عدد العاملين والعمل لساعات أطول. وقال البائع الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، "لا أعرف كم من الوقت يمكنني الاحتفاظ بسعر غدائي في متناول الجميع". وأضاف، "الخروج من إغلاقات (كوفيد) ومواجهة هذا أمر صعب، والأسوأ من ذلك، لا أرى نهاية للأمر".

رفع أسعار الفائدة

وقبل أن يأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باجتياح أوكرانيا كان الاقتصاد العالمي تحت الضغط بعد ارتفع معدل التضخم بشكل كبير، حيث إن الانتعاش الأقوى من المتوقع من الركود الوبائي طغى على المصانع والموانئ وساحات الشحن، مما تسبب في التأخير والنقص وارتفاع الأسعار.

ورداً على ذلك بدأت البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة في محاولة لتهدئة النمو الاقتصادي وترويض الأسعار المرتفعة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال كبير الاقتصاديين في المعهد الدولي للتمويل روبن بروكس، "لدينا جميعاً كل هذه الأشياء المختلفة تحدث. لقد ارتفعت تقلبات التضخم، وارتفع تقلبات النمو، بالتالي أصبح من الصعب للغاية على البنوك المركزية أن تقود السفينة".

وفرضت الصين التي تتبع سياسة "صفر كورونا" عمليات إغلاق أدت إلى إضعاف ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وفي ذلك الوقت، كان عديد من البلدان النامية لا يزال يكافح الوباء والديون الثقيلة التي تحملتها لحماية سكانها من كارثة اقتصادية. كل هذه التحديات كان من الممكن التعامل معها، لكن عندما اجتاحت روسيا أوكرانيا في الـ24 من فبراير (شباط)، رد الغرب بفرض عقوبات شديدة. وأدى كلا الإجراءين إلى تعطيل التجارة في الغذاء والطاقة.

وتعد روسيا ثالث أكبر منتج للبترول في العالم ومصدراً رئيساً للغاز الطبيعي والأسمدة والقمح، فيما تطعم المزارع في أوكرانيا الملايين على مستوى العالم. 

انتشار التضخم

بالقرب من جوهانسبورغ، جنوب أفريقيا، كانت ستيفاني مولر تقارن الأسعار عبر الإنترنت وتتحقق من متاجر البقالة المختلفة للعثور على أفضل الصفقات، قائلة، "لديّ ثلاثة أطفال جميعهم في المدرسة، لذلك كنت أشعر بالفرق". 

وقالت لاو ثو هونغ التي تتسوق في سوق بالعاصمة الفيتنامية هانوي، لـ"واشنطن بوست"، إنها تحد من إنفاقها وتقلل من وجبات العشاء في عطلة نهاية الأسبوع.

وأضافت أنه على الأقل هناك ميزة واحدة للطهي في المنزل مع أطفالها، "يمكننا الارتباط بهم أكثر في المطبخ، مع توفير المال في الوقت نفسه". في حين حذر وزير الزراعة الإندونيسي سياهر ياسين ليمبو، هذا الشهر، من أن سعر المعكرونة سريعة التحضير، وهي مادة أساسية في الدولة الواقعة بجنوب شرقي آسيا، قد يتضاعف ثلاث مرات بسبب تضخم أسعار القمح.

وفي ماليزيا المجاورة، أعرب مزارع الخضراوات جيمي تان عن أسفه لأن أسعار الأسمدة ارتفعت بنسبة 50 في المئة، كما أنه يدفع مزيداً مقابل الإمدادات مثل الأغطية البلاستيكية والحقائب والخراطيم.

وفي كراتشي بباكستان بعيداً من ساحات القتال في أوكرانيا، تولى كامران عارف وظيفة ثانية بدوام جزئي كي يتمكن من دفع إيجار مسكنه. وقال، "لأننا لا نسيطر على الأسعار، يمكننا فقط محاولة زيادة دخلنا".

ويعيش معظم الناس في فقر بباكستان التي فقدت عملتها ما يصل إلى 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسبة 50 في المئة. 

وقال محمد شكيل، مستورد ومصدر، إنه لم يعد بإمكانه الحصول على القمح والحمص الأبيض والبازلاء الصفراء من أوكرانيا. وأضاف، "الآن، بعد أن أصبح علينا الاستيراد من دول أخرى، يتعين علينا الشراء بأسعار أعلى"، وأحياناً تزيد بنسبة 10 إلى 15 في المئة. 

وبينما تغذي الحرب التضخم، ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة في محاولة لإبطاء زيادات الأسعار من دون عرقلة النمو الاقتصادي. وتؤدي الزيادة الناتجة في معدلات القروض إلى معاقبة "FlooringStores"، وهي شركة في نيويورك تساعد العملاء في العثور على مواد الأرضيات والمقاولين، وانخفضت مبيعاتها لأن عدداً أقل من مالكي المنازل يقترضون لدفع كلفة تحسينات المنزل. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "تود سوندرز"، "نمول نسبة كبيرة من عملائنا بقروض شراء المساكن ومنتجات مماثلة، مما يعني أن ارتفاع أسعار الفائدة قضى بالفعل على أعمالنا". وأضاف، "التضخم لم يكن مفيداً، لكن أسعار الفائدة كان لها تأثير أكبر".

الركود المتزايد 

وتلقت أوروبا التي اعتمدت لسنوات على النفط والغاز الطبيعي الروسي في اقتصادها الصناعي، ضربة قاصمة. وتواجه الآن التهديد المتزايد بالركود، حيث يخنق الكرملين تدفقات الغاز الطبيعي المستخدمة لتدفئة المنازل وتوليد الكهرباء وإشعال المصانع. وأسعار الغاز اليوم هي 15 ضعف ما كانت عليه قبل أن تحشد روسيا قواتها على الحدود الأوكرانية في مارس 2021. 

وقال رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وصانع السياسة السابق في بنك إنجلترا آدم بوسين، "هناك كثير من مخاطر الركود والضغوط في أوروبا أكثر من بقية الاقتصادات ذات الدخل المرتفع".

وأضاف بوسين، "لم تنجُ روسيا أيضاً من هذه الأضرار، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصادها بنسبة ستة في المئة هذا العام.

وأشار الاقتصادي الروسي سيرغي ألكساشينكو الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة إلى أن مبيعات التجزئة في البلاد تراجعت بنسبة 10 في المئة خلال الربع الثاني من 2022، مقارنة بالعام الذي سبقه مع تقليص الاستهلاك. وقال، "ليس لديهم أموال لينفقوها".