Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

6 أشهر على معارك أوكرانيا: رهانات متناقضة على تكلفة الحرب

موسكو تراهن على تعب أوروبا من مطالب كييف والخوف من شتاء بارد وعواصم الغرب تعول على عجز الاقتصاد الروسي

من الصعب تقدير مدى التململ الشعبي في روسيا حيال استمرار الحرب لكن الأصوات في الغرب بدأت ترتفع بالاعتراض (أ ف ب)

في مطلع الألفية الثالثة صدر كتاب "الألماني في الكرملين" للكاتب الألماني ألكسندر راهر، وسبب التسمية أن فلاديمير بوتين هو "المسؤول الروسي الثاني بعد لينين الذي يجيد الألمانية"، وكان تصور المؤلف أن بوتين يريد أن يفعل ما فشل فيه غورباتشوف ويلستين، "تثبيت وضع روسيا في البيت الأوروبي وتقييمها كقوة عظمى والعمل على إضعاف أميركا".

بعد عقدين من التلاعب بأوروبا ودعم اليمين الشعبوي المتطرف، وربط القارة بالحاجة إلى الغاز والنفط من روسيا، بدت أهداف بوتين أبعد، روسيا قطب أوراسي في مواجهة الغرب الأوروبي والأميركي وتحالف عميق صيني-روسي يمكن أن يصبح ثلاثياً بانضمام إيران، هدفه إخراج أميركا من أوراسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط، ولم يكن الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي سوى نقلة على رقعة الشطرنج في اللعبة الاستراتيجية والجيوسياسية مع الغرب، وسط هاجس التمدد الغربي نحو حدود روسيا من خلال توسيع "الناتو".

لكن النقلة الغربية المضادة فاجأت بوتين الذي راهن على جيشه وعناصر أوكرانيا في الداخل لإطاحة النظام خلال أيام، فالغرب اندفع في أكبر عملية دعم لأوكرانيا بالسلاح والمال والتدريب والمعلومات، بحيث بدت حرب أوكرانيا كأنها حرب عالمية ثالثة بالوكالة، وبوتين اضطر للانكفاء نحو منطقة الدونباس، وبعد ستة أشهر على الحرب سادت الاهتمامات بتكلفة الحرب على الغرب وروسيا معاً، موسكو تراهن على تعب أوروبا من مطالب كييف والتضخم والركود وارتفاع الأسعار والخوف من شتاء بارد بكميات غاز محدودة، وعواصم الغرب تراهن على عجز الاقتصاد الروسي الضعيف أصلاً والذي زادته العقوبات الغربية ضعفاً عن تمويل حرب طويلة مكلفة. وليس أمراً عادياً أن تطلب موسكو من واشنطن أخيراً "الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتفاوض على تسوية"، ولا خارج التوقعات أن تجد أوروبا مشقة في استمرار موقفها الموحد من مسار حرب تتزايد كلفتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من الصعب بالطبع تقدير مدى التململ الشعبي في روسيا حيال استمرار الحرب، حيث الأصوات مقموعة، لكن الأصوات في الغرب بدأت ترتفع بالاعتراض، وإذا كان صوت الدكتور هنري كيسينجر الخائف على التوازن الدولي والداعي إلى تسوية واقعية هو الأعلى في أميركا، فإن الأصوات الأوروبية مرتفعة اقتصادياً واستراتيجياً. وتقول الإيطالية ناتالي توتشي في "فورين أفيرز" إن أوروبا تواجه خطر الانقسامات الجيوسياسية بين شرق وغرب، كما بين شمال وجنوب. دول شرق أوروبا التي لا تنسى تجاربها أيام السوفيات تريد "تشديد العقوبات على روسيا"، ودول غرب أوروبا فرنسا وألمانيا وإيطاليا "تميل نحو تسوية سياسية مع روسيا، والضغط على إيطاليا أكبر منه على ألمانيا"، لكن المعادلة التي توصلت إليها توتشي لافتة، "أكبر تهديد لوحدة الموقف الأوروبي هو وهم السلام، لأن الضغط على أوكرانيا لتقديم تنازلات لروسيا كثمن للسلام يؤدي إلى إطالة الحرب ومعها انقسامات في أوروبا"، و"أقوى ما يحافظ على وحدة أوروبا هو تصعيد العمليات من جانب بوتين".

والسؤال هو، من يصرخ أولاً؟ وإلى أي مدى يزيد تنامي الشعبوية اليمينية المتطرفة في أوروبا من قوة الموقف الروسي وضعف الموقف الأوروبي؟ المفتاح هو موقف أميركا المشهورة بقلة الصبر الاستراتيجي، لكن إدارة الرئيس جو بايدن التي تخوض أكبر صراع مع الصين وروسيا مضطرة لكثير من الصبر. أولاً، من أجل الحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي والأميركي من حرب أوكرانيا، وثانياً من أجل المواجهة الاستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية مع الصين وروسيا، وثالثاً من أجل التحديات في السياسة الداخلية.

واللعبة دقيقة جداً، الخسارة مؤكدة في حالتين، إذا مارست إدارة بايدن "القيادة من المقعد الخلفي" كما فعلت إدارة باراك أوباما، وإذا مارست القيادة المتهورة بلا خريطة طريق، كما فعلت إدارة دونالد ترمب. والربح ليس مضموناً إذا وصل الصراع إلى صدام مباشر مع الصين وروسيا.

المزيد من تحلیل