Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قد يبدو تقديم الأرباح على المجتمع منطقياً بالنسبة للشركات، ولكن أليس هذا مدمراً لها؟

"هؤلاء مجانين. يجب إلغاء الغزو. فالنظام الذي يستخدمونه سيقضي عليهم، ولن نكون مضطرين للقضاء عليهم بأنفسنا. فلديهم هذه الأمور الخاصة بالشركات، التي تسمح بأن يتم القضاء على المكان برمته. دعونا ننتظر وننظف وراءهم بعد أن ينتهوا من تدمير كل شيء"

الرسومات البيانية من سارة هارت

هذا تماماً ما قد يقوله أحد المخلوقات الفضائية عند النظر إلى طريقة عمل جبابرة النظام الرأسمالي. تريدون أمثلة على ذلك؟ بعد 10 سنوات على الأزمة المالية التي تسببت بركود قاسٍ وعقد من الزمن الضائع اقتصادياً، لا زال يتعين علينا أن نتعافى منها بالكامل، وليس صعباً العثور على أشخاص سيقولون لك إن المصارف تستطيع تكرار ذلك بسهولة.
فشركات التكنولوجيا العملاقة تجني المال من أشخاص يضعون إعلانات مصممة لإفساد عملية الانتخابات الديموقراطية، بينما تعمل شركات أخرى على تدمير البيئة. وفي هذه الأثناء، فإن مهرجان فضائح الشركات يضيف فصلاً جديداً كل بضعة أشهر. ولكن بناء على ما يرى عالِم الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل ميلتون فريدمان، الذي يطال تأثيره العالم الرأسمالي الأنغلو- ساكسوني، فإنها جميعاً تفعل ما هو مفروض منها أن تفعله، قاصداً بذلك: زيادة الأرباح بأي وسيلة ضمن القانون.
يذكر فريدمان بصراحة شديدة في كتابه الغني " الرأسمالية والحرية" Capitalism and Freedom، أن "المسؤولية الاجتماعية للشركات تتمثل في زيادة أرباحها"، إذ لم تكن لديه خبرة مع شركات تمنح أي اهتمام بالمجتمعات التي تعمل ضمنها، وبدرجة اقل شركات تدفع  أهداف مفيدة اجتماعياً مثل "توفير الوظائف، القضاء على التمييز، وتجنّب التلوث وكل ما يمكن أن يقع ضمن الكلمات الطنانة التي تحرص عليها مجموعة الإصلاحيين المعاصرين". 
ويعبّر فريدمان عن رأيه بالقول إن "رجال الأعمال الذين يتحدثون بهذه الطريقة ما هم إلا مجرد دمى تحركها القوى المثقفة التي كانت تعمل على تقويض أسس المجتمع الحر خلال العقود الماضية". وتتعارض وجهة النظر تلك مع ما يمكنك أن تسمعه في العادة من المدراء التنفيذيين المعاصرين، الذين يحبون الحديث عن مدى أهمية "القيم" بالنسبة للشركات التي يديرونها ويضخمون دورهم باعتبارهم "مواطنين صالحين من قطاع الأعمال".
"فايسبوك" لا يهدف إلى جني المال، إنه موجود "للربط بين الناس". وعبارة "لا تكن شريراً" الشهيرة التي كانت في قلب الفلسفة العملية لـ"غوغل" إلى تمّت إزالتها بهدوء. أما الآن فإن فلسفة "غوغل" تقول: "إن مدونة السلوك الخاصة بغوغل تشكّل إحدى الطرق التي نطبق فيها قيمنا. فهي مبنية حول الاعتراف بأن كل شيء نقوم به بما يتصل بعملنا في غوغل سيكون ويجب أن يكون، على قياس أعلى المعايير الممكنة لأخلاقيات السلوك العملي".
أليس ذلك لطيفاً؟ لا بد أن ميلتون يتقلّب في قبره. يمكن سماع أشياء مماثلة على هذا الجانب من المحيط الأطلسي. قلت مرة لأحد المسؤولين التنفيذيين الكبار في إحدى الشركات المدرجة على مؤشر فوتسي100 البريطاني أثناء العشاء، أن كلامه عن القيم كان تجميلياً ظاهرياً بشكل أساسي، في حين أن المال هو المسيطر. ما أثار حنقه بشكل واضح.
ومع ذلك، لم يكن فريدمان ليجد أي شيء يستهدفه في العروض الاستثمارية التي يقدمها الموظف لدى المدير التنفيذي المذكور آنفاً. وربما يكون اكتشف أن قصة المسؤولية الاجتماعية الوهمية لشركات اليوم مُحبِطة، وحتى مثيرة للغضب، لكنه لن يحتاج إلى البحث بعمق ليستعيد الطمأنينة.
إن غالبية الشركات الغربية والرؤساء التنفيذيين ينتمون ويعيشون وفق هذه العقيدة في كل النواحي تقريباً، حتى ولو ترددوا أحياناً في الإقرار بذلك. ويجب ألا يكون هذا مفاجئاً لأحد. فذلك مطلوب منهم قانونياً.
إن قانون الشركات البريطانية عام 2006- الذي أقرته حكومة عمّالية بالمناسبة – يضع واجب الأمانة من طرف المدراء تجاه حملة الأسهم في جوهره.
فينصّ على أنه يجب على المدير أن يتصرف "بالطريقة التي يرى أنها وبكل إخلاص، ستؤدي إلى تعزيز نجاح الشركة لمنفعة أفرادها ككل". وفي حالة الشركات العامة الكبرى، فإن أفرادها هم حملة الأسهم، ويستثمرون فيها، وفق ما صرح فريدمان، بهدف جني المال.
إن الرأسمالية تكشر عن أنيابها وتكشف مخالبها، وفق ما يقول أتباعه، لأنها أثبتت أنها أفضل بكثير في توفير الرخاء لأولئك الذين يعيشون في ظلها مقارنة بأي بدائل أخرى (كان فريدمان يكتب في وقت كانت فيه الشيوعية هي المقابل الرئيسي).
لذا أيها التنفيذيون في الشركات حان الوقت لإيضاح كل ذلك الزغب المحيط بمسألة القيم. لذا ضعوا لأنفسكم قوانين مالية خاصة (المال يشتري كل شيء من حولي، مع الإعتذار من فرقة الوو تانغ كلان).
والمشكلة في وجهة النظر تلك هي أنها لم تعد تحقق النجاح الذي كانت تحققه في الماضي، على الأقل ليس بالنسبة إلى الجماهير، ما يمكن أن يفسر سبب حصول متشددين من نوع أو آخر على خدمة كهذه، متشددون سيئون على الأكثر بالنسبة للأعمال - وذلك يشمل اليمينيين منهم أيضاً، في حال لم تلاحظوا الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترمب.
كان مركز "بيو للأبحاث" أشار أخيراً إلى أن الرواتب الحقيقية في الولايات المتحدة، التي عُدِّلت لتتناسب مع مستوى التضخم، تملك نفس القدرة الشرائية التي كانت لها منذ 40 سنة. إن الذين يشغلون مناصب عليا جداً هم فقط مَن حقق مكاسب حقيقية. ومنذ عام 2000 كانت رواتبهم الحقيقية ارتفعت بنسبة تراكمية قدرها 15.7 بالمئة، أي ما يعادل 2112 دولاراً أميركياً (1628 جنيه إسترليني) في الأسبوع- حوالي خمسة أضعاف المكاسب الأسبوعية المعتادة للعشر الأسفل من الموظفين (426 دولار).
بلغت الأجور الحقيقية بالنسبة للعامل الأميركي العادي فعلياً قمتها منذ 45 سنة، بعد سنتين من نشر فريدمان مقالة توضح وجهة نظره بشأن الأرباح في الـ"نيويورك تايمز ماغازين". وتجري مسائل مماثلة في سوق العمل البريطاني. وأشار بول أدريان الاقتصادي البريطاني في موقع "إنديد" للبحث عن وظائف، أخيراً إلى أن متوسط الرواتب لا يزال دون القمة التي وصل إليها قبل الأزمة المالية في العام 2008.
وتابع أنه "لو واصلت الرواتب الحقيقية النمو بوتيرة ما قبل الأزمة المالية، فإن الشخص العادي سيجني الآن 130 جنيه استرليني أكثر في الأسبوع، مما يجنيه الآن".
في قاعة مجلس الإدارة، الحكاية مختلفة. ففي تقرير صدر عام 2015، أشار مركز الرواتب المرتفعة High Pay Centre إلى أن الرؤساء التنفيذيين في المملكة المتحدة شهدوا زيادة رواتبهم خمس مرات منذ أواخر التسعينيات- رغم عدم وجود أدلة على أن ذلك أدى إلى تحقيق الشركات أداءً أفضل، أو تحسين الإنتاجية أو الأداء الإقتصادي. وعبّر تشارلز كوتون وهو مستشار أول في الأداء والمكافآت في معهد تشارترد للموظفين والتنمية، عن وجهة النظر الأخيرة بكل بلاغة، أثناء جلسة استماع أمام لجنة الأعمال البرلمانية في شهر حزيران (يونيو).
إلا أنه رغم تمرد المساهمين العرضي، لا دليل ملموس على وجود أي تباطؤ فعلي. إذ وجد تقرير حديث أجراه المركز أن رواتب الرؤساء التنفيذيين قفزت بنسبة 11 بالمئة عام 2017، أي أكثر بأربع مرات أكثر من الإيقاع الذي يزيد فيه معدل راتب الموظف العادي. وجادل فريدمان أن لدى الرئيس التنفيذي للشركة مسؤولية مباشرة تجاه موظفيه "لإدارة العمل وفق رغباتهم، الأمر التي ستكون عموماً تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال مع الالتزام بالقواعد الأساسية للمجتمع".
ولكن فيما تلتزم الشركات بمعظم تلك القواعد، إلا أنه حين يتعلق الأمر بمسألة رواتبهم - فإنهم ينتهكون القاعدة بكل وضوح. فهم بالإضافة إلى المدراء غير التنفيذيين الذين يضعون القوانين باستمرار، يتصرفون بطرق تتعارض في نهاية المطاف مع مصالح المساهمين.
ووصلت الأمور إلى الحضيض في المملكة المتحدة مع شركة بيرسيمون هومز ومدفوعاتها المحتملة البالغة 600 مليون جنيه إسترليني، وهو المبلغ المقرر تقاسمه بين أكثر من 130 مدير تنفيذي. وكان يُفترض أن ينال الرئيس التنفيذي جيف فيربورن أكثر من 100 مليون إسترليني عبر ذلك، إلا أن الاعتراضات العامة أدت به في نهاية الأمر إلى أن يوافق على خفض المبلغ إلى 75 مليون إسترليني.
لقد نجحت الشركة تحت إشرافه، هذا صحيح، ولكن النجاح كان بدرجة كبيرة بسبب المساعدة التمويلية الحكومية، التي قامت الحكومة بموجبها بشراء الرهونات العقارية للمشترين لأول مرة الذين تستهدفهم الشركة. وهكذا دانت الشركة بكثير من نجاحها إلى المساعدة المالية التي قدمها القطاع العام في الواقع.
واعترف كل من الرئيس، ورئيس لجنة المكافآت اللذين استقالا وسط الفضيحة، أنه كان يجب أن يكون هناك سقف أو تحديد لخطة الدعم، ولكن ذلك كان متأخراً للغاية من حيث إنقاذ المساهمين الذين كان يفترض أن يقدموا التعهدات بالسداد، إذ انتهى المطاف بهم بتقديم أكثر من 10 بالمئة تقريباً من شركتهم لرؤسائها التنفيذيين. ولا عجب أن أحد المعلقين أشار إلى ذلك باعتباره "عملية نهب للشركة".
واجب الأمانة؟ لم يعد هذا المصطلح محط الاهتمام، إنسوه! فجزء من السبب وراء الحدوث المتكرر لهذا النوع من الأشياء هو الشكل الذي باتت تدار به الأمور في الشركة الحديثة، إذ أنها بحكم الواقع بلا صاحب- إذ تملكها على نطاق واسع مجموعات عدة من صناديق الاستثمار المؤسساتية التي تشتري وتبيع إلكترونياً، ونادراً ما تصوت على قرارات الشركة ويمكن في بعض الأحيان أن تكون ضمن سجلات المساهمين لبضعة أيام و حتى ساعات.
وترغب لجان المكافآت أن تجعلك تقتنع بأنها تسعى إلى التوفيق بين مصالح الرؤساء التنفيذيين والمساهمين، رغم افتقادها للقدرة الرقابية، وذلك عبر جعل الأوائل مساهمين أيضاً. قوانين مالية خاصة للجميع!
تكمن المشكلة في هذا التحليل في أن التنفيذيين يحصلون على أسهمهم مجاناً، وإذا كان هناك شيء مجاني، فالإنسان لا يقدّر قيمته فعلاً. فنادراً ما يعرّضون أموالهم للخطر. وهذا غالباً ما يؤدي بهم إلى توخي الحذر من الخطر في السعي وراء دفع مبالغ ضخمة. لم لا؟
وإذا فشل صاحب العمل فشلاً ذريعاً وانتهى أمره في منتصف الطريق قبل أن يطبق ما يريد بكل حماس، فإن الموظفين قد يفقدون وظائفهم. ولكن تنفيذيي الشركات لا يمكثون دون عمل لفترات طويلة. خذ مثلاً مسيرة عمل أندي هورنبي. فالرئيس التنفيذي لبنك وشركة التأمين HBOS وضع يده على الصندوق عندما انهار البنك، وكان على الحكومة أن تتدخل وتجد منقذاً له (شركة تأمين لويدز) الذي كان عليه أن يكفله.
كان على السيد هورنبي الذي تعرض لانتقادات حادة في تقرير من قبل الهيئة البرلمانية لشؤون المعايير المصرفية، أن يصبح عاطلاً عن عمله بعد ذلك. ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يجد وظيفة جديدة كرئيس للمجموعة الصيدلانية أليانز بووتز، قبل أن ينتقل إلى  شركة كورال للرهانات. ولم يكن فريد غودمان في بنك سكوتلاند الملكي محظوظاً جداً بفضل مكانته كرجل مرعب في عالم الأعمال المصرفية البريطاني. ولكن تقريباً كل زملائه في اجتماع مجلس الإدارة كانوا وضعوا بديلاً للعمل خلال عامين من انهيار ذلك البنك. ويتساءل المرء ما سيحدث الآن لأولئك الذين أمضوا وقتاً في قاعة اجتماعات مجلس إدارة كاريليون. فمدراؤها التنفيذيون اتجهوا للفوز بالجائزة الكبرى، ونقصد بذلك التوسع والأرباح التي تؤدي إلى الفوز على الجميع، إلى أن خسر البنك قيمة مهمة منه.
لم يكن هناك من يكفل البنك في تلك الحالة، ولكن تُرك دافع الضريبة رغم ذلك ولديه فاتورة ثقيلة عشية مثال آخر صارخ للرأسمالية التي روّج فريدمان لفكرة أنها تقضي على نفسها. ولكن هناك بعض الشركات التي كانت تجنبت أفكار فريدمان من ناحية أخرى جديرة أكثر بالاحترام، وبنتائج مثيرة.
لا أتحدث هنا عن برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات التي ترغب معظم الشركات الكبرى في إدارتها. إنها في الغالب أكثر قليلاً من التوسع في ميزانية التسويق، والمصممة لإرسال رسالة إلى المستهلكين: "مرحباً بكم، تعالوا وانفقوا معنا. ويمكنك الشعور بالرضا حيال ذلك لأنه على الرغم من أننا نتسبب بالأذى للبيئة، إلا أننا أنشأنا بئراً في السنغال ونسمح لموظفينا بالذهاب ومساعدة أطفال المدينة في ساعات الغداء".
إنني أفكر بدلاً من ذلك بتلك الشركات التي سعت بجد واهتمام لتعزيز التنوع (وهي مفضلة لمجموعات الإصلاحيين الحاليين) من خلال ممارساتهم في مجال التوظيف. وبعيداً عن المعاناة التي يتخللها القيام بذلك، حققوا استفادة، وبسهولة.
فشركة مكنزي وهي شركة استشارات إدارية مشهورة بصراحتها، سعت لدراسة تأثير ربحية الشركات من خلال توظيف مزيد من النساء ومزيد من الموظفين القادمين من مجموعة عرقية من الأقليات.
ويظهر تقريرها الذي يحمل عنوان- العمل من خلال التنوع- أن الشركات التي تقوم بهذا تحصل أموالاً أكثر. وأجرت شركة مكنزي دراسة شملت 1000 شركة تنتسب إلى 12 دولة في دراسة أجرتها سنة 2017. وتبين من تلك الدراسة أن تلك الشركات التي لديها قوة عاملة بحيث تشكل 25 بالمئة من مجموعات عرقية متنوعة، كان لديها احتمال أكبر بنسبة 33 بالمئة أن تشهد معدل أرباح أعلى من تلك التي لديها أقل نسب التنوع العرقي.
وأكدت النتائج بالتحديد على أهمية تلك المجموعات التي يجري توظيفها في كل من الوظائف الإدارية (حيث يكون عادة من الصعب جداً العثور على مؤهلين لشغلها) وفي وظائف تجني أرباحاً حيث يجري عادة الحصول على تنفيذيين. فالشركات التي تقوم بذلك تلتزم بمتطلبات فريدمان بأن تزيد أرباحها عن طريق أخذ وصفته وتطبق عكسها.
لكن يبقى السؤال قائماً حول ما إذا كانت أهداف "الربح مهما كان الثمن" لا تزال مدمرة. وإن وضع الأرباح أولاً قد ترك بريطانيا لشركات المياه التي تفرض حظراً على استخدام الأنابيب المرنة بينما تهدر كميات هائلة من المياه إلى شوارع بريطانيا من تسرب الأنابيب. لقد أدى ذلك إلى كارثة السكك الحديدية التي قضت على إيمان الجمهور في الخصخصة.
كان هدف الحصول على  بضعة دولارات إضافية هو الذي سمح لفيسبوك بأن يُستخدم من قبل أولئك الذين يسعون للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية واستفتاء البريكست.=
كل هذا يوضح كيف يمكن أن يكون سلوك الشركات المدمر هو الذي يضع الأرباح فوق المجتمع. وتتعامل صناعة المياه الآن مع قواعد أكثر صرامة، في حين تستعد الحكومة للإعلان عن مراجعة حول كيفية تقديم خدمات السكك الحديدية. وإذا ما جاء حزب العمال إلى السلطة، فستواجه كلتا الصناعتين عملية تأميم، وهي فكرة تجد تأييداً متزايداً من الجمهور.
لقد قضى الفيسبوك على سمعته، ودفع غرامات، بينما في الوقت ذاته يتعامل مع القواعد الجديدة. وربما هناك الأسوأ قادماً في الطريق. بل ربما يجب أن يكون هذا واجباً. فهل كان لهذا كله أن يكون قد حصل لو أن تلك الشركات تولت "مسؤولياتها الاجتماعية" بشكل جدي أكثر؟
ولا ينحصر تحقيق الشركات للربح والنفع في مجال التوظيف فقط من خلال التفكير قليلاً بعناية أكبر بشأن ما يفعلون وكيف يفعلون. فهل يتحقق ذلك عن طريق الأبنية الصديقة للبيئة؟ هذا يعني أن فاتورة الكهرباء ستكون أقل.
فهل يستلزم ذلك التصرف لخفض الانبعاثات وكبح السلوكيات الأخرى المدمرة للبيئة؟ يمكن خفض تكاليف الدمار البيئي، ما يؤدي إلى على سبيل المثال إلى أقساط تأمين أقل. ويمكن للشركات المسؤولة اجتماعياً أن تعمل على تحقيق النفع للمساهمين، على الأقل أولئك الذين يقعون ضمن قطاع زمني يتجاوز الخمس دقائق.
يستحق الأمر النظر إلى تجربة Nationwide وجون لويس، فإحداها شركة مملوكة بشكل متبادل، والأخرى عبارة عن شركة مملوكة للموظفين، حتى هذه اللحظة. وليست هاتان الشركتان بلا فشل. فعلى سبيل المثال، إن شركة Nationwide مدانة لدفعها رواتب فائقة بشكل زائد لمدرائها التنفيذيين مثلما تفعل بعض البنوك.
ولكن كقاعدة، فإنهما تمكنتا من تحقيق توازن في النجاح المالي بعيد المدى، وهو أمر لا يزال أصحابهما مهتمين به، مع وجود موقف أكثر تنويراً تجاه المجتمع اللتين تعملان فيه مقارنة ببعض نظيرتيهما.
تعتبر مؤسسة جون لويس مثالاً قيماً جداً. فهي تحدد حقوق ومسؤوليات الموظفين وتحدد "مدى السلطة الذي تجري مشاركته والمسؤوليات الجماعية تجاه الآخرين".
وتفشل الشركات التبادلية والشراكات مثلما الحال بالنسبة للشركات العامة. ولكن في كثير من الأحيان يكون ذلك عندما تتبع قواعد اللعبة التدميرية للشركات العامة، حيث هناك القليل من الرقابة التي تتم على المدراء التنفيذيين الذين يتسمون بالقوة والإفراط في الرواتب التي يتقاضونها، والذين يسعون إلى زيادة الأرباح قبل كل شيء والقيام بمخاطرات سخيفة لتحقيق ذلك.
ربما حان الوقت للنظر في قانون الشركات المعدل لتحسين توازن مصالح المساهمين مع مصالح أصحاب المصلحة الآخرين. إن أحد كبار أعضاء حزب المحافظين، من جناح الحزب الهادئ (غير المؤيد لفكرة البريكست)، أدرك هذه الفكرة في حديث معي. وجادل بأن الموظف، على سبيل المثال، لا يمكن تصنيفه إلى جانب مالك الأسهم. لكن لم لا؟ كما حاولت التوضيح، فقد يعمل في النهاية لصالحهم.
ولم تكن جون لويس، التي يكون الموظفون فيها بمثابة مالكين لها، محصنة من التحديات التي تصيب الجميع. ولكن معظم منافسي محلاتها المدرجة في سوق الأسهم على استعداد للموت ليكونوا في المكانة التي هي عليها. وتعتبر مجالس الأعمال مشهورة في أوروبا، مثل تمثيل الموظفين في مجالس الإدارة، وهو أمر تحدثت عنه تيريزا ماي باختصار قبل أن تتراجع عنه سريعاً.
صحيح أنها لم تعمل بالضرورة على الحد من أسوأ غرائز التنفيذيين- فليس من الصعب العثور على أمثلة على الإفراط في الرواتب في الشركات الألمانية على سبيل المثال. لكن أنظر إلى ألمانيا وأنظر إلى بريطانيا واسأل نفسك عن الطريقة الأفضل للقيام بالأمور. هل سيقول أي شخص غير قومي متشدد أي شيء آخر غير "التقدم عبر التقنية" باللغة الألمانية؟
لقد منحت بريطانيا أيضاً، ودول غربية أخرى، مسؤولية الشركات عن مهمات لم تكن لها من قبل عندما كان فريدمان يكتب. لذا، نعم، للمجتمع حصة كبيرة في كيفية إدارته وحكمه. لقد حان الوقت الذي تم الاعتراف به بذلك. إذ يحتاج المجتمع إلى مقاعد في المجلس، ومكاناً في الدستور، ودوراً في تفكير الشركات. وهذا ما يحتاج إليه العاملون أيضاً.
وعندما صاغ توني بلير عبارة "صاحب المصلحة" ، تم انتقاده على نطاق واسع على أنها كلمة طنانة (فقد كان مغرماً بها جداً).
لكن الشركات أصحاب مصلحة في المجتمع، مثلما أن المجتمع هو صاحب مصلحة في الشركات. فتحسن أحدهما يعني تحسن وضع الآخر، وليس ذلك على الأقل بسبب وحسبما تظهر دراسة مكنزي بأن المشاركة المجتمعية الأكثر تؤدي إلى تحصيل المزيد من المال. ونستذكر هنا مقولة مزيداً من القواعد أو القوانين المالية للجميع.
لقد حان الوقت بالنسبة لنا لندرك ذلك وأن نبدأ بالنظر إلى طرق لإصلاح النظام. فهذا النظام لا يخدمنا بشكل مناسب جداً.

© The Independent

المزيد من اقتصاد