Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تغلق "صنبور الغاز" عن أوروبا بحجة الصيانة

مسؤولون أوروبيون يصفون الخطوة بالهجوم الاقتصادي انتقاماً لدعم أوكرانيا

خفضت موسكو عمليات التسليم مرة أخرى عبر خط الأنابيبنورد ستريم إلى 20 في المئة من طاقته القصوى (أ ف ب)

قالت شركة "غازبروم" الروسية لتصدير الطاقة المملوكة للدولة إنها ستغلق خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم" إلى ألمانيا لمدة ثلاثة أيام من أجل الصيانة في وقت لاحق من هذا الشهر، مما يزيد الضغط على أوروبا المتعطشة للطاقة. 

وقد تؤدي هذه الخطوة غير المتوقعة إلى تعقيد الجهود التي تبذلها ألمانيا وجزء كبير من أوروبا لملء احتياطيات الغاز، وقد تعرقل إجراءات التقنين المتخذة على نطاق واسع للحفاظ على دفء سكانها خلال فصل الشتاء الطويل، سعياً لعدم إغلاق المصانع. 

وخفضت موسكو بالفعل عمليات التسليم مرة أخرى عبر خط الأنابيب رابط الغاز الرئيس لأوروبا، إلى 20 في المئة من طاقته القصوى، مشيرة إلى مشكلات فنية تتعلق بتوربيناتها.

ورفض مسؤولون ألمان وأوروبيون هذه التفسيرات، ووصفوا قطع الغاز بأنه هجوم اقتصادي انتقاماً لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. 

وأمضت روسيا، والاتحاد السوفياتي قبلها، أكثر من جيل في بناء روابط طاقة عميقة في قلب أوروبا. وكان الغاز السيبيري الرخيص يتدفق بشكل موثوق عبر خطوط الأنابيب لعقود من الزمن إلى محطات الطاقة والأفران المنزلية، مع عودة مليارات الدولارات إلى روسيا.

لكن منذ الأشهر التي سبقت الاجتياح الروسي لأوكرانيا، استخدم الرئيس فلاديمير بوتين القبضة الروسية الخانقة على الطاقة الأوروبية في محاولة لتقسيم الغرب.

ويقول المحللون إن أمله هو مواجهة الحصار الاقتصادي لروسيا من خلال فرض المعاناة المالية في الاتجاه الآخر، مما يقوض استعداد العواصم الأوروبية لنقل الأسلحة والأموال إلى كييف. 

ويتوقع القادة الأوروبيون أن تحافظ روسيا على تدفق الغاز عند مستوى منخفض للتلاعب بالمنطقة وخلق حالة من عدم اليقين. ومن الممكن أيضاً إجراء قطع كامل، لكنه قد يفرض كلفة على الاقتصاد الروسي المعتمد على تصدير الطاقة، الذي يتعرض لضغوط من العقوبات الغربية.

ومن شأن إغلاق التدفق تماماً أن يترك موسكو من دون مزيد من الصواريخ لإطلاقها.

وقف الإمدادات بشكل متقطع 

قال سيمون تاجليابيترا الزميل البارز في "بروغيل"، وهو مركز أبحاث، لـ"وول ستريت جورنال"، إن روسيا ستواصل قطع إمدادات الغاز إلى أوروبا بشكل متقطع خلال الأشهر المقبلة، للحفاظ على ارتفاع الضغط، ورفع أسعار الغاز قبل الانقطاع الكامل.

ويرى تاجليابيترا أنه يتعين على دول الاتحاد الأوروبي زيادة الإجراءات لتوفير الغاز، والاستعداد للأوقات الصعبة المقبلة. وقال، "الشتاء مقبل ولا يمكننا أن نكون غير مستعدين". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمتلئ اليوم مخازن الغاز في الاتحاد الأوروبي بنحو 76 في المئة، وهو ما يتماشى على نطاق واسع مع المتوسط ​​التاريخي لهذه الفترة من العام، في حين تملأ ألمانيا، التي تبلغ حصتها من الغاز 78 في المئة، أخيراً مساحة تخزينها بشكل أسرع مما كان متوقعاً. ومع ذلك قد لا يكون التخزين الكامل كافياً خلال فصل الشتاء إذا توقفت التدفقات الروسية تماماً. 

وقالت "غازبروم"، الجمعة الـ19 من أغسطس (آب) الحالي، إن الصيانة ستتم بين31 أغسطس و2 سبتمبر (أيلول) المقبل، وإذا  لم يتم اكتشاف عيوب، فإنها ستعيد التدفقات بالمعدل الحالي. 

الأخبار تسببت في ارتفاع أسعار الغاز بأوروبا، التي يتم تداولها عند مستويات قياسية بشكل أكبر، حيث قفزت العقود الآجلة للغاز في مركز تجاري بهولندا، وهو المؤشر القياسي في شمال غربي أوروبا، بأكثر من 5 في المئة. 

الاقتصاد الأوروبي سيغرق في الركود 

يستخدم مصدر الطاقة لإشعال محطات الكهرباء وتدفئة المنازل وتشغيل المصانع والمصاهر ومعامل الأسمدة. وحذر محللون ومسؤولون من أنه إذا أوقفت روسيا الغاز خلال الشتاء، فمن المرجح أن يغرق الاقتصاد الأوروبي الهش في الركود، في حين أجبرت أسعار الكهرباء المرتفعة بعض العمليات الصناعية في أوروبا على إعلان الإغلاق هذا الأسبوع، بما في ذلك عمليات تزوير المعادن كثيفة الاستهلاك للطاقة. 

يذكر أنه لم يتم الإعلان عن الإغلاق المؤقت، ويأتي بعد أسابيع فقط من إغلاق خط أنابيب "نورد ستريم"، الذي يبلغ طوله 760 ميلاً (نحو 1449 كيلومتراً)، الذي يربط حقول الغاز السيبيري الغزير الإنتاج في روسيا بألمانيا تحت بحر البلطيق، لمدة 10 أيام من أجل الصيانة السنوية في يوليو (تموز). 

وبعد انتهاء العمل، أعادت شركة "غازبروم" التدفق، لكن فقط إلى 40 في المئة من قدرة خط الأنابيب. وخفضت ذلك لاحقاً إلى 20 في المئة، قائلة إنها لا تستطيع الحفاظ على التدفق الطبيعي من دون التوربينات التي كانت تخضع للصيانة في كندا. وأضافت أن التوربينات الأخرى تحتاج أيضاً إلى الصيانة. 

مقامرة روسية 

من جانبه، رفض المستشار الألماني أولاف شولتز هذا التفسير، قائلاً إن روسيا رفضت تسلم التوربينات، وأنه لا توجد أسباب فنية أو قانونية لتقليص إمدادات الغاز. 

وقال "الكرملين" إن روسيا بحاجة إلى التأكد من أن التوربين لم يخضع للعقوبات ولن يتم إيقاف تشغيله عن بعد بحجة العقوبات، ورفضت مراراً الاتهامات بأن "غازبروم" تدخلت في إمدادات الغاز لكسب نفوذ سياسي. 

ويؤثر قطع الإمداد عبر "نورد ستريم" على العملاء الأوروبيين الآخرين، لأن ألمانيا تصدر بعض الغاز إلى الخارج، كما أنه يخلق آثاراً مضاعفة على الصعيد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث سجلت أسعار الغاز الطبيعي هذا الأسبوع أعلى مستوياتها منذ عام 2008. وأصبحت أميركا مصدراً رئيساً للغاز الطبيعي المسال شديد البرودة إلى أوروبا. 

 

وقالت "غازبروم"، الجمعة، إن التوربين الوحيد المتبقي في محطة ضاغط خط الأنابيب يجب أن يخضع للصيانة، واصفة إياه بأنه إجراء روتيني من المفترض أن يتم كل 1000 ساعة من تشغيل التوربين. 

وقالت وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية، الجهة المنظمة للطاقة في البلاد، الجمعة، إنها أحيطت علماً بإعلان شركة "غازبروم" وتراقب الوضع. 

أما بالنسبة لروسيا، فيعد قطع إمدادات الغاز عن أوروبا مقامرة، فمع امتلاء المخزن المحلي الروسي بسرعة، قد يلزم إغلاق مزيد من آبار الغاز، وبمجرد إغلاقها تفقد بعض الآبار الضغط وتكون مكلفة أو يستحيل إعادة فتحها في تضاريس سيبيريا المتجمدة. 

بالتالي فإن خيارات روسيا لإعادة توجيه التدفقات إلى آسيا أو الأسواق الأخرى محدودة بسبب بنيتها التحتية التي تواجه أوروبا في الغالب. وكان قد افتتح خط أنابيب غاز إلى الصين في عام 2019، لكن طاقته محدودة. وهناك قضية المفاوضات مع بكين بخصوص هذا المشروع، لكنه لن يكون جاهزاً قبل سنوات. 

افتتح "نورد ستريم" للمرة الأولى في عام 2011، وتبلغ طاقته 55 مليار متر مكعب سنوياً، وهو ما يكفي لتغطية نحو 10 في المئة من الاستهلاك السنوي للاتحاد الأوروبي. 

هناك أيضاً خطوط أنابيب أخرى من روسيا إلى أوروبا، لكن التدفقات عبر هذه الخطوط قد تراجعت. وأوقفت أوكرانيا مساراً واحداً لعبور الغاز في مايو (أيار)، وألقت باللوم على تدخل القوات الروسية. وتوقفت عمليات التسليم عبر شركة أخرى تسمى "يامال"، التي كانت تنقل الغاز تقليدياً من روسيا إلى أوروبا، هذا العام بسبب العقوبات التي فرضتها روسيا على المالك البولندي الجزئي. 

وقبل الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا استورد الاتحاد الأوروبي نحو 40 في المئة من غازه من روسيا. وتحاول الحكومات في جميع أنحاء أوروبا تأمين الغاز من موردين آخرين، بما في ذلك النرويج والجزائر والولايات المتحدة وقطر، والذي يأتي غالباً في شكل غاز طبيعي مسال يتم نقله عن طريق السفن. 

وتقوم ألمانيا ببناء عديد من محطات الغاز الطبيعي المسال على ساحلها لاستقبال الشحنات وقد استأجرت خمس محطات عائمة يمكنها التعامل مع هذه التدفقات على المدى القصير. 

واتخذت البلاد خطوات أخرى للتغلب على الشتاء، فإضافة إلى جهود الحفظ، تخطط ألمانيا لتأجيل إغلاق آخر ثلاث محطات للطاقة النووية في البلاد، لأنها تستعد لنقص محتمل في الطاقة. 

المزيد من البترول والغاز