Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي تقوله عودة سارة بالين عن حزب "جمهوري" أميركي معاصر؟

بعد أن تخلى الحزب "الجمهوري" الآن عن سياسات التعاون بين الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة التي كان عرابها جون ماكين الشريك السابق لبالين، تبنت هذه السيدة بقوة الترمبية في ترشحها لعضوية الكونغرس عن ولاية ألاسكا

بالين تصنف نفسها، كما ترمب، على أنها ذلك المزيج الذي يجمع ما بين شخص غريب عن النسيج الأميركي وذاك الذي يشكل جزءاً منه (غيتي)

ليس هناك ما يشبه هذا الفيض من الانتخابات التمهيدية والموسم المقبل الحافل بالانتخابات النصفية للتذكير بضخامة حجم الولايات المتحدة الأميركية.

الأنظار تتجه هذا الأسبوع إلى ولاية ألاسكا - موطن سارة بالين (نائبة المرشح السابق للرئاسة الأميركية جون ماكين)، وولاية وايومينغ، موطن ليز تشيني. هاتان السياسيتان تختلفان كلياً ولهما أفكار متباينة للغاية، فقد عادت بالين، التي كانت قد اشتهرت بارتكابها الزلات عندما كانت زميلة للسيناتور الراحل جون ماكين (في الترشح الانتخابات الرئيسة لعام 2008)، إلى الساحة السياسية مجدداً، بعد أن أيد ترشيحها دونالد ترمب رسمياً.

وكانت الانتقادات القاسية التي وجهها ترمب إلى ماكين الذي كان "جمهورياً" يتمتع بشعبية كبيرة ويؤيد التعاون مع حزب "الديمقراطيين"، إضافة إلى أنه كان من السياسيين المحنكين والمقربين لجو بايدن، قد كلفته خسارة ولاية أريزونا في انتخابات عام 2020، عندما انقلبت إلى تأييد حزب "الديمقراطيين". وكان الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة (ترمب) قد وصف ماكين، الذي كان سيناتوراً "جمهورياً" عن ولاية أريزونا في ذلك الحين، بأنه "فاشل"، نازعاً عنه حتى إنجازاته العسكرية بقوله، "إنه ليس بطل حرب. وإنني أفضل الأشخاص الذين لم يتم أسرهم"، وذلك في رده على أحد أفراد الجمهور في حدث حزبي، الذي أثار موضوع الأعوام التي أمضاها ماكين أسير حرب.

كانت تلك خطوة محيرة لأن ماكين كان سيناتوراً بحظى بمحبة الناس على نحو غير عادي. وبعد وفاته، اشتغل "الديمقراطيون" بقوة على روابط الصداقة المزعومة بين ماكين وبايدن، وتمكنوا من قلب ولاية أريزونا لمصلحتهم. إنه أمر كان ينبغي أن يتوقعه ترمب، وكان من الممكن أن يقوم بمعالجة المسألة من خلال دعم المرشح المناسب، لكن بدا أن العنجهية الترمبية وقفت مرة أخرى في طريق الرئيس الذي أطلق عليه اللقب التهكمي  Cadet Bone Spurs (كتبته السيناتورة "الديمقراطية" عن ولاية إلينوي تامي داكوورث على "تويتر"، في إشارة إلى تجنب ترمب عندما كان عمره 22 عاماً التطوع للذهاب إلى فيتنام، مقدماً تقريراً طبياً يفيد بأن لديه نتوءات عظمية في كعبيه).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما سارة بالين، وعلى الرغم من إبداء إعجابها بماكين، ولا سيما روايته وطريقته في ممارسة السياسات "الجمهورية" التي قامت على تعاون الحزبين (عندما رشحت لتكون نائبة الرئيس المحتملة، أشارت مرات عدة إلى ماكين بلقبه الحزبي "المتمرد")، فهي اليوم أبعد أن تكون عن سياساته. وبعد أن أظهرت أداء متدنياً على أثر الفترة الكارثية التي أمضتها زميلة لماكين في الترشح للانتخابات الرئاسية، عادت إلى الظهور على تلفزيون الواقع قبل نحو عامين، متسابقة في برنامج "المغني المقنع" The Masked Singer (تعرضه قناة "فوكس"، ويقوم على إخفاء مشاهير هويتهم بارتداء أزياء تغطيهم بالكامل أثناء أدائهم، لإثارة إعجاب الجمهور). وقالت أثناء اكتشاف هويتها بعد أن احتجبت بثياب دب وردي وأرغواني، إنها تنوي أن تكون "إصبعاً وسطى تسير وسط الكارهين". وقد حازت استقبالاً أكثر حرارة من رودي جولياني (العمدة السابق لمدينة نيويورك)، الذي ظهر أيضاً في البرنامج نفسه، وتم الكشف عن هويته بعد فترة وجيزة من تحدثه بمحاباة وتملق عن دونالد ترمب في انتخابات عام 2020، الأمر الذي دفع بعضوين من لجنة التحكيم في البرنامج إلى مغادرة المنصة على الفور.

وعلى الرغم من عبارة "الإصبع الوسطى" الهزلية، فإن بالين لديها من السحر ما يكفي لأن تنجح في لا جهد كبير على شاشة التلفزيون، ولأن تستمر في الحياة السياسية، بعد أن كانت قد فشلت على نحو مثير للدهشة في أدائها إلى جانب جون ماكين. فقبل أسابيع من خسارتها مع ماكين في الانتخابات العامة، ظهرت في برنامج "ساترداي نايت لايف" Saturday Night Live إلى جانب تينا فاي الممثلة والكاتبة الأميركية. وقد تعرضت لأسابيع عدة في البرنامج لسخرية لا توصف (وعلى نحو مبرر)، بسبب مؤتمراتها الصحافية الفظيعة. وفي الواقع إن موافقتها على أن تكون موضع سخرية - مهما كانت طفيفة - تعد مشكلة كبيرة.

سارة بالين تصنف نفسها، كما دونالد ترمب، على أنها ذلك المزيج الذي يجمع ما بين شخص غريب عن النسيج الأميركي وذاك الذي يشكل جزءاً منه، فهي "أم أميركية بالكامل تمارس لعبة الهوكي"، تعيش في ولاية منفصلة عن بقية الولايات المتحدة، وسياسية محلية لديها شغف بممارستها المهنية، لكنها ليست عضواً في "المؤسسة". ويشير سكان ألاسكا إلى الولايات الأميركية الأخرى المتاخمة لها - أي الولايات الأخرى غيرها، باستثناء هاواي - بتسمية الولايات "ما دون الـ48". وهم يعربون عن عدم رضاهم عن الموقف الملطف لتلك الولايات، لتجاهلها التعامل بحزم مع مسألة الدبب القطبية والجبال الجليدية والتضاريس الخطرة. ولا يثق كثير من سكان الريف في ألاسكا في الطب التقليدي السائد، ويختارون بدلاً من ذلك الاعتقاد أن أسلوب حياة الريف والعزلة وممارسة صيد الأسماك من أجل الحصول على الطعام هو بديل جيد. إنهم لا يرون أنهم معنيون كثيراً بما يجري في واشنطن العاصمة، وهم يؤمنون بشدة بالتعديل الثاني في الدستور الأميركي الذي يصف ولايتهم بـ"الحدود الأخيرة" للبلاد.

ويعد الإنتاج في تلك الولايات المعزولة باهظ الكلفة، وقد استغرقت متاجر التجزئة مثل "تارغيت" Target و"كوستكو" Costco بعضاً من الوقت لتشق طريقها إلى هناك. وغالباً ما يقال في الولاية - وفقاً لسامر كوستر وهو من السكان الأوائل في ألاسكا، وهو كاتب يراسل من وقت إلى آخر "اندبندنت"، إن "معظم الأشخاص الذين يأتون إلى الولاية إنما يلجأون إليها هرباً من شيء ما". فكثيرون من سكانها يصوتون بشكل أساسي لكي يتركوا وشأنهم.

وكان دونالد ترمب قد قال في شهر أبريل (نيسان) من هذه السنة عندما أيد رسمياً ترشح بالين، "لقد نجحت سارة في إخراج حملة جون ماكين الرئاسية من أكوام القمامة، على الرغم من أنها اضطرت في الحقيقة إلى تحمل انتقادات بعض الأشرار والأغبياء والحساد من داخل الحملة نفسها". وأضاف، "لقد عملوا على سحقها، لكنها لم تترك لهم مجالاً للقيام بذلك. أنا فخور بمنحها التأييد الكامل والشامل، وأشجع جميع "الجمهوريين" على التوحد خلف هذه المرشحة الرائعة، ودعم حملتها التي تهدف إلى وضع "الولايات المتحدة في المصاف الأول". وكانت بالين قد أيدت من جانبها ترشيح ترمب في وقت مبكر من أول انتخابات رئاسية له في عام 2016.

قد يطرح البعض تساؤلاً عما كان سيفعله جون ماكين حيال سياسة هذه المرأة التي تصورها ذات يوم نائبة للرئيس. فخلال حملته ضد باراك أوباما، اشتهر ماكين بالرد على ملاحظة إحدى السيدات العنصريات في الرئيس الذي كان سيتسلم مهامه قريباً بقوله، "لا يا سيدتي. إنه رب عائلة محترم ومواطن موقر، صودف أن لدي خلافات معه في قضايا أساسية. وهذا ما تتمحور حوله هذه الحملة. أنا معجب بالسيناتور أوباما وبإنجازاته وسأكن له دوماً الاحترام الكامل، كما أدعو الجميع إلى أن يحرصوا على التصرف بالمثل، لأن هذه هي الطريقة التي يجب أن تدار بها السياسة في الولايات المتحدة الأميركية"، ولكن بات من الأمن القول إن طريقة الراحل ماكين في ممارسة السياسة ليست هي السائدة في حزبه في الوقت الراهن. ويعد انحراف سارة بالين عن ذلك مثالاً مثيراً للاهتمام عن عدد السياسيين المستعدين للانحناء ببساطة عندما تهب الرياح، بدلاً من الصمود في وجه العاصفة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل