Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطات الأردنية تسير بـ"مرحلة عملياتية جديدة" لمكافحة المخدرات

ارتفعت نسب الجرائم بشكل عام ومعظمها كان بسبب تعاطي تلك المواد

مبنى إدارة مكافحة المخدرات في العاصمة الأردينة (حساب إدارة مكافحة المخدرات على وسائل التواصل)

تسير السلطات الأردنية منذ أسابيع بحملة واسعة ضد انتشار المخدرات، لا سيما أن الأراضي الأردنية لم تعد مجرد مناطق عبور لتجارة المخدرات، كما اعتاد المسؤولون على التصريح بين الحين والآخر لطمأنه المجتمع، بعد أن شهد العام الحالي زيادة قدرها ثلاثة في المئة في نسب انتشار هذه الآفة، خصوصاً بعد تزايد تهريب المخدرات وبشكل مطرد إلى البلاد عبر الحدود.

لكن أكثر ما يقلق الأردنيين اليوم هو تزايد عدد متعاطي المخدرات لدى الفئة العمرية الصغيرة، إذ تظهر أرقام دائرة مكافحة المخدرات ارتفاعاً مقلقاً في أعداد المراهقين المضبوطين بتعاطي المخدرات وترويجها، في وقت ينتقد فيه مراقبون عدم وجود مراكز متخصصة لعلاج الإدمان لدى المراهقين.

عمليات "نوعية"

وأعلنت مديرية الأمن العام، أن إدارة مكافحة المخدرات تنفذ عمليات "نوعية" ضمن مرحلة جديدة من تكثيف الجهود لمحاربة أنشطة تجارة وترويج وتهريب المواد المخدرة.

وقالت إنها تنتهج "قواعد وخططاً جديدة وحازمة لمتابعة وضرب أوكار المخدرات وفق منهجية جديدة"، ما أدى لضبط أخطر مطلوبين في تجارة مادة الكوكايين المخدرة وترويجها في العاصمة عمان ومدينة الزرقاء.

وتمكنت السلطات الأردنية من ضبط نحو طن من الحشيش ومليوني حبة مخدرة في مداهمات نفذتها خلال الساعات الماضية في إطار "مرحلة عملياتية جديدة".

وأطلقت الحكومة استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات للأعوام 2020-2025، بهدف خفض العرض من المخدرات والمؤثرات العقلية، وخفض الطلب عليها، وعلاج الإدمان وإعادة إدماج ضحاياها في المجتمع.

وتعمل الاستراتيجية أيضاً على الوقاية من خطر الإدمان على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وتعزيز الوعي الطبي حول التعامل السليم مع هذه المواد ومنع تسربها لأغراض غير مشروعة.

بيئة خصبة

ويقول مراقبون ومتخصصون، إن تعاطي المخدرات بات واحداً من أمراض الحداثة، خصوصاً مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل بيئة خصبة للتعاطي وتدفع الأردنيين بفئات عمرية مختلفة إلى براثن المخدرات.

ودفعت جائحة كورونا كثيرين إلى الفقر المدقع والبطالة، كما أن حالات الصحة النفسية الآخذة في الارتفاع، كلها عوامل لديها القدرة على تحفيز زيادة اضطرابات تعاطي المخدرات، وتلاحظ الجهات المتخصصة زيادة في الاستخدام غير الطبي لأدوية المهدئات، بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

"بيئة غير صالحة للتعليم"

وفي السياق ذاته، يحذر متخصصون من خطورة انتشار المخدرات في المدارس وبين الطلاب، وما يترتب على ذلك من خلق بيئة غير صالحة للتعليم.

ووفقاً لمديرية الأمن العام الأردني، "يتم استخدام المخدرات ببساطة بدافع الفضول من قبل مراهقين دون السن القانونية، عبر مروجين يوجدون بكثافة عند انتهاء أوقات الدوام الرسمي للمدارس، لا سيما الحكومية التي تغيب فيها الرقابة الأسرية والإدارية، أكثر من المدارس الخاصة".

وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن 25 في المئة من الطلاب الأردنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة يتعاطون المخدرات، وهي نسبة كبيرة وخطيرة دفعت المعنيين لدق ناقوس الخطر، لا سيما مع الأرقام التي تتحدث عن تضاعف عدد الأردنيين الذين يتعاطون المخدرات ثلاث مرات في السنوات الأخيرة.

ويلاحظ مراقبون انعكاس هذه الأرقام على أرض الواقع، إذ ارتفعت نسب الجرائم المروعة بشكل عام، ومعظمها كان السبب في ارتكابها تعاطي المخدرات.

ومنذ سنوات بات المراهقون غير محصنين ضد أخطار المخدرات، بخاصة أن المملكة من بين البلدان التي لديها أعلى معدلات تعاطي المخدرات، ففي العام الماضي وصل عدد قضايا المخدرات 13 ألف قضية، فيما تبلغ نسبة العودة إلى التعاطي 50 في المئة.

وطبقاً لدراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة الخاصة بالجريمة والمخدرات، جاء تعاطي الحبوب المهدئة في المرتبة الأولى بين طلاب المدارس بنسبة بلغت 4.2 في المئة.

ويمكن القول، إن الأردن بدأ المعاناة مع مشكلة المخدرات منذ السبعينيات من القرن الماضي، واليوم ووفقاً للإحصاءات فإن واحد من بين أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

وأظهرت دراسة أجرتها "يونيسف" أن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً كانوا أكثر عرضة لتعاطي المخدرات، بسبب عوامل اجتماعية كالتفكك الأسري والطلاق، وازدياد ظاهرة أطفال الشوارع والإهمال الأسري.

 نسب ضئيلة

وتصنف الجهات المتخصصة مناطق مثل شرق عمان والزرقاء والبلقاء وإربد والرمثا والعقبة والكرك والبادية الوسطى باعتبارها بؤراً لانتشار المخدرات.

لكنها تؤكد في المقابل، أن انتشار المخدرات في الأردن مقارنة بدول العالم قليلة ولا تشكل 5 في المئة مما يدخل السوق المحلية، و95 في المئة من المخدرات المضبوطة كانت معدة للتصدير.

كذلك تؤكد إدارة مكافحة المخدرات أن نسبة تعاطي طلاب المدارس لا تزال ضئيلة، أما الناطق الإعلامي لإدارة مكافحة المخدرات النقيب أنس الطنطاوي فينفي المعلومات التي تتردد عن وجود مافيات تتحكم بترويج المخدرات داخل المدارس، مشيراً إلى انتشارها بين طلاب الجامعات فقط، وأن أعدادهم لا تتجاوز 500 طالب في كل محافظات البلاد.

في حين يقول الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي، إن "زيادة معدلات قضايا المخدرات في الأردن ما زالت إلى الآن طبيعية، وإن نسبة كبيرة من مخالفي قانون المخدرات هم مكررون، أي أنهم ارتكبوا جرائم تتعلق بالمخدرات أكثر من مرة".

غير أن دراسة رسمية نفذتها مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة بدعم من المكتب الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، أظهرت أن واحداً من بين كل أربعة فتيان بين سن 11 و16 تعاطى الممنوعات أو كانت له تجربة مرة واحدة على الأقل مع المخدرات أو الكحول أو المنشطات أو التدخين.

وفي دراسة أخرى عن عوامل الخطورة في البيئة الجامعية لدى الشباب، تبين أن 5 في المئة جربوا المخدرات قبل دخولهم الجامعة.

ويشار إلى أن الحكومة الأردنية أقرت تعديلاً على قانون المخدرات منح بموجبه المتعاطي للمرة الأولى حق عدم تحريك دعوى قضائية بحقه، وتبين أن هذا النص أسهم إلى حد ما في زيادة عدد المتعاطين بشكل أو آخر، ليلغى لاحقاً في عام 2016.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي