Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا انقلب كره "أف بي أي" من اليسار إلى اليمين؟

مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يمثل أسطورة في السينما والتلفزيون يواجه باستمرار انتقادات من كل الاتجاهات

شيدت أسوار لحماية مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

منذ تأسيس مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) الأميركي قبل أكثر من مئة عام، واجه موجات انتقاد عدة، لكن ما يتعرض له منذ دهمه مقر الرئيس السابق دونالد ترمب في فلوريدا، في الثامن من أغسطس (آب)، جديد من نوعه، لا سيما لكونه يأتي من الجمهوريين، في حين كان معظم الهجمات السابقة من الديمقراطيين واليسار.

وقد دفعت التهديدات الحالية سلطات القضاء الأميركية إلى رد غير عادي، إذ شُيدت أسوار لحماية مقر المكتب في واشنطن، وحذر مدير "أف بي أي"، كريس راي، من أن "العنف والتهديدات ضد تطبيق القانون، بما في ذلك ضد المكتب، أمر خطير، ويجب أن يثير قلقاً عميقاً لدى الأميركيين".

وحذرت وزارة الأمن الداخلي، في نشرة خاصة، من أن عناصر "أف بي أي" قد يكونون في خطر.

وقال براين أوهير، رئيس رابطة ممثلي المكتب، لإذاعة "أن بي آر"، "لا أتذكر تلقي دفق من التهديدات مشابه لهذا في السنوات العديدة الماضية".

أضاف، "أمر مقلق وغير مقبول ويجب إدانته من قبل كل من يعلم به". وتابع: "يجب تغيير هذه الأجواء التي يصير خلالها العنف مقبولاً".

رأساً على عقب

ويقول كينيث أورايلي المؤرخ المتقاعد من جامعة ألاسكا الذي ألف كتباً عن المكتب، "انقلب العالم رأساً على عقب".

ويضيف أورايلي أن مكتب التحقيقات الفيدرالي هو تاريخياً "مؤسسة محافظة في العمق" تضم أعضاء من الحزبين في واشنطن.

ويلفت إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يمثل أسطورة في السينما والتلفزيون يواجه باستمرار انتقادات من كل الاتجاهات.

ويذكر بأن "الجنوبيين مؤيدي الفصل العنصري في أوائل الستينيات ردوا بعنف على مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي شبهوه بالغستابو" البوليس السري الألماني، عندما حقق في عمليات قتل للسود.

ويعتقد أن الفترة الأسوأ كانت في الستينيات عندما قام "أف بي أي" بعمليات تجسس واسعة وسعى إلى تقويض حركة الحقوق المدنية وشوه سمعة مارتن لوثر كينغ جونيور وأذكى العنف بين مجموعات متنافسة لتشويه سمعتها.

لكن ردود الفعل في ذلك الوقت، على حد قول أورايلي الذي وثق حرب مكتب التحقيقات الفيدرالي على الحركة القومية السوداء، اقتصرت على غضب ومقاضاة ثم تحقيق شامل في الكونغرس كشف الانتهاكات.

ويتابع، "لم يستخدم العنف ضد عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي".

وفي 1995، أدت أنشطة مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن يقوم متطرفان مناهضان للحكومة بتفجير مبنى في مدينة أوكلاهوما كان يضم مقراً إقليمياً للمكتب، ما أسفر عن مقتل 168 شخصاً.

وكان أحد دوافع هذين المتطرفين جزئياً سوء تعامل المؤسسة مع عمليتي حصار أشبه باحتجاز رهائن في 1992 و1993 أدتا إلى سقوط قتلى.

لكن، في الوقت نفسه، حافظ "أف بي آي" على دعم سياسي وشعبي عام.

جذور التحول

وتعود جذور التحول الحالي ضد المكتب إلى معركة ترمب الطويلة معه وتحديداً تحقيقاته مع مئات من أنصاره الذين اقتحموا الكابيتول، مبنى الكونغرس الأميركي، في تحرك عنيف في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى أورايلي أن التهديدات العلنية التي أطلقها مؤيدو ترمب وسياسيون هي التي تجعل الوضع الحالي صعباً. علماً أن أورايلي يعتقد أن "الغالبية العظمى من عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي صوتوا لمصلح ترمب".

لذلك، يضيف، "يبدو أن اعتبار العناصر الأكثر تشدداً في الحزب الجمهوري أن مكتب التحقيقات الفيدرالي هو أداة لليسار الراديكالي، فكرة غير منطقية".

وقد أجج ترمب الهجوم على "أف بي أي"، إذ وصفه بـ"الفاسد" و"الفاشي"، بعدما فتش مقره بحثاً عن وثائق "سرية للغاية" احتفظ بها بشكل غير قانوني.

واتهمت رئيسة اللجنة الوطنية الجمهورية، رونا ماكدانيال، المكتب "بإساءة استخدام السلطة".

وشبه السيناتور ماركو روبيو، وهو جمهوري من فلوريدا، المكتب بالشرطة السرية في الديكتاتورية الماركسية، بينما أعلن النائب بول جوسار أن "علينا تدمير مكتب التحقيقات الفيدرالي".

تهديدات عنيفة

وعبر الإنترنت، بما في ذلك على شبكة ترمب "تروث"، جاءت تهديدات أعنف، ففي 11 أغسطس هاجم رجل مسلح يبلغ من العمر 42 عاماً، فرع مكتب التحقيقات الفيدرالي في سينسيناتي بعد أن كتب على حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي نسبت إليه أنه يجب "الرد بقوة" على دهم مقر ترمب، و"قتل مكتب التحقيقات الفيدرالي".

لكن الرجل أخفق في دخول مقر "أف بي أي" في مدينة أوهايو وقتلته الشرطة في وقت لاحق.

بعد ذلك بيوم واحد، اعتقل رجل يبلغ من العمر 46 عاماً في ولاية بنسلفانيا لتوجيهه تهديدات مماثلة، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي، "إذا كنت تعمل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي فأنت تستحق الموت".

وأضاف، "هدفي الوحيد هو قتل مزيد منهم قبل أن أسقط".

المزيد من تقارير