يتصدر اسم فيكتوريا بيكهام أخبار عالم الموضة والجمال هذه الأيام إذ إن شركتها للأزياء تتكبد خسائر هائلة، وتحاول سيدة الأعمال وصاحبة العلامة التجارية المعروفة أن تعوض هذا النزيف المالي و"الديون التي تقدر بـ45 مليون جنيه استرليني (54.12 مليون دولار أميركي)" بالاستثمار بصورة أكبر في مستحضرات التجميل التي تحمل اسمها أيضاً.
فتاة "سبايس غيرلز" السابقة لم تعد تربطها بالفرقة سوى ذكرى لقبها "Bush Spice التوابل الأنيقة"، ولم تعد الأنباء المتداولة حولها تتعلق بالغناء، فالجمهور لم يعد يتذكر إلا نادراً أن شهرتها في البداية تحققت كونها من ضمن فتيات التوابل الخمسة، فرقة البوب الإنجليزية الأكثر انتشاراً في العصر الحديث.
الاستمرارية هي التحدي الأكبر الذي يواجه فرق الغناء الناجحة وفي حين تتجه الأعين الآن إلى وريث جدير بعرش "سبايس غيرلز Spice Girls"، في الأقل بالنسبة إلى ما يتعلق بالانتشار والجماهيرية، يتمثل في فرقة "بلاكبينك BLACKPINK" الكورية الجنوبية، فإن السؤال يظل مشروعاً، هل تبقى الفرقة الفتية التي تحتفل هذا الشهر بعيد ميلادها السادس على العهد؟
صعود سريع
في مثل هذه الأيام من عام 2016، ظهر اسم فرقة البوب الكورية "بلاكبينك أسود وردي" على الساحة في إطار خطة الترويج للموجة الكورية التي تجتاح العالم منذ أعوام في مجالات الترفيه المتعددة، أي بعد ثلاثة أعوام فقط من الانطلاقة الكبرى لفرقة " BTS بي تي أس"، نظيرتها الكورية التي تتكون من سبعة فتيان وحققت نجاحات غير مسبوقة عالمياً في مجال "كي بوب"، بل وضربت أرقاماً قياسية في المبيعات ومرات الاستماع ونوعية الجوائز والإنجازات التي سجلت باسمها.
"بلاكبينك" لعبت المعادل الأنثوي على العكس من "بي تي أس"، وخلال طريقها نحو تحقيق النجاح وجدت المسرح خالياً من فرقة نسائية كبيرة ذات جماهيرية عالمية لتحتل شعبياً وبسهولة مكانة "سبايس غيرلز" التي لطالما كانت المجموعة الغنائية الأكثر حضوراً منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الأعوام العشرة الأولى من الألفية الثالثة.
فتيات التوابل القويات
"سبايس غيرلز Spice Girls" التي انطلقت عام 1994 وتكونت من خمس مغنيات وكانت "تريند" بمقاييس تلك الأيام، حاولت فرق نسائية عدة استلهامها بينها "فور كاتس" اللبنانية التي تفرقت مغنياتها واجتمعن أكثر من مرة حتى انفصلن تماماً وانتهت القصة.
"سبايس غيرلز" حققت تميزها بسبب طبيعة أغنياتهن العصرية التي تركز على الاستقلالية بحيث كان لقبهن "قوة الفتاة"، وذلك قبل انتشار مصطلح "المرأة القوية المستقلة" مثلما هو هذه الأيام، وكتبت أغنيات الفرقة مثل "Wannabe وSpice UpYour Life وGoodbye وStop وWho Do You Think You Are" شخصيتهن التي استهوت قطاعات عريضة من المستمعين.
أعضاء الفرقة التي لا يتجاوز عدد متابعيها على "إنستغرام" حالياً 820 ألف متابع، التقين بعدد من رجال السياسة في العالم تقديراً لجماهيرية نجماتها بينهم الأمير تشارلز ونيلسون مانديلا، زعيم جنوب أفريقيا الراحل، وعلى الرغم من ذلك توقفوا عام 2001، وحاولن لم الشمل من جديد ولم تفلح المهمة سوى لعام واحد فقط من 2007 حتى 2008 ثم حاولن مجدداً عام 2012، لكن في ما بعد تكيفن على ما يبدو مع فكرة انفصالهن الدائم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أصبحت الفرقة التي لا تزال تحتفظ بمكانتها كأكثر فرقة نسائية مبيعاً في الأسطوانات على مر العصور، بحسب تقرير لـ"بي بي سي" من كلاسيكيات جيل التسعينيات، بينما لم تعد عنصراً أساسياً في خريطة المنافسة، وتبلغ أعمار نجماتها البارزات حالياً فيكتوريا بيكهام وميلاني سي (48 سنة) وميلاني براون (47 سنة) وجيري هالويل (50 سنة) وإيما بونتون (46 سنة).
لكن الأمر ليس متعلقاً أبداً بالعمر، بل بالرغبة في البقاء كمجموعة ووجود رصيد من الإبداع كاف لدعم المسيرة والحفاظ على المستمعين، وليس فقط الاعتماد على نجاحات البدايات، فالفرق التي لا يزال أصحابها صغاراً بالعمر تتفكك أيضاً، ومن بين الأمثلة "Fifth Harmony" الأميركية التي انفصلت مغنياتها عام 2018 بعد ستة أعوام من النجاح والأرقام القياسية والألبومات المميزة، إذ شكلت الفتيات الشابات المجموعة بعد انطلاقتهن في الموسم الثاني من برنامج "ذا إكس فاكتور" بنسخته الأميركية.
إنجازات قياسية
إذاً كان من الطبيعي أن تكتسح فتيات "بلاكبينك" الأربعة ليسا وجيسو وروزي وجيني اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و27 سنة وبدأن مشوارهن معاً منذ أن كن تحت الـ20 سنة برعاية شركة "واي جي إنترتينمنت"، الساحة بأغنيات باللغتين الإنجليزية والكورية ذات رسائل قوية وجريئة وكليبات تحمل حركات راقصة وأسلوب موسيقى خاص مثل "BOOMBAYAH وKILL THIS LOVE وDDU-DU DDU-DU وHow You Like That".
كما كانت لهن أعمال مشتركة مع نجمات الغناء العالميات الراسخات مثل ليدي غاغا وسيلينا غوميز وكاردي بي ودوا ليبا، ويتهافت النجوم الأميركيون والأوروبيون على التعاون مع الفرقة بسبب شعبيتها المتزايدة، بخاصة أنه ينظر إليهن على أنهن الفرقة النسائية الأكثر طلباً وانتشاراً بين جمهور الشباب والمراهقين.
في هذه الفترة، يقترب عدد متابعيهن من 50 مليوناً على إنستغرام"، وعلى الرغم من أن هناك فرقاً نسائية كورية جنوبية تقدم اللون ذاته بينها "غيرلز جينيريشن"، لكن بقيت فتيات "بلاكبينك" في مكانة أعلى بكثير حتى إنهن احتفلن بعامهن السادس معاً معلنات عن جولة غنائية ضخمة تضم 36 حفلاً وتعتبر الأكبر على الإطلاق في مسيرتهن، وتضم دولاً في قارات أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا وآسيا وحفلات في السعودية والإمارات.
ستنطلق الجولة الغنائية منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لتنتهي في 21 يونيو (حزيران) من عام 2023، وتأتي الجولة كذلك ترويجاً للألبوم الخامس في مسيرتهن والمقرر طرحه قريباً "Born Pink" الذي بدأت الحملة الدعائية له منذ أسابيع، وسيطرح أول كليب منه خلال أيام ويحمل عنوان "Pink Venom"، فيما طلبات الحجز المسبق للألبوم تستمر على قدم وساق وتجاوزت المئة ألف طلب بعد ساعات فقط من فتح باب التسجيل المستمر حتى 15 سبتمبر (أيلول) المقبل.
مواجهة التحديات
كان ألبوم "THE ALBUM" الذي طرح في 2020 الأول لفرقة فتيات كوريا الجنوبية يبيع مليون نسخة خلال أقل من شهر، وكانت أغنيتهن "Ddu-Du Ddu-Du" أول عمل لفرقة نسائية كورية يتخطى المليار مشاهدة عبر موقع "يوتيوب" ويحتل المرتبة 55 في مخطط "بيلبورد هوت 100" للأغنيات الأعلى مبيعاً واستماعاً في الولايات المتحدة الأميركية بعد أسبوع واحد من طرحها.
كما احتل ألبومهن "Square Up" 2018 المركز الأول في مبيعات "أي تيونز"، ودخلت أغنية "Ice Cream" 2020 مع سيلينا غوميز قائمة "بيلبورد هوت 100" وتقدمت حتى المركز 13 وهو أعلى مركز تصل إليه فرقة "كي بوب" حينها، وكذلك احتلت أغنيتهن "How You Like That" المركز الـ33 في المخطط، كما احتفت "نتفليكس" بشكل خاص بإنجازات الفرقة قبل عامين عن طريق فيلم وثائقي حمل عنوان " Blackpink: Light Up the Sky" تضمن لقاءات حصرية ونادرة معهن حينما كن في بداية المشوار، وألقى الضوء على لمحات إنسانية في حياة كل منهن وركز على تجربتهن المهنية الساطعة.
ربما تكون "سبايس غيرلز" هي الفرقة العالمية النسائية الأكثر حضوراً في الذاكرة خلال العصر الحديث، وبعد اختفاء تلك الفرقة وتعثرها، لم تتوهج على الساحة فرق نسائية مثلما توهجت "بلاكبينك" الكورية الجنوبية التي جاءت من خلفية ثقافية مغايرة تماماً لتحطم الأرقام القياسية وتصنع تاريخاً لافتاً، خصوصاً بالنسبة إلى فئة الشباب والمراهقين، فهل تتغلب على تحديات التجديد والجودة والإصرار على الاستمرارية، بخاصة بعد قرار أعضاء فريق "بي تي أس" المفاجئ بالانفصال "الموقت"؟
