Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كاسترو "الهوليوودي"... الثورة بعدسات أعدائها

فيلم جديد عن سيرة الزعيم الكوبي برعاية ابنته إلينا فريناجنرز يثير كثيراً من الجدل والانتقادات

شكل كاسترو الذي كشفت وثائق أفرج عنها عام 2017 عن محاولات أميركية شتى لاغتياله هوساً خاصاً لدى السينما العالمية (أ ف ب)

عاد اسم فيدل كاسترو للواجهة مرة أخرى، مرتبطاً بالجدل والاتهامات والتوتر أيضاً، فالاشتباكات عبر "تويتر" اندلعت فور إعلان تقديم ممثل "أميركي" شخصية الزعيم الكوبي، الذي لطالما اعتُبر معادياً لسياسات الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من مجاورة البلدين في القارة نفسها "أميركا الشمالية"، لكن كاسترو يقع على الجانب الآخر تماماً من الثقافة والتوجه والانتماء السياسي، حيث تنتمى كوبا اجتماعياً وسياسياً لمجموعة دول أميركا اللاتينية وجزر الكاريبي "سيلاك" (CELAC)، التي أنشئت للحد من تدخلات جارتهم "اللدود" أميركا.

جيمس فرانكو الذي يبدو شبيهاً للغاية في ملامحه بالزعيم الذي حكم كوبا ما يقرب من نصف قرن ما بين رئيس ورئيس وزراء وفارق الحياة في عام 2016، ارتبط اسمه قبل أشهر باتهامات بالتحرش انتهت بعضها بتسويات مالية بلغت ملايين الدولارات واعتراف صريح منه، بات الآن في مهب انتقادات جديدة، لأنه ليس "لاتينياً".

المؤكد أن العمل نفسه حينما سيخرج للنور سيلقى جدلاً مضاعفاً مثلما حدث مع أعمال سابقة أنتجتها السينما والدراما العالمية حول أبرز الزعماء الذين كانوا يعادون سياسة الولايات المتحدة صراحة، لا سيما اللاتينيين منهم، واعتبرتهم أميركا في كثير من الأوقات عناصر ينبغي التخلص منها.

ابنته تعانده حياً وميتاً

إذا كانت السياسة الأميركية حاولت أيضاً إقصاء وتهميش السياسيين اللاتينيين، فإن السينما لم تغض الطرف، فمثلاً يبدو فيدل كاسترو شخصية درامية من الطراز الأول، كزعيم حكم شعبه لعقود، وسياسي يراه كثيرون بطلاً شجاعاً، وبحياة شخصية حافلة بالمغامرات، بالتالي هناك أعمال كثيرة تناولت مسيرته، وبينها ما جاء في السلسلة الوثائقية"The Cuba Libre Story"  التي أنتجتها "نتفليكس" عام 2015، بينما الفيلم المنتظر يحمل عنوانAlina of Cuba" " (إلينا من كوبا) يلقي الضوء بشكل أساسي على إلينا فريناجنرز ابنة كاسترو غير الشرعية، التي كانت ترفض أفكاره السياسية وتركت البلاد، على الرغم من اعترافه بها في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، إلى إسبانيا ومن ثم إلى الولايات المتحدة.

عرفت إلينا فريناجنرز بانتقادها اللاذع لحكم والدها، وهي ابنة من بين نحو عشرة أبناء شرعيين وغير شرعيين للرئيس الكوبي، الذي تخلى عن الحكم لشقيقه راؤول في عام 2008، إثر محنة مرضية ألمت به، وعرف بتعدد علاقاته النسائية منذ أن قاد الثورة العسكرية للإطاحة بالرئيس باتيستا، الذي كان موالياً للاستخبارات الأميركية عام 1959.

 

العمل المنتظر يركز على العلاقة المتوترة، التي جمعت الأب وابنته، حيث تعمل إلينا كمستشارة رسمية للفيلم، وتشيد باختيار فرانكو لدور والدها، والعمل من إخراج الإسباني ميغيل بارديم، وينتجه جون مارتينيز أوفيلان، وقد عبر طاقم الفيلم عن انزعاجهم من التدونيات الرافضة لاختيارات الأبطال، ومن بين المعترضين الممثل الكولومبي الشهير جون ليجويزامو، الذي اعتبر إسناد الدور لممثل أميركي بمثابة سرقة واستعباد هوليوودي للتاريخ اللاتيني، ومحاولة سرد القصة على الطريقة الأميركية.

الاعتراضات نفسها جاءت من مشاهير لاتينيين كثر، بينهم الأرجنتينية سول رودريغيز والممثل الشاب جيف توريس، حيث عبروا عن آرائهم عبر "تويتر" و"إنستغرام" وفتحوا ملف التهميش المتعمد من هوليوود للممثلين المنحدرين من أصول لاتينية.

محاولات قليلة للإنصاف

شكل كاسترو الذي كشفت وثائق أفرج عنها عام 2017 عن جهود كثيفة ومحاولات أميركية شتى لاغتياله، هوساً خاصاً لدى السينما والدراما والوثائقيات العالمية، حيث كانت شخصيته أغلب الوقت تظهر كسياسي متوحش، مثلما حدث في فيلم ديفيد أتوود "فيدل" المعروض عام 2002، الذي لعب بطولته الممثل فيكتور هوغو مارتن، كما تحدث فيلم "Company Man" في عام 2000 عن محاولة اغتيال كاسترو من قبل معلم في المدرسة أثناء ستينيات القرن الماضي.

السخرية اللاذعة والانتقاد الحاد سيطرا أيضاً على فيلمي ""the life of Juanita castro (حياة خوانيتا كاسترو) و" train to Mundo fine" (القطار إلى موندو بخير)، حيث أظهرا كاسترو كديكتاتور مقيت، وكعاته لم يفوت المخرج والكاتب الأميركي أوليفر ستون، الذي عرف بولعه بالاقتراب من حياة رجال السياسة الكبار وتقديمهم على طريقته فرصة الاشتباك مع كاسترو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد أن كنت هناك إشارات لشخصية كاسترو في فيلم "جيه إف كيه" الذي كتبه ستون عام 1991 عن اغتيال جون كيندي، عاد الكاتب الأميركي وحاول أن يظهر وجهه الآخر في أكثر من فيلم وثائقي، الأول كان عام 2003 وحمل عنوان " "Comandante(القائد)، والثاني في 2004 بعنوان "Looking for Fidel" (البحث عن فيدل)، فيما عاد أوليفر ستون وحاور الزعيم الكوبي عام 2012 في عمل وثائقي جديد أكثر إنسانية، إذ تحدث معه بعد أن تنحى عن السلطة وأصابه الوهن وبات يعيش هادئاً في بيته، وحمل الفيلم الذي لا تتجاوز مدته 56 دقيقة عنوان " "Castro in Winter(كاسترو في الشتاء).

جيفارا.. نجم السينما العالمية

ظهرت شخصية كاسترو في أعمال كثيرة تحدثت عن المناضل تشي جيفارا بحكم العلاقة التي جمعتهما، فالانفتاح الذي أبدته هوليوود على تقديم روايات عدة لشخصيات سياسية عرفت بمعارضتها ومحاربتها بكل الطرق النظام الأميركي، ولا سيما تلك المنتمية للثقافة اللاتينية، جعلها تقدم أعمالاً عن حياة جيفارا، الأيقونة الثورية الأرجنتينية الذي ارتبط نشاطه السياسي بكوبا، ومن ثم دول لاتينية عدة.

 

غيفارا كان يؤمن بالثورة المسلحة ومساعدة الشعوب في تقرير مصيرها، وهو وجه ثوري لا يزال حاضراً حتى اليوم على الرغم من أنه فارق الحياة وهو في الـ39 من عمره على يد القوات البوليفية، وبعد عامين من وفاته فقط قدم الممثل المصري عمر الشريف دوره في فيلم "تشي" 1969، حيث جسد جانباً من نضاله من دون التعمق كثيراً في أفكاره وفي مساهماته في الحراك الثوري بالعالم.

عمر الشريف وصف العمل وقتها بأنه يقف على الحياد، حيث قدم على عجل بعد وقت قصير من إعدام القائد اللاتيني البارز، بعكس فيلم "Che" (تشي) الذي قدمه المخرج الأميركي ستيفن سودربرغ عام 2008، وكان أكثر إنصافاً وأقوى من الناحية الفنية، وقبله الفيلم البرازيلي "The Motorcycle Diaries" (يوميات الدراجة النارية) عام 2004  الذي ركز على رحلة فارقة في حياة جيفارا بصحبة صديقه عالم الكيمياء ألبيرتو غرانادو، إذ جالا بالدراجة النارية دول لاتينية عدة في تحدٍ شبابي أسهمت تفاصيله في تشكيل وعي جيفارا السياسي في ما بعد.

محاربة الصورة النمطية

سيرة تشي غيفارا الذاتية كانت محط أنظار جهات إنتاجية من بلدان مختلفة، كما قدمت في أعمال وثائقية كثيرة، بينها "The hands of Che Guevara" (يد تشي جيفارا)، و" Che: Rise & Fall" (تشي: صعود وهبوط)، كما كان حاضراً بلقطات أرشيفية في عدد من أعمال للكاتب أوليفر ستون الحائز على 3 جوائز أوسكار، وبينها ""South of the Border (جنوب الحدود)، الذي أنجزه عام 2009 وتابعه الجمهور في 2010، فالعمل الوثائقي المثير للجدل يحاول أن يطرح رؤية مغايرة لتلك الصورة النمطية التي لطالما صدرتها الولايات المتحدة عن حكام أميركا اللاتينية والكاريبي، وبينهم هوغو تشافير الرئيس الفينزويلي الراحل، والرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا، ورئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر.

 

 

الفيلم هو رحلة في خمس دول لإلقاء الضوء على الحياة السياسة والاجتماعية في أميركا الجنوبية عن قرب لتوضيح مدى سوء الفهم الذي يصدره الإعلام الأميركي عن تلك المنطقة، وذلك من خلال لقاءات مع رؤسائها آنذاك وعشرات اللقطات الأرشيفية لحكام وسياسيين ومحللين من جميع أنحاء العالم، بينهم كاسترو وبوش الأب والابن وتوني بلير.

وبإنتاج أرجنتيني عرض مطلع عام 2010 فيلم يمجد تاريخ ومسيرة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، إذ كان حينها لا يزال على رأس السلطة، وحمل العمل عنوان "Lula, the Son of Brazil" )لولا ابن البرازيل(، وواجه الفيلم وقتها انتقادات شديدة واتهمته المعارضة بالترويج والتمجيد والتضليل.

ويعتبر بعض المتابعين سيلفا صانع نهضة البرازيل الحديثة وصاحب برامج إصلاحية مؤثرة في البلاد، واللافت أنه عاد للحياة السياسية بقوة أخيراً، إذ يترشح على مقعد الرئيس مجدداً ويخوض الانتخابات المقرر إقامتها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على الرغم من صدور حكم ضده بالسجن قبل سنوات بتهم فساد.

انشغلت السينما العالمية أيضاً بسيرة الفينزويلي سيمون بوليفار، الذي ولد في القرن الـ17 وعرف بمحرر أميركا الجنوبية، حيث خاض حروباً ومواجهات وناضل طويلاً ضد الاستعمار الإسباني لعدد من دول القارة بينها فنزويلا وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور، "Bolivar, Man of Difficulties" (بوليفار، رجل الصعوبات)،  و"The Liberator" (المحرر)  و"Simón Bolívar" وغيرها.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون