Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلات العشرة يورو... هل بلغنا نهاية حقبة السفر بكلفة زهيدة؟

يبدو أن الجائحة وأزمة الكلف المعيشية الحالية بالمملكة المتحدة غيرت طريقتنا في الترحال إلى الأبد

هل انتهى عصر رحلات الثمانية جنيهات ونصف إلى استوكهولم؟ (غيتي) 

تفاقم الإحساس بالتوتر خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما أردت أن أحجز رحلة قصيرة إلى أي مدينة غير لندن في وقت لاحق من العام الحالي، ولكن بعد نظرة واحدة إلى موقع "سكاي سكانر" للسفر، فهمت أن أي رحلة إلى الخارج (أو حتى محلية) تتخطى موازنتي. وما فاقم المشكلة التي عانيت منها هو [الإضطرار إلى التخلي عن] الوعد الذي قطعته على نفسي خلال مختلف مراحل الإغلاق في المملكة المتحدة، بأنني سأزور مناطق جديدة في أوروبا فور تخفيف القيود. أليس هذا هو سبب انتقالي، أنا المغتربة النيوزيلندية، إلى العيش في لندن؟

لكن تذكرة السفر جواً التي كانت تكلف 50 جنيهاً ذهاباً وإياباً إلى عاصمة أوروبية تحولت إلى تذكرة قيمتها 200 جنيه إلى براغ أو 150 جنيهاً إلى سبليت- من دون احتساب نفقة الحقيبة المحمولة داخل المقصورة. بالتالي، ليس من المفاجئ بالنسبة لي أن يقول رئيس شركة "راين إير" مايكل أوليري اليوم إن حقبة رحلات العشرة يورو (نحو 8.5 جنيه استرليني) التي اشتهرت بها شركة الطيران، انتهت، أقله إلى حين. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أوليري أن متوسط سعر التذكرة التي تعرضها شركة الطيران ذات الأسعار الزهيدة سيرتفع من 40 يورو (نحو 34 جنيهاً) إلى 50 يورو (نحو 42 جنيهاً) على امتداد الأعوام الخمسة المقبلة. وصرح لإذاعة "بي بي سي"،  الخميس، قائلاً "لا أشك في أنه بالنسبة إلى الحد الأدنى من الأسعار في السوق، تحديداً أسعارنا الترويجية الزهيدة - تذاكر اليورو الواحد وتذاكر 0.99 يورو (0.84 جنيه) والـ9.99 يورو (8.45 جنيه) - أعتقد أنكم لن تجدوا هذه الأسعار في الأعوام المقبلة". وعلل ارتفاع الأسعار بزيادة أسعار الوقود. 

انتقلت إلى العيش في لندن عام 2016. كانت أول مدينة أجنبية زرتها في مراهقتي، وأغرمت بها منذ تلك اللحظة. ليست لندن فقط أفضل مكان لتطوير مسيرتي المهنية في الصحافة- فقد شكلت أيضاً بالنسبة لي مدخلاً لزيارة مدن ووجهات لطالما رغبت في زيارتها ولكنني كنت بعيدة جداً (أي مكان في أوروبا يبعد 24 ساعة على الأقل بالطائرة من نيوزيلندا).

كأي مغتربة نيوزيلندية أو أسترالية تصل إلى لندن في العشرينيات من عمرها، بدأت بملء عطلات نهاية الأسبوع برحلات قصيرة إلى مدن أخرى. من نهاية أسبوع في استوكهولم، إلى أيام عدة في دبلن، ورحلة قصيرة إلى مايوركا، أو رحلة في آخر دقيقة لزيارة صديقة في باريس بعد انفصال من علاقة عاطفية. كل هذه الذكريات والتجارب تحققت بفضل رحلات جوية بكلفة أقل من 50 جنيهاً للتذكرة. كنت أغتنم كل فرص ممكنة فيها تخفيضات على أسعار تذاكر السفر وأقرر أي منطقة يمكنني أن أقصدها كلما جمعت أيام عطل، مهما قلت. كان العالم- الجزء الممتد بين المملكة المتحدة وتركيا على الأقل- ملكي.

بعد مرور ستة أعوام، يبدو أن الجائحة وأزمة الكلف المعيشية الحالية في المملكة المتحدة، غيرت طريقتنا في السفر للأبد. بسبب نقص الموظفين، تعم هذا الصيف فوضى إلغاء الرحلات، فيما يؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع في أسعار التذاكر، وتمتد طوابير الانتظار للتفتيش الأمني أطول من أي وقت مضى. وكل هذا قبل أن يحدث أي تأخير على رحلتك. وللمرة الأولى، بدأنا نفكر إن كان السفر لقضاء العطلة يستحق الضغط النفسي (والكلف) الذي يتكبده المرء لبلوغ وجهته.

على الرغم من الإحباط الذي تمثله هذه المقاربة الجديدة للسفر، ربما تكون أمراً جيداً في الحقيقة. بدت حقبة السفر قبل كورونا نعمة لا هموم فيها، ولكننا نعيش وسط أزمة مناخية، فيما ينتج قطاع الملاحة الجوية نحو 2.1 في المئة من مجمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يصنعها الإنسان. ومن المخيف أكثر أن المملكة المتحدة تمر بالصيف الأعلى حرارة في تاريخها- إذ بلغت درجات الحرارة 40.2 درجة مئوية في إنجلترا خلال موجة الحر التي ضربت في يوليو (تموز). ولو أنهت الأعوام القليلة الأخيرة الرحلات الجوية ذات الأسعار المخفضة في كل الأوقات، وفتحت الباب أمام طريقة سفر جديدة ومدروسة أكثر، قد يكون هذا نعمة.

فيما لن أتمكن من التخلي عن الطيران كلياً (استغرقت رحلة جدّاي بالقارب من ليفربول إلى نيوزيلندا في ستينيات القرن الماضي ستة أسابيع، ولا أنوي السير على خطاهما)، أصبح شكل الرحلات القصيرة خلال عطل نهاية الأسبوع الآن أشبه برحلة إلى باريس على متن قطار يوروستار، أو رحلة ليلية بالباص إلى إدنبره. دفعتني كلفة المعيشة وفوضى السفر جواً إلى التفكير ملياً في المدن التي أرغب في زيارتها وبطريقة بلوغها- بدل الاكتفاء بحجز رحلة قصيرة زهيدة الثمن إلى أي مكان وفي أي وقت.

سوف تبقى حقبة رحلات العشرة يورو- لو انتهت بالفعل- فترة أتذكرها بودّ (أنا وحسابي البنكي). كانت ساحرة طالما كانت متاحة. ولكن إن كانت نهايتها تعني حلول فترة من السفر المتنور [الذي يأخذ في عين العالم مشكلات العالم]، فأظن أن الأمر يستحق هذا الثمن.    

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات