Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما التأثيرات المتوقعة للكشف عن تفاصيل مذكرة تفتيش منزل ترمب؟

احتمالات محاكمة الرئيس السابق أو منعه من الترشح للرئاسة ضعيفة

القائمة المفصلة من ثلاث صفحات للممتلكات التي تم الاستيلاء عليها في تنفيذ أمر تفتيش من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في عقار ترمب في "مار إيه لاغو" (رويترز)

على الرغم من عدم الكشف عن جميع التفاصيل حول مذكرة التفتيش التي استخدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" خلال دهم النادي الخاص للرئيس السابق دونالد ترمب في "مار إيه لاغو" ونوعية الوثائق الرئاسية التي صادرها هناك، فإن ما تم الإفراج عنه كان كافياً لإثارة تكهنات واسعة في الولايات المتحدة حول تداعيات ذلك على ترمب ومنافسيه في الحزب الجمهوري وخصومه الديمقراطيين وإدارة الرئيس جو بايدن، فما أبرز التأثيرات المتوقعة؟

ترمب طوال الوقت

أدى التحول الدرامي في ملحمة الرئيس السابق ترمب بالكشف عن مذكرة تفتيش منزله في فلوريدا وجرد الوثائق السرية التي استحوذ عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي خلال عملية المداهمة، إلى إثارة مزيد من التساؤلات حول ما إذا كانت وزارة العدل ستلاحق الرئيس السابق قضائياً، وكيف سيؤثر ذلك على ترشحه المحتمل للرئاسة عام 2024، وإلى أي مدى يمكن أن تنعكس ملاحقة ترمب على منافسيه الجمهوريين وخصومه الديمقراطيين خلال الأشهر المقبلة في ضوء التطورات المتلاحقة التي تؤكد جميعها أن ترمب سيظل في قلب المشهد السياسي والإعلامي الأميركي لفترة طويلة مقبلة.

وليس أدل على ذلك من أن قصة ترمب ما زالت تحتوي على كثير من الأشياء المجهولة المثيرة للاهتمام، والتي لن تختفي بسرعة، بينما تبدو وسائل الإعلام التقليدية والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي في حيرة من أمرهم حول التحديات القانونية الأخرى التي يواجهها ترمب من نيويورك وواشنطن إلى جورجيا.

ثلاثة اتهامات محتملة

وتحدد مذكرة التفتيش ثلاث جرائم فيدرالية استخدمت لتبرير مصادرة الصناديق والوثائق من عقار ترمب في بالم بيتش بولاية فلوريدا، يوم الثامن من أغسطس (آب)، وبعضها تم تمييزه على أنه سري للغاية، أو يشمل معلومات مجزأة حساسة أو على الأقل سرية، وتنظر وزارة العدل في هذه الجرائم كجزء من تحقيقاتها وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز". ويشير إدراج الجرائم إلى أن وزارة العدل لديها سبب محتمل للتحقيق فيها لأنها كانت تجمع الأدلة، على الرغم من أنها لم توجه أي اتهام لأي شخص بارتكاب جريمة حتى الآن، وتشمل أولاً انتهاكات في قانون التجسس، الذي يحظر الحصول على معلومات، أو تسجيل صور، أو نسخ أوصاف، أو معلومات تتعلق بالدفاع الوطني، بحيث يمكن استخدامها لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة أو لصالح أي أمة أجنبية، من خلال الإهمال الجسيم، بنقلها من مكان الاحتجاز الصحيح أو تسليمها إلى أي شخص ينتهك الثقة، أو ضياعها، أو سرقتها، أو إتلافها، وإذا  ما دين المتهم بذلك، يعاقب بغرامة مالية أو بالسجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات، أو كليهما.

أما الانتهاك الثاني فيتعلق بعرقلة العدالة، وذلك من خلال إخفاء الوثائق الحكومية أو إبعادها أو تشويهها بشكل عام، وهو ما يعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات وعدم الأهلية لتولي أي منصب حكومي، في حين يتعلق الانتهاك الثالث بالتعامل الإجرامي مع السجلات الحكومية، من خلال إتلاف أو تغيير أو تزوير السجلات في التحقيقات الفيدرالية، والذي يعاقب عليه القانون بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً وفقاً لموقع "سي أن بي سي".

هل سيحاكم ترمب؟

يختلف الخبراء القانونيون حول ما إذا كانت القوانين المذكورة أعلاه، والتي استشهد بها مكتب التحقيقات الفيدرالي ستؤدي إلى محاكمة ترمب، فعلى الرغم من محاكمة كثيرين بتهمة تسريب وثائق وصدور أحكام بسجنهم، فإن جون كوفي، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، يرى أن السلطات الفيدرالية لن تحتاج إلى مقاضاة ترمب إذا استعادوا كل ما كانوا يبحثون عنه، لكنه أوضح أنه ربما تكون لدى السلطات، حجة أقوى بكثير عندما يتعلق الأمر بأعمال الشغب المؤيدة لترمب واقتحام أنصاره مبنى الكابيتول هيل في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021، حيث يعتبر أن جرائم حفظ السجلات هذه، تبدو تقنية، في حين أن قضية اقتحام الكونغرس تبدو أشبه بالانقلاب أو الخيانة أو الفتنة، وهو ما يجعلها أكثر خطورة.

ويشك تشارلز إليسون المحامي المخضرم، في أن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيكون قادراً على مقاضاة وإدانة ترمب بموجب القوانين المدرجة في مذكرة التفتيش، نظراً إلى أنه لم يقم شخص ما ببيع معلومات سرية من أجل الربح، ما يجعل الاتهام والمحاكمة سابقة خطيرة للغاية في الديمقراطية الأميركية.

ويقول المحامي المتخصص في مجموعة من النزاعات القانونية راندي زيلين، إنه على الرغم من أن السلطات قد يكون لديها دليل على أن ترمب انتهك هذه القوانين، فإن إثبات سوء النية قد يكون صعباً، لأنه يتطلب إثباتاً عبر بعض الاتصالات، سواء أكان ذلك عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو الشفوية.

خلاف حول رفع السرية

في حين أن وزارة العدل الأميركية لديها تاريخ طويل في مقاضاة القضايا التي تنطوي على سوء التعامل مع المعلومات السرية، لم يتم رفع مثل هذه القضية على الإطلاق ضد رئيس سابق، وهو المسؤول الحكومي الوحيد الذي يمكنه رفع السرية عن المعلومات متى شاء، ولكن قبل أن تنتهي فترة ولايته، ولهذا يرى كبير الباحثين في مؤسسة "هيريتيغ" المحافظة والمدعي العام الفيدرالي السابق، تشارلز ستيمسون، أنه في ظل الحقائق الحالية، فإن دفاع ترمب سيركز على أنه رفع السرية عن تلك الوثائق بالفعل، وهو ما صرح به الرئيس السابق بالفعل.

ويفتقر قانون السجلات الرئاسية لعام 1978، الذي يتطلب من الرؤساء تسليم الوثائق إلى الأرشيف الوطني في نهاية ولايتهم، إلى آلية إنفاذ، ولكن هناك عديداً من القوانين الفيدرالية المتعلقة بالتعامل مع الوثائق السرية، منها ما وقع ترمب عليه عام 2018، حيث زاد من عقوبة الإزالة غير المصرح بها للوثائق أو المواد السرية والاحتفاظ بها من سنة واحدة في السجن إلى خمس سنوات.

لكن مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية بالإنابة في عهد ترمب، ريك غرينيل، قال لشبكة "أن بي سي"، إنه لا يوجد رئيس ملزم شخصياً بالقواعد التي تحكم إزالة أو الاحتفاظ بالوثائق السرية، والتي يمكن رفع السرية عنها إذا قال الرئيس ببساطة إنها كذلك، ولا توجد عملية محددة يوافق من خلالها رئيس الولايات المتحدة على رفع السرية عن المعلومات الاستخباراتية، مشيراً إلى أن هناك فكرة زائفة مفادها أنه يجب عليه تقديم إشعار لرفع السرية.

كما يحذر الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة "تكساس"، والمتخصص في الأمن القومي، ستيفن فلاديك، من أن الافتقار الواضح لسجل ورقي يظهر أن ترمب رفع السرية عن الوثائق قبل أن يترك منصبه، سوف يمثل على الأرجح مشكلة للرئيس، وأن ترمب لا يزال من الممكن أن يواجه تداعيات قانونية، لأن قانون السجلات الرئاسية والقوانين المماثلة الأخرى، تقيد قدرة الرئيس ترمب على فعل ما يشاء من خلال بعض الوثائق الرسمية على الأقل من فترة ولايته، بغض النظر عما إذا كانت تلك الوثائق تتضمن معلومات حساسة عن الأمن القومي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل يستطيع ترمب الترشح للرئاسة؟

وفقاً لعديد من الخبراء القانونيين، من غير المرجح أن يمنع ترمب من الترشح للرئاسة مرة أخرى إذا دين بانتهاك القوانين المذكورة أعلاه، لأن الدستور ستكون له الأسبقية على القانون، ولا يمكن فرض شروط على الترشح لرئاسة الجمهورية بالقانون، طالما أن المؤهلات منصوص عليها في الدستور، ولهذا السبب، غرد جيسون ويليك كاتب العمود القانوني في صحيفة "واشنطن بوست" على "تويتر"، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قبل الكشف عن مذكرة تفتيش منزل ترمب، مطالباً باستمرار البحث عن "خدعة غريبة" لإبعاد ترمب عن السياسة.

وكان ويليك يرد على مارك إلياس المحامي المخضرم الذي كان متحالفاً مع الحزب الديمقراطي لسنوات عدة، والذي اعترف بالتحدي القانوني الذي سيواجهه تطبيق هذا القانون على مرشح رئاسي طالما أن مؤهلات الترشح للمنصب الرئاسي يحددها الدستور الأميركي، وهو ما اتضح جلياً خلال ترشح هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي للرئاسة من دون أن توجه لها أية اتهامات أو تضطر للانسحاب من السباق على الرغم من المخالفات التي ارتكبتها في آلاف من الرسائل الإلكترونية خارج الإطار الرسمي.

خسارة منافسي ترمب الجمهوريين

وكان أحد التطورات اللافتة للانتباه بعد حملة تفتيش منزل ترمب، هو الاصطفاف خلف ترمب من قبل المنافسين المحتملين له في ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2024، حيث كان حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس وحاكمة ولاية ساوث داكوتا كريستي نويم، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، من بين أولئك الذين انتقدوا إجراءات إنفاذ القانون، ولمحوا أو صرحوا بأن الرئيس السابق قد تعرض للظلم.

وفي حين لم يكن لديهم سوى قليل من الخيارات، فإن مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي أثارت مساحات غضب شاسعة من قاعدة ترمب وأثارت غضب رؤساء وسائل الإعلام المحافظة، فقد كان أي فشل في إظهار الدعم للرئيس السابق من شأنه أن يلاحظ على النحو الواجب.

لكن هذه الديناميكيات تثبت أيضاً الأهمية الكبرى التي يحظى بها ترمب داخل الحزب الجمهوري، حتى في الوقت الذي يتعرض فيه لخطر قانوني على جبهات أخرى، في حين رسخ خصومه المحتملون مواقفهم على صاريته من دون معرفة قوة أو ضعف الأدلة ضده.

وعلى الرغم من أن بعض الأصوات الجمهورية المعارضة ظهرت مثل حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي الذي اعتبر أن تفتيش خزنة في مقر إقامة ترمب كان لعبة عادلة، انتظر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لفترة أطول من كثيرين آخرين في حزبه للإدلاء بأي تعليق عام، واستقر على الإصرار على أن الأمة الأميركية تستحق تفسيراً شاملاً وفورياً لما حدث.

ماذا يعني هذا للديمقراطيين؟

ظاهرياً، قد يكون الرئيس السابق، مرشح الحزب الجمهوري للمرة الثالثة، في خطر قانوني، وهو ما يثير بهجة خصومه الديمقراطيين من دون شك، إلا أن تفتيش منزل ترمب دفع مؤيدي الرئيس السابق إلى مستوى أعلى من المعتاد، فبعد أن كان نصفهم يحاول الابتعاد عن ترمب، أصبح تأييده بمعدل 85 في المئة، وهو نذير خطر للديمقراطيين الذي يحاولون جاهدين الحفاظ على سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ ولا يريدون رؤية ترمب وأنصاره في صدارة المشهد الجمهوري.

ومن بين الجوانب السلبية المقلقة للديمقراطيين أنهم كانوا يستمتعون بأفضل إنجازاتهم منذ أشهر، لكنهم الآن فقدوا الأضواء بعد أن تم تمرير عديد من التشريعات الرئيسة، ومنها قانون خفض التضخم، فضلاً عن قتل زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، بل إن هناك بعض الدلائل على أن التضخم قد يستقر.

وحتى الآن، أعطت عملية التفتيش حياة جديدة لملحمة ترمب التي هيمنت على أميركا لمدة أسبوع، بينما يرجح أن تستمر القصة ساخنة لفترة أخرى من الزمن، وهو ما يشكل خسارة معنوية للرئيس بايدن الذي يعتزم البدء في جولة عبر عديد من الولايات الأميركية لشرح قانون مكافحة التضخم وما يشمله من برامج لمكافحة التغير المناخي وخفض أسعار الأدوية والرعاية الصحية، وهي أمور كانت إدارة بايدن راغبة في تسليط الضوء عليها الآن، بدلاً من الاهتمام بصراع ترمب مع القضاء.

المزيد من تحلیل