Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

3 تطورات قضائية في ملف انفجار بيروت تحرك مجرى التحقيقات

أطلق أهالي ضحايا فوج الإطفاء عريضة إلكترونية تطالب بلجنة تقصي حقائق دولية

انهيار صومعتين جديدتين بالتزامن مع الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت (أ ف ب)

بعد ثمانية أشهر على توقف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت برزت ثلاثة تطورات خرقت المشهد وحركت مياهه الراكدة، تمثل الأول في قرار الحجز الاحتياطي على أموال وممتلكات عائدة للنائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، بفعل الادعاء ضدهما حول مسؤوليتهما المباشرة عن عرقلة التحقيق، والثاني عودة مجلس القضاء الأعلى إلى النظر مجدداً بمرسوم تعيين رؤساء لمحاكم التمييز، بما يعيد إطلاق يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وثالث الإخبار الذي تقدم به أهالي ضحايا الانفجار، وفيه معلومات عن مسؤولية سياسيين وقضاة وعسكريين وأمنيين للتحقيق معهم.

ووفق نظام المجلس العدلي الذي أحيلت أمامه القضية، تتسلسل إجراءات التحقيق والمحاكمة بخمس محطات أساسية، تبدأ بالتحقيقات السرية، ويليها القرار الاتهامي، ثم إجراءات المحاكمة التمهيدية، وجلسات المحاكمة العلنية، وصولاً إلى إصدار الحكم، وهو مبرم وغير قابل للطعن. وحتى الآن لا يزال التحقيق عالقاً في مرحلته الأولى، أي التحقيقات السرية، منذ 23 ديسمبر (كانون الأول) 2021، حيث توقف القاضي طارق البيطار عن متابعة التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت، بفعل توالي دعاوى الرد ضده، والتي تزيد على 21 دعوى من قبل الوزراء السابقين لسحب الملف من يده، وجاءت دعاوى أخرى من بعض الموقوفين وأهالي الضحايا.

استرداد المرسوم

ولعل الحدث الأهم الذي قد يعيد القاضي طارق البيطار إلى سكة التحقيقات هو استعادة مجلس القضاء الأعلى مرسوم التشكيلات الجزئية الخاصة برؤساء محاكم التمييز بعد استرداده من وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل الذي امتنع عن توقيعه طيلة الأشهر الماضية، إذ بقي قرار تعيين رؤساء أصيلين لمحاكم التمييز (القضاة ناجي عيد، وماجد مزيحم، وسانيا نصر، وأيمن عويدات، وحبيب رزق الله، ومنيف بركات) الصادر عن مجلس القضاء الأعلى، مجمداً، على الرغم من توقيع وزير العدل هنري خوري، لم يُحل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإصداره، بسبب رفض وزير المال يوسف خليل الذي ينتمي إلى "حركة أمل" توقيعه.

وبحسب مصادر في مجلس القضاء الأعلى، هناك إرادة للوصول إلى حل خلال أسابيع كون هذه القضية تحتاج إلى مزيد من النقاش، حيث سيتم معالجة قضية التعيينات في غرف محاكم التمييز، إما عبر زيادة غرفة جديدة، بالتالي يصبح المجموع 12 غرفة، وإما عبر جعلها 10 غرف، وذلك من أجل الحفاظ على التوازنات الطائفية.

وتؤكد المصادر أنه فور بتّ التعيينات في غرف محاكم التمييز يستعيد المحقق العدلي طارق البيطار قدرته على استكمال ملف المرفأ، وتستطيع حينها محكمة التمييز البتّ بدعاوى الرد ومخاصمة الدولة المرفوعة ضده.

قيمة معنوية

وفي تطور آخر، أصدرت رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية نجاح عيتاني، قراراً يقضي بمصادرة مؤقتة لممتلكات النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر (ينتميان لكتلة رئيس البرلمان نبيه بري)، والمتهمين بملف انفجار المرفأ. وفي السياق كشف الصحافي القضائي يوسف دياب عن أن القرار الذي أصدرته وقضى بالحجز الاحتياطي على أموال وممتلكات النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، بقيمة 100 مليار ليرة (ما يوازي 3.3 مليون دولار أميركي)، أعطى قوة دفع معنوية لفريق الادعاء الذي يمثل الضحايا وذويهم، وقد جاء بناءً على دعوى سابقة تقدم بها مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت، عما يسمى التعسف في استعمال حق الدفاع والادعاء، عبر تقديمهما دعاوى لتنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، والتي أدت إلى تجميد التحقيقات، وامتناعهما عن المثول أمام قاضي التحقيق.

إلا أن مصادر قانونية تؤكد أن قيمة هذا القرار هي معنوية، إذ تؤكد اقتناع القاضي بأن المدعى عليهما تعسفاً باستعمال الحق، كما أنه يحق لهما أن يطعنا بهذا القرار أمام محكمة الاستئناف، ومن ثم أمام محكمة التمييز، بالتالي إبطال القرار، إضافة إلى احتمال أن يكون النائبان خليل وزعيتر قد هربا أملاكهما مسبقاً تحت أسماء أشخاص آخرين يصعب تعقبها.

في المقابل، أصدر وكلاء الدفاع عن النائبين خليل زعيتر بياناً اعتبروا فيه أن القرار يشكل خرقاً للمفاهيم القانونية. وقال البيان إنه "سيتم الرد بلائحة جوابية عند تبليغنا رداً على مزاعم ومغالطات الجهة المدعية، ولرفع الحجز لأن فيه استباقاً لقرار القضاء المقدم أمامه الدعوى الكيدية"، معتبراً أن تعميم هذا الأمر في وسائل الإعلام وكأنه حكم بالمبلغ المشار إليه، هو جزء من حملة التشويش والتشويه التي يقدم عليها مقدم الادعاء لأسباب سياسية باتت معروفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجنيد الأهالي

إلى ذلك، تقدم وليام نون، شقيق جو نون الذي قضى بانفجار المرفأ بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية طلب بموجبه التوسع بإجراء التحقيقات واتخاذ إجراءات عقابية، بحق 27 شخصية بينهم قضاة حاليون وسابقون، وقادة أمنيون وعسكريون، وتحديد أدوارهم في موضوع إدخال نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وإفراغها في العنبر رقم 12، وأن هذه الأفعال أدت إلى حدوث الانفجار. وطلب إجراء تحقيقات مفصلة مع هؤلاء وتحديد المتورطين وتوقيفهم. وسجل هذا الإخبار في قيود النيابة العامة التمييزية، على أن يسلم إلى المحقق العدلي طارق البيطار للنظر فيه فور استئنافه للتحقيق.

إلا أن أحد المشمولين بالإخبار (رفض الكشف عن اسمه) كشف عن أن هذا الإخبار دس بهدف ضرب التحقيقات التي توصل إليها القاضي فادي صوان، ولاحقاً القاضي طارق البيطار، إذ إن الهدف تبرئة "حزب الله" وتحويله باتجاه آخر يهدف إلى زج الجيش اللبناني وتحميله مسؤولية الإهمال، معتبراً أن الهدف سياسي القصد منه حرق اسم قائد الجيش الذي يحظى بتأييد محلي ودولي للوصول إلى رئاسة الجمهورية.

ويوضح أن عناصر الإخبار طُبخت في القصر الرئاسي بعد تسوية مع "حزب الله" تقضي بالسماح للبيطار استئناف عمله شرط تغيير وجهة التحقيق، الذي يدور حول الحزب، مشيراً إلى أن الخلاصات تؤكد أن النيترات أدخلت إلى لبنان للاستخدام في مجال تطوير أسلحة الحزب، كاشفاً عن وثيقة موقعة من وزير الطاقة الأسبق جبران باسيل، تعطي الموافقة لشركة "جيوسبكتروم" على استئجار باخرة بغرض تحميل معدات لمصلحة وزارة الطاقة، إذ تبين أنها "روسوس" الباخرة التي أتت بمهمة محددة من جورجيا إلى موزمبيق، وفجأة حولت مسارها إلى بيروت وتحمل أطناناً من نيترات الأمونيوم.

واتهم جهات رسمية بوضع معطيات مزورة بين أيدي أهالي الضحايا، بعد أن قاموا باختراقهم وتجنيد بعضهم، مشيراً إلى التصدعات بين الأهالي، والتي جعلت من كل مجموعة تعمل على حدة، غير أن مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي نفى أي تدخل له في عمل المحقق العدلي طارق البيطار، معتبراً أنه "في كل مرة يريدون الضغط على الرئيس يطلقون الإشاعات وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة".

وثيقة رسمية موقعة من وزير الطاقة

وتعليقاً على الإخبار القضائي، نفى وليام نون من أهالي ضحايا المرفأ، الأخبار المتداولة عن تلقيه ملفات من جهات مقربة من رئيس الجمهورية، وما نقل عن لقائه مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، متهماً الشرطة العسكرية بإخفاء أدلة تتعلق بالانفجار، لافتاً إلى أن هذا الأمر دفع بالأهالي إلى تقديم إخبار كامل يتضمن كيف حصلت عملية التزوير وإخفاء الأدلة.

وأعلن أن الملف يتضمن دلائل ومحاضر من أمانة سر الأجهزة الأمنية ومحاضر تحقيق، مشيراً إلى أن "المراسلات تظهر أن بعض الأشخاص كانوا يطالبون بوضع النيترات بالعنبر رقم 12 حتى قبل القرار القضائي، ما يؤكد وجود شخص كان يدير هذه اللعبة". وقال، "نحن نضع اليوم أدوات هذه اللعبة بعهدة القضاء، الذي يقع على عاتقه إحضارهم ومعرفة من كان يدير هذه اللعبة، وكيف استطاعوا إصدار قرار الاحتفاظ بالنيترات وتنفيذه في يوم واحد؟".

التخلي عن الحصانة

ورداً على تضمن الإخبار اسمه أكد النائب اللواء أشرف ريفي تخليه عن حصانته النيابية والوزارية حين كان وزيراً للعدل، مؤكداً استعداده للتعاون التام مع القضاء لكشف ملابسات هذه الجريمة الكبرى.

وفنّد بالتفصيل "الحملة المشبوهة التي بدأها كل من العونيين فوزي مشلب وغسان سعود، وأثبت أن التقرير الذي انطلقوا منه مزور في صفحته الثانية، حيث ورد في الصفحة المزورة أن قبطان السفينة قد أفاد في تحقيق المباحث الجنائية المركزية بنوعية حمولتها، وهذا الأمر يناقض مضمون طلب السفارة الروسية التي وصل كتابها إلى وزارة العدل عبر وزارة الخارجية، إضافة إلى رسالة مباشرة إلى وزارة العدل، كما يناقض مضمون محضر المباحث المركزية. وكان طلب السفارة التمني على السلطات اللبنانية التأكد من الوضع الإنساني لقبطان السفينة الروسي الجنسية لناحية تأمين مأكله وشرابه وراتبه من وكيل السفينة. وقد اقتصر التحقيق معه ومع وكيل الباخرة حول هذه النقاط حصراً، من دون أن يذكر القبطان أي شيء عن حمولة الباخرة كماً أو نوعاً".

تدويل التحقيق

وأطلق أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت في مؤتمر عريضة إلكترونية لدعمهم بالمطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية. وقال نون، "يكفي أن تتبنّاها دولة واحدة من الأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة، وهناك قبول كبير من هذه الدول حول هذه النقطة، فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، أصبحت مقتنعة بأننا لن نصل إلى نتيجة إن بقي النهج على هذا المنوال".

أضاف، "لا يوجد تواصل دائم أو مباشر مع أحد من السفراء، بل ما يحصل هو تقديم طلب أو عريضة للسفير أو ممثل عنه، ويتم التباحث به فيما بينهم، ومن ثم نتلقى الإجابة، لكنّ هناك دائماً أجواءً من الرغبة في تقديم المساعدة".

المزيد من متابعات