Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يصعد النزاع بين الصين وتايوان إلى أزمة عسكرية شاملة؟

يعتقد الخبراء بأن العدوان العسكري الصيني لا يتعدى المناورة لحفظ ماء الوجه ولكن كلفة النزاع مرتفعة جدا على تايوان

يظهر الرئيس الصيني شي جينبينغ على شاشة فيما تشارك الدبابات القتالية الصينية من طراز"99 - آي2" في استعراض عسكري (أ ب)

أيعقل أن تتحول تايوان إلى أوكرانيا أخرى؟ هذا هو السؤال الذي يدور في خلد خبراء الدفاع والسياسة الخارجية منذ أشهر، حتى قبل بداية المناورات العسكرية التي أجرتها بكين الأسبوع الماضي رداً على زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان.

تدهور الوضع بسرعة خلال الأسبوع الماضي وأعلنت الصين للمرة الأولى إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية حين أوشكت طائرة القوات الجوية الأميركية التي تقل رئيسة المجلس النيابي الأميركي على الهبوط في تايوان.

وخلال هذه المناورة أطلقت الصواريخ فوق العاصمة تايبيه للمرة الأولى، فيما حلقت الطائرات المسيرة فوق الجزر التابعة لتايوان وعبرت السفن الحربية خط المنتصف في مضيق تايوان، في خطوة اعتبر جيش الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي أنها ترقى إلى مستوى التدريب على الحصار. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوم الإثنين قررت الصين مواصلة هذه التدريبات العسكرية المتوعدة التي عطلت حركة الملاحة البحرية والطيران بشكل كبير بالنسبة إلى الدولة الجزرية، وزادت المخاوف في شأن احتمال نشوب نزاع في المنطقة في وقت يتعامل فيه العالم مع التبعات الدولية التي خلفتها الحرب الروسية مع أوكرانيا في أوروبا الشرقية، ولكن أيعقل أن يتحول هذا الصراع في آسيا قريباً إلى حرب؟ تتباين آراء الخبراء في هذا الشأن.

قال مايكل تشانغ الذي أدار أزمة الصواريخ التايوانية عام 1996 عندما كان نائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي في تايوان، للإعلام المحلي، إن هذه المناورات ربما تقدم لمحة أولية عن سيناريو الغزو الصيني. 

 

والحال أن المناورات باستخدام الذخيرة الحية تشكل استعراضاً للقوة العسكرية يشمل اللجوء إلى الذخيرة الحية لخلق ظروف تدريبية قريبة قدر الإمكان من سيناريوهات القتال الواقعي.

وفيما تتفوق القدرات العسكرية الصينية بشكل كبير على قدرات تايوان، فلا شك في أن استعراض هذه الإمكانات العسكرية سيزيد الضغط عليها، وتتحضر الدولة الجزرية لأي احتمال منذ فترة طويلة وهي تعيش منذ عقود في حال من الخوف من غزو صيني محتمل.

يعود الصراع بين الصين وتايوان إلى حقبة الحرب الأهلية خلال حكم ماو تسي تونغ، فقد أسس ماو، رئيس الحزب الشيوعي، جمهورية الصين الشعبية بعد انتصاره في الحرب الأهلية عام 1949، ودفع بحكومة الـ "كومينتانغ" القومية للانسحاب إلى تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي منذ ذلك الوقت، وما زالت بكين تعتبر الجزيرة جزءاً من أراضيها وقد تعهدت بتوحيدها مع البر الرئيس في نهاية المطاف، باستخدام القوة إن لزم الأمر.

لكن توقيت هذا النزاع يعقد الأمور، إذ يأتي بينما يضع شي جينبينغ، أقوى القادة الصينيين منذ الرئيس ماو، نصب عينيه ولاية ثالثة غير مسبوقة.

كما أن الصين مخيفة أكثر بكثير في الوقت الحالي، في ظل حكم السيد شي، مما كانت عليه خلال "أزمة مضيق تايوان الثالثة" عام 1996، وهي آخر مرة أطلقت فيها بكين صواريخ قرب الجزيرة.

 

ويقول هارش في بانت، محلل السياسة الخارجية في مؤسسة "أوبزرفر" البحثية في دلهي لصحيفة "اندبندنت"، "لا يريد شي أن يعكس صورة القائد الذي يدخل ولايته الثالثة والتاريخية مع أي ذرة ضعف، ويريد أن يذكره التاريخ على أنه القائد الذي وحد تايوان، ولذلك لا شك في أن الثمن سيرتفع بالنسبة إلى تايوان".

ولكنه يشرح بأن العدوان الصيني الحالي نابع إجمالاً من كون بكين "حشرت نفسها في الزاوية" في مسألة زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السيدة بيلوسي التي عجزت عن منعها، وكان من الضروري أن تبدو وكأنها تتصرف.

ويقول "إن إقدام (الصين) على التصعيد إلى هذه الدرجة حتم عليها التصرف"، مضيفاً بأن الحرب الشاملة مع تايوان قد لا تصب في مصلحة الصين كذلك.

ويتفق المراقبون إجمالاً على أن هذه المناورات ليست سوى تمارين لحفظ ماء الوجه تقوم بها الصين من أجل خلق بعض التوازن، بعدما عبرت عن سخطها الشديد إزاء زيارة السيدة بيلوسي من دون أن تنجح مع ذلك في منعها.

ويتابع البروفيسور بانت قوله إن بكين كانت تختبر الإرادة الأميركية عبر التهديد بتصعيد الوضع بسبب زيارة السيدة بيلوسي، لكنها أدركت بأن خياراتها محدودة. 

ويضيف البروفيسور بانت "تعلم الصين كذلك بأن شن حرب شاملة مع تايوان في هذه المرحلة أمر قد يرتب عواقب كارثية أكبر على مصالحها الخاصة".

أثيرت بعض المخاوف كذلك من احتمال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة والصين بسبب تايوان، ولكن الخبراء يتفقون على أنه ليس لدى أي من البلدين الرغبة في تصعيد التوتر إلى هذه الدرجة، لكن ذلك لا يعني بأن التوتر المتفاقم لن يخلف تبعات واسعة النطاق على تايوان والعالم، بما في ذلك على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين التي تمر أساساً بفترة عصيبة غير مسبوقة.

ويرى الخبراء أن زيارة السيدة بيلوسي ورد الفعل الصيني التالي عليها غيرا الوضع الراهن في المنطقة على المدى البعيد، ويقول ليف ناخمان، خبير العلوم السياسية والأستاذ المساعد في جامعة شينغشي الوطنية في تايوان لصحيفة "اندبندنت"، "لا أتوقع حصول تصعيد إضافي بل أعتقد بأن الوضع الراهن الجديد سيبقى عند هذه الدرجة من التصعيد".

وأضاف، "خلال الأسبوع المنصرم رأينا انتقال تهديد الطائرات العسكرية من منطقة تحديد الدفاع الجوي التايواني إلى خط المنتصف، وهذه مسافة أقرب بكثير إلى تايوان وتكشف نية الصين رفع مستوى هذه التهديدات العسكرية".

على المدى القصير قد يتحتم على تايوان القلق أكثر على المصالح الاقتصادية، فيما يقول الخبراء إن التجارة تسير كالعادة على الرغم من المناورات، وهرعت تايوان في البداية إلى إيجاد طرق بديلة لحركة الملاحة الجوية والشحن فور مغادرة بيلوسي في الثالث من أغسطس (آب).

يتباحث المخططون العسكريون الصينيون منذ أمد بعيد في مسألة فرض حصار على تايوان، ولكن يرجح أنهم اعتبروا في السابق بأن تنفيذ هكذا خطوة أمر استفزازي كثيراً كما يقول الخبراء الأمنيون، فقدرة بكين على فرض حصار تعطيها نفوذاً يسمح لها بجر تايوان إلى طاولة المفاوضات في حال نشوب نزاع.

ويقول السيد ناخمان، "أشك في أن يفرض حصار رسمي على طرق التجارة حتى في الوقت الحالي، ورأينا عودة الطرق التجارية لوضعها الطبيعي على الرغم من مزاعم الصين مواصلة المناورات العسكرية، أما العوامل الاقتصادية التي يرجح أن تنتج من هذا الوضع فهي إما جراء العقوبات التي تفرضها الصين على تايوان أو عبر ارتفاع توقعات أخطار الاستثمار في تايوان على المدى القصير".

بشكل عام يظهر بأن زيارة السيد بيلوسي مكلفة جداً بالنسبة إلى تايوان على الرغم من كونها تاريخية وترمز إلى أقوى درجات الدعم من جهة واشنطن.

يشكك المسؤولون الصينيون في عزم الولايات المتحدة وحلفائها على دعم تايوان، إذ فيما دانت هذه البلدان المناورات العسكرية، لم تتدخل مباشرة من أجل وقف التدريب على الحصار.

وفي تصريح لوكالة "رويترز" قال مسؤول صيني سابق في شؤون الدفاع إنه "بالنظر إلى طريقة تجاوب الولايات المتحدة وحلفائها مع المناورات العسكرية، فما مدى ثقة قادة تايوان في الاعتماد عليها لكي تنقذها في حال تعرضها لهجوم من جيش التحرير الشعبي؟"

لكن المحللين يعتقدون بأن تايوان كانت مدركة للكلفة التي ستترتب عليها، ويبدو أنها تتفاعل بهدوء مع الوضع. 

ويقول السيد ناخمان "على المدى القصير صحيح أنه لو لم تأت بيلوسي فلربما لم تكن هذه المناورات والعقوبات لتحدث، أقله ليس الآن"، مضيفاً بأن زيارتها حملت قيمة رمزية من وجهة نظر تايوان، وبرأيي ستكشف الأيام إن كانت المحاسن تتخطى المساوئ".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات