Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يعد خامنئي ابنه لـ"مقعد المرشد"؟

مؤامرة عمرها 13 عاماً لإعداد مجتبى للحكم والهرب من مصير أحمد الخميني

المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي وابنه مجتبى (ذا صن)

كتب مير حسين موسوي وهو أحد قادة احتجاجات العام 2009 في إيران والموجود رهن الإقامة الجبرية، مقالة نشرها موقع "كلمة" بعنوان "13 عاماً من المؤامرة" حول "خلافة مجتبى خامنئي" لوالده علي خامنئي، وقال إنه سمع عن تلك المؤامرة منذ 13 عاماً، وإن لم تكن حقيقة فلماذا لا ينفون تلك النية؟

وبحسب مير حسين موسوي فقد بدأت الجهود لإعداد مجتبى للجلوس على مقعد والده منذ العام 2009، لكن قصة خلافة مجتبى تبدو كأنها مشروع أطول وتتجاوز فكرة أن تصبح "مؤامرة مخفية أو سرية".

مقتل سليماني والمهدي

"تلقيت اتصالاً قبل الفجر وقالوا إنه الحاج مجتبى، تعجبت ووقتما أخذت سماعة الهاتف قال لي بكل هدوء إن الحاج قاسم قتل في مطار بغداد، وصلنا بسرعة إلى مقر الإذاعة والتلفزيون وقبل الأذان اتصلت بجميع نواب المؤسسة وعقدنا اجتماعاً هناك، وقررنا أن نقيم له عزاء ومنذ ذلك الوقت يقام عزاء وتأبين للقائد سليماني".

تلك رواية الرئيس السابق للإذاعة والتلفزيون عبدالعلي علي عسكري عن اتصال مجتبى خامنئي به لإطلاعه على أهم الأخبار الممكنة وإملاء التعليمات اللازمة لإعلانها.

وبعد إعطاء التعليمات اللازمة للإذاعة والتلفزيون حان الوقت لإبلاغ علي خامنئي الذي استيقظ بعد ساعة لأداء صلاة الفجر، ووصف مهدي فضائلي وهو أحد الأعضاء المؤثرين في مكتب زعيم إيران الحادثة عبر حسابه في موقع "تويتر" بقوله، "فجر الـ 13 من يناير (كانون الثاني) 2020، يسلم مجتبى خامنئي مذكرة تتضمن خبر مقتل قاسم سليماني إلى خامنئي وقت صلاته، وبعد قراءتها سأله خامنئي عن تفاصيل القصة، وبعد لحظات قليلة من التأمل والعاطفة العميقة يواصلون أنشطتهم التعبدية الصباحية".

وبحسب رواية مهدي فضائلي فإن مجتبى خامنئي عرف تفاصيل القصة على الأرجح من خلال تلقيه تقارير من الأجهزة العسكرية والأمنية، وهو الذي يبلغ القائد المسن بالتفاصيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الرواية التي قدمها علي العسكري وفضائلي عن مستوى التواصل الأمني ​​وسلطة مجتبى خامنئي في إصدار الأوامر تظهر مكانة نجل علي خامنئي في سياسة إيران، لكن قصة قرار مجتبى خامنئي العلني بتشكيل حقبة ما بعد وفاة والده ظهرت في صباح يوم آخر.

عام 2005 مهدي كروبي الذي سئم من عملية الإعلان عن التصويت للانتخابات الرئاسية غلبه النعاس وتغيرت النتائج فجأة وفاقته أصوات محمود أحمدي نجاد، واستمرت هذه الغلبة للأصوات حتى النهاية، وانتقلت الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية من دون مهدي كروبي وأصبح أحمدي نجاد رئيساً للبلاد.

غضب كروبي في الـ 19 من يونيو (حزيران) 2005 من هذه الحادثة، كما استقال من جميع المناصب التي منحه إياها علي خامنئي، وكتب رسالة إلى الزعيم الإيراني وتحدث للمرة الأولى عن دور مجتبى خامنئي في الساحة السياسية الإيرانية.

كروبي تحدث في رسالته عن دور مجتبى خامنئي في تغيير اتجاه القيادة عبر دعم محمود أحمدي نجاد قبل الانتخابات بثلاثة أيام واستبعاد المرشح الآخر محمد باقر قاليباف، كما كشف أيضاً عن مستوى دعم علي خامنئي لابنه وتدخله في الشؤون السياسية، "سمعت أن أحد المسؤولين الكبار قال لكم إن نجلكم يدعم فلاناً وأنكم قلتم إنه رجل نبيل"، وعلى أية حال فقد اتضح أن ذلك التأييد كان رأي مجتبى الشخصي.

في الوقت ذاته انتشرت أنباء عن دعم مجتبى لأحد المرشحين وحتى زياراته للمقر الانتخابي له قبل ثلاثة أيام من الانتخابات وتراجعت حظوظ ذلك المرشح.

لم يرد علي خامنئي مباشرة على رسالة مهدي كروبي، وربما كان رده غير المباشر عام 2009 عندما كان مهدي كروبي مرشحاً مرة أخرى، وخطط المشهد بحيث يتم الإعلان عن أصوات مهدي كروبي بأقل من مجموع الأصوات الباطلة لتلك الانتخابات، إجابة واضحة لكروبي وغيره من السياسيين بأن أي شخص يختلف مع خامنئي وآل خامنئي سيتم إبعاده بالتأكيد من الساحة السياسية.

بداية القصة

دور مجتبى خامنئي في الساحة السياسية لم يكن مقتصراً فقط على انتخابات عامي 2005 و2009، إذ كشف الرئيس السابق لهيئة الإذاعة محمد سرافراز عن أبعاد جديدة لدور مجتبى خامنئي الخفي في السياسة نيابة عن والده خلال مناظرة على تطبيق "كلوب هوس".

يتحدث سرافراز بفخر عن الأيام التي أعقبت فوز محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية عام 1997 وخوف علي خامنئي من تلاشي سلطته، لكن مجتبى يجد الحل ويشكل مع مجموعة من الشخصيات السياسية والأمنية والقضائية والعسكرية حلقة في بيت علي خامنئي للتنسيق حول كيفية مواجهة الحكومة، ومن خلال كلمات سرافراز يمكننا أن نرى أن الرئيس السابق لمنظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب ومجتبى خامنئي كانا يشرفان على هذه الاجتماعات الدورية التي عقدت مرات عدة خلال الأسبوع في بعض الأحيان.

هوية جميع أعضاء هذه الدائرة السرية في مكتب خامنئي غير واضحة، ويقول سرافراز إنه شارك في اللقاءات مع عدد من كبار المديرين السابقين وشخصيات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى، وبحسب روايته فإن هذه اللقاءات لا تزال مستمرة على الرغم من عدم دعوته لهذه الاجتماعات السرية بعد إبعاده من منصبه.

 

 

دارت خلال الأعوام الماضية نقاشات حول دور مجتبى خامنئي في تشكيل جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، وعلاقاته مع حسين طائب ونيابته عن المرشد في إدارة المؤسسات الثقافية والمالية التي تقع تحت إشراف خامنئي.

بالمعلومات التي قدمها سرافراز يمكن القول إن مجتبى خامنئي هو المسؤول عن حكومة الظل، الجهاز الذي تم تشكيله عام 1997 وما زال محور السياسة في إيران.

شهرزاد ميرقلي خان المفتش الخاص بهيئة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية إبان رئاسة محمد سرافراز، قدمت وصفاً كاملاً في كتابها "قوة القلم ضد الأسلحة الفتاكة" المنشور عام 2020، للدور التطوعي لمجتبى خامنئي في الإدارة الإعلامية لإيران وإدارة فيلق القدس والمشتريات الأجنبية والتهريب وتشكيل جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني.

الكتاب وصف بالتفصيل قصة لقاء سرافراز مع مجتبى خامنئي وشرح كيف قدم نجل الزعيم الإيراني وجهات نظره حول السياسة الخارجية ومحادثات الاتفاق النووي مع الغرب والقضايا المتعلقة بالحرس الثوري باعتبارها السياسة الرسمية للحرس، وأكد سرافراز صحة المواضيع التي أثيرت في الكتاب من خلال نشر نص على حسابه عبر "تويتر".

سرطان الاقتصاد الإيراني

دائرة نفوذ مجتبى خامنئي لا تقتصر فقط على تشكيل حكومة الظل والسباقات الانتخابية، بل تسيطر على أكبر المؤسسات الاقتصادية مثل مؤسسة "المستضعفين" ولجنة تنفيذ أمر الإمام ومقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني وإدارة الأماكن الدينية والأوقاف ولديها الأنشطة الاقتصادية الأكثر ربحية في البلاد.

وعلى الرغم من أن أحداً لم يكشف حتى الآن بشكل علني عن دور مجتبى خامنئي في إدارة هذه الشركات، فإن تأثير القوات التابعة له داخلها يظهر أنه يتحكم في الشريان الاقتصادي للبلاد نيابة عن والده، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

على أية حال، سواء أكان لمجتبى دور مباشر أم غير مباشر، فمن الواضح أنه إذا لزم الأمر يمكن أن يكون الشخص الأكثر حسماً في إدارة الشركات والمؤسسات التي تشكل وحدها 60 في المئة من اقتصاد البلاد، وبصرف النظر عن القطاع الاقتصادي فمجتبى خامنئي يتمتع أيضاً بنفوذ واسع في القطاعات الأمنية والعسكرية، ومع تشكيل منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني عام 2009 أصبح لديه الآن منظمة استخباراتية وأمنية على مستوى البلاد تمكنت من تهميش الاستخبارات إلى حد كبير خلال الأعوام الـ 13 الماضية، وهذا لا يعني أن علي خامنئي وابنه لا يسيطران على الاستخبارات، فتشكيل منظمة استخباراتية داخل الجيش والسيطرة المطلقة عليها له مزايا أوسع بكثير من وجود وزارة يمكنها إيجاد مقاربات مختلفة مع تغيير الحكومات.

أظهرت التجربة لجميع الديكتاتوريات في المنطقة وسيطرتها بلا منازع على البلاد وجود مؤسسة استخباراتية داخل الجيش، مما يعني الهيمنة في الوقت ذاته على السلاح والساحة العامة، فهذه المؤسسة لديها سلطة أوسع بكثير من وزارة الأمن المنفصلة عن الجيش لقمع أي نوع من المعارضة أو اختيار المديرين والإشراف على التنظيم البيروقراطي للحكومة.

الأزمة التي ستأتي

لا يزال زعيم إيران البالغ من العمر 83 سنة بلا خليفة رسمياً، وتسبب ذلك في إضافة "أزمة الخلافة" إلى قائمة الأزمات التي يواجهها النظام الإسلامي.

مسافة قصيرة من "ولاية الفقيه الأصلح" إلى "توريث ولاية الفقيه" ويبدو أن الزعيم المسن ثقيل السير إليها، ويقع في قلب هذا النقل المفاهيمي للسلطة مجتبى خامنئي، نجل علي خامنئي، الزعيم الحالي لإيران.

اتبعت إيران مساراً مماثلاً مرة أخرى، ومن أجل إزالة العقبات من طريق علي خامنئي للجلوس في منصب القيادة، فقد خفضت شروط تولي منصب القيادة من "ولاية مجتهد أصلح" إلى "ولاية فقيه غير مجتهد".

مجتبى خامنئي هو ابن وتلميذ شخص قال دائماً إن مجال السياسة والسلطة يشبه تسلق الجبل، وعليك أن تتخذ خطوات بطيئة ومستمرة وتزيل العوائق واحدة تلو الأخرى بصبر.

هناك عقبات عدة أمام مجتبى لخلافة والده، فليست لديه خبرة إدارية رسمية في الدولة، وقد يتم الكشف عن أجزاء من دوره في إدارة الشركات التابعة لوالده بهدف تقديمه كـ "مدير خلف الستار".

العقبة الثانية هي أن خلافته ستخلق نقاشاً ساخناً حول تحول المقاطعة إلى ملكية ووراثة السلطة كما كانت هذه القضية إشكالاً أثناء تعيين الزعيم الثاني، وأخيراً قرر أحمد الخميني الذي لعب دوراً مشابهاً لمجتبى خامنئي مع والده، البقاء وراء الكواليس وصعد خامنئي إلى مقدم المسرح، وربما مع الوعد بأن يتولى خامنئي السلطة بالشراكة مع أحمد الخميني وأكبر هاشمي رفسنجاني.

في الوقت الحالي أعدت إيران خياراً ضعيفاً جداً للخلافة وهو إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي، الذي يستمع إلى أوامر علي ومجتبى خامنئي، وإذا كان الحاجز المفاهيمي لميراث السلطة إشكالياً فيستطيع مجتبى خامنئي التوجه إلى خيار "قيادة الظل" مثل أحمد الخميني، وبهذه الطريقة يكون إبراهيم رئيسي هو القائد، لكن مجتبى هو في الواقع حاكم السلطة.

لكن مجتبى تعلم هذا الدرس من والده، وهو أن قوة القيادة غير المتنازع عليها لا تتوافق مع "الشراكة"، وأخيراً يمكن لمن يجلس على الكرسي، حتى لو كان شخصاً ضعيفاً وغير راغب مثل إبراهيم رئيسي، بعد إثبات سلطته، أن يزيل الشركاء بجرة القلم مثلما فعل والده مع شركائه.

على أية حال ستكون خلافة مجتبى من عدمها ودوره في عهد ما بعد علي خامنئي قضية مثيرة للجدل، فهذه الأزمة كبيرة لدرجة أنها شغلت بالتأكيد أفكار ومذكرات الزعيم الإيراني.

ومع مرور الوقت أصبحت إطاحة شركاء السلطة بدم بارد وضعاً يفكر فيه لمصلحة ابنه العزيز حتى لا يلقى المصير نفسه الذي عاناه أحمد الخميني وأكبر هاشمي رفسنجاني، وستظهر الأحداث مستقبلاً ما إذا كان زعيماً متسلقاً للجبال قد نجح في إيصال ابنه إلى رأس السلطة وهو في مأمن من شرور الزمن أم لا.

 

نقلا عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير