أظهرت بيانات رسمية حديثاً، تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكثر من التوقعات خلال يوليو (تموز)، مع انخفاض أسعار الوقود، مما قد يخفف بعض الشيء معركة الاحتياطي الفيدرالي ضد التضخم ويتيح بيئة أفضل لنمو أكبر اقتصاد في العالم. وأشارت بيانات وزارة العمل الأميركية إلى تراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة، إلى 8.5 في المئة خلال يوليو على أساس سنوي، بأقل من التوقعات البالغة 8.7 في المئة، وقياساً على 9.1 في المئة في يونيو (حزيران) وهو المستوى الأعلى في 40 عاماً. وعلى أساس شهري، انخفض مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) أيضاً على أساس شهري إلى 0.2 في المئة في يوليو. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي – الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة – 5.9 في المئة في يوليو على أساس سنوي، وبنسبة 0.3 في المئة مقارنة بيونيو، في حين كان يتوقع ارتفاعه 0.2 في المئة. ويأتي تراجع معدل التضخم، بالتزامن مع انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة، مع النزول النسبي لأسعار النفط، والاستمرار في ضخ الخام من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي لتهدئة الأسعار.
قطاع النقل
وكان النقل أكبر مساهم في قفزة مؤشر أسعار المستهلكين في الأشهر الأخيرة، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، إضافة إلى صعود هوامش الشركات المرتبطة بالنقل مثل السيارات. وأثر انخفاض أسعار البنزين 7.7 في المئة خلال يوليو في تباطؤ التضخم وهي الوتيرة الأكبر منذ أبريل (نيسان) 2020، بعدما ارتفعت 11.2 في المئة في يونيو السابق، بينما صعدت كلف الغذاء 10.9 في المئة على أساس سنوي، في أكبر وتيرة منذ عام 1979. ولا يزال معدل التضخم الأميركي عند مستوياته المرتفعة الأعلى منذ أكثر من 40 عاماً، وكان قفز في يونيو الماضي إلى 9.1 في المئة على أساس سنوي، و8.6 في المئة في مايو (أيار). ويقيس مؤشر التضخم في الولايات المتحدة التغير في أسعار السلع والخدمات المقدمة للمستهلكين على أساس شهري. كما يقيس التغير الشهري في أسعار المستهلكين الذي يشير إلى معدلات التضخم الأميركي.
استمرار التراجع
من جانبه، توقع بنك "غولدمان ساكس" أن يتراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة، مستبعداً في الوقت ذاته أن تستفيد سوق الأسهم من هذا التطور. وأشار البنك في مذكرة حديثة إلى أن التضخم قد يتباطأ خلال الشهرين المقبلين، مرجحاً أن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع معدلات الفائدة بداية العام المقبل في حال حدوث هبوط قوي في التضخم. وأضاف أنه استند في توقعاته لانخفاض التضخم إلى هبوط بنحو 20 في المئة في أسعار الوقود، الأمر الذي سيدفع مؤشر أسعار المستهلكين إلى التراجع بنحو نقطة مئوية واحدة على الأقل خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة.
هبوط حاد
إلى ذلك، قال بنك "ويلز فارغو" إن التضخم الأميركي قد يتباطأ إلى مستوى 5 في المئة في الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة، بعد الهبوط الحاد لأسعار الطاقة. وذكر محللو البنك في مذكرة بحثية: "لن نشعر بالمفاجأة إذا رأينا التضخم السنوي يسجل تراجعاً قوياً ومفاجئاً، ربما من مستوى 9.1 في المئة في يونيو الماضي إلى 5 أو 6 في المئة في الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة". وشدد البنك على أنه من غير المرجح أن يستمر التضخم في مسار هبوطي حاد خلال العام المقبل، إذ إنه على الرغم من هبوط أسعار السلع بشكل حاد، فإن الإيجارات وغيرها من الكلف في الاقتصاد لا تزال مرتفعة بقوة. وأشار "ويلز فارغو" إلى أن حقيقة أن الرقم الرئيس للتضخم يمثل مقارنة على أساس سنوي من المرجح أن تسهم في تراجع معدل التضخم، بالنظر إلى أن الأسعار بدأت بالارتفاع في خريف عام 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن شأن انخفاض معدل التضخم أن يخفف الضغوط على بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي رفع معدلات الفائدة 225 نقطة أساس منذ مارس (آذار)، إذ يحاول المسؤولون القضاء على التضخم المرتفع. ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، سعر الفائدة القياسي قصير الأجل خلال اجتماعاته الأربعة الماضية لتحديد سعر الفائدة، بما في ذلك زيادة قدرها ثلاثة أرباع نقطة في كل من يونيو ويوليو الماضيين، لتكون هذه الزيادات الأكبر بهذا الحجم منذ عام 1994. بينما تراهن الأسواق المالية على أن نظام الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة مرات عدة هذا العام، إلى نطاق من 3.5 إلى 3.75 في المئة، ولكن سيتعين عليه في النهاية خفض أسعار الفائدة بحلول الصيف المقبل لأن التجار يتوقعون أن تؤدي المعدلات الأعلى إلى حدوث ركود.
توقعات بانحسار ارتفاع الأسعار
وأظهر مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يوم الإثنين الماضي أن الأميركيين يتوقعون الآن انخفاضاً في التضخم في الأشهر القليلة المقبلة مقارنة بما كان عليه قبل شهر. وقال يونغ - يو ما، كبير محللي الاستثمار في بنك "بي إم أو" الأميركي إن توقعات التضخم المنخفضة قد تسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتفاعل بشكل أقل حدة مع التقارير، مثل الزيادة الكبيرة في معدلات التوظيف في الشهر الماضي، التي تشير إلى أن الاقتصاد لا يزال قوياً وأن التضخم ربما يظل مرتفعاً.