Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نجاح "دبلوماسية الحبوب" يتيح لأردوغان فرصة لالتقاط الأنفاس

يشكل تردي الوضع الاقتصادي نقطة ضعف "العدالة والتنمية" قبيل الانتخابات التركية العام المقبل

أردوغان واقفاً أمام السفينة عبد الحميد هان بمرفأ مرسين، الثلاثاء 9 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية/ أب)

تتيح سلسلة من المكاسب الدبلوماسية، تُوجت باتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية، بعض الراحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الاضطرابات الاقتصادية في بلاده وتقدم مخططاً لاستراتيجية حملته للانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل.
فبينما يستعد لما يتشكل ليكون أكبر تحدٍ انتخابي لحكمه المستمر منذ نحو 20 سنة، يسلّط أردوغان الضوء على إنجازاته على المسرح العالمي.
وقال أمام حشد يضم الآلاف في شمال غربي تركيا، مطلع الأسبوع، بعد يوم من إجراء محادثات في روسيا مع الرئيس فلاديمير بوتين، إن "تركيا تمر بأقوى فترة لها سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً".

تردي الاقتصاد

ويتناقض التقدم على الصعيد الدولي مع الصورة الاقتصادية القاتمة في الداخل، حيث يرتفع التضخم إلى 79 في المئة وتقترب الليرة من أدنى مستوياتها القياسية التي سجلتها خلال أزمة العملة الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويندد المعارضون بسياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية، بما في ذلك سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم وإقالة ثلاثة محافظين للبنك المركزي منذ عام 2019، مما جعل البلاد تعاني من عجز كبير في الحساب الجاري وتعتمد على التمويل الخارجي لدعم الاقتصاد.
وقال أردوغان، إن ثمار السياسات الاقتصادية للحكومة، التي تعطي أولوية للصادرات والإنتاج والاستثمار، ستتضح أكثر في الربع الأول من عام 2023.

مكانة دولية

في غضون ذلك، يصوّر المسؤولون الحكوميون وكبار أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، الرئيس التركي على أنه رجل دولة يقف أمام منافسين في الانتخابات لا يقارَنون به في ما يتعلق بمكانته على الساحة الدولية. ويقول مسؤول تركي كبير، "سواء أحببته أم لم تحبه فإن أردوغان زعيم"، مجادلاً بأنه "لا توجد شخصية دولية أخرى لديها نفس المستوى من الاتصال مع كبار اللاعبين العالميين. وأضاف، "لا يوجد زعيم في تركيا يمكن أن يحل محله".
وقد يؤدي اتفاق استئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا، التي توقفت منذ شنت روسيا الحرب في فبراير (شباط) الماضي، إلى تخفيف نقص الحبوب الذي ترك ملايين الأشخاص عرضة للجوع ودفع الأسعار العالمية إلى الارتفاع.
وجاء الاتفاق بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا، بعد أن حصل أردوغان على تنازلات من حلف شمال الأطلسي بشأن انضمام دول الشمال وبدء تقارب مع القوى المتنافسة في الشرق الأوسط.
كما حصل أردوغان على تعهد في يونيو (حزيران) الماضي، من الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه سيدعم بيع طائرات مقاتلة من طراز "أف-16" إلى تركيا، بعد أن حرمت واشنطن أنقرة من شراء طائرات من طراز "أف-35" الأكثر تطوراً بسبب شرائها أسلحة روسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اختبار الانتخابات

ويواجه أردوغان المستمر في السلطة منذ فترة طويلة وأكثر شخصية سياسية مهيمنة منذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة قبل نحو قرن من الزمان، انتخابات برلمانية ورئاسية يتعين إجراؤها بحلول يونيو (حزيران) 2023.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "متروبول" للدراسات واستطلاعات الرأي الأسبوع الماضي ارتفاعاً طفيفاً في شعبية "حزب العدالة والتنمية" الذي يتزعمه أردوغان إلى 33.8 في المئة، وهي النسبة الأفضل لأي حزب بمفرده. لكنه يواجه تحالفاً فضفاضاً من أحزاب المعارضة. وتظهر استطلاعات الرأي تراجعه أمام مرشحي المعارضة للرئاسة.
وتتصدر مخاوف الناخبين حالة الاقتصاد، مع وجود 3.6 مليون لاجئ سوري استقبلتهم تركيا في بداية الصراع في سوريا، لكن الأتراك ينظرون إليهم باعتبارهم منافسين لهم في الوظائف والخدمات.
وقال أردوغان توبراك، وهو نائب في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض والمستشار البارز لزعيم الحزب، كمال كليتشدار أوغلو، إن "الحكومة تستخدم السياسة الخارجية كمواد للتغطية على الكارثة الاقتصادية التي جرّت البلاد إليها، وتروي حكايات الانتصار الدبلوماسي في الداخل". وأضاف توبراك، أنه حتى على الصعيد الدبلوماسي، فإن أردوغان يقدم تنازلات "تضر بكرامة بلادنا وتجرها إلى الضعف".

إصلاح العلاقات الإقليمية

ويسعى أردوغان، الذي نجا من احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة في عام 2013 ومحاولة انقلاب في 2016، إلى إصلاح العلاقات المتوترة مع قوى أخرى في الشرق الأوسط، على أمل جذب الأموال الأجنبية التي تشتد الحاجة لها.
فقد انضمت الإمارات إلى الصين وقطر وكوريا الجنوبية في اتفاقات تبادل عملات مع أنقرة بقيمة إجمالية تبلغ 28 مليار دولار. وتأمل تركيا أيضاً في إبرام اتفاق مع السعودية، كما اتخذت خطوات لتحسين العلاقات مع مصر وإسرائيل.
وقال مسؤول في "حزب العدالة والتنمية"، إن "الناخبين يدركون فوائد الدبلوماسية. في بعض الأحيان سيشتكون من الاقتصاد أو اللاجئين، لكنهم سيصوتون لأردوغان من أجل استمرار تركيا الفعّالة".
ومفتاح دبلوماسية أردوغان في الشرق الأوسط وما وراءه هو ما يسميه "تفاهمه المشترك، القائم على الثقة والاحترام المتبادلين" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي علاقة تثير قلقاً متزايداً بين شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي منذ بدء الحرب على أوكرانيا.
وتقول روسيا، إنها تشن "عملية عسكرية خاصة" لتخليص أوكرانيا من القوميين وحماية الناطقين بالروسية.
وتسعى تركيا إلى تحقيق توازن من خلال انتقاد الحرب الروسية وتزويد أوكرانيا بالسلاح، بينما ترفض الانضمام إلى الغرب في فرض عقوبات على روسيا، وهو موقف تقول إنه يساعد جهود الوساطة على تحقيق نتائج.
وقال أردوغان، السبت الماضي، "من خلال تأمين فتح ممر الحبوب أكدنا مرة أخرى دور تركيا الرئيس في حل مشكلات عالمية".

المزيد من متابعات